molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: مشكلات الشباب - إبراهيم بن محمد أحمد عبد الكريم الأربعاء 12 أكتوبر - 7:38:33 | |
|
مشكلات الشباب
إبراهيم بن محمد أحمد عبد الكريم
الخطبة الأولى
أما بعد:
فأوصي نفسي المقصرة وإياكم بتقوى الله سبحانه وتعالى، ثم أما بعد:
يعيش شبابنا اليوم العطلة الصيفية، وهم في قضاء هذه العطلة على صنفين:
صنف قد صمم تصميماً جازماً، وأكد تأكيداً بالغاً على قضاء هذه الإجازة في الضياع واللهو واللغو واللعب فهذه عادته وطريقته، يبدد عمره في كل معصية ولهو ولعب لا يعرف لله حقاً ولا طريقاً.
وقسم آخر من شبابنا هم أهل الصدق والاستقامة والصلاح، قوم نظر الله إلى قلوبهم فرأى ما فيها من التقوى وحسن القصد، فكانوا أهلاً لهدايته وتوفيقه، عزموا على قضاء هذه العطلة في مرضاة الله وعرفوا أن هذه العطلة جزء من أعمارهم وأنهم محاسبون عليها بين يدي الواحد الديان أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَـٰكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ فَتَعَـٰلَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْكَرِيمِ [المؤمنون:15-16].
فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يثبت هؤلاء وأن يصلح أولئك.
إخوة الإسلام وأحباب الحبيب المصطفى محمد :
إن مشكلات الشباب وقضاياهم تتلخص في قضايا:
المشكلة الأولى الفراغ وضياع الوقت، والأصل أنه ليس في حياة المسلم ما يسمى بوقت الفراغ، فالوقت أغلى شيء وأنفس شيء لأنه عمر الإنسان، لكنه كذلك عند غير المسلمين، أما عند كثير من المسلمين فما أرخصه، الساعات الطويلة والأعمار المديدة يضيعها كثير من الناس في غير فائدة، بل فيما يجلب عليهم الحسرات والضياع يوم القيامة.
والوقت أنفس ما عنيت بحفظه وأراه أسهل ما عليك يضيع
ولذلك فإن رسول الله بين لنا أهمية الوقت وقيمة الزمن في أحاديث كثيرة، فيقول كما في صحيح البخاري من حديث ابن عباس : ((نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ)) ويقول أيضاً كما في حديث معاذ بن جبل كما عند الطبراني وغيره: ((لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل فيه؟)).
ويقول أيضاً كما عند الحاكم من حديث ابن عباس: ((اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل مرضك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك)).
ولذلك إخوة الإسلام لما عاش سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى هذا الهدي الجامع وهذه التعاليم النبوية كانوا من أحرص الناس على العمر، ومن أكثرهم اغتناماً للزمن، فكان الحصاد فتوحاً وعلوماً ومعارف ومدنية وحضارة ليس لها نظير في تاريخ البشرية.
فها هو ابن مسعود يقول: (إني لأمقت الرجل أن أراه فارغاً ليس في شيء من عمل الدنيا ولا عمل الآخرة).
وهذا الحسن البصري رحمه الله تعالى يقول: (أدركت أقواماً كان أحدهم أشح على عمره منه على درهمه).
لأن الدينار والدرهم يمكن تعويضه، أما العمر فلا يمكن تعويضه، فما من يوم ينشق فجره إلا وينادي ويقول: يا بن آدم أنا يوم جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني فإني إن ذهبت فلن أعود إلى يوم القيامة.
ولذلك كان قائلهم يقول:
إذا ما مضى يوم ولم أصطنع يدا ولم اقتبس علماً فما هو من عمري
قيل لكرز بن وبرة: اجلس معنا، وكان من العباد رحمه الله تعالى فماذا قال؟ قال: امسك الشمس أجلس معك، يعني إذا توقفت الشمس وتوقف الوقت جلست معك، فهكذا كان اهتمام سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى بالوقت فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَـوٰةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوٰتِ فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً [مريم:59].
أصبحت كثير من أوقات شباب الإسلام ضائعة بلا عمل ولا تجارة ولا وظيفة ولا +ب ولا تحصيل ولا طاعة، وإذا لم يشغل الشباب أوقاتهم في هذه الأمور شغلوها في المعصية واللهو واللغو واللعب والحرام، ولذلك يقول أبو العتاهية شاعر الحكماء:
إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة
فالقضاء على الفراغ في حياة الشباب المسلم ينبغي أن يكون من أول ما يوجه المصلحون عنايتهم له، ولا يشترط أن يقضي الشاب فراغه في الحفظ والعلم بالقراءة بل كل حسب وجهته والله عز وجل يقول: قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ [البقرة:60]. فمن كانت وجهته علمية فليذهب إلى المؤسسات العلمية وينهل من منابع العلم، ومن كان له تميز وتخصص في مجال من المجالات فليذهب إلى ما يهواه من المجالات التي لا تعارض ديننا الحنيف من تجارة نافعة أو صناعة مفيدة أو حرفة شريفة وغير ذلك حتى لا يندم الإنسان على هذه الأيام وعلى عمره، ولات حين مندم، ويقول: رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَـٰلِحاً غَيْرَ ٱلَّذِى كُـنَّا نَعْمَلُ [فاطر:37]. فيأتيه الرد أَوَلَمْ نُعَمّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ ٱلنَّذِيرُ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِن نَّصِيرٍ [فاطر:37].
المشكلة الثانية من مشكلات الشباب: عدم الاهتمام بالعلم الشرعي، والعلم الشرعي هو العلم النافع الذي تحتاج إليه القلوب والأبدان، ولكن للأسف أصبحت الأمة – إلا من رحم الله – أمة ثقافة سطحية، تحولت الأمة من الأصالة والعمق المتمثل في العلوم الشرعية والعلوم التجريبية إلى أمة تعرف المعلومات العامة والثقافة السطحية، وهو علم يشترك فيه الكافر والمؤمن، ولكن أين التحصيل وأين الاجتهاد في طلب العلم وأين الحرص على الاستفادة وأين الحفظ والتدبر للقرآن.
والله لساعة واحدة يقضيها المسلم في طلب العلم، في حفظ آية من كتاب الله أو فهم حديث من أحاديث رسول الله خير له من الدنيا وما فيها، يقول : ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله به طريقاً إلى الجنة)).
من وصايا أمير المؤمنين أبي السبطين علي بن أبي طالب لكميل بن زياد: يا كميل، العلم خير من المال، العلم يحفظك، وأنت تحفظ المال، العلم ي+و بالإنفاق، والمال تنقصه النفقة.
هو العذب المهند ليس ينبو تصيب به مضارب من أردت
وكنز لا تخاف عليه لصـاً خفيف الحمل يوجد حيث كنت
يزيد بكثرة الإنفـاق منـه وينقص إن بـه كفـاً شـددت
فعلينا إخوة الإسلام أن نأتي بشباب الأمة ونحبب إليهم علم الكتاب والسنة، حتى ترتفع أصولهم إلى الله الواحد الحي القيوم، وتمتلئ قلوبهم بالنور والإيمان.
المشكلة الثالثة من مشكلات الشباب: رفقاء السوء وجلساء السوء، وهم قوم علم الله من قلوبهم الخبث فأخرهم، قوم ما أفلحوا في دين ولا دنيا، فأخذوا يصدون عن سبيل الله ويتلقفون شباب الإسلام ليجعلوا مصيرهم كمصيرهم، والرسول يحذر من قرناء السوء فيقول : ((المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل))، وقال : ((مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة)). وفي الحكمة:
لا تسأل عن المرء واسأل عن قرينه فإن القرين إلى المقارن ينسب
فيا أيها الآباء، كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.
يقول : ((ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة)).
وإنه لمن الغش أن يترك الأب أبناءه لا يسأل أين يذهب الابن الساعات والأيام، ولا يسأله أين ذهب ومع من كان وأين نام؟ ولا يدري هذا الأب أن ابنه كان في جولة مع شياطين الإنس يسلخونه من دينه وعقله وإسلامه.
الحذر الحذر من قرناء السوء وجلساء السوء، وعلى الشاب أن يتخير الرفقة الصالحة من أهل الخير والعقل والصلاح الذين يعينونه على الحق، ويدلونه عليه.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: مَّنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـٰمٍ لّلْعَبِيدِ [فصلت:46].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
أما بعد:
فمن هم شباب السلف ومن هم شبابنا؟ شباب السلف هم حمزة وعبد الله بن رواحة وجعفر بن أبي طالب وأسامة بن زيد وابن عباس وابن عمر والحسن والحسين.
عبـاد ليل إذا جن الظـلام بهم كم عـابد دمعه في الخد أجـراه
وأسد غاب إذا نادى الجهاد بهم هبوا إلى الموت يستجدون رؤياه
يا رب فابعث لنا من مثلهم نفراً يشـيدون لنـا مجـداً أضعنـاه
هذا عقبة بن نافع شاب في الخامسة والعشرين من عمره، يقف على المحيط الأطلنطي موحداً مصلياً يرفع سيفه إلى السماء قائلاً: والله لو أعلم أن وراء هذا الماء أرضاً لخضته بفرسي هذا رافعاً راية لا إله إلا الله.
نصر الإسلام وفتح أفريقيا، فشكر الله سعيك ورفع منزلتك يا عقبة، ولكن هل تدري يا عقبة أن من شبابنا من بلغ الثلاثين والأربعين من عمره وهو لا يعرف لماذا أتى ولماذا يعيش وأين يسير؟! غاوٍ لاه، ما عرف رسالته في الحياة!!
عبد الله بن رواحة شاب في الثلاثين من عمره حمل سيفه وذهب إلى معركة مؤتة في أرض الأردنّ فلبس أكفانه ورفع سيفه وقال:
أقسمت يـا نفـس لتنزلنـه لتنزلـن أو لتكـرهنـه
إن أجلب الناس وشدوا الرنة ما لي أراك تكرهين الجنة
وطالمـا قـد كنت مطمئنـة هل أنت إلا نطفة في شنة
ثم قال:
يا نفسي إلا تقتلي تموتي هذا حمام الموت قد صليت
مـا تمنيت فقـد أعطيت إن تفعلـي فعلهمـا هديت
جعفر أتى إلى مؤتة أيضاً مجاهداً في سبيل الله يحمل الراية، فقطعت يمناه فأخذ الراية بيده اليسرى، فقطعت فضم الراية بعضديه حتى ت+رت الرماح في صدره وهو يبتسم ويقول:
يا حبذا الجنة واقترابهـا طيبة وبارد شرابها
الروم روم قد دنا عذابها كافرة بعيدة أنسابها
فهؤلاء هم شباب السلف ليلهم سجود وتسبيح وذكر، ونهارهم جهاد ودعوة.
أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع
فيا شباب الإسلام:
من يرفع راية لا إله إلا الله إذا توليتم أنتم؟!! ومن ينصر هذا الدين إذا أعرضتم أنتم؟!!
فعودة يا شباب الإسلام إلى الله، عودة إلى المسجد، عودة إلى المصحف، عودة إلى حلقات العلم عودة إلى ربكم.
شباب الدين للإسلام عودوا فأنتم مجده وبكـم يسـود
وأنتم سـر نهضته قديمـاً وأنتم فجره الباهي الجديـد
يا ابن آدم أحبب ما شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه، وكن كما شئت فكما تدين تدان.
| |
|