molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: المحافظة على الصلاة - إسماعيل الخطيب الأحد 23 أكتوبر - 11:35:07 | |
|
المحافظة على الصلاة
إسماعيل الخطيب
الخطبة الأولى
أما بعد:
الصلاة بعد العقيدة هي أولى واجبات الإسلام، أمر الله بها أنبياءه ورسله وأممهم، فهي تكليف من الله تعالى للبشر كافة، التزم بها المصطفون الأخيار، ودعوا الناس للمحافظة عليها، قال تعالى: واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا ، وأبوه إبراهيم أبو الأنبياء دعا ربه لنفسه ولذريته فقال: رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء ، ولما أراد الله تعالى أن يفرض الصلاة على أمة سيدنا محمد دعاه إلى السماء وبلغ مكانا قال عنه : ((ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام))، أي ارتفع إلى مكان صار يسمع فيه أصوات أقلام الملائكة وهي تكتب ما قضى الله تعالى وقدّر. في ذاك المكان فرض الله الصلاة على هذه الأمة، وحق للصلاة أن تعظم هذا التعظيم، فهي أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله، وهي الصفة اللازمة للمؤمنين فلا يأتي في القرآن وصف لأحوال المؤمنين وأعمالهم إلا كانت الصلاة في مقدمة ذلك، قال تعالى: قد أفلح المؤمنين الذين هم في صلاتهم خاشعون . وقال سبحانه: طَس تلك آيات القرآن وكتاب مبين هدى وبشرى للمؤمنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون ال+اة وهم بالآخرة هم يوقنون . وقال تعالى: آلم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون .
والصلاة هي العلامة الحاسمة التي تميز المسلم لأنها عمل دائم يتجدد مرات في اليوم، وكان النبي إذا أسلم الرجل أول ما يعلمه الصلاة، فبها يصبح مسلما. ثم لا تسقط عنه أبدا، فهي تدوم طول عمر الإنسان، وفي كل ظروف الحياة، لا يرفعها عنه عذر من مرض ولا مانع من سفر ولا شاغل من خوف، يؤديها على أي حال كان وحيثما تيسر، قال : ((جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل))[1]، فالأرض كلها مسجد، وعبادة الله لا تنحصر في مكان محدود والمسلم لا تنفصم شخصيته، فتراه عابدا في بيت الله، فإذا خرج أتبع هواه، بل هو دائم العبادة كيفما تقلب به المكان وتغير الحال.
وأركان الإسلام التي هي واجبات عينية وحقوق لله، قد تسقط عن المسلم فالصوم والحج على المستطيع وال+اة لمن ملك النصاب، أما الصلاة فلا يسقطها عذر، إنما تخفف أركانها لرفع الحرج.
والصلاة هي أوثق أسباب القرب من الله تعالى قال تعالى: كلا لا تطعه أي من دعاك لترك الصلاة واسجد أي صل لله واقترب أي تقرب إلى الله بطاعته وعبادته، وقال نبينا عليه الصلاة والسلام إن الله قال: ((من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها..)) الحديث[2]. فولي الله الذي هو المؤمن المتقي عندما يدعوا إلى الله وينهى عن المنكر يعاديه ويحاربه الظلمة والفساق فيتعرضون بذلك لإهلاك الله لهم انتقاما لأوليائه.
وبيّن تعلى أن أداء الفرائض، وفي مقدمتها الصلاة، أحب الأعمال إلى الله، فالفرائض هي الأصل والأساس، في الإتيان بها امتثال الأمر واحترام الآمر وإظهار ذل العبودية، فكان التقرب إلى الله بالفرائض أعظم العمل، والنوافل بعد الفرائض أعظم العمل، والنوافل بعد الفرائض تحقق محبة الله لعبده، فيوفقه الله تعالى في الأعمال التي يباشرها بسمعه وبصره ويده ورجله، فهو دائما في رعاية الله وحفظه.
عباد الله، صلاة الليل أثقل على المصلي من صلاة النهار، قال تعالى: إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا ، فالناشئة وهي قيام الليل أجهد للبدن، لكنها أقوم قيلا ، فالقراءة بالليل أقوم منها بالنهار حيث الأصوات هادئة، والدنيا ساكنة، وقد مدح الله تعالى أولئك الصابرين الذين يغالبون النوم، ويغادرون الفراش ويتوجهون إلى الصلاة، فقال سبحانه: تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون [السجدة:17]. فقابل سبحانه وتعالى قيامهم بالليل لذكر ربهم والركوع والسجود بالجزاء الذي أخفاه لهم مما لا تعلمه نفس، وقابل اضطرابهم وقلقهم عند قيامهم إلى صلاة الليل بقرة الأعين في الجنة، في الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : ((قال الله عز وجل: أعددت لعبادي الصالحين مالا عين رأت، ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر مصداق ذلك في كتاب الله: فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ))، العشاء والصبح من صلاة الليل، قال : ((لو يعلمون ما في العتمة (أي العشاء) والصبح لأتوهما ولو حبواً))، وسمى الله تعالى صلاة الصبح قرآنا فقال: وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا فحض على صلاة الفجر بقوله: وقرآن الفجر كأنه قال: وعليك قرآن الفجر.وصلاة الفجر صلاةٌ مشهودة يشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار، وهي الصلاة الوسطى في قول علي وأبيّ التي حض الله عليها، حيث قال: ((حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى)) مثلها، لذلك كان على الراغب في عفو الله ورحمته، وكرمه وجنته، أن يحرص عليها، وأن يهجر الفراش في وقتها، وأن يسأل العون من الله تعالى، فما التوفيق إلا منه.
[1] رواه الشيخان .
[2] رواه البخاري .
الخطبة الثانية
لم ترد.
| |
|