molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: التقوى - أحمد بن محمود الديب الثلاثاء 18 أكتوبر - 10:47:27 | |
|
التقوى
أحمد بن محمود الديب
الخطبة الأولى
أيها الأخوةُ الكرامُ الأحبةُ، أوصي نفسي وإياكم بتقوى اللهِ تعالى، التقوى، التقوى فإن أجسادنَا عَلى النَّارِ لا تقوى.
فإنَّ التقوى يا عبادَ اللهِ هي الغايةُ المرجوةُ من وراءِ العباداتِ التي فرضهَا اللهُ تعالى عَلينَا من صلاةٍ وصومٍ و+اةٍ وحجٍ.
والتقوى هي التي تحرسُ القلبَ من إفسادِ العباداتِ، فكم فيها منَ الخير،ِ وكم وعدَ اللهُ تعالى عَليهَا من الثوابِ والأجرِ، وأهلُ التقوى هم ملوكُ الدُنيا والآخرة، وهم أهلُ السعادةِ في الدنيا والآخرةِ، كما أخبرَ بذلكَ عزَ وجلَ بقولِهِ: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلوٰةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَٱلْعَـٰقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ [طه:132]. وبقولِهِ: تِلْكَ ٱلدَّارُ ٱلاْخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِى ٱلأرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَٱلْعَـٰقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [القصص:83].
فما هي التقوى؟ وكيف نتقي اللهَ تعالى؟ وما هي صفاتُ المتقين؟ وما هي ثمارُ التقوى؟، وأخيراً أقدمُ بعضَ النماذجِ عن أثرِ التقوى في سلوكِ المتقين.
فالتقوى في اللغةِ تعنى المنعَ والحجزَ والكف، أي: كفُ النفسِ عن هَواهَا، وعن محارمِ اللهِ تعالى، والتوقي هَو الأخذُ بالوقايةِ مما تَخَافُه وتحذرُهُ، كتوقي البردَ بالثيابِ، وتوقي حرَ الشمسِ بالمظلةِ، والتقوى يقالُ أصلُهَا في اللغةِ قلةُ الكلامِ، والتقوى في عُرفِ الشرعِ عبارةٌ عن كمالِ تَوقي الإنسانِ عَمَا يَضرُهُ يومَ القيامةِ بأن يجعلَ بينَهُ، وبينَ عذابِ اللهِ تعالى وقايةٌ وذلك بفعلِ المأموراتِ التي تستوجبُ رضا اللهِ تعالى وثوابَهُ، واجتنابُ المنهياتِ التي تجلبُ غضبَ اللهِ تعالى وعقابَهُ، ولذلكَ فُسرت التقوى بامتثالِ أوامرِ اللهِ تعالى واجتنابِ مناهيه.
والمتقي فوقَ المؤمنِ والطائعِ، وهوُ الذي يَتقي بصالحِ عَملِهِ وخالصِ دُعائِهِ عذابَ اللهِ تعالى، مأخوذٌ من اتقاءِ المكروهِ بما تجعلُهُ حاجزاً بينكَ وبينَهُ.
عن ابنِ مسعودٍ رضي اللهُ عنَهُ قالَ يوماً لابنِ أخيه: (يا ابنَ أخي تَرى النَّاسَ ما أكثرَهُم: قالَ: نعم قال: لا خيرَ فيهم إلا تائبٌ أو تقي، ثم قال: يا ابنَ أخي ترى النَّاسَ ما أكثرَهُم؟ قلت:ُ بلى: قال لا خيرَ فيهم إلا عالمٌ أو متعلمٌ). وقال أيضاً: عن تقوى اللهِ تعالى: (أن يُطاعَ فلا يُعصى، ويذكرَ فلا يُنسى، ويشكرَ فلا يُكفر)َ، وقال عليُ بنُ أبي طالبٍ رضي اللهُ عنه: التقوى الخوفُ من الجليلِ، والعملُ بالتنـزيل، والقناعةُ بالقليل، والاستعدادُ ليومِ الرحيل، وسألَ عمرُ بنُ الخطابِ رضي اللهُ عنه أُبياً عن التقوى فقال أُبي: (هلَ أخذتَ طريقاً ذا شوكٍ؟ قال: نعم، قال: فما عَمِلتَ فيهِ؟ قال: تشمرتُ وحذرتُ. قال: فذاكَ التقوى).
فالتقوى يا عبادَ اللهِ صلاحٌ في القلبِ وحساسيةٌ في الضميرِ، وشفافيةٌ في الشعورِ، وخشيةٌ مستمرةٌ، وخوفٌ دائمٌ، وحذرٌ دائبٌ وتوقٍ لأشواكِ الطريقِ، من الرغباتِ والشهواتِ والشبهاتِ والمطامعِ والمخاوفِ والوساوسِ وغيرِهَا قال الشاعرُ:
خـلِ الذنـوبَ صغيرَهَـا وكبيرَهـَا ذاك التـُقى
واصنعْ كماشٍ فوقَ أرضِ الشوكِ يحـذرُ ما يرى
لا تحقــرنَ صـغيـرةً إنَّ الجبالَ من الحصـى
وقالَ طلقُ بنُ حبيب: إذا وقعتِ الفتنةُ فأطفئوُهَا بالتقوى، قالوا وما التقوى؟ قال: أن تعملَ بطاعةِ اللهِ تعالى على نورٍ من اللهِ تعالى، تَرجو ثوابَ اللهِ تعالى، وأن تَترُكَ معصيةَ اللهِ تعالى على نورٍ من اللهِ تعالى، تخافُ عقابَ اللهِ تعالى، وقال أبو يزيد البسطامي: المتقي من إذا قال: قال للهِ، ومن إذا عَمِلَ عَمِلَ للهِ، وقال أبو سُليمانَ الدارانـي: المتقونَ الذينَ نزعَ اللهُ عن قلوبهم حبَ الشهوات. فالتقوى فيها جِماعُ الخيرِ كُلِهِ، وهي وصيةُ اللهِ في الأولينَ والآخرينَ قال تعالى: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّـٰكُمْ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ للَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَمَا فِى ٱلأرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ غَنِيّاً حَمِيداً [النساء:131].
والتقوى هي وصيةُ الأنبياءِ لأقوامِهم، فَما من نَبيٍ إلا وصى قومَهُ بتقوى الله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ [المؤمنون:23]. وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ [الأعراف:65]. ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً ءاخَرِينَ فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولاً مّنْهُمْ أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ [المؤمنون:31-32]. وكان رسولُ اللهِ إذا أوصى بوصيةٍ عَامةٍ بدأهَا بالتقوى، وإذا أوصى بوصيةٍ خاصةٍ بدأهَا بالتقوى، وإذا خطبَ خطبةً أوصى فيها بالتقوى: عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّه ِ مَوْعِظَةً، وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوْصِنَا. قَالَ: ((أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ. وَإنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفاً كَثِيراً، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّـينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ)) [رواه أبو داود والترمذي].
قولُهُ: ((عَضوا عَليهَا بالنواجذِ)): أي اجتهدُوا على السنةِ، والزموُهَا، واحرصُوا عَليها كما يَلزمُ العاضُّ عَلى الشيءِ بنواجذِهِ خَوفاً من ذهابِهِ وتفلّتِهِ، والنواجذُ: هي الأنيابُ، وقيلَ:الأضراسُ، هذا هو معنى التقوى.
وأما الأمرُ الثاني: كيف نتق اللهَ تعالى؟ فإذا أرادنا أن نظفرَ بالتقوى، وأن نكونَ من المتقينَ فعلينا أن نُراعِ الأعضاءَ الخمسة، فإنهنَ الأصولُ: وهي العينُ والأذنُ واللسانُ والقلبُ والبطنُ، فنحرصُ عَليهَا بصيانَتِها من كُلِ معصيةٍ وحرام، وأن نُقيدهَا بطاعةِ اللهِ تعالى.
وذلك يكونُ بخمسةِ أمور: الأول: محبةُ اللهِ عزَ وجلَ فمحبةُ اللهِ تعالى تحجزُ العبدَ عن ارتكابِ المعاصي، لأنَ المحبَ لمن يحبُ مطيعُ قال الشاعر:
تَعصي الإلهَ وأنت تَزعمُ حُبَهُ هذا لعَمري في القياسِ شنيعُ
لو كان حُبُكَ صَادقـاً لأطعتَهُ إنَّ المحبَ لمن يحبُ مطيعُ
الأمرُ الثاني: أن نشعُرَ في قلوبِنَا بمراقبةِ اللهِ وأن نستحيّ منهُ ونعلمَ أنَهُ رقيبٌ عَلينَا شهيدٌ على أعمالِنَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [الحديد:4]. فإذا شَعرت قُلوبُنُا بمراقبةِ اللهِ تعالى لم تفعل المعاصي قال الشاعر:
إذا ما خلوتَ الدهرَ يومـاً فلا تقل خلوتُ ولكن قل عَليَّ رقيبُ
ولا تحسبنَ اللهَ يغفلُ ساعةً ولا أن مـَا يخفـى عَليـهِ يغيـبُ
الأمر الثالث: مما يُعينُ عَلى تقوى اللهِ: معرفةُ ما في المعاصي والحرامِ من مفاسدَ وآلام قال تعالى: وَتِلْكَ ٱلْقُرَىٰ أَهْلَكْنَـٰهُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ [الكهف:59].
الأمر الربع: أن نَتعلمَ كيف نتغلبُ على أهوائِنَا فَأَمَّا مَن طَغَىٰ وَءاثَرَ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا فَإِنَّ ٱلْجَحِيمَ هِىَ ٱلْمَأْوَىٰ [النازعات:37-39].
الأمر الخامس: أن نعرفَ مكائدَ الشيطانِ: إِنَّ ٱلشَّيْطَـٰنَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَـٰبِ ٱلسَّعِيرِ [فاطر:6].
وأما عن صفاتِ المتقينَ فلقد وصفهَمُ اللهُ تعالى بهذه الأوصاف، فهم يؤمنونَ بالغيبِ قال تعالى: ذٰلِكَ ٱلْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لّلْمُتَّقِينَ [البقرة:2]. ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلوٰةَ وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ [البقرة:3]. والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ .[البقرة:4].
ومن صفاتهم ما أخبر به الله تعالى: إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِى جَنَّـٰتٍ وَعُيُونٍ ءاخِذِينَ مَا ءاتَـٰهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ كَانُواْ قَلِيلاً مّن ٱلَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِٱلاْسْحَـٰرِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَفِى أَمْوٰلِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّائِلِ وَٱلْمَحْرُومِ [الذاريات:15-19].
ومن صفاتهم أنهم يعظمونَ شعائرَ اللهِ: ذٰلِكَ وَمَن يُعَظّمْ شَعَـٰئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى ٱلْقُلُوبِ [الحج:22].
ومن صفاتهم أنهم يتحرونَ العدلَ ويحكمونَ بهِ في أقوالهم وأعمَاِلهم: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ للَّهِ شُهَدَاء بِٱلْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَانُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المائدة:8].
وأما عن ثمارِ التقوى فهي سببٌ للخروجِ من كلِ ضيقٍ وسببٌ لنيلِ الرزق قال الله تعالى: وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3].
ومن ثمارِ التقوى تيسيرُ وسهولة كل أمر وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً [الطلاق:4].
ومن ثمارِ التقوى تيسيرُ تعلمِ العلمِ النافعِ: وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَيُعَلّمُكُمُ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ بِكُلّ شَيْء عَلِيمٌ [البقرة:282].
ومن ثمار التقوى الظفرُ بمحبةِ اللهِ ومعيتِهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَّقِينَ [آل عمران:76]. وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ [البقرة:194].
ومن ثمار التقوى البركاتُ من السماءِ والأرض قال الله تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ ءامَنُواْ وَٱتَّقَوْاْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَـٰتٍ مّنَ ٱلسَّمَاء وَٱلأرْضِ [الأعراف:96].
ومن ثمار التقوى حفظُ الذريةِ الضعافِ بعد الموتِ قال تعالى: وَلْيَخْشَ ٱلَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرّيَّةً ضِعَـٰفاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُواّ ٱللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً [النساء:9].
ومن ثمار التقوى قَبولُ الأعمالِ قال تعالى: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ [المائدة:27].
ومن ثمار التقوى الفوزُ بكرامةِ الله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَـٰكُمْ [الحجرا:13].
ومن ثمار التقوى الفوز بالجنة إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِى جَنَّـٰتٍ وَنَهَرٍ فِى مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرِ [القمر:54-55].
الخطبة الثانية
الحمدُ لله وكفي وسلامٌ على عباده الذين اصطفى، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهدُ أن محمداً عبدهُ ورسولُهُ.
أيها الأخوة الكرام الأحبة: أقدمُ بعضَ النماذجِ عن أثر التقوى في سلوكِ المتقين:
هذا عمرُ رضي الله عنه في طريقهِ إلى مكةَ المكرمة مرَ براعٍ فقالَ له: يا أيها الراعي بعني شاةً من هذا الغنمِ فقال: إني مملوك، فأرادَ عمرُ أن يختبرَهُ، فقال له: قل لسيدكَ أكلَهَا الذئبُ، فقال الراعي: فإذا قلتُ ذلكَ فأينَ الله ؟!، فذهبَ عمرُ لسيدِ الراعي، فاشتراهُ منه ثم اعتقَهُ فقال له: أعتقتكَ في الدنيا هذه الكلمة، وأرجو أن تعتقَكَ في الآخرة.
وهذه فتاةٌ تأمرُهُا أمُهُا بخلطِ اللبنِ بالماءِ طمعاً في زيادةِ الربحِ والبنتُ تُذكرُهَا وتقول لها: يا أماه لقد منعَ أميرُ المؤمنينَ من خلطِ اللبنِ بالماءِ فتقول الأمُ الغافلةُ عن طاعةِ ولي الأمر: أين نحنُ من أميِرِ المؤمنين؟ أن أميرَ المؤمنينَ لا يرانَا، فتقولُ الفتاةُ الصالحةُ التي عَرفت تقوى اللهِ تعالى بجواب مفحم: إن كان أميرُ المؤمنينَ لا يرانا فربُ أميرِ المؤمنينَ يرانا.
هذه هي التقوى وصيةُ اللهِ تعالى.
ولنعلمَ أنه لا طريقَ للتقوى إلا بسلوكِ سنةِ محمدٍ والسيرِ على ما سارَ عليه سلفُ أمتنَا، وإن تقوى الله تعالى تقتضي تحقيقَ التوحيدِ وتصحيحَ العقيدةِ فلا شركَ ولا وثنيةَ ولا بدعةَ ولا زنا ولا سرقةَ ولا ربا.
جعلني اللهُ وإياكم من المتقين الذين تقرُ أعينُهم في الدنيا بالطاعات وفي الآخرة بالجنات 0
وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَـٰكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ ٱلإِصْلَـٰحَ مَا ٱسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِى إِلاَّ بِٱللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ [هود:88].
الحمدُ لله وكفي وسلامٌ على عباده الذين اصطفى، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهدُ أن محمداً عبدهُ ورسولُهُ.
أيها الأخوة الكرام الأحبة: أقدمُ بعضَ النماذجِ عن أثر التقوى في سلوكِ المتقين:
هذا عمرُ رضي الله عنه في طريقهِ إلى مكةَ المكرمة مرَ براعٍ فقالَ له: يا أيها الراعي بعني شاةً من هذا الغنمِ فقال: إني مملوك، فأرادَ عمرُ أن يختبرَهُ، فقال له: قل لسيدكَ أكلَهَا الذئبُ، فقال الراعي: فإذا قلتُ ذلكَ فأينَ الله ؟!، فذهبَ عمرُ لسيدِ الراعي، فاشتراهُ منه ثم اعتقَهُ فقال له: أعتقتكَ في الدنيا هذه الكلمة، وأرجو أن تعتقَكَ في الآخرة.
وهذه فتاةٌ تأمرُهُا أمُهُا بخلطِ اللبنِ بالماءِ طمعاً في زيادةِ الربحِ والبنتُ تُذكرُهَا وتقول لها: يا أماه لقد منعَ أميرُ المؤمنينَ من خلطِ اللبنِ بالماءِ فتقول الأمُ الغافلةُ عن طاعةِ ولي الأمر: أين نحنُ من أميِرِ المؤمنين؟ أن أميرَ المؤمنينَ لا يرانَا، فتقولُ الفتاةُ الصالحةُ التي عَرفت تقوى اللهِ تعالى بجواب مفحم: إن كان أميرُ المؤمنينَ لا يرانا فربُ أميرِ المؤمنينَ يرانا.
هذه هي التقوى وصيةُ اللهِ تعالى.
ولنعلمَ أنه لا طريقَ للتقوى إلا بسلوكِ سنةِ محمدٍ والسيرِ على ما سارَ عليه سلفُ أمتنَا، وإن تقوى الله تعالى تقتضي تحقيقَ التوحيدِ وتصحيحَ العقيدةِ فلا شركَ ولا وثنيةَ ولا بدعةَ ولا زنا ولا سرقةَ ولا ربا.
جعلني اللهُ وإياكم من المتقين الذين تقرُ أعينُهم في الدنيا بالطاعات وفي الآخرة بالجنات 0
وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَـٰكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ ٱلإِصْلَـٰحَ مَا ٱسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِى إِلاَّ بِٱللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ [هود:88].
| |
|