المدير العام المديرالعام
الجنس : عدد المساهمات : 12412 تاريخ التسجيل : 25/06/2009 الموقع : https://starmust2.ahlamontada.com
بطاقة الشخصية الدرجة: (4620/4620)
| موضوع: موطأ مالك =الطهارة العمل في الوضوء رقم 30 الأربعاء 16 سبتمبر - 7:37:17 | |
|
و حدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينثر ومن استجمر فليوتر
|
|
|
|
| المنتقى شرح موطأ مالك( ش ) :وقوله إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه يريد الماء وكذلك هو في بعض الروايات ومعنى ذلك أن الاستنشاق هو وضع الماء في الأنف وجذبه بالنفس والمبالغة في ذلك مستحبة لغير الصائم وأما الصائم فممنوع من ذلك لأن فيه تغريرا بصومه ( فصل ) قوله ثم لينثره معناه ينزل الماء من أنفه يدفعه بنفسه ومن سنته أن يضع يده عند ذلك على أنفه وقد روى ابن وهب عن مالك في المجموعة في الذي يستنثر من غير أن يضع يده على أنفه أنه أنكره وقال هكذا يفعل الحمار ( فصل ) وقوله ومن استجمر فليوتر اختلف مالك وأصحابه في الاستجمار فروى سحنون في التفسير قال قال لنا علي بن زياد قلت لمالك كيف الوتر في الاستجمار فقال أما أنا فآخذ العود فأكسره ثلاث كسر وأستجمر بكل كسرة منهن فإن كان العود مدقوقا أخذت منه ثلاث مرات قال علي فكلمه في ذلك رجل من قريش وأنا شاهد فقال إن العرب تسمي الاستنجاء بالحجارة من الغائط استجمارا فرجع إلى ذلك مالك قال علي وقوله الأول أحب إلي قال سحنون القول ما رجع إليه مالك وقد روى عبد الرزاق عن معمر مثل قول مالك الأول ( فرع ) إذا ثبت أن الاستجمار هو الاستنجاء فقد اختلف أصحابنا في معناه فمنهم من قال سمي بذلك لأنه يتعلق بالأحجار وهي الجمار قال أبو بكر بن الأنباري استجمر الرجل إذا تمسح بالجمار والجمار الحجارة الصغار وبه سميت جمار مكة وقال القاضي أبو الحسن يجوز أن يقال إنه أخذ من الاستجمار بالبخور الذي تطيب به الرائحة وهذا يزيل الرائحة القبيحة وهذا الفصل يتعلق به ثلاثة أبواب أحدها وجوب إزالة النجاسة والثاني تمييز النجاسات من غيرها والثالث في اختلاف أحكامها لاختلاف محالها ( باب حكم إزالة النجاسة ) فأما إزالة النجاسة فإن أصحابنا العراقيين اختلفوا فيما حكوا عن مالك في ذلك فحكى القاضي أبو محمد في المعونة عن مالك في ذلك روايتين إحداهما أن إزالتها واجبة وجوب الفرائض فمن صلى بها عامدا ذاكرا أعاد أبدا وهو الذي رواه أبو طاهر عن ابن وهب والثانية أنها واجبة وجوب السنن ومعنى ذلك أن من صلى بها عامدا أثم ولم يعد إلا في الوقت استحبابا وهذا ظاهر قولي ابن القاسم وعلى الوجهين جميعا من صلى بها ناسيا أو غير قادر على إزالتها أجزأته صلاته ويستحب له الإعادة في الوقت وذهب القاضي أبو الحسن إلى أننا إن قلنا إنها واجبة وجوب الفرائض أعاد الصلاة أبدا من صلى بها ناسيا أو عامدا وإذا قلنا إنها واجبة وجوب السنن أعاد الصلاة أبدا من صلى بها عامدا , ومن صلى بها ناسيا أو مضطرا أعاد في الوقت استحبابا وقال القاضي أبو محمد مثل هذا في شرح الرسالة وقال في تلقين المبتدي إنها واجبة لا خلاف في ذلك من قوله وإنما الخلاف في الإزالة هل هي شرط في صحة الصلاة أم لا وهذا هو الصحيح عندي إن شاء الله وبالله التوفيق والدليل على وجوب إزالة النجاسة قوله تعالىوثيابك فطهر ولا خلاف أنه ليست هاهنا طهارة واجبة للثياب غير طهارتها من النجاسة فإن قيل إن الثياب هاهنا القلب والمراد بالآية تطهيره من الشرك ويدل على ذلك أن هذه الآية أول ما نزل من القرآن قبل الأمر بالصلاة , والوضوء وإزالة النجاسة إنما شرع للصلاة فالجواب أن اسم الثياب أظهر في ثياب اللباس فيجب أن يحمل على ما هو أظهر فيه أو يحمل عليهما جميعا لاحتماله لهما إلا أن يدل دليل على إخراج بعض ما يتناوله اللفظ من الجملة وأما قولهم إن الآية نزلت قبل الأمر بالصلاة وفي ذلك دليل على أن المراد بذلك القلب فغير صحيح لجواز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم خص بذلك في أول الإسلام وفرض عليه دون أمته ثم ورد الأمر بذلك لأمته وجواب ثان وهو أن شرع من قبلنا شرع لنا فيحتمل أن يكون قد اتبع في الصلاة شرع من قبله من النبيين فوجب ذلك باتباعهم وتأخر الأمر به بنص شرعنا عن ذلك الوقت فلا يمتنع أن يكون قد أمر على الوجهين بتطهير الثياب للصلاة في أول الأمر ثم ورد بعد ذلك نص الأمر بالصلاة والدليل على ما قلناه من جهة السنة ما رواه البخاري حدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن حازم حدثنا الأعمش عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس قال مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين فقال إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستتر من البول وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة ثم أخذ جريدة رطبة فشقها بنصفين فغرز في كل قبر واحدة قالوا يا رسول الله لم فعلته قال لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا ( فرع ) إذا ثبت ذلك فوجه قولنا إنها ليست بشرط في صحة الصلاة وهو الذي يناظر عليه أصحابنا أن كل ما صحت الصلاة مع يسيره فإنها تصح مع كثيره كدم الاستحاضة فإن قيل لا يجوز اعتبار الكثير باليسير لأن دم البراغيث لا يمكن الاحتراز منه فلذلك صحت الصلاة به وأما ما كثر من النجاسة فإنه يمكن الاحتراز منه فلم تصح الصلاة به كالحدث فالجواب أن ما قلتموه من أن يسير الدم لا يمكن الاحتراز منه فلذلك لم تصح الصلاة به كالمحدث غير صحيح على أصلكم لأنه ينتقض بمن له جرح ينفجر دما في الصلاة فإن عليه عندكم إعادة الصلاة به وإن كان لا يمكن الاحتراز منه والفرق بين هذه الطهارة وطهارة الحدث على أصولنا أن هذه لا تجب بالشك وطهارة الحدث تجب بالشك فلذلك قلنا إن طهارة الحدث شرط في صحة الصلاة دون هذه ووجه الرواية الثانية وبها قال أبو حنيفة والشافعي واختارها القاضي أبو محمد أن هذه طهارة تجب للصلاة فكانت شرطا في صحتها كطهارة الحدث ( فرع ) إذا ثبت أنها شرط في صحة الصلاة فهل تكون شرطا مع النسيان وذهب القاضي أبو الحسن إلى أنها شرط مع الذكر والنسيان واستدل القاضي أبو محمد في ذلك بما رواه أبو داود حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد بن سلمة عن أبي نعامة السعدي عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره فلما رأى القوم ذلك ألقوا نعالهم فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال ما حملكم على إلقاء نعالكم قالوا رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا وقال إذا جاء أحدكم المسجد فلينظر فإن رأى في نعله قذرا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما ودليلنا من جهة المعنى أن النسيان يسقط التكليف كعدم الماء ثم ثبت وتقدر أنه لو عدم الطهارة بالماء لعدم الماء لصحت صلاته فكذلك إذا نسي ووجه ما قاله أبو الحسن أنها طهارة تجب للصلاة فكان عدمها ونسيانها سواء في إبطال الصلاة كطهارة الحدث ( فرع ) إذا ثبت ذلك فمن رأى نجاسة من بول أو غيره في ثوبه أو في جسده وهو في صلاته فروى ابن القاسم عن مالك يقطع الصلاة وقال ابن القاسم في المدونة وإن كان وراء الإمام ويبتدئها بعد إزالة ذلك وحكى أبو الفرج في حاويه إن استطاع إزالتها تمادى في صلاته ( فرع ) ومن ألقي عليه في صلاته ثوب نجس فسقط عنه مكانه قال سحنون أرى أن يبتدئ صلاة وهذا مبني على رواية ابن القاسم وأما على رواية أبي الفرج فإنه يتمادى في صلاته ومن رآها بعد أن كملت صلاته فإنه يعيدها ما دام في الوقت ولا إعادة عليه بعد الوقت واختلفت الرواية عن مالك في تحديد آخر الوقت فروى ابن القاسم أن وقت صلاتي النهار في ذلك إلى اصفرار الشمس وروى عنه محمد بن يحيى أن وقتها إلى غروب الشمس وهذا في صلاة العصر واضح لأن آخر وقتها المختار أن يكون ظل كل شيء مثليه لكنه لما كان بعد ذلك إلى اصفرار الشمس وقت اختيار الصلاة تشاركها في الوقت كان وقتا لاستدراك فضيلتها فعلى هذا للظهر ثلاثة أوقات وقت اختيار من زوال الشمس إلى أن يكون ظل الشيء مثله ووقت استدراك فضيلته وهو إلى اصفرار الشمس أو إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه ووقت ضرورة وهو إلى أن يبقى قبل غروب الشمس قدر ما تختص به العصر أو إلى غروب الشمس على الخلاف في ذلك وأما وقت المغرب والعشاء في هذا الحكم على ما قدمناه من رواية محمد بن يحيى فإلى طلوع الفجر وعلى رواية ابن القاسم فإلى أن يمضي ثلث الليل ويمضي نصفه على قول ابن حبيب ووقت استدراك فضيلة صلاة المغرب ووقت مغيب الشفق إلى انقضاء وقت الاختيار للعشاء الآخرة وأما صلاة الصبح فوقتها على رواية محمد بن يحيى إلى طلوع الشمس وأما على رواية ابن القاسم فإن قلنا ليس لها وقت ضرورة فإلى طلوع الشمس وإن قلنا لها وقت ضرورة فإلى آخر وقت الاختيار وهو الإسفار وليس لها وقت استدراك فضيلة لأنه ليس بعدها صلاة تشاركها في وقتها والله أعلم وأحكم ( باب تمييز النجاسة ) وأما تمييز النجاسات من غيرها فإن ذلك على ضربين أحدهما تمييز جنسها والثاني تمييز الكثير الممنوع من اليسير المرخص فيه فأما تمييز جنسها فإن أبوال ما لا يؤكل لحمه لتحريمه محرمة وما لا يؤكل لحمه لكراهيته مكروهة قال الشيخ أبو بكر وقد اختلف في جواز مسحه وأصل ذلك أن الأبوال والأرواث تابعة لأجناس اللحوم في الطهارة والنجاسة وعرق الدواب كلها طاهر وأما الخمر والمسكر فنجس تعاد منه الصلاة كما تعاد من سائر النجاسات رواه ابن القاسم عن مالك في المجموعة ( مسألة ) وأما تبيين قليل النجاسة من كثيرها فتحقيق مذهب مالك أن قليل النجاسات كلها وكثيرها سواء إلا الدم فإن قليله مخالف غلكثيره وقال الشافعي قليل النجاسات كلها وكثيرها سواء وقال أبو حنيفة قدر الدرهم من النجاسات معفو عنه وما زاد على قدر الدرهم فمأمور بإزالته والدليل على ما نقوله حديث ابن عباس المتقدم وفيه فكان لا يستتر من البول ولم يفرق بين القليل والكثير ودليلنا من جهة القياس أن هذه نجاسة يمكن الاحتراز منها فوجبت إزالتها كالزائد على قدر الدرهم والاستدلال في هذه المسألة هو أن ما ذهب إليه أبو حنيفة في هذه المسألة مخالف للأصول وموجب لغسل قليل النجاسة ومبيح لترك كثيرها ذلك أنه يقول إن النجاسة إذا كانت بقدر الدرهم وكانت متراكمة بذلك المقدار بحيث لو بسطت لعمت جميع الثوب فإنه لا يجب غسلها وإذا كانت أوسع من الدرهم ولم تكن متراكمة فإنه يجب غسلها إذا كانت أقل من الأولى أما هم فاحتج من نص قولهم بأن هذه نجاسة لا تجاوز قدر الدرهم فلم تجب إزالتها كأثر الحدث على موضع الاستنجاء والجواب أنه لا يجوز اعتبار سائر النجاسات بموضع الحدث ألا ترى أن النجاسة في موضع الحدث القبل والدبر من المرأة معفو عنه وقد زاد على قدر الدرهم ولا يجوز مثل ذلك في سائر النجاسات وجواب ثان وهو أن النجاسة في موضع النجو متكررة لا يمكن الاحتراز منها مع عدم الماء ولا مع وجوده وليس كذلك فيما عاد إلى مسألتنا فإنه ليس متكررا تكررا لا يمكن الاحتراز منه فوجب إزالتها كالذي يزيد على قدر الدرهم استدلوا بأن هذه نجاسة فلم يجب إزالة يسيرها كالدم والجواب أن الدم متكرر لا يمكن الاحتراز عنه فلم تجب إزالته وليس كذلك في مسألتنا فإن يسيرها يمكن الاحتراز منه فوجب كالكثير ( مسألة ) وأما الدم فإنه معفو عن يسيره والدليل على ذلك أنه لا يجب على المكلف غسل دم البرغوث الواحد من ثوبه ولا ما يسيل من البثرة من جسده لأنه لا تخلو الأجسام والثياب من ذلك ولا يمكن الاحتراز منه ( فرع ) إذا ثبت ذلك فقد روى ابن القاسم عن مالك أن ما قل من الدم أو كثر يغسل وقال الداودي رحمه الله إن مالكا رحمه الله لم يرد بذلك اليسير جدا لأنه قد قال لا يغسل دم البراغيث إلا أن ينتشر فدل هذا على أن اليسير جدا ليس على المكلف غسله فعلى هذا تكون الدماء على ثلاثة أضرب ضرب يسير جدا لا يجب غسله ولا يمنع الصلاة وضرب أكثر منه يجب غسله ولا يمنع الصلاة كقدر الأنملة والدرهم وضرب ثالث كثير جدا يجب غسله ويمنع الصلاة ( مسألة ) والدماء عند مالك كلها سواء دم الحوت وغيره إلا دم الحيضة فعنه فيه روايتان إحداهما أنه كسائر الدماء يعفى عن قليله رواه ابن القاسم والثانية أن قليله وكثيره سواء تجب إزالته رواه ابن وهب وفي المدنية من رواية عيسى عن ابن القاسم بلغني أن مالكا قاله ثم رجع عنه وقال الدم كله واحد فوجه الرواية الأولى أنه دم فوجب أن يفرق بين قليله وكثيره كسائر الدماء ووجه الرواية الثانية أنه مائع خرج من القبل فاستوى قليله وكثيره كالبول وروى أبو الطاهر عن ابن وهب من صلى بدم حيضة أو دم ميتة أو بول أو رجيع أو احتلام فإنه يعيد أبدا ولا يفرق بين القليل والكثير وقال ابن حبيب إن دم الميتة كدم المذكى ودم الإنسان والبهيمة والحوت لا تعاد الصلاة إلا من كثيره وقال الشيخ أبو الحسن إن دم الحوت طاهر ووجه رواية ابن وهب أنه مائع يجاور الميتة ويمكن الاحتراز منه فوجب أن يغسل قليله وكثيره كالماء الذي يسيل منها ( مسألة ) وكم مقدار اليسير المعفو عنه من الدم روى علي بن زياد عن مالك في المجموعة أن قدر الدرهم من الدم لا تعاد منه الصلاة ولكن الفاشي الكثير المنتشر وقال ابن حبيب سئل مالك عن قدر الدرهم فرآه كثيرا ورأى قدر الخنصر قليلا فوجه رواية علي أنها نجاسة متكررة ولا يمكن الاحتراز من يسيرها فوجب أن تتقدر بقدر الدرهم كموضع النجو ( فرع ) ومعنى ذلك في الدم دون أثره فإن ما فوق الدرهم منه في حيز اليسير وقال ابن حبيب من لم يغسل موضع المحاجم من الدم حتى صلى لم يعد ومن سماع أشهب في العتبية فيمن تجفف من غسل في ثوب فيه دم يسير لا يخرج بالتجفيف لا شيء عليه وإن كان كثيفا يخاف أن يخرج ببلل التجفيف فليغسل جلده ( باب اختلاف النجاسة باختلاف محلها ) وأما اختلاف أحكام النجاسات لاختلاف محالها فهو أن النجاسات على ضربين ضرب يندر ويمكن الاحتراز منه كالبول والغائط في الثوب والجسد في غير مخرجيهما وكسائر النجاسات في الثوب والجسد وكالدم الكثير فيهما فهذا تجب إزالة عينه وأثره وضرب متكرر لا يمكن الاحتراز منه كالبول والغائط في مخرجيهما وما يتطاير من بعض النجاسات في الطرقات على الثوب والجسد والخف ونجاسة الدم على السيف فهذا تجب إزالة عينه دون أثره فأما وجوب إزالة عين الضرب الأول وأثره فقد تقدم الكلام فيه وأما الضرب الثاني فهو على أقسام منها ما اختلف فيه ومنها ما اتفق عليه فأما المتفق عليه فأثر البول والغائط في مخرجيهما فهذا لا خلاف في أنه لا تجب إزالته والآثار في ذلك من جهة السنة كثيرة ومن جهة المعنى أن الناس محتاجون إلى التصرف في السفر في مواضع تقل فيها المياه وخروج البول والغائط أمر معتاد لا يمكن مدافعته فلو كلف الناس إزالة أثره بالماء لكان في ذلك منعا من أكثر الأسفار والحج والجهاد ومعظم العبادات ( مسألة ) إذا ثبت ذلك فما الذي يختص به هذا الحكم روى عيسى بن دينار عن أبي حازم أن ذلك يختص بالمخرج وما لا بد منه وهذا الذي يحكيه أصحابنا العراقيون عن مالك وروى ابن القاسم عن مالك أنه لم يسمعه يذكر ذلك قال ابن القاسم وحكم ذلك سواء والذي عندي أن الذي يريد ابن القاسم مثل قول أبي حازم وإنما يخالف في العبارة والله أعلم ( فرع ) إذا ثبت ذلك فتطهير المحلين على ثلاثة أضرب أحدها أن يزيل العين بالجمار والأثر بالماء وهذا أفضلها والثاني أن يزيل العين والأثر بالماء والثالث أن يزيل العين بالجمار ويبقى الأثر وهو أضعفها لأنه مزيل للعين خاصة دون الأثر ( فرع ) وهذا فيما يخرج من النجاسات والسبيلين والاستنجاء مشروع فيه وأما ما يخرج منهما من طاهر كالريح فلا استنجاء فيه خلافا لمن قال يستنجى منه والدليل على ما نقوله أن الاستنجاء مأخوذ من النجو فإذا لم يكن نجو لم يشرع الاستنجاء ( مسألة ) وأما خروج الحصى والدود دون شيء من الآدمي فعندي أنه لا يجب فيه الاستنجاء إن أمكن الرد مع بعده لأنه خارج طاهر فلم يجب منه الاستنجاء كالريح . ( فصل ) وأما ما يتطاير من نجاسات الطرقات على الثوب والجسد والخف فعلى ضربين أحدهما ما تخفى عينه ويتيقن وجوده لكثرته في الطرقات وتكرره بها فهذا لا يجب غسله من خف ولا ثوب ولا جسد لأنه مما يتكرر ولا يمكن الاحتراز منه فكان معفوا عنه وثانيهما ما ظهرت عينه وهو على ضربين محرم ومكروه والمحرم كبول بني آدم وعذرتهم والدماء وبول ما حرم لحمه وما يأكل النجاسات من سائر الحيوان فهذا يجب غسله من الثوب والخف والجسد لأنه مما يمكن الاحتراز منه ولا يتكرر ولا تخفى عينه ولا يكثر كثرة تمنع الاحتراز منه ( مسألة ) وأما المكروه فكروث الدواب وبولها وما يكره أكل لحمه فلا خلاف على المذهب أنه مأمور بغسل الثوب والجسد منه ما لم يكن في غسله مشقة داعية لأن يترك المتوقي منه عبادات يضطر إلى ذلك فيها كالمجاهد في أرض العدو يمسك فرسه ولا يكاد ينجو من بوله فهذا ليس عليه غسله وأما في أرض الإسلام فقال مالك في العتبية يتوقى جهده ودين الله يسر فالظاهر من قوله أنه مأمور بالتوقي إلى من اضطر إلى ذلك من معيشته في السفر بالدواب والله أعلم ( مسألة ) وقد اختلف قول مالك في غسل الخف منه فقال مرة يغسل وقال مرة يجزي المسح فوجه الغسل أنه مأمور بغسل الثوب منه فكان مأمورا بغسل الخف منه كبول ما حرم لحمه ووجه القول الثاني يختلف باختلاف أصله فإن قلنا إن لحوم الحمر محرمة فإن هذا متكرر في الطرقات لا يمكن حفظ الخف منه ويمكن حفظ الثياب ويخالف هذا العذرة وبول الناس لأنه لا يكاد يوجد في وسط الطرق وإنما يقصد بها المستراح وإن قلنا إن لحوم الحمر مكروهة فلأن أرواثها ليست بنجسة إنما هي مكروهة ولا يمكن حفظ الخفاف منها مع أن الخف يفسد بالغسل ( فرع ) فإن قلنا يجزئ المسح في الخف فهل يجزئ ذلك في النعل فقال ابن حبيب لا يجزئ فيه إلا الغسل وروى عيسى أن ابن القاسم فرق بين الخف والنعل وفي المدونة ما ظاهره أن المسح يجزئ فيهما فوجه قول ابن القاسم أن المشقة لا تلحق بنزعهما في الصلاة بخلاف الخف ووجه القول الثاني أن الغسل يفسد النعلين كالخف ( مسألة ) أما الرجل فلم أر فيها نصا وعندنا أن المسح يجزئ فيها بعد إزالة العين لأن العلة المبيحة لمسح الخف تكرر لهذه العين وعدم خلو الطرقات منها وهذا المعنى موجود في القدم ويجوز أن يقال بغسل القدم لأن الغسل لا يفسدها وبمسح الخف لأن الغسل يفسده ( مسألة ) وأما الدم على السيف ففي العتبية من رواية ابن القاسم عن مالك يمسح ويصلي به وقد علل القاضي أبو محمد ذلك بصقالته وأن النجاسة تزول عينها وأثرها بمسحه لأنها لا تبقى فيه ويحتمل أن يقال في ذلك إن الذي يبقى منه فيه يسير معفو عنه كأثر المحاجم وهذا آكد لأن السيف يفسد بالغسل والحاجة إلى مباشرة الدماء متكررة وبالله التوفيق |
| |
|