الرسول أحبوه ونحبه
الشيخ عاطف شمس
بعد المقدمة
أحزان قلبي لاتزول حتى أبشر بالقبول
واخذ كتابي باليمين وتسر عيني بالرسول
قال تعالى ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم ) آل عمران 31
وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ) البخاري
وقال عز وجل ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم ) التوبة 128
الآية الأولى يسمونها آية المحنة فقد زعم قوم أنهم يحبون الله فامتحنهم الله بهذه الآية
وفى الحديث أن المؤمن لا يحي بحلاوة الإيمان إلا بتوفر شروط أولها أن يكون حب الله وحب النبي أعلى عنده من كل حب
وفى الآية ت+ية من الله عز وجل لرسوله انه من أنفسنا وحريص علينا ورءوف ورحيم فماذا علينا إذن طبعا علينا أن نحب هذا الرسول بكل قلوبنا
والسؤال هو لماذا نحب رسول الله
1-لأنه محبوب الله قال النبي ( أحبوا الله لما يغذوكم من نعمه واحبونى لحب الله إياي ) الترمذي - حسن
لما جاء جبريل بالبراق الى النبي ليركبه لم يمكن البراق النبي من ركوبه فقال جبريل اسكن فوا لله ماركبك احد أكرم على الله من محمد ) البخاري
2- لأنه دلنا على الخير – دنيا وآخرة
3- لأنه رحمة للعالمين ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )
4- لأنه أحبنا من كل قلبه ( قال وددت لو أنى رأيت اخوانى فقال الصحابة اولسنا إخوانك قال لا بل انتم اصحابى اخوانى قوم يأتون من بعدى يود أحدهم لو رانى بأهله وماله ) مسلم ويقول ( إن مثلى ومثلكم كمثل رجل أوقد نارا فجعل الفراش والجنادب يقعن فيها وأنا اخذ بحج+م عن النار وانتم تفلتون من يدي ) مسلم
5- أن الله قد اصطفاه من بين الناس لتأدية هذه الرسالة فيجب أن نعلم أن الله اختار خير الأخيار
6- لما لاقاه النبي من شدة وعناء - شتموه - سبوه – قالوا عنه كاذب شاعر – كاهن – صابئ –مجنون – رموه بالحجارة – شقت شفتيه – سقطت رباعيته – وضعوا على ظهره سلا الجزور – فما تزحزح عن الدعوة قيد أنملة
7- لكمال أخلاقه ( وإنك لعلى خلق عظيم )
فماهى المحبة / لغة هي حفظ المودة
اصطلاحا / رمز لتعلق القلوب وميلها إلى ما ترضاه
والآن مع حبهم للرسول أولا أبو بكر قالوا له صاحبك يدعى أنه سافر إلى بيت المقدس ورجع في ليلة ونحن نضرب أكباد الإبل لها شهرا ذهابا وشهرا إيابا فقال لهم إن كان قال فقد صدق - وفو الهجرة يمشى أمام النبي وخلفه وعن يمينه وعن شماله حبا للنبي وخوفا عليه وقبل دخول المدينة التي نورها الله به جلسا يستريحان ووقف أبو بكر يظلل النبي بردائه وموقف آخر في الهجرة والحديث بطوله في البخاري يقول أبو بكر كنا في الهجرة وأنا عطشان جدا فجئت بمذقة لبن فناولتها النبي وقلت له اشرب فشرب النبي حتى ارتويت – واللفظ صحيح - حب –
وفى مكة قام أبو بكر خطيبا يدعو الناس إلى الدخول في الإسلام فقام المشركون عليه يضربونه وجاء عتبة بن ربيعة يضربه بنعلين مخصوفتين يحرفهما على وجهه حتى سقط على الأرض مدرجا فى دمائه وقال بنو تميم لئن مات لنقتلن عتبة وحملوه في ثوب وجلسوا بجواره حتى انتهى النهار وأفاق رضي الله عنه فتركوه وعلموا انه قد نجا فقالت له أمه أم الخير الآن تأكل وتشرب شيئا أول كلمة قالها أين رسول الله هل هو بخير ورفض كل المحاولات إلا أن يذهبوا به إلى رسول الله ليطمئن عليه فحملته أمه من ناحية وأم جميل بنت الخطاب من ناحية حتى وصلوا إلى بيت الأرقم بن أبى الأرقم فلما رآه النبي رق له رقة شديدة وكذلك كل الحاضرين
ويوم فتح مكة اسلم أبو قحافة وكان قد عمى فأخذه أبو بكر إلى النبي ليعلن أسلامه فقال النبي هلا تركت الشيخ فى بيته فذهبنا نحن اليه فقال أبو بكر لأنت أحق أن يؤتى إليك يارسول الله وأعلن أبوه إسلامه فبكى أبو بكر قيل له تبكى فرحا لإسلام ابيك فقال لا بل حزنا لأن النبي كان يحب أن يسلم عمه أبو طالب وما يحبه النبي أحب عندي مما أحبه أنا
يقول جابر بن سمرة خرجت في ليلة قمراء ( إضحيان )القمر فيها كامل فجعلت انظر إلى القمر تارة والى الرسول تارة فكان فى عيني أجمل من القمر
يقول عمرو بن العاص مامن احد أحب إلى من رسول الله وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه ولو سئلت أن أصفه ما أطقت لأني لم أكن أملأ عيني منه
خديجة بنت خويلد أمنا رضي الله عنها مال جمال حسب ونسب وكانت تحب النبي فكانت تصعد غار حراء بنفسها حاملة الطعام للنبي كان من الممكن ان تعطيه اى خادم أو عبد لكن لحبها للنبي تحمله بنفسها وتصعد الجبل لتطمئن على النبي وتحملت رضي الله عنها كل متاعب الدعوة وعمرها 62 عاما وحوصرت في شعب أبى طالب مع النبي ومن معهم
شلت يد طلحة بن عبيد الله وهو يدافع عن النبي
أبو طلحة يقول للنبي لاتشرف ( لاتظهر ) حتى لا يصيبك سهم من سهام العدو نحري دون نحرك يارسول الله تلك الكلمة التي نقولها بألسنتنا فقط قالها هو بجسده
وزوجته أم سليم أخرجت خنجرها تدافع عن النبي يوم حنين
وآية التخيير (يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا –وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما ) الأحزاب 28-29
أول من خيرت أمنا عائشة فقالت ماكنت اختار عليك يارسول الله ولكن لاتقل لهن ماقلت أنا وهكذا عرض النبي عليهن جميعا فاخترنه صلى الله عليه وسلم
عبد الله بن عبد الله بن أبى ابن سلول رضي الله عنه أبوه رأس النفاق في غزوة تشاجر أنصارى مع مها جرى فقال سمن كلبك يأكلك ( لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ) فأسرع ولده وسبقه ووقف عند مدخل المدينة ومنعه من الدخول قائلا والله لاتدخلها حتى يدخل رسول الله أولا وسمح له النبي بالدخول وبعد مدة علم رضي الله عنه بأفعال أبيه ضد الإسلام فأتى النبي قائلا يقولون تريد قتل أبى فإن أردت يارسول الله فاجعلني أنا اقتله فإني من ابر الناس بأبي لكن اخشي إن قتله غيري أقتل قاتل أبى فأكون قد قتلت مؤمنا بكافر
بن أم مكتوم – لما نزل المدينة كانت في خدمته امرأة يهودية تساعده وتعاونه لكنها تشتم النبي وتسبه ويوما شتمت النبي فقتلها بن أم مكتوم في الصباح انتشر الخبر فسأل النبي عمن قتلها فقال أنا إنها تشتمك يارسول الله - فأهدر النبي دمها
وجاء اعرابى إلى النبي وسأله متى الساعة ؟ فقال ما أعددت لها قال أحب الله ورسوله فقال النبي أنت مع من أحببت يقول انس راوي الحديث فما رأيت المسلمين فرحوا بعد الإسلام بشئ مافرحوا به فنحن نحب رسول الله
قال أبو سفيان قبل إسلامه ما رأيت أحدا يحب أحدا كما يحب أصحاب محمد محمدا
المرأة الدينارية قتل زوجها وأخوها وأبوها وكلما قالوا لها استشهد زوجك تقول أين رسول الله استشهد اخوكى تقول أين رسول الله استشهد ابوكى تقول أين رسول الله يقولون هو بخير فتقول أراه فلما رأت رسول الله قالت كل مصيبة بعدك جلل يارسول الله ( هينة )
وفى غزوة وقف النبي يساوى الصفوف استووا استقيموا ونظر إلى الصف فوجد سواد بن غزيه بارزا فقال استو ياسواد كررها ثلاث مرات ثم اخرج النبي سواكا ونغز سوادا قائلا استو فقال سواد اوجعتنى يارسول الله فأقدنى فنظر الصحابة كلهم يكادون يفتكون به هل جن هل سيضرب رسول الله وكشف النبي صلى الله عليه وسلم بطنه قائلا اقتص يا سواد فانكب سواد على بطن رسول الله يقبلها ويقول هذا ما أردت ثم قال يارسول الله اليوم يوم معركة وشهادة فأحببت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك ) قال الألباني إسناده حسن
الأوس والخزرج كانوا يتنافسون في المعارك والقتل وبعد الإسلام صار التنافس بينهم في محبة رسول الله فقتلت الأوس كعب بن الأشرف لعداوته للإسلام ولرسول الله فقالت الخزرج قتلت الأوس من اجل رسول الله انظروا من يعادى النبي فنقتله فذكروا سلام بن أبى الحقيق فاستأذنوا رسول الله في قتله فأذن لهم فقتلوه
عبد الله بن رواحه كان قادما إلى المسجد يصلى مع رسول الله فسمع النبي يقول اجلسوا فجلس مكانه خارج المسجد حتى فرغ النبي من خطبته وابلغوه بفعل بن رواحه فقال النبي زادك الله حرصا على طواعية الله وطواعية رسوله
أم عمارة تباشر القتال دفاعا عن رسول الله فى احد
وكان بن مسعود يقول حدثني رسول الله ثم ين+ رأسه فما يرفعها إلا وعيناه مليئة بالدموع
وبكى عمر عندما رأى الحصير قد أثر في جنب النبي صلى الله عليه وسلم
وخرج رضي الله عنه يهد الناس هدا بسيفه قائلا من قال أن محمدا قد مات علوته بسيفي هذا إنما ذهب للقاء ربه وسيعود
أبو مسلم الخولانى كان يضع السوط في محراب بيته وكان يقوم الليل طويلا فإذا وجد من نفسه فترة ( فتور ) قال لرجله أنت أحق بالضرب من دابتي فيقوم ويقول أيظن أصحاب محمد أن يستأثروا به دوننا كلا والله لنزاحمهم عليه حتى يعلموا أنهم قد خلفوا وراءهم رجالا - زحام محبة
بعد وفاة النبي ما استطاع بلال تكملة الأذان ولو مرة كلما وصل إلى قول اشهد أن لا اله إلا الله بكى وأبكى من حوله وترك الأذان وذهب إلى أبى بكر يستأذنه ألا يؤذن فإنه لا يستطيع بعد وفاة رسول الله الذي كان ملأ العين والقلب
الخطبة الثانية
واجبنا نحو رسولنا صلى الله عليه وسلم
أولا - تقديمه على كل أحد ( يا أيها الذين امنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم ) الحجرات
الثناء عليه كلما ذكر اسمه
توقير حديثه والتأدب عند سماعه كما كان يفعل السلف
تصديق كل ماقاله وفيما اخبر به
طاعته فيما أمر والاهتداء يهديه ونشر سنته وتبليغها ( فليبلغ الشاهد الغائب ) ( بلغوا عنى ولو آية )
أخيرا اخوتى في الله الامتحان الصعب يقول رسول الله (من اشد أمتي لي حبا ناس يأتون بعدى يود أحدهم أن يراني ولو بأهله وماله )
هل أنت تريد رؤية رسول الله ولو حتى تتنازل عن مالك كله
لقد أحب الصحابة رسول الله ونحن نقول إننا نحبه هم طبقوا مايقولون عمليا فمن أساء إليه قتلوه ونحن ماذا فعلنا مع من أساء إلى رسول الله - الفارق كبير وعظيم