الرسول فى بيته
الشيخ عاطف شمس
بعد المقدمة
أحزان قلبي لاتزول حتى أبشر بالقبول
وأخذ كتابي باليمين وتسر عيني بالرسول
هذه هي الخطبة الخامسة في هذه السلسلة المباركة فقد بدأت بالرسول في القران والرسول أحبوه ونحبه والرسول يضحك والرسول يبكى واليوم مع الرسول في بيته
كيف كان زوجا وكيف كان أبا وكيف كان جدا
ولو تحدثنا عن النبي كزوج لكانت الخطبة كلها بل لاتكفى خطبة واحدة لكننا كما اتفقنا ندخل البستان فنقطف بعض الورود والأزهار
النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا الله عز وجل أن نتبعه وأن يكون أحب إلينا من أنفسنا
قال تعالى ( وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) الحشر 7
وقال تعالى ( وماكان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ) الأحزاب 36
وقال تعالى ( فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) النساء 65
وقال تعالى ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) النور 63
وقال تعالى ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الأخر وذكر الله كثيرا ) الأحزاب 21
وقال تعالى ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) أل عمران 31
آيات كثيرة تبين أن الإيمان لايكون إلا في إتباعه عليه الصلاة والسلام
ومن أقواله عليه الصلاة والسلام
( لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ماله وولده والناس أجمعين )
وقال صلى الله عليه وسلم ( لايؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به )
وقال عليه الصلاة والسلام ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وان يحب المرء لايحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار )
وقال عليه الصلاة والسلام ( من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله )
وأحاديث أخرى كثيرة تبين أن من كمال الإيمان إتباع النبي وأن أصل الإيمان أن تشهد له بالرسالة
وليس ذلك بالاحتفال بيوم المولد وأكل الحلوى
الإتباع هو التمسك بسنته وتقديم قوله على كل قول
الإتباع هو أن يكون النبي القدوة في كل شئ
لذا فعليك أن تعرف كيف كان النبي زوجا وأبا وجدا
الرسول زوجا
من صور ملاطفة الزوجة نداءها بأحب الأسماء إليها لذا كان النبي ينادى عائشة قائلا يا عائش وكان يقول لها ياحميراء – بياض بحمرة
وتقول السيدة عائشة ( كان النبي يقبل إحدى نسائه وهو صائم ثم تضحك رضي الله عنها ) مسلم
وأراد سعد بن أبى وقاص في مرض ألم به أن يتصدق بماله كله فقال لا قال بثلثي مالي قال لا قال الشطر قال لا الثلث والثلث كثير إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من تدعهم عالة يتكففون الناس وإنك مهما أنفقت من نفقة فإنها صدقة حتى اللقمة التي ترفعها إلى في امرأتك ) يعنى عندما تطعمها بيدك فليس هذا فقط سببا للقلب بل صدقة تؤجر عليها
وانظر إلى الذوق الرفيع كان النبي معتكفا وجاءته السيدة صفية لتزوره فلما كلمته ساعة وأرادت أن ترجع إلى بيتها قال لها لاتعجلى حتى أنصرف معك )
وسابق يوما عائشة فسبقته وبعد عدة سنوات سابقها فسبقها فقال لها هذه بتلك
قال النبي ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ) حسن غريب – صحيح الترمذي 3895
تقول السيدة عائشة –( كنت أشرب من القدح فأناوله إياه فيضع فمه في الموضع الذي كنت أشرب- ) رواه أبو داود
وقال النبي ( استوصوا بالنساء خيرا فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج مافى الضلع أعلاه فإذا ذهبت تقيمه +رته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيرا ) البخاري
وقال في خطبة الوداع ( استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عندكم عوان ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ) صحيح بن ماجة - حسنه الألباني
فكان يكرر الوصية بهن لأن الرجل إذا غضب فأحيانا يزيد غضبه عن المعتاد فيطلق زوجته فيتشتت البيت
وسئلت عائشة بأي شئ كان يبدأ النبي إذا دخل بيته ؟ قالت بالسواك ) مسلم
قال بعض أهل العلم لأنه ربما كان يدخل البيت فإذا دخل قبل زوجته فهل يفعله أحدنا
المرأة تريد من الرجل مايريد الرجل من المرأة – فقد جاءت امرأة بزوجها إلى عمر وقالت لا أريده أبدا فنظر عمر إليه وقال له تعالى ارجع بيتك فاغتسل وخذ من شعر رأسك وأظافرك فلما رجع الرجل بعدما فعل ما أمره عمر به نظرت زوجته إليه وقالت قبلت به يا أمير المؤمنين
لذا كان بن عباس يقسم أنه يتزين لامرأته كما يحب أن تتزين هي له
أن تعرف مشاعر زوجتك شئ مهم فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول لعائشة ( أنا اعرف متى تكونين راضية عنى ومتى تكونين فقالت كيف فقال عندما تقولين لا ورب محمد تكونين راضية وعندما تقولين لا ورب إبراهيم تكونين غاضبة فتقول أجل يارسول الله ولا أهجر إلا اسمك )
يقدر غيرتها وحبها فقد جاءت يوما أم سلمه بطعام في صحفه لرسول الله وضيوفه فجاءت عائشة فكسرت الصحفة فقال النبي كلوا غارت أمكم ثم أخذ النبي صحفه عائشة السليمة وأعطاها لأم سلمه وأعطى الم+ورة لعائشة
ويستشير زوجته ففي الحديبية قال لأصحابه قوموا فانحروا واحلقوا فوا لله ماقام منهم رجل فقالها ثلاثا ثم دخل إلى أم سلمه يشتكى إليها فأشارت عليه أن يخرج فيحلق وينحر فساعتها سيعلم الصحابة أن هذا وحى ففعل النبي فقام الناس جميعا يحلقون ويتحللون - كان الصحابة يتوقون لدخول مكة معتمرين ولما صدهم أهلها حزنوا وكبر عليهم هذا الصد لكن لما رأوا رسول الله يتحلل ويحلق فعلوا فما هم من الذين يقولون سمعنا وعصينا بل هم أطهر الناس قلوبا
وكان النبي يتكئ في حجر عائشة ثم يقرأ القران ) البخاري
وسئلت عائشة عن فعله في البيت فقالت كان يكون في خدمة أهله فإذا سمع الأذان خرج
وكان أحيانا يساعد في عمل البيت ولا يتأفف أو يتكبر
وقال النبي ( لايفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها أخر فينظر إلى أحسن طباعها ويلقى بالطبع الردئ ) فلم يثبت أبدا أن النبي ضرب زوجة له ولاشتمها
وانظر إلى رقة القلب وحسن المعاشرة - كانت صفية مع النبي فى سفر وكانت تركب جملا بطيئا فلما وصلت استقبلها النبي وهى تبكى قائلة حملتني على بعير بطئ فجعل النبي يمسح بيديه عينيها ويسكتها ) النسائي
ونهى النبي الرجل أن يخون زوجته فلا يدخل عليها ليلا إن عاد من سفر ونهى الرجل أن يتلمس العثرات
وكيف كان صلى الله عليه وسلم أبا
بنات النبي بالترتيب زينب فرقية فأم كلثوم ثم فاطمة وأمهن خديجة بنت خويلد رضي الله عنهن أسلمن كلهن
وقبل البعثة نزوج عتبة بن أبى لهب برقية
وتزوج أخوه عتيبة بأم كلثوم ولم يدخلا بهن
فلما نزل قوله تعالى ( تبت يدا أبى لهب وتب ) أمر أبو لهب أولاده بتطليق بنات النبي
وتزوج عثمان بن عفان رقية بمكة وهاجر بها إلى الحبشة ومرضت رقية في السنة الأولى للهجرة فتخلف عثمان عن المعركة ليكون بجوارها وماتت رضي الله عنها
ثم زوجه النبي أم كلثوم ومن هنا سمى ذو النورين وكان النكاح في ربيع الأول السنة الثالثة للهجرة وبقيت معه إلى السنة التاسعة وتوفيت رضي الله عنها
أما زينب فقد تزوجت بإبن خالتها أبى العاص بن الربيع وفى معركة بدر أسره عبد الله بن جبير ولما بعث أهل مكة في فداء أسراهم أرسلت زينب مالا ومعهم قلادة لأمها خديجة لتفتدى زوجها من الأسر فلما رأى النبي القلادة رق قلبه رقة شديدة فقد تذكر الزوجة الطيبة الطاهرة التقية النقية الحسيبة النسيبة خديجة فقال ( إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها فافعلوا ) فقالوا نعم يا رسول الله فأطلقوه وأرجعوا معه المال والقلادة وقال له النبي اترك ابنتي تأتيني تعيش معي - فوفى أبو العاص بذلك وأرسلها
وفى الطريق من مكة إلى المدينة هاجمهم بعض مشركى مكة ومنهم هبار بن الأسود والحويرث بن نقيد فأخافوا البعير الذي كانت تركبه زينب برمح فوقعت وطرحت حملها ومرضت من يومها إلى أن ماتت
وعاشت في كنف أبيها أشرف الخلق وقبيل الفتح هاجم بعض المسلمين قافلة لمكة فأخذوا مافيها وهرب أبو العاص منهم وتوجه إلى بيت زينب فاستجار بها فأجارته
وبعد أن انتهى النبي من صلاة الصبح قامت زينب قائلة أيها الناس إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع فقال النبي سمعتم – أجرنا من أجرتي
ثم قال لها أكرمي مثواه ولا يخلصن إليك فإنك لاتحلين له وأرجعوا له تجارته ولما رجع إلى مكة وأعطى الحقوق لأصحابها قال الكم عندي شئ قالوا لا فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله
ثم رجع إلى المدينة فرد النبي إليه ابنته زينب بعد فراق استمر ست سنين
وتوفيت في العام الثامن الهجري متأثرة بوقوعها من الهودج - رضي الله عنها وأرضاها
وهاهو إبراهيم بن النبي يموت ولم يتجاوز عمره ستة عشر شهرا فقال النبي إنه يكمل رضاعه في الجنة
وفاطمة الوحيدة التي عاشت بعد وفاة أبيها وشهدت الزهراء وفاة أمها خديجة ثم أختها رقية ثم زينب ثم وفاة أختها أم كلثوم _
انتبه فاطمة بنت أسد زوجة عم النبي كانت تهتم به بعد وفاة جده لما كان في كفالة عمه لذا سمى النبي ابنته فاطمة على اسمها وفاطمة كانت أختها زينب الكبرى تربيها وتحملها وهى صغيرة لذا أسمت ابنتها زينب ( أخت الحسنين ) - بيت النبوة - اللهم صلى على محمد وال محمد
وكانت وصية فاطمة لعلى أن يتزوج بعدها بإمامة بنت العاص بنت أختها زينب وأن يدفنها ليلا وأن يتخذ لها نعشا فكانت تستحي أن توضع على الآلة الخشبية وتظهر تفاصيل جسدها فأوصت أسماء بنت عميس أن تفعل بها هذا - حياء يازهراء في الحياة وحياء عند الموت
والرافضة نسجوا قصصا حول وفاتها وحول قبرها وحول وصيتها ألا يشهد جنازتها أبو بكر وجلها كذب فى كذب إن لم يكن كلها
الخطبة الثانية
قال أحمد بن حنبل قاعدة ذهبية هي ثلاثة ليس فيها سند ( القصص – الأخبار – السيرة ) لكننا نحاول أن لا نأتي بما يصادم النصوص الصحيحة
أخوتي في الله الاحتفال برسول الله يكون كل يوم وكل لحظة وليس يوما أو بعض يوم
الاحتفال يكون بإتباع سنته
باتخاذه قدوة وأسوة
بألا يعلو صوت أي إنسان على صوته فإذا قيل قال رسول الله فلا يقل أحد قال فلان
بأن يكون أحب إلينا من أهلنا وأولادنا وابائنا وأمهاتنا بل وأعز من نفوسنا
نفديه بأرواحنا لا بحناجرنا فقط كما فعلنا قريبا وقلنا شعرا ودعونا على الأعداء
لننظر كيف أحبه الصحابة وكانوا كانوا يفدونه بأرواحهم وأجسادهم لا بألسنتهم
فهاهو طلحة يرى سهما منطلقا إلى رسول الله فلم يجد غير يده يمسك بها السهم فخرق يده وشلت يده
وهوهو سماك يحتضن النبي لتدخل السهام ظهره وتخترقه حتى لاتصيب رسول الله في أحد
وأمثلة كثيرة لها خطبة قادمة إن شاء الله .