molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: الرقاق والأخلاق والآداب - إبراهيم بن سلطان العريفان الإثنين 10 أكتوبر - 11:36:11 | |
|
الرقاق والأخلاق والآداب
إبراهيم بن سلطان العريفان
الخطبة الأولى
إخوة الإيمان والعقيدة، إن من الواجب على كل مسلم محبة النبي وطاعته، وذلك بامتثال أوامره واجتناب نواهيه وتصديق أخباره، بذلك يستحق الثواب ويَسْلم من العقاب.
وهذا دليل على التزامه بتعاليم الإسلام أمرًا ونهيًا وتطبيقًا، قولاً وفعلاً واعتقادًا، وأن يقول سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا [البقرة:285].
عباد الله، إن من الأمور التي أمرنا بها النبي تقصير الملابس فوق الكعبين وعدم الإسبال، طاعة لله ورسوله ورجاء لثواب الله وخوفًا من عقابه.
وقد لوحظ على كثير من الرجال إسبالُ ملابسَهم وجرُّها، وفي ذلك ـ يا عباد الله ـ خطر عظيم، لأن فيه مخالفة لأمر الله وأمر رسوله ، وارتكاب لما نهى اللهُ عنه ورسولُه . وإسبال الملابس كبيرة من كبائر الذنوب، قد تعرض صاحبَه للوعيد الشديد.
عباد الله، إن اللباس من نعم الله على عباده التي يجب شكرُها والثناءُ عليه بها، واللباس له أحكام شرعية يجب معرفتها والتقيد بها، فالرجال لهم لباس يختص بهم، وللنساء لباس يختصن بهن، ولا يجوز لأحد من الجنسين أن يشارك الآخر في لباسه، فقد لعن رسول الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال.
عباد الله، إن إسبال الملابس من الثياب والسراويل حرام، وهو من الكبائر ـ أي كبائر الذنوب ـ والإسبال هو نزول الملابس عن الكعبين، قال تعالى: وَلاَ تَمْشِ فِى ٱلأرْضِ مَرَحاً إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ [لقمان:18]، روى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((من جرَّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة)) وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال: ((لا ينظر الله إلى من جرَّ إزاره بطرًا)). وقال : ((ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار)) وقال عليه الصلاة والسلام: ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر الله إليهم ولا ي+يهم ولهم عذاب أليم: المسبل والمنان، والمنفق سلعته، بالحلف الكاذب)).
عباد الله، مع هذا الوعيد العظيم الوارد في حق المسبل. إلا أننا نرى بعض المسلمين لا يهتم بهذا الأمر، فيترك ثوبه أو عباءته أو سراويله تنزل عن الكعبين، وربَّما تلامس الأرض، وهذا ـ والله ـ منكر عظيم ظاهر، ومحرم شنيع، وكبيرة من كبائر الذنوب.
عباد لله، اتقوا الله عز وجل، وتوبوا إلى بارئكم توبة نصوحًا، واجعلوا ثيابكم على الصفة المشروعة، قال رسول الله : ((إزرة المؤمن إلى نصف ساقيه، ولا حرج عليه فيما بينه وبين الكعبين، وما كان أسفل من الكعبين فهو في النار)).
عباد الله، إن النبي حذرنا من الإسبال في اللباس، لنتخلق بكل معاني الرجولة، ونتصف بكامل المروءة، إذ العادة أن لا يبالغ الرجل في الزينة والعناية بجسمه وثوبه، فالرجل خشن بطبعه، وكلما تليَّن خفَّت رجولتُه ونقصت ذكورتُه.
أيها المسلمون، يجب علينا أن نرفع ثيابنا إلى فوق الكعبين طاعة لله وللرسول ، ورجاءً ما عند الله من الثواب، وخوفًا من عقابه، إن المسبل متوعد بالنار، ومَنْ مِنَّا يستطيع على هذه النار التي قال عنها خالقُها إِنَّهَا لَظَىٰ [المعارج:15].
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مرض موتِه، إذ زاره شابٌ مسبل إزاره، فقال عمر رضي الله عنه: (ارفع ثوبك، فإنه اتقى لربك، وأنقى لثوبك)، فانظروا ـ يا عباد الله ـ إلى حرص عمر بن الخطاب وهو في مرض موته كيف يوصي الشاب إلى امتثال أمر الله وأمر رسوله .
واعلموا ـ يا عباد الله ـ أن المسبل على خطر عظيم حتى في صلاته، روى أبو داود عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله يقول: ((من أسبل إزاره في صلاته خيلاء، فليس من الله في حلٍّ ولا حرام)). وذكر ابن خزيمة في صحيحه حديثَ عبدِالله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((لا ينظر الله إلى صلاة رجل يجر إزارَه بطرًا))، وفي بعض الروايات: ((لا يقبل الله صلاة مسبل إزاره)) أي لا يقبلها كاملة، بل هي ناقصة.
أخي الحبيب، تُبْ إلى الله توبة نصوحًا بلزوم طاعة الله تعالى، والندم على ما حصل منك من تقصير في طاعة الله، والعزم على عدم العودة إلى معصية الله، فإن الله يتوب على من تاب، ويغفر لمن استغفر وهو التواب الرحيم. أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
معاشر المؤمنين، يقول ربُّنا جل وعلا: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون وقد سُئل سماحة الوالد فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى هذا السؤال: ما حكم إطالة الثوب إن كان للخيلاء أو لغير الخيلاء؟ فأجاب ـ رحمه الله ـ: حكمه التحريم في حق الرجال، لقول النبي : ((ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار)) رواه البخاري في صحيحه، وروى مسلم في الصحيح عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا ي+يهم ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره، والمنان فيما أعطي، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب)).
وهذان الحديثان وما في معناهما يعمَّان من أسبل ثيابه تكبرًا أو لغير ذلك من الأسباب، لأنه عمَّم وأطلق ولم يقيد، وإذا كان الإسبال من أجل الخيلاء صار الإثم أكبر، والوعيد أشد لقول النبي : ((من جرَّ ثوبَه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة)).
ولا يجوز أن يظن أن المنع من الإسبال مقيد بقصد الخيلاء، لأن الرسول لم يقيد ذلك عليه الصلاة والسلام في الحديثين المذكورين آنفًا، كما أنه لم يقيد ذلك في الحديث الآخر، وهو قوله لبعض أصحابه: ((إياك والإسبال فإنه من المخيلة)) فجعل الإسبال كلَّه من المخيلة، لأنه في الغالب لا يكون إلا كذلك، ومن لم يسبل للخيلاء فعمله وسيلة لذلك، والوسائل لها حكم الغايات، ولأن ذلك إسراف وتعريض لملابسه للنجاسة والوسخ، ولهذا ثبت عن عمر لما رأى شابًا يمس ثوبُه الأرض قال له: ارفع ثوبك، فإنه أتقى لربك، وأنقى لثوبك، أما قوله لأبي بكر الصديق رضي الله عنه لما قال: يا رسول الله، إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده، فقال له : ((إنك لست ممن يفعلُه خيلاء)) فمراده أن من يتعاهد ملابسه إذا استرخت حتى يرفعها لا يُعَدُّ ممن يجر ثيابَه خيلاء، لكونه لم يسبِلْها، وإنما قد يسترخي عليه فيرفعها ويتعاهدها، ولا شك أن هذا معذور، أما من يتعمد إرخاءَها سواء كانت بشتًا أو سراويل أو إزارًا أو قميصًا فهو داخل في الوعيد وليس معذورًا في إسباله ملابسه، لأن الأحاديث الصحيحة المانعة من الإسبال تعمُّه بمنطوقها وبمعناها ومقاصدها، فالواجب على كل مسلم أن يحذر الإسبال، وأن يتقي الله في ذلك، وألاَّ ينزل ملابسه عن كعبه عملاً بهذه الأحاديث الصحيحة، وحذرًا من غضب الله وعقابه، والله ولي التوفيق.
هذه فتوى فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
| |
|