و حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا هشيم عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي قال قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه بحسب المرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع
صحيح مسلم بشرح النووي
قوله : ( هشيم )
بضم الهاء وهو ابن بشير السلمي الواسطي أبو معاوية اتفق أهل عصره فمن بعدهم على جلالته وكثرة حفظه وإتقانه وصيانته , وكان مدلسا وقد قال في روايته هنا : عن سليمان التيمي . وقد قدمنا في الفصول أن المدلس إذا قال : عن , لا يحتج به إلا أن يثبت سماعه من جهة أخرى , وأن ما كان في الصحيحين من ذلك فمحمول على ثبوت سماعه من جهة أخرى , وهذا منه .
( أبو عثمان النهدي )
بفتح النون وإسكان الهاء منسوب إلى جد من أجداده وهو نهد بن زيد بن ليث , وأبو عثمان من كبار التابعين وفضلائهم واسمه عبد الرحمن بن مل بفتح الميم وضمها وكسرها واللام مشددة على الأحوال الثلاث , ويقال : ملء بكسر الميم وإسكان اللام وبعدها همزة , وأسلم أبو عثمان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يلقه , وسمع جماعات من الصحابة , وروى عنه جماعات من التابعين , وهو كوفي ثم بصري , كان بالكوفة مستوطنا , فلما قتل الحسين - رضي الله عنه - تحول منها فنزل البصرة وقال : لا أسكن بلدا قتل فيه ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم , وروينا عن الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله تعالى - أنه قال : لا أعلم في التابعين مثل أبي عثمان النهدي وقيس بن أبي حازم , ومن طرف أخباره ما رويناه عنه أنه قال : بلغت نحوا من ثلاثين ومائة سنة وما من شيء إلا وقد أنكرته إلا أملي فإني أجده كما هو , مات سنة خمس وتسعين , وقيل سنة مائة والله أعلم .
قوله : ( بحسب المرء من الكذب )
هو بإسكان السين ومعناه يكفيه ذلك من الكذب , فإنه قد استكثر منه , وأما معنى الحديث والآثار التي في الباب ففيها الزجر عن التحديث بكل ما سمع الإنسان فإنه يسمع في العادة الصدق والكذب , فإذا حدث بكل ما سمع فقد كذب لإخباره بما لم يكن . وقد تقدم أن مذهب أهل الحق أن الكذب : الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو , ولا يشترط فيه التعمد لكن التعمد شرط في كونه إثما والله أعلم .