فضل العمل الصالح في العشر من ذي الحجة
الشيخ عبدالله الذماري
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [سورة آل عمران (102)]﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [سورة النساء(1)]﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [سورة الأحزاب (70-71)]
أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله تعالى وخير الهدي هدي محمد r وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أعاذنا الله وإياكم من النار. إخوة الإيمان يستقبل المؤمنون في مشارق الأرض ومغاربها العشر الأولى من ذي الحجة، هذه الأيام المباركة العظيمة التي أرشد النبي rأمته إلى الإكثار من الأعمال الصالحة فيها ينبغي على كل مسلم أن يستقبلها متفرغاً للعبادة والطاعة فالأعمال فيها غنيمة من الغنائم العظام فقد جاء عند الإمام البخاري والترمذي وأبي داود وابن ماجة من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله r:« مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ » هذا الحديث العظيم الذي نعيش حوله في يومنا هذا بإذن الله رب العالمين يحثنا فيه رسول الله rعلى استغلال هذا الموسم العظيم الذي يعتبر من أعظم المواسم في العام لفعل الخيرات ولفعل الطاعات ولفعل الأعمال الصالحة فعلى كل مسلم أن يتهيأ لهذه الغنيمة العظيمة التي تعتبر من أفضل غنائم العام بل قد تكون هي أفضل غنائم العام بإذن الله رب العالمين فالنبي r يقول : « مَا مِنْ أَيَّامٍ »أي على مدار السنة على مدار العام كله ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام أي لا يوجد في العام أيام يعمل العبد فيها عملاً يباهي بهذه الأيام أو يساوي هذه الأيام على مدار العام هذا دليل على أن هذه الأيام وهي أيام العشر الأولى من ذي الحجة هي أفضل أيام العام على الإطلاق وإن كان قد اختلف أهل العلم بين فضلها وفضل العشر الأخيرة من شهر رمضان ولكن الراجح أن هذه الأيام هي أفضل أيام العام سوى ليلة القدر فليلة القدر قد قال الله عز وجل فيها: ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ [سورة القدر (2-3)] أما الأيام بلياليها فهذه هي أفضلها أعني أفضل أيام السنة فهذه الأيام هي أفضل أيام السنة فيا لها من موسم مبارك ويا له من موسم ويا لها من غنيمة لمن وفقه الله سبحانه وتعالى ولهذا جاء عند الإمام الدارمي وعند الإمام البيهقي من حديث بن عباس رضي الله عنهما أن النبي r قال: « مَا مِنْ عَمَلٍ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلاَ أَعْظَمَ أَجْراً مِنْ خَيْرٍ تَعْمَلُهُ فِي عَشْرِ الأَضْحَى ». قِيلَ : وَلاَ الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ. قَالَ :« وَلاَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ ». قَالَ : وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ إِذَا دَخَلَ أَيَّامُ الْعَشْرِ اجْتَهَدَ اجْتِهَاداً شَدِيداً حَتَّى مَا يَكَادُ يَقْدِرُ عَلَيْهِ. العشر الأولى من ذي الحجة هي أفضل الأيام وأفضل موسم من مواسم الخير ولهذا ينبغي أن يتهيأ المسلمون لاستقبال هذه العشر بالأعمال الصالحة وقبل دخولها ينبغي أن يتأدب المسلم بالآداب الشرعية وينبغي أن يستقبلها المسلم بما أمر الله عز وجل به على لسان رسوله rبل وفي كتابه الكريم فهذه الأيام وهي أيام العشر هي التي أقسم الله عز وجل فيها وقال:﴿ وَلَيَالٍ عَشْر﴾ كما قال جمهور أهل العلم فهي التي أقسم الله عز وجل فيها وهي الأيام التي قال الله عز وجل عنها في كتابه الكريم ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ﴾ فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما كما جاء عند الإمام البخاري تعليقاً مجزوماً أن ابن عباس قال:(هي أيام العشر) أي أمر الله عز وجل عباده المؤمنين أن يكثروا من ذكره في هذه الأيام المباركة ولهذا قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا وهذا فهم لنص الآية الكريمة التي أمرنا ربنا سبحانه وتعالى أن نذكره وأن نعظمه فيها ولهذا يشرع فيها في هذه الأيام المباركة أن تعمل ما استطعت من الأعمال فإن استطعت أن تصوم فيها فالصيام مشروع للإطلاق الذي جاء في الحديث وقد قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين: (باب فضل الصوم وغيره في التسع من ذي الحجة) هكذا يقول الإمام النووي فهو يرى فضيلة الصيام في هذه الأيام التسعة في التسع الأيام الأولى من شهر ذي الحجة وهكذا أيضاً يذكر الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى في كتابه الدراري البهية وشرحها أيضاً في الدرر المضيئة قال رحمه الله تعالى: (باب صيام التسع الأولى من ذي الحجة) واستدل بعموم هذا الحديث فالنبي r يقول: ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله فيها من هذه الأيام فالرسول أطلق ولم يقيد قال العمل الصالح والعمل الصالح كل عمل شرعه الله في كتابه الكريم أو شرعه النبي r في سنته فهو عمل صالح وهذا العمل الصالح لا يكون صالحاً إلا بتعريف الشرع له وتبيين صلاحه من الكتاب والسنة و إلا فالكثير من المسلمين ربما يعملون أعمالاً مخالفة لكتاب الله ومخالفة لسنة رسول الله r ويعتبرونها من الأعمال الصالحة فكم نسمع وكم نرى ممن يذبح للقبور أو يطوف حول القبور أو يقيم البدع وينشر البدع بين العامة والخاصة وهذه البدع لا شك ولا ريب أنها من المنكرات وأنها من المخالفات وإنما الأعمال الصالحة التي حكم الشرع بصلاحها حكم الشرع بصلاحها وجاءت أدلة صلاحها من كتاب الله أو من سنة رسول الله r هذا الذي أراده منا رسول الله r من هذا الحديث أن تكثر أخا الإيمان في هذه التسع المباركة من الصيام ومن الصلاة ومن القراءة ومن التسبيح ومن التهليل ومن التكبير ومن جميع أنواع العبادة إن استطعت أن تكون من المنفقين ومن المتصدقين فافعل فهو موسم عظيم من مواسم الخير أيها الأخ الكريم وقبل أن نتكلم عن الأعمال الصالحة ينبغي أن تعلم أن العمل لا يقبله الله عز وجل إلا بشروط ثلاثة:
الشرط الأول: أن يكون العامل مؤمناً ولو كان العامل كافراً لكان العمل مردوداً عليه لقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً ﴾ [سورة الفرقان (23)]ولقول ربنا في كتابه الكريم وهو يبين لنا حالة أعمال الكفار يوم القيامة: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ﴾[سورة إبراهيم (18)] فالكافر إذا عمل يجازى به في الدنيا لكن لا يدخر له إلا يوم القيامة يموت الكافر وليس له عند الله عز وجل حسنة واحدة ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً ﴾ [سورة الفرقان (23)]فالشرط الأول أن يكون العامل مؤمناً أن يكون العامل من المؤمنين من المسلمين لأن الله عز وجل لا يقبل العمل إلا من مسلم هذا هو الشرط الأول وينبغي أيضاً على هذا العامل المؤمن أن يكون مؤمناً أيضاً بمشروعية العمل الذي يعمله لا بد أن يكون عالماً بمشروعية العمل ولهذا روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة tأن النبي rقال :«مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» ويقول النبي r من حديث أبي هريرة الذي رواه البخاري ومسلم:« مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» فلا بد أن يكون العامل مؤمناً بمشروعية العمل أن يعرف أن هذا العمل من الواجبات أو من المستحبات التي أرشد إليها ربنا أو أرشد إليها رسول ربنا r هذا هو الشرط الأول أن يكون العامل مؤمناً وأن يكون مؤمناً بمشروعية العمل وعالماً بمستوى هذا العمل.
الشرط الثاني: أن يكون العمل موافقاً لكتاب الله ولسنة رسول الله r ولن يكون موافقاً للكتاب والسنة إلا إذا كان العامل متابعاً لهدي نبيه محمد r فرسول الله r يقول كما في الصحيح« مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ » ويقول« مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ» الرواية الأخيرة في الصحيحين من حديث عائشة والأولى في مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها وأرضاها أي إذا كان العمل ليس مشروعاً في كتاب الله ولا في سنة رسول الله r كان مردوداً على صاحبه لا يقبله الله سبحانه وتعالى إذاً لا بد من المتابعة ﴿ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [سورة الحشر (7)]﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ [سورة المائدة (92)]أمرنا ربنا أن نتابع النبي r في كل صغيرة وفي كل كبيرة فلا يكون العمل مشروعاً إلا إذا كان موافقاً لكتاب الله ولسنة رسول الله r.
الشرط الثالث: أن يكون العمل خالصاً لوجه الله الكريم فإذا كان العمل لغير الله كان مردوداً على صاحبه ولهذا روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة t أن النبي r قال: يقول الله عز وجل في الحديث القدسي:« قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ »أي يكون مردوداً على صاحبه فلا بد أن يكون العمل خالصاً لوجه الله وبهذا أمرنا قال ربنا في كتابه الكريم: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [سورة البينة (5)]ويقول ربنا في كتابه الكريم: ﴿أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾ [سورة الزمر (3)]ويقول ربنا في كتابه الكريم: ﴿ فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾[سورة غافر (14)]لا بد من الإخلاص فهذه الشروط الثلاثة تشترط في العمل والعامل لا بد أن تكون متوفرة حين يعمل العامل هذا العمل لتكون مقبولة عند الله رب العالمين فإذا سقط شرطٌ من هذه الشروط كان العمل باطلاً مردوداً على صاحبه ولهذا جمع الله هذه الشروط الثلاثة في شطر آية من كتابه الكريم قال ربنا في كتابه الكريم ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ﴾[سورة الكهف (110)]أي من كان مؤمناً بلقاء الله هذا الشرط الأول وهو الإيمان فليعمل عملاً صالحاً أي موافقاً للشرع ولا يشرك بعبادة ربه أحداً أي أن يكون عمله خالصاً لوجه الله الكريم، إذا إخوة الإيمان العمل الصالح لا بد له من المحافظة ولا بد من وجود هذه الشروط الثلاثة فلو سقط شرط منها كان باطلاً فلو كان العمل خالصاً لوجه الله لكن كان العمل مبتدعاً يكون العمل باطلاً لا يقبله الله وإذا كان العمل موافقاً لشرع الله لكن كان العمل لغير الله يكون العمل مردوداً على صاحبه عياذا بالله رب العالمين ومن هنا ينبغي أن نحافظ على العمل الصالح من هذه الأمور وينبغي أن تتوفر فينا هذه الشروط التي لا يقبل الله عز وجل الأعمال إلا بها ولهذا أخا الإيمان أفضل ما تعمله أنت في هذه الحياة هو العمل الصالح الذي تتقرب به إلى ربك سبحانه وتعالى أفضل ما عملته في هذه الحياة الكل يذهب والكل تذهب عنك القصور ستترك والسيارات ستترك والتجارة ستترك والذهب والأرصدة ستترك ولا يبقى مع العبد إلا العمل فاحرص أخا الإيمان على العمل الصالح الذي يقربك إلى الله رب العالمين ومن هنا اغتنم أخا الإيمان واستعد لمواجهة هذه العشر بالأعمال الصالحة وإذا استعطت أن تتخلص من الأعمال الدنيوية للتفرغ التفرغ الكلي للعمل الصالح في هذه الأيام فيالها من غنيمة عظيمة أي والله إنها غنيمة عظيمة فحاول أن تغتنم هذه الأيام التي تستقبلها إن أحياك الله عز وجل حتى تعيشها فهي أيام مباركة وهي أيام فاضلة كيف لا وقد جمع في هذه الأيام شرف الزمان وفضيلة العمل الصالح فيها بل أيضاً ووجد في هذه الأيام المباركة الحج الذي يعتبر ركناً من أركان الإسلام المعلومة عند جميع المسلمين فهو ركن من أركان الإسلام وهذا الركن يوجد في هذه الأيام العظيمة بل في اليوم العاشر هو الحج الأكبر اليوم العاشر من ذي الحجة هو الحج الأكبر كيف لا يكون الحج الأكبر وفي هذا اليوم العظيم الوقوف عند المشعر الحرام وفيه رمي جمرة العقبة الجمرة الكبرى وفيه أيضاً طواف الإفاضة وفيه السعي وفيه النحر والحلق والتقصير فكيف لايكون الحج الأكبر ومعظم مناسك الحج قد اجتمعت في هذا اليوم العظيم إذا أيها المسلم الكريم احرص على فعل العمل الصالح في هذه الأيام العظيمة المباركة وينبغي أن تتدخلها متأدبا فقد جاء في صحيح الإمام مسلم وعند أبي داود من حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله r:« مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فَإِذَا أُهِلَّ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ » على ولاة أمور الأسر أن يستقبلوا هذه العشر بهذه الآداب العظيمة التي يتشبهون بها بحجاج بيت الله الحرام فقد أرشدت كل الأسر فالرسول يقول من كان له ذبح يذبحه أي من كان ولياً على أسرة وهو يملك الأضحية فيها فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذ من شعره ولا أظفاره شيئا بل يمسك عن شعره وعن أظفاره وفي هذا فضيلة وأنت إذا التزمت بسنة رسول الله r لا شك ولا ريب أن الأجر عظيم وأن الثواب عند الله عز وجل جزيل لهذا إخوة الإيمان اعملوا الأعمال الصالحة ومن فضل الله رب العالمين أن الله عدّد الأعمال الصالحة ولم يجعل الأعمال الصالحة نوعاً واحدا بل قد عددها لماذا ؟ أولا من باب الابتلاء والاختبار ليختبر الله عز وجل عباده فمن العبادة ما تكون بدنية محضة ومن العبادة ما تكون مالية محضة ومن العبادة ما يشترك فيها البدن مع المال تكون قد جمعت بين العمل البدني والمادي وهكذا أيضاً من العبادة ما تكون ببعض الجوراح ومن العبادة ما تكون بالجوارح كلها وهذا كله من باب ماذا؟ أولاً من باب الابتلاء والاختبار فمن الناس من يكون مستعداً على النفقات الطويلة لكن لا يكون مستعداً على قيام الليل ولا يكون مستعداً لصلاة الليل ومن الناس أيضاً من يكون مستعداً لقيام الليل لكنه يصعب عليه أن يتصدق ولو بدرهم واحد ومن الناس من يصعب عليه أن يتصدق لكن لا يصعب عليه أن يصوم ومن الناس أيضاً من تصعب عليه بعض هذه العبادات ولكن يسهل عليه أن يقرأ القرآن ليل نهار وأن يسبح ويهلل ليل نهار وهكذا أيضاً صلة الأرحام وهكذا أيضاً إعانة المحتاجين وهكذا أعمال البر كثيرة وأعمال الخير كثيرة فتعددها يعتبر من باب الابتلاء والاختبار ليختبرنا ربنا سبحانه وتعالى ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ [سورة الملك (2)] وكذلك أيضاً من باب التيسير لأن الإنسان قد يصعب عليه بعض الأعمال فسيجد أعمالاً كثيرة لا تصعب عليه وهي ميسرة له بفضل الله رب العالمين فإذاً من رحمة الله أن تعددت العبادات وأصبح أنواع العبادات كثيرة من فضل الله إذا صعب عليك عمل فلا يصعب عليك العمل الآخر فمن اليسير أن تعمل الأعمال الأخرى فأنت أيها الأخ الكريم حاول أن تعمل الأعمال التي يسرها رب العالمين عليك اعمل أخا الإيمان وأكثر من الأعمال الصالحة أعني بالأعمال المستحبة أما الفرائض فأنت مطالب بها وواجب عليك أن تعملها وإنما أعني أن تكثر من الأعمال المستحبة التي تتيسر لك بإذن الله سبحانه وتعالى والجنة مهيأة للداخلين جاء في مسند الإمام أحمد من حديث معاذ أن النبي r قال لمعاذ حين قال له: « يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي مِنْ النَّارِ قَالَ لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيمٍ وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ» ادع الله أن ييسر لك الأعمال الصالحة وأن يسهل عليك أعمال البر والتقوى أيها الأخ الكريم وإذا فمن هنا عرفنا أن الأعمال الصالحة أنت مطالب في كل حين وفي كل زمان ومكان أن تعمل الأعمال الصالحة إلا أن المواسم تختلف بفضل الله ولله الحق أن يفضل أياماً على أيام وأن يفضل شهراً على شهور وأن يفضل يوماً على أيام وأن يفضل ساعة على ساعات وأن يفضل مكاناً على مكان وأن يفضل أشخاصاً على أشخاص فله الحكم وله الملك فهو صاحب الملك كله سبحانه وتعالى فقد فضل هذه الأيام على غيرها من سائر الأيام بفضله ومَنّه هي مِنّة منه وفضل منه لعباده فضل منه لعباده المؤمنين من أجل أن يغتنموا هذه الأيام المباركة فيما يقربهم إلى الله سبحانه وتعالى أيها الأخ الكريم أنت مطالب بالأعمال الصالحة دائماً لكن إكثر منها في هذه الأيام و إلا فالعمل الصالح أنت مطالب به من بداية تكلفيك ومن بداية تحملك لهذه المسئولية أنت مطالب بل أنت مطالب أن تعلم أبناءك الأعمال الصالحة من سن السابعة ففي مسند الإمام أحمد قال :حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ دَاوُدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قال النبي r « مُرُوا صِبْيَانَكُمْ بِالصَّلَاةِ إِذَا بَلَغُوا سَبْعًا وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا إِذَا بَلَغُوا عَشْرًا وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» أنت مطالب أن تعود أولادك على الصلاح وأن تعودهم على الأعمال الصالحة وعلى البر والتقوى فنحن مطالبون أن نتعود على الأعمال الصالحة منذ الصغر فكيف إذا قد بلغ الواحد منا إذا قد بلغ رشده فقد أصبح مكلفاً تكليفاً شرعياً ويمضي عليه القلم لهذا أخوة الإيمان أكثروا من الأعمال الصالحة في كل زمان وفي كل مكان ولكن أكثروا منها في هذا الموسم العظيم فالعمل الصالح سبب الخير كله والعمل الصالح سبب النجاة والعمل الصالح سبب السعادة والعمل الصالح سبب الفوز فالعمل الصالح يضمن لك الراحة الأبدية يضمن لك النعيم في الدنيا والنعيم في الآخرة ويضمن لك الحياة الطيبة في الدنيا ويضمن لك الحياة الطيبة في الآخرة ولهذا نذكر نبذة مما يضمن به العمل الصالح للعبد المؤمن في هذه الحياة فالعمل الصالح أيها الأخ الكريم نجاة من الفتن وسبب للنجاة العبد من الفتن وقد كثرت الفتن في زماننا هذا وتواطنت وعصفت رياحها بل وانتشر دخانها على الأجواء قد انتشر دخانها فملئت منها الشوارع وملئت بها الأسواق وملئت بها البيوت فيا من يريد النجاة من الفتن فعليه أن يتحصن من الفتن بالأعمال الصالحة فالعمل الصالح حصن حصين من الفتن واسمع إلى ما جاء في صحيح الإمام مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال r والحديث رواه أحمد والترمذي أيضاً قال r:« بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا» هذا الحديث العظيم النبي r يرشدنا إلى الاعتصام من الفتن بالأعمال الصالحة لأن الذي يعمل الأعمال الصالحة يعصمه الله سبحانه وتعالى من الفتن يقول ربنا في كتابه﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾[سورة الكهف (13)] ويقول الله ﴿ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾[سورة التغابن (11)]ويقول الله ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً(2)وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾[سورة الطلاق (2-3)] ويقول الله﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ﴾ [سورة النحل(128)] ويقول الله ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ﴾ [سورة محمد(17)]فالعمل الصالح سبب لصلاح العبد وسبب لنجاته من الفتن ومن الأعمال الصالحة طلب العلم الشرعي وطلب العلم الشرعي من أعظم أسباب النجاة من الفتن فقد قال ربنا في كتابه الكريم :﴿ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنْ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنْ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمْ الْمُجْرِمُونَ (78) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الصَّابِرُون﴾[سورة القصص(17)]فانظر أخا الإيمان إلى العلم والعمل الصالح كيف يثبت العبد عند أن تعصف الفتن وعند أن تظهر الفتن بصور براقة وبصور مفتنة وملفتة فالمؤمن العالم بدينه هذا يثبته الله إذا عصفت الفتن فهؤلاء العلماء المؤمنون العارفون برب العالمين حذروا الرعاع وحذروا العامة الذين يقيسون الأمور بالمقياس المادي قالوا لهم توجعاً ورحمة بهم ورفقاً بهم وتحذيرا ﴿ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الصَّابِرُون﴾فانظر أيها الأخ الكريم انظر إلى ثبات هؤلاء حين تعصف الفتن ولهذا النبي r يقول:« بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا» وفي لفظ بعرض من الدنيا قليل.فاحذر أخا الإيمان من الفتن واستعد للقاء الفتن بالأعمال الصالحة فإن الله يثبتك إذا كنت من أهل الإيمان والعمل الصالح يثبتك إذا عصفت الفتن﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾وهكذا أيضاً جاء عند الإمام مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله r بادروا بالأعمال ستا أي ستاً من الفتن العظام أي سابقوها قبل أن تحل بكم وقبل أن تفاجئكم أو يفاجئكم بعضها بادروها أي سابقوها قبل حصولها واستعدوا للقائها بالأعمال الصالحة لتكون سبباً لنجاتكم وتكون عصمة لكم عند لقاءها بادروا بالأعمال ستا ما هذه الست ؟ يقول النبي r : «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتًّا طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا أَوْ الدُّخَانَ أَوْ الدَّجَّالَ أَوْ الدَّابَّةَ أَوْ خَاصَّةَ أَحَدِكُمْ أَوْ أَمْرَ الْعَامَّةِ» هذه ست فتن من الفتن العظام أولاً الرسول r يقول طلوع الشمس من مغربها والشمس إذا طلعت من المغرب لا يقبل الله توبة من لم يتب قبل ذلك ولهذا جاء في صحيح مسلم من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله r«إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا» أي إذا طلعت أغلقت باب التوبة عياذا بالله رب العالمين فالرسول يأمرنا أن نستعد بالأعمال الصالحة مخافة أن يفاجئنا هذا الأمر وأن يفاجئنا طلوع الشمس من المغرب فإذا طلعت الشمس من المغرب لا يقبل الله توبة من لم يتب قبل ذلك ثم قال الرسول r ودابة الأرض أي قبل أن تخرج دابة الأرض التي أخبرنا ربنا في كتابه الكريم والتي أخبر عنها النبي r فإذا خرجت دابة الأرض تسم على الكافر أنه كافر وتسم على المؤمن أنه مؤمن هكذا إذا خرجت وهكذا أيضاً الدخان وهذه من آيات الساعة الكبرى ومن علامات الساعة الكبرى وهكذا الدجال والدجال أعظم فتنة أوجده رب العالمين على وجه الأرض فليس دونه ولا بعده فتنة أعظم منه فهو أعظم فتنة خلقها ربها رب العالمين سبحانه وتعالى لعبادة هو أعظم فتنة كيف لا وهو يأتي بجلب من خبز ويأتي بنهر من ماء ويدعو كنوز الأرض فتتبعه كنوزها يمر بالخيمة فيدعو بالكنوز فتخرج كنوزها بعده تتبعه كأنها يعاسيب النحل بأمر رب العالمين يأمر السماء تمطر فتمطر ويأمر الأرض تنبت بأمر رب العالمين سبحانه وتعالى ولهذا فتنته أعظم فتنة لكن متى استعصمت أخا الإيمان بالإيمان وبالعمل الصالح عصمك الله عز وجل من الدجال بل انظر إلى هذا العمل اليسير الذي يكون سبباً لعصمة المؤمن وهو من الأعمال الصالحة روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله r«مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْف عُصِمَ مِنْ الدَّجَّالِ» عمل صالح يسير وما أيسره على يسره الله عليه يكون سبباً لعصمة المؤمن من أعظم فتنة عياذاً بالله رب العالمين إذا العمل الصالح سبب للعصمة من الفتن ولهذا الرسول يقول والدجال وخويصة أحدكم أي فتنة أحدكم الخاصة فلنا فتن خاصة ولنا فتن عامة تشمل الناس جميعاً إلا من رحم رب العالمين فإذا أردت أن يعصمك ربك من فتنتك الخاصة ومن فتنة الناس العامة فعليك أن تكثر من الأعمال الصالحة فهي وقاية لك بإذن الله من الفتن ومن الشرور واسمع إلى هذا الحديث أيضاً جاء عند الإمام أحمد وهو أيضاً عند الطبراني وهو أيضاً عند البخاري في التاريخ« قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ زَاذَانَ أَبِي عُمَرَ عَنْ عُلَيْمٍ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عَلَى سَطْحٍ مَعَنَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَزِيدُ لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَبْسًا الْغِفَارِيَّ وَالنَّاسُ يَخُوضُونَ فِي الطَّاعُونِ فَقَالَ عَبَسٌ يَا طَاعُونُ خُذْنِي ثَلَاثًا يَقُولُهَا فَقَالَ لَهُ عُلَيْمٌ لِمَ تَقُولُ هَذَا أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ فَإِنَّهُ عِنْدَ انْقِطَاعِ عَمَلِهِ لَا يُرَدُّ فَيُسْتَعْتَبَ فَقَالَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ بَادِرُوا بِالْمَوْتِ سِتًّا إِمْرَةَ السُّفَهَاءِ وَكَثْرَةَ الشَّرْطِ وَبَيْعَ الْحُكْمِ وَاسْتِخْفَافًا بِالدَّمِ وَقَطِيعَةَ الرَّحِمِ وَنَشْئًا يَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ يُقَدِّمُونَهُ يُغَنِّيهِمْ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهُمْ فِقْهًا» انظر إلى هذه الست التي أخبر بها النبي r فالرسول r يقول بادروا بالأعمال ستا بداية هذه الست إمارة السفهاء فالسفهاء إذا تولوا زمام الأمور وإذا تولوا على رقاب العباد ربما قادوهم إلى الهاوية وربما قادوهم إلى الشرور وربما قادوهم إلى الفتن فمن أراد أن يعصمه رب العالمين من هذه الفتن العامة فعليه أن يتحصن بالأعمال الصالحة التي شرعها الله في كتابه وشرعها في سنة رسوله r وما أعظم فتنة السفهاء إذا تولوا على الرقاب ربما يقودون الناس إلى الشرور وربما يفتحون للناس أبواب الفتن بمصارعها وربما جروا العباد إلى الدمار وإلى الهاوية إلا من ثبته ربه وحفظه ربه سبحانه وتعالى بل ربما فتحوا أبواب الشرور على مصارعها فربما فتحوا باب الزنا وربما فتحوا باب الخمور وربما فتحوا باب السرقة وربما عطلوا الحكم بغير ما أنزل الله وربما نشروا الفساد في الأرض وربما جمعوا بين النساء والرجال في أماكن متعددة من أجل أن تنتشر الفتنة وربما لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة فمن أراد النجاة من هذه الفتن فعليه بالعمل الصالح فالعمل الصالح حصن للمؤمن بإذن الله يحصنه الله عز وجل فالرسول يقول إمارة السفهاء أي بادر بالأعمال قبل أن يتولى على رقاب المسلمين السفهاء الذين يقودون الناس إلى البلايا والرزايا إمارة السفهاء ثم يقول النبي وكثرة الشرط وما أكثر الشرط في زماننا هذا ثم يقول النبي r وبيع الحكم أي يصبح الحكم بيعاً لا يكون لمن يستحق ولا يكون لمن أراد الله عز وجل فإنما يتولى زمام الناس ويتولى على رقاب الناس الذين يشترون الحكم بأموالهم أو يشترونه بجاههم وبواسطاتهم وهكذا أصبح في كثير من البلاد أصبح الحكم بيعاً يباع فالرسول يقول وبيع الحكم ثم يقول النبي r واستخفافاً بالدماء الاستخفاف بالدماء لا أظن أنه قد مر زمن كزمننا هذا إذ يستخفون الناس بالدماء بل وخاصة في بلاد المسلمين أصبح في كثير من بلاد المسلمين يقتل المسلم لا وزن له ولا قيمة له إلا عند من رحم ربي سبحانه وتعالى فقد تخطى الكثير من الناس بدماء المسلمين بل وبالدماء المحرمة عياذاً بالله رب العالمين وهكذا أيضاً يقول النبي r بعد قوله واستخفافاً بالدماء قال وقطيعة الرحم أي قبل أن يقطع الناس أرحامهم فأنت إذا التزمت بشرع الله وعملت الأعمال الصالحة ثبتك الله عند هذه الفتنة ولا تقطع رحمك بل تصل رحمك يثبتك رب العالمين لصلة الأرحام بفضله ومنه سبحانه وتعالى ثم قال النبي r ونشواً الرسول يشير إلى من يجعلون القرآن مزامير قال ونشواً يجعلون القرآن مزامير يقيمون أحدهم ليغنيهم الرسول بين أن هؤلاء لا يسمعون القرآن إلا من باب الطرب ومن باب التغني ومن باب التلذذ بجمال الصوت لا من أجل أن يتقربوا به إلا الله ولا من أجل أن يعملوا بأحكامه ولا من أجل أن يحلوا حلاله وأن يحرموا حرامه وإنما قال يقيمون أحدهم ليغنيهم وإن كان أقلهم فقها فإذا هذا هو الأمر الأول وهذا الضمان الأول للعمل الصالح فالعمل الصالح يضمن لك النجاة من الفتن فإذا تمسكت بكتاب الله وبسنة رسول الله r عصمك الله عز وجل من الفتن. الأمر الثاني أيها الأخ الكريم العمل الصالح يضمن لك حياة طيبة كريمة في هذه الحياة قال ربنا في كتابه الكريم:«مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً»[سورة النحل(97)] فيامن يريد السعادة ويا من يريد الحياة السعيدة الطيبة الكريمة فعليه أن يعيش على الأعمال الصالحة فقد عاش سلف هذه الأمة مع الأعمال الصالحة عاشوا كراما عاشوا منصورين عاشوا أعزاء عاشوا مرفوعي القدر رفع الله منازلهم ورفع الله عز وجل قدرهم لماذا لأنهم عملوا بدين الله رب العالمين أعطاهم الله بسط الله عليه من الخير وبسط الله عز وجل عليهم من فضله فالله يقول «مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً»[سورة النحل(97)] فيا من يريد الحياة الطيبة السعيدة فعليه بالأعمال الصالحة فهي تضمن لك حياة طيبة بل هانحن نرى أن العالم ينشد الحياة الطيبة ولا يجدها وأن الناس يبحثون ليلاً نهار عن الحياة الطيبة ومع ذلك تعكرت عليهم الأجواء وانسدت أمامهم الطرق وهكذا الأبواب لأنهم ما طرقوا الأبواب المشروعة فالعمل الصالح يضمن للعبد حياة طيبة سعيدة كريمة والعبد إذا كان مع الله وإذا كان مع الأعمال الصالحة لا يبالي يعيش فقيراً أو يعيش غنياً يعيش مريضاً أو يعيش صحيحاً سليماً لا يبالي يعيش مقيماً في بلده أو يعيش طريداً في غير بلده الذي يعيش الأعمال الصالحة ينسى هموم الدنيا وينسى مشاغلها وينسى آلامها وينسى مخاطرها فالعمل الصالح يجعل العبد يعيش مع الله بقلبه ويجعل العبد أيضاً لا يبالي بأي شيئ حصل له ولا يبالي إن فقر أو غني كل ذلك عنده سواء هكذا فالحياة الطيبة أيها المسلم الكريم عندما يطيب عملك ويطيب عمل اسرتك تدخل بيتك لا تسمع إلا ما يريح القلب لا تسمع إلا قال الله وقال رسوله لا تسمع إلا كلاماً حسنا طيباً لا تسمع إلا قراءة للقرآن أو تسبيحاً أو تهليلاً أو تكبيراً ولا تسمع إلا إرشاداً إلى الخير تدخل بيتك فتجد ما يطمئن به قلبك تخرج أيضاً إلى جيرانك وترى ما يفرحك هذه هي الحياة الطيبة السعيدة التي يريدها رب العالمين لعباده المؤمنين فالعمل الصالح يضمن لنا حياة سعيدة كريمة العمل الصالح أيها الأخ الكريم يضمن لعباد الله المؤمنين التمكين في الأرض والثبات ويضمن لهم أيضاً الثبات على الدين ويضمن لهم أيضاً الأمن بإذن الله قال ربنا في كتابه الكريم: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ﴾ [سورة النور(55)] وأنا اقسم بالله رب العالمين لو أن الأمة الإسلامية عملت بمقتضى هذه الآية عملت بالإيمان وبالعمل الصالح لمكن لهم الله عز وجل في أرضه ولما استطاع أعدائهم أن ينالوا منهم أبداً إلا ما شاء الله سبحانه وتعالى فقد مكن الله عز وجل لأولئك الرعاة الذين كانوا ضعفاء والذين كانوا مستضعفين أولئك القلة القليلة مكن الله عز وجل لهم وقد كانوا قلة قليلة خرجوا من مكة هاربين مهاجرين إلى الله ورسوله تركوا أموالهم وتركوا بيوتهم وخرجوا فقراء لا يملكون من المعطيات المادية ولا يملكون من الجيوش ولا يملكون من القوة ما يدافعون به عن أنفسهم فما هي إلا فترة قصير وإذا بهم تجتمع في خزائنهم كنوز الدولتين العظميين في زمانهما دولة الروم ودولة فارس في فترة قصيرة في أقل ربع قرن من الزمن يجتمع إليهم هذا ويصبح خليفتهم مهاباً في مشارق الأرض ومغاربها بسب ماذا ؟ بسبب الإيمان والعمل الصالح ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ يريد المسلمون أن يمكن الله عز وجل لهم في أرضه ويريد المسلمون أن يأمنوا في ديارهم وأن يأمنوا على أنفسهم وأموالهم وهم مخالفون لكتاب الله ولسنة رسول الله r هيهات هيهات إن المعاصي لا تجلب إلا النقم إن المعاصي لا تجلب إلا الخوف والمخاطر إن المعاصي تسبب تسلط الأعداء على المسلمين عياذا بالله رب العالمين وما أصابكم من مصيبة فما +بت أيديكم هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم عندما خالف بعضهم أمر رسول الله r في غزوة أحد إنما كانت المخالفة عن طريق الاجتهاد اجتهدوا فأخطأوا ولا اجتهاد مقابل النص إذا جاء النصر لا ينبغي للمسلم أن يجتهد هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم اجتهدوا فأخطأوا في اجتهادهم وخالفوا نص رسول الله r الذي قال لهم: (لا تبرحوا من مكانكم وإن رأيتمونا تخطفنا أو مزقنا أو تخطفتنا الطير) فقام الرماة وعندما نظروا الهزيمة التي حققها المسلمون ضد المشركين ورأوا المشركين منهزمين فخالفوا ونزلوا لجمع الغنائم فماذا حصل ؟ يقول الله في كتابه الكريم : ﴿ وَلَقَدْ صَدَقَكُمْ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ﴾ [سورة آل عمران(152)] وقال الله ﴿أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ﴾[سورة آل عمران(165)]