molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: تفسير سورة الفاتحة - عبد الله بن صالح القصير / الرياض السبت 28 يوليو - 10:03:21 | |
|
تفسير سورة الفاتحة
عبد الله بن صالح القصير / الرياض
الخطبة الأولى أما بعد:
فيا أيها الناس: اتقوا الله تعالى حق التقوى، واستمسكوا بكتابه فإنه يهدي للتي هي أقوم وأبقى، وتدبروا آياته تصيبوا من بركاته، وتذكروا به تنتفعوا بعظاته وتفوزوا بهداياته، فأتلوه حق تلاوته، واعملوا به تكونوا من أهل شفاعته؛ فإنه يأتي شفيعاً لأهله يوم القيامة وقائداً لهم إلى دار الكرامة.
عباد الله: إن القرآن هو حبل الله المتين ونوره المبين وصراطه المستقيم، فيه نبأ ما قبلكم ما بعدكم وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل،من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أجر، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم، ومن تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله. فالسعيد في الدارين من اتبع هداه وأخلص دينه لله، والشقي من أعرض عن ذكره فكفر بمولاه، واتخذ إلهه هواه.
عباد الله: فـ ((الحمد)) معناه الثناء على الله تعالى بصفات الكمال ونعوت الجلال. والله هو ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين؛ فالألوهية صفته وهي التفرد المطلق بكل كمال، والتنزه عن صفات النقص و العيب والمثال. والعبودية حقة على عباده في جميع الأحوال .
والـ ((رب)) هو الخالق الرازق المتصرف المربي لجميع العالمين بأصناف النعم، ولعباده خاصة بالإيمان والتوفيق لخصال الإحسان.
و((العالمين)) جمع عالم، وهو أصناف مخلوقات الله في السماوات والأرض والبر والبحر، المتقدم منه والمتأخر، فهي أصناف كل منها قد عمه ربه أنواع من الإحسان والألطاف، وهدى كل نوع منها لما خلقه له بلا اختلاف.
وقد جمع الله تبارك وتعالى معاني القرآن كلها في سورة الفاتحة التي سميت بذلك لأنه افتتح بها؛ فهي بابه والمدخل إليه، وتسمى بأم الكتاب لاشتمالها على مقاصده ومعانيه، وهي ((السبع المثاني)) لأنها سبع آيات تثنى، أي تكرر،فتقرأ وجوباً في كل ركعة من ركعات الصلاة، وهي ((الرقية)) لما فيها من شفاء أمراض القلوب والأبدان، و((الحمد)) لأنها مفتتحة به، وهو الثناء على الله بالألوهية والربوبية والرحمة وأنه الملك الديان، فهذه الأسماء دالة على صفات الكمال ونعوت الجلال، ومن هذا شأنه فإنه هو الإله الحق الذي ينبغي أن يخلص له العباد في جميع عباداتهم في سائر الأحوال، وأن ينزهوه عن الند والشرك والسمي والمثال، فإنه تعالى لا إله غيره كما أنه خالق ولا رب سواه.
معشر المسلمين: لقد اشتمل القرآن على الدعوة إلى التوحيد، وذكر حقيقته وفضائله، والنهي عن الشرك وبيان شعبه وغوائله، والترغيب في التوبة إلى الله من الشرك وما دونه، ووعد التائبين بحسن المثوبة وعظيم الكرامة، وتوعد المصرين والمعاندين بأليم العقوبة والحسرة والندامة يوم القيامة. وفيه الحث على إخلاص العبادة لله؛ التي ت+وا بها النفوس، وتحيا بها القلوب، وتقوى معها الرهبة والخشية من علام الغيوب، وفيه بيان سبيل السعادة، الموصل إلى النعيم المقيم ورضوان الرب العظيم في الدارين، وذكر الأخبار والقصص عن المهتدين الذين أطاعوا مولاهم؛ فزادهم هدى، وآتاهم تقواهم، ونصرهم في الحياة الدنيا والآخرة، وأكرم مثواهم، وسوء عاقبة الذين أساؤوا واتبعوا أهواءهم وكيف وثقوا في الدنيا وكانت النار مثواهم.
فـ ((إياك نعبد))، أي تفرد يا ربنا بالقصد في عباداتنا كلها.
((وإياك نستعين)) أي نطلب إعانتك على طاعتك وعلى أمورنا كلها، والقيام بعبادة الله والاستعانة به هو الوسيلة للسعادة الأبدية، وحسن العاقبة في جميع الأمور، والنجاة في الدارين من جميع الشرور، فلا سبيل إلى النجاة إلا بالقيام بهما، ولا وصول إلى الجنة وما فيها من النعيم المقيم ورضوان الرب العظيم إلا بالجمع بينهما، والعبد مضطر إلى توفيق الله له أن يعبده بما شرع، وأن يجنبه الشرك والبدع، وهذا يحتاج إلى هداية إلى العلم النافع والعمل الصالح، وهو طريق الهدى الذي سلكه لمن أنعم الله عليهم واصطفى، ولهذا اختتمت هذه السورة بصدق الضراعة إلى الله بسؤال الهدى.
و اهدنا الصراط المستقيم أي طريق من أنعمت عليهم بالعلم والعمل، وعصمتهم من الضلال والزلل؛ كاليهود الذين ضلوا قصدا عن سواء السبيل، والنصارى الذين يتعبدون على غير هدى ودليل، ولذا قال: صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين .
أيها المؤمنون: وأما و الرحمن الرحيم اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة والنعمة السابغة؛ فرحمته وسعت كل شيء، ونعمته عمت كل حي، فهو رحمان بخلقه في الدنيا عامة، ورحيم في الدنيا والآخرة بالمؤمنين خاصة.
وأما مالك يوم الدين فالمراد به يوم القيامة، يوم الحساب، هو يوم الثواب والعقاب، يجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى، ومن هذا شأنه فهو المستحق أن يفرد بجميع أنواع العبادة؛ وهي غاية الحب مع غاية الذل والخضوع، وبالاستعانة به وحده وهي الاعتماد على الله وحده؛ اعتماداً عليه في جلب المنافع ودفع المضار، وثقة به فإنه الواحد القهار، مع غاية الرغبة والاضطرار إليه وكمال الان+ار. فلا تحصيل للمقصود إلا بإخلاص للمعبود.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين والمؤمنين من كل ذنب، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية لم ترد.
| |
|