molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: فاستقم كما أمرت - إبراهيم بن محمد أحمد عبد الكريم الأربعاء 12 أكتوبر - 7:33:05 | |
|
فاستقم كما أمرت
إبراهيم بن محمد أحمد عبد الكريم
الخطبة الأولى
أما بعد:
فأوصي نفسي المقصرة وإياكم بتقوى الله سبحانه، ثم أما بعد:
فيقول المولى سبحانه: فَٱسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَىِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ ٱلَّيْلِ إِنَّ ٱلْحَسَنَـٰتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيّئَـٰتِ ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذاكِرِينَ وَٱصْبِرْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْفَسَادِ فِى ٱلأرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ [هود:112-117].
إخوة الإسلام وأحباب الحبيب المصطفى محمد رسول الله :
مع آيات بينات من القرآن الكريم نعيش اليوم، علّ الله سبحانه وتعالى أن يرحمنا بهذا القرآن، وأن يفتح علينا بهذا القرآن، وأن ينقذنا به من الغفلة والقسوة، ويخرجنا به من الظلمات إلى النور، كِتَـٰبٌ أَنزَلْنَـٰهُ إِلَيْكَ مُبَـٰرَكٌ لّيَدَّبَّرُواْ ءايَـٰتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُو ٱلأَلْبَـٰبِ [ص:29].
فيا من نام وما استيقظ، استيقظ بهذا القرآن.
ويا من غفل ولم يتذكر، تذكر بهذا القرآن.
ويا من فقد عقله، اعقل بهذا القرآن، وتدبر هذا القرآن.
أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْءانَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد:24].
أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْءانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخْتِلَـٰفاً كَثِيراً [النساء:82].
ونفسـه محبوسة في عقال في صـبح المعالي بـلال جهله هذا في المعالي محال أزهاره فاحت بري الشمال وأنتـم أبنـاؤه يـا رجـال
فتعال يا من حالـه في وبـال يا راقداً لم يستفق عندمـا أذن يا مشتري الحصباء بالدر من روض النبي المصطفى وارف ميـراثـه فينـا جميل الحلـى
معاشر المسلمين المؤمنين الموحدين:
الله سبحانه وتعالى يأمر نبيه محمداً بالاستقامة في هذه الآيات فيقول سبحانه وتعالى مخاطباً نبيه محمداً قائلاً: فَٱسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ [هود:112]. الله سبحانه وتعالى يأمر نبيه محمداً عليه الصلاة والسلام بالاستقامة وهو المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وهو خاتم الأنبياء والمرسلين، وهو سيد ولد آدم، ولذلك كانت هذه الآية من أشد الآيات وأشقها على رسول الله ، يقول ابن عباس : (ما نزل على رسول الله آية هي أشد ولا أشق من هذه الآية)، ولذلك لما رأى الصديق الشيب أسرع إلى رسول الله ، سأل الصديق رسول الله : ما شيبك يا رسول الله، فقال : ((شيبتني هود وأخواتها)).
وهذه الآية من سورة هود وأخواتها كما جاء في بعض الروايات: الواقعة وعم يتساءلون وإذا الشمس والمرسلات.
نعم – يا عباد الله – الرسول شيبته هود وأخواتها، ونحن شيبتنا الدنيا وهمومها وغمومها ومطامعها، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فَٱسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ [هود:112]. فاستقم يا محمد كما أمرك الله عقيدة وعملاً وسلوكاً، فأخلص التوحيد لله الواحد الأحد، وائتمر بما أمرك الله، وانته عما نهى الله، وهذا الأمر ليس للرسول فحسب، بل للمسلمين جميعاً، لذا يقول سبحانه: فَٱسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ [هود:112] أي ومن آمن معك، واتبعك من المؤمنين.
والاستقامة – عباد الله - لا تكون إلا بما شرع الله، ووفق ما أمر الله، فلا يجوز للعبد أن يعبد الله بهواه ولا بمزاجه، حتى ولو كان هذا العمل خالصاً لوجه الله عز وجل، فلا بد أن يكون موافقاً لما شرع الله، كما قال : ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))، يعني مردود عليه غير مقبول لذلك يقول سبحانه: وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [هود:112]، يعني لا تجاوزوا الحد الذي شرعه الله بغلو أو إحداث أو ابتداع في الدين، فإن الله مطلع على أعمالكم بصير بها.
إخوة الإسلام: الاستقامة كلمة جامعة آخذة بمجامع هذا الدين عقيدة وعملاً وسلوكاً، الاستقامة على دين الله كما أمر الله أمرها عظيم يا عباد الله، قرنها الله ورسوله بالتوحيد، فقال سبحانه وتعالى: إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَـٰمُواْ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [الأحقاف:13]، وقال تعالى: إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَـٰمُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَفِى ٱلآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِى أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ [فصلت:30-31].
يأتي سفيان بن عبد الله - كما في صحيح مسلم - ويقول: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك، قال: ((قل: آمنت بالله، ثم استقم)).
فتأمل أخي - رعاك الله - في هذه الآثار، وانظر كيف جمع الله ورسوله بين التوحيد والاستقامة، وما أعده من ثواب عظيم لمن استقام على أمره ودينه، ثم انظر إلى حال السلف وكيف كانت استقامتهم لترى العجب العجاب؛ هذا المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي صحابي جليل وأرضاه، حضرته سكرات الموت فبكى أهله عليه، فقال: لا تبكوا عليّ فإني لم أتلطخ بخطيئة منذ أسلمت. فلله دره عاش اثنتي عشرة سنة بعد إسلامه لم يفعل خطيئة، وكانت حياته كلها طاعة لله.
وهذا الإمام الطبري - رحمه الله تعالى – أحد علماء الإسلام، أتى إلى سفينة فركبها فلما اقتربت من الشاطئ قفز إلى الشاطئ وهو في السبعين من عمره، فأراد الشباب أن يفعلوا مثله ويقفروا إلى الشاطئ فما استطاعوا، فقالوا لشيخهم: كيف استطعت أن تقفز وأنت شيخ وما استطعنا ونحن شباب؟ فقال: "هذه أعضاء حفظناها في الصغر فحفظها الله لنا في الكبر، والله ما عصيت الله بواحدة منها قط". فلله دره من إمام حفظ الله فحفظه الله ومتعه بجوارحه إلى أن مات.
وهذا الإمام ابن دقيق العيد - رحمه الله - يقول: "ما تكلمت كلمة ولا فعلت فعلاً إلا وأعددت له جواباً بين يدي الله عز وجل". فرحم الله السلف يوم علموا أن الحياة بسنينها وأعوامها ينبغي أن تصرف في طاعة الله، ويوم علموا أن الحياة ساعة فجعلوها طاعة.
إن التشبه بالكرام فلاح
فتشبهوا إن لم تكونوا كمثلهم
ثم يقول سبحانه وتعالى بعد هذه الآية: وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ [هود:113]. وهذا من لوازم الاستقامة فإن من استقام على دين الله وأمره وجب عليه أن يوالي أولياء الله المستقيمين على دينه، ويعادي أعداء الله الذين ظلموا أنفسهم بكفرهم وفسقهم وفجورهم، ولا يركن إليهم ولا يرضى بأعمالهم، ولا يجالسهم ولا يخالطهم، حتى لا يكون معهم ولا يحشر في زمرتهم، كما قال : ((المرء يحشر مع من أحب)).
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من عباده المستقيمين على شرعه، المؤتمرين بأوامره والمجتنبين لنواهيه، والواقفين عند حدوده.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: مَّنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـٰمٍ لّلْعَبِيدِ [فصلت:46]
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، واستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
أما بعد:
فما زلنا مع الآية الكريمة وهي قوله تعالى: وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَىِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ ٱلَّيْلِ إِنَّ ٱلْحَسَنَـٰتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيّئَـٰتِ ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذاكِرِينَ [هود:114].
جاء في سبب نزول هذه الآية - كما في صحيح مسلم - من حديث ابن مسعود أن رجلاً جاء إلى رسول الله فقال: يا رسول الله، إني وجدت امرأة في بستان ففعلت بها كل شيء غير أني لم أجامعها؛ قبلتها ولزمتها ولم أفعل غير ذلك، فافعل بي ما شئت، فلم يقل رسول الله شيئاً، فذهب الرجل، فقال عمر: لقد ستر الله عليه لو ستر على نفسه، فأتبعه رسول الله بصره ثم قال: ((ردوه علي)) فردوه على الرسول فقرأ عليه: وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَىِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ ٱلَّيْلِ إِنَّ ٱلْحَسَنَـٰتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيّئَـٰتِ ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذكِرِينَ [هود:114]. وفي رواية أخرى قال معاذ : يا رسول الله أله وحده أم للناس كافة؟ فقال: ((بل للناس كافة)).
هذه الآية - يا عباد الله – بشرى نزفها إلى كل من أذنب وزل وأخطأ وقصَّر أن يعود إلى الله وأن يتوب إليه توبة نصوحاً، وأن يعمل أعمالاً صالحة تكفر ما مضى، فلا تتعاظم ذنوبك - يا عبد الله - ولو بلغت عنان السماء ولو كانت كالجبال، فإن رحمة الله أعظم: قُلْ يٰعِبَادِىَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ [الزمر:23].
فالتوبة التوبة يا عبد الله، والبدار البدار وأنت في هذه الدنيا قبل أن تصير إلى الآخرة، وأنت في الحياة قبل أن تصير في عداد الموتى، وأنت فوق الأرض قبل أن تصير تحت الأرض، وأنت في النور قبل أن تنتقل إلى الظلمة، وأنت تسمع الوعظ والتذكير قبل أن تسمع قرع نعال من ودعوك وأودعوك قبرك.
من قبل انتزاع واحتضار الروح وإنمــا الأعمـال بالخـواتم كـان لـه الله أشـد حبــاً رحمتـــه فضـلاً ولا تتكـل
فبـادرن بالتوبة النصوح لا تحتقر شيئاً من المآثم ومن لقاء الله قد أحبا وع+ه الكاره فالله اسأل
يا ابن آدم أحبب ما شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه، وكن كما شئت فكما تدين تدان.
| |
|