مناسك الحج والعمرة في سؤال وجواب (3)
الشيخ عبد الرحمن بن ندى العتيبي
س26- ما تفسير قوله تعالى (فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) [البقرة- 197]؟
ج26- الرفث هو الجماع، والفسوق المعاصي، والجدال هو المراء ومنهي عن الجدال بالباطل والجدال بغير علم، ومن جادل لإثبات حق فقد يكون جداله واجبا أو مستحبا قال تعالى (وجادلهم بالتي هي أحسن) فمن يرى أمورا منكرة في الحج فله أن يجادل أصحابها فيبين لهم الحق ويمنعهم من الباطل، وعلى المحرم أن يحرص على عدم الكلام فيما لا يعنيه ويجعل جل وقته منصرفا إلى العبادة حتى يحصل على الحج المبرور الذي جزاؤه الجنة.
س27- من حج على نفقة غيره فما حكم حجه؟
ج27- من ينفق من ماله لإعانة مسلم على الحج فهو مأجور على الإنفاق، ومن حج على نفقة غيره فحجه صحيح ويقع عن نفسه.
س28- ما صحة حديث (من حج فلم يزرني فقد جفاني)؟
ج28- حديث (من حج فلم يزرني فقد جفاني) حديث موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم وقد ذكره ابن الجوزي في (الموضوعات)، وإنما دسه من يريد إفساد عقيدة المسلمين وإبطال عبادتهم وله مقاصد سيئة من اختلاق الأحاديث المكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الصنف بقوله "من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار"، ولا يشترط لصحة الحج زيارة المسجد النبوي، وإنما يندب إلى الذهاب إلى المسجد النبوي للصلاة فيه في أي وقت من العام لأن الصلاة فيه بألف صلاة، وكثير من الحجاج لا يتيسر لهم الحج والوصول إلى مكة إلا مرة في العمرة فلذلك يقترن ذلك بالذهاب إلى المسجد النبوي والصلاة فيه ويقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويسلم عليه ويجب في هذه الحالة الاقتصار على المشروع وهو الصلاة في المسجد النبوي والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم وعدم الغلو في القول أو الفعل أو الاستغاثة بالنبي أو التمسح بالقبر فذلك حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (لا تطروني، كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله).
س29- ماذا يفعل من وصل الميقات وأراد العمرة أو الحج؟
ج29- من وصل الميقات وأراد الإحرام بالعمرة أو الحج يقوم بما يلي:
1- الاغتسال.
2- التطيب، عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتطيب لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت) [رواه البخاري ومسلم].
3- إن احتاج إلى الأخذ من شاربه فعل ذلك ولا يجوز أن يحلق لحيته لأنه منهي عنه فالسنة الأخذ من الشارب وإعفاء اللحية لقوله صلى الله عليه وسلم "اعفوا اللحى وجزوا الشوارب"، وتقلم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة من سنن الفطرة ويفعل ذلك قبل أن يحرم لأنه لا يجوز له الأخذ من ذلك بعد الإحرام حتى يتحلل من إحرامه.
4- يلبس الرجل إزارا ورداء أبيضين، والمرأة لا تتقيد بلون معين فلها أن تلبس الأسود أو الأخضر وتتجنب التشبه بالرجال في اللباس.
س30- من أحرم دون الميقات فما حكمه؟
ج30- يكره الإحرام دون الميقات، وينعقد الإحرام وتصح عمرته أو حجه، والسنة أن يحرم من الميقات ولا يجوز تجاوز الميقات دون إحرام لمن أراد العمرة أو الحج.
س31- من أين يحرم من يسافر بالطائرة؟
ج31- من يسافر بالطائرة فإنه يحرم إذا حاذى الميقات الذي سافر من جهته، فإذا كانت الطائرة ستهبط في جدة وسير الطائرة يمر على ميقات أهل المدينة ذو الحليفة فإنه إذا كانت الطائرة بمحاذاة ميقات المدينة أحرم ويلبي للعمرة أو للحج وهو في الطائرة ولا ينتظر حتى تصل إلى جدة، وهكذا لكل مسافر بالطائرة أو الباخرة فيراعي أول ميقات يمر عليه فيحرم إذا كان بمحاذاته إن لم يتيسر له الإحرام منه.
س32- ما أنواع الإحرام بالحج؟
ج32- الإحرام بالحج ثلاثة أنواع:
الأول: أن يحرم بالحج فقط ويسمى مفردا وليس عليه هدي.
الثاني: أن يحرم بالعمرة والحج معاً ويسمى قارناً وعليه الهدي.
الثالث: أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ويتحلل منها ثم يحج في نفس السنة وعليه الهدي، ومن لم يجد الهدي فيصوم عشرة أيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة أيام إذا رجع لأهله.
س33- أي الأنساك الثلاثة أفضل؟
ج33- التمتع هو أفضل الأنساك الثلاثة والله أعلم.
س34- ما الصيغة اللفظية لكل نوع من الأنساك الثلاثة؟
ج34- يقول من أراد الإفراد بالحج (لبيك حجا)، يقول القارن (لبيك عمرة وحجا)، ويقول المتمتع (لبيك عمرة متمتعا بها إلى الحج).
س35- من أحرم ولم يذكر شيئا فما نوع نسكه؟
ج35- له ما أحرم له بالقصد ما نوى به فإن قصد حجا فقط قام به وأصبح مفردا وإن قصد حجا وعمرة عمل ذلك وحجه صحيح.
س36- ما صفة التلبية ومتى تقطع؟
ج36- التلبية سنة ويقول الملبي (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)، ويجهر بها الرجال ويرفعون أصواتهم ولا تكون بشكل جماعي وإنما كل يلبي لوحده، وتلبي النساء مع خفض الصوت، ووقت انقطاع التلبية في العمرة عندما يبدأ في طواف العمرة ولا يلبي أثناء الطواف أو السعي، ووقت انقطاع التلبية في الحج عندما يبدأ برمي جمرة العقبة.
س37- من لبس الإحرام لعمرة أو حج ثم فسخها ماذا يجب عليه؟
ج37- إذا لم يدخل في النسك ولم يلب به فإنه لا شيء عليه، أما إذا كان قد لبى فإنه إذا لم يمنع من البيت فإنه يلزمه اتمام العمرة أو الحج لقوله تعالى (واتموا الحج والعمرة لله) [البقرة- 196]، فإذا دخل في النية فإنه لا يحل له ترك العمرة أو الحج إلا أن يكون قد أحصر ومن أحصر فعليه أن يحلق ويذبح الهدي حتى يتحلل إن لم يكن قد اشترط.
س38- أخذ عمرة في شعبان وحج في نفس العام هل يعتبر حج تمتعا؟
ج38- شهر شعبان ليس من أشهر الحج، ولذلك العمرة فيه مستقلة ولا علاقة لها بالحج ولا يصح إدخالها على الحج، وإنما العمرة التي تحدث مع الحج ويكون بها حجه تمتعا هي العمرة التي تقع في أشهر الحج.
س39- شخص يستغيث بالأموات ويعتقد أن الأولياء يعلمون الغيب ويذبح لغير الله ويتعبد بالطواف حول القبور فهل حجه صحيح؟
ج39- من هذه حاله فحجه غير صحيح لأنه قد انغمس في الشرك الأكبر المحبط للعمل، الذي لا تنفع معه قربة، ولا يغفره الحج وإنما تغفره التوبة من الشرك والإقلاع عن هذه الأعمال والاستغفار والندم على ما حصل منها، فالشرك أكبر الكبائر لقوله صلى الله عليه وسلم (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر الشرك بالله وعقوق الوالدين وشهادة الزور) [رواه البخاري ومسلم]، والشرك جرم عظيم قال تعالى (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) ومن هذه حاله فيجب عليه تصحيح معتقده ويعلم أن الغيب من خصائص الربوبية ولا يعلم الغيب إلا الله ولا يكشف الضر إلا الله فلا يستغاث بغيره، ولا يذبح لغير الله وإنما يتوجه بجميع أعماله إلى الله خالقه ومولاه ويجب أن يتعلم التوحيد ويعمل به ويحذر من الشرك والوقوع فيه فمن أشرك فعلمه وبال عليه وإن ظن أنه محسن فهو خسران قال تعالى (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً?103? الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً?104?) [سورة الكهف].