molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: فضل الصلاة ومنزلتها - عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ / الرياض الأربعاء 21 ديسمبر - 6:08:03 | |
|
فضل الصلاة ومنزلتها
عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ / الرياض
الخطبة الأولى
أما بعد:
فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى حق التقوى.
عباد الله، الصلوات الخمس أحد أركان الإسلام التي قام الإسلام عليها، يقول صلى الله عليه وسلم: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء ال+اة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام))[1].
الصلوات – يا عباد الله – عبادة قديمة تعبّد بها الأنبياء والمرسلون، شعيرة من شعائر الدين، ولكن للصلوات الخمس في شريعة الإسلام خصوصية لم تكن تلك في شرائع الأنبياء السابقين، وقد اهتم الإسلام بها، واعتنى بأمرها، وشدد في حق تاركها والمتهاون بها.
وإذا تدبر المسلم كتاب الله وسنة محمد صلى الله عليه وسلم يرى للصلاة ذكراً عظيماً في كتاب الله العزيز، في آيات كثيرة يأتي ذكر الصلوات، فهي ركن الإيمان، ومفتاح دار السلام، وهي خير الأعمال، وهي أول ما يحاسب عنه المؤمن يوم القيامة من الأعمال فيما بينه وبين الله.
يذكرها ربنا جل وعلا في دعاء الخليل عليه السلام حيث يقول: رَبّ ٱجْعَلْنِى مُقِيمَ ٱلصَّلوٰةِ وَمِن ذُرّيَتِى [إبراهيم:40]. ويمدح الذبيح إسماعيل عليه السلام بقوله: وَٱذْكُرْ فِى ٱلْكِتَـٰبِ إِسْمَـٰعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَـٰدِقَ ٱلْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِٱلصَّـلَوٰةِ وَٱلزَّكَـوٰةِ وَكَانَ عِندَ رَبّهِ مَرْضِيّاً [مريم:54-55]. ويأمر بها موسى عليه السلام في أول ما أوحى إليه: وَأَنَا ٱخْتَرْتُكَ فَٱسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى إِنَّنِى أَنَا ٱللَّهُ لا إِلَـٰهَ إِلا أَنَاْ فَٱعْبُدْنِى وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِذِكْرِى [طه:13-14]. ويوحي إليه وإلى أخيه هارون بقوله: أَن تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَٱجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ [يونس:87]. وينطق بها عيسى في مهده حيث أخبر الله عنه أنه قال: قَالَ إِنّى عَبْدُ ٱللَّهِ ءاتَانِىَ ٱلْكِتَـٰبَ وَجَعَلَنِى نَبِيّاً وَجَعَلَنِى مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِى بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ مَا دُمْتُ حَيّاً [مريم:20-21]. ويثني على عباده المؤمنين بقوله جل وعلا: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ ٱلْخَيْرٰتِ وَإِقَامَ ٱلصَّلوٰة وَإِيتَاء ٱلزَّكَـوٰةِ وَكَانُواْ لَنَا عَـٰبِدِينَ [الأنبياء:73].
ويجعلها الله جل وعلا صفة للمتقين، المنتفعين بهدي القرآن، وهي صفة تلي الإيمان بالغيب، فقال في القرآن: هُدًى لّلْمُتَّقِينَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلوٰةَ [البقرة:2-3]. ويبتدئ بها صفات المؤمنين، ويختم بها صفاتهم: قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ هُمْ فِى صَلاَتِهِمْ خَـٰشِعُونَ [المؤمنون:1-2]. ثم يأتي ذكر صفاتهم إلى أن قال: وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوٰتِهِمْ يُحَـٰفِظُونَ % أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْوٰرِثُونَ ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ [المؤمنون:9-11]. ويعدد صفات المؤمنين أيضاً فيقول: إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءايَـٰتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَـٰناً وَعَلَىٰ رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ أُوْلـئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً [الأنفال:2-4]. ويأمر بها سيد الأولين والآخرين محمد بن عبد الله: ٱتْلُ مَا أُوْحِىَ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَـٰبِ وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاء وَٱلْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ [العنكبوت:45].
أيها المسلمون، أيها المؤمنون:
ونبينا صلى الله عليه وسلم يجعل الصلوات عنوان التزام الإسلام فيقول: ((بين العبد وبين الكفر أو قال: الشرك ترك الصلاة))[2]، ويقول: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر))[3]، ويقول أيضاً: ((من ترك صلاة مكتوبة فكأنما وتر أهله وماله))[4]، ويقول عمر رضي الله عنه، وقد ذكر بالصلاة أثناء مرضه، وهو مغشي عليه، فلما أفاق سأل عن الصلاة، فقيل: حان وقتها، قال: (ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة)[5].
وقد جعل الله التزام الإيمان وحقن الدماء بالتزام التوحيد، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، فقال: فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي ٱلدّينِ [التوبة:11]. وقال: فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ [التوبة:5]. وأخبر أنهم أمروا بها مع التوحيد وال+اة فقال: وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤْتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَذَلِكَ دِينُ ٱلقَيّمَةِ [البينة:5].
أيها المسلم:
الصلاة نور في قلبك، ونور في وجهك، نور تهتدي به إلى الحق والهدى، نور تتقي به أسباب الشر والبلاء، يقول صلى الله عليه وسلم: ((والصلاة نور، والصدقة برهان))[6].
أيها المسلم:
الصلاة عون لك في كل ما همّك من أمور دينك ودنياك، يقول الله جل وعلا: وَٱسْتَعِينُواْ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلَوٰةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى ٱلْخَـٰشِعِينَ ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَـٰقُوا رَبّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رٰجِعُونَ [البقرة:45-46]. فهؤلاء تكون الصلاة يسيرة عليهم، غير شاقة عليهم، بل هم يألفونها، ويحبونها، ويفرحون بها، بها يفرجون همومهم، وبها تذهب أحزانهم، وبها تنجلي همومهم، إنه الموقف العظيم بين يدي رب العالمين ٱلَّذِى خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ [الانفطار:7]. الرب الأعلى ٱلَّذِى خَلَقَ فَسَوَّىٰ وَٱلَّذِى قَدَّرَ فَهَدَىٰ [الأعلى:2-3]. إنها اللحظات السعيدة التي تتمثل فيها قائماً بين يدي رب العالمين، تشكو إلى الله بثك وحزنك وتلتجئ إليه، وتستنزل فضله ورحمته وإحسانه، تلك الصلاة تقوي إيمانك، تقوي يقينك، تقوي صلتك بربك، تجعلك دائماً على صلة بربك.
إنها في اليوم والليلة خمس مرات، ذلك لأن ارتباطها بالتوحيد ارتباطٌ قويٌ وثيق، فهي تمد القلب بالإيمان والعمل الصالح.
فرضها الله على المسلمين، حين يمسون وحين يصبحون، وعشياً وحين يظهرون.
إنها تطهرالقلب من كل بلاء، إنها تعينه على الشكر في الرخاء، وعلى الصبر في البلاء، إِنَّ ٱلإنسَـٰنَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعاً إِلاَّ ٱلْمُصَلّينَ [المعارج:19-22]. فهم بضدّ ذلك، صبر في البلاء، وشكر في الرخاء، إن الصلاة هذبت الأخلاق، و+ت القلوب والأعمال، وجعلت العبد على صلة دائمة بربه.
إنها اختصت من بين أركان الإسلام العملية، إن فرضها كان قبل الهجرة بثلاث سنوات، عندما عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء، وجاوز السبع الطباق، وانتهى إلى سدرة المنتهى، بل صعد إلى مكان يسمع فيه صريف الأقلام، فخاطبه الله بها مشافهة، وفرضها عليه مشافهة بدون واسطة، لعظم شأنها، جعلها خمسين، فما زال محمد صلى الله عليه وسلم متردداً بين ربه وبين موسى عليه السلام وهو يقول: يا محمد، سل ربك التخفيف لأمتك، فإني عالجت بني إسرائيل بأقل من هذا فلم يستطيعوا، فمازال محمد يسأل ربه، حتى جعلها الله خمساً فقال موسى: سل ربك التخفيف، فقال: استحيت من ربي، فجاء الأمر: أمضيت فريضتي، وخففت عن عبادي[7]، فجعلها الله خمساً في العمل، وأجر خمسين في الثواب، فضلاً منه ورحمة.
أوجبها الله على المسلم في سفره وإقامته، وفي أمنه وخوفه، وفي سلمه وحربه، فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا [البقرة:138]. مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها وَلِلَّهِ ٱلْمَشْرِقُ وَٱلْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ ٱللَّهِ [البقرة:115].
أخي المسلم:
إن محافظتك على الصلوات الخمس سبب لنجاتك من النار، ودخولك الجنة، برحمة أرحم الراحمين، فحافظ - أخي المسلم - عليها، واعلم أنها عنوان إسلامك وإيمانك، حافظ عليها وأمر بها أهلك، ومن لك عليهم المقال، وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلوٰةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا [طه:132].
حافظ أخي المسلم عليها، ولا يحول بينك وبينها حائل، حافظ عليها، وأدها كما أمر الله، حافظ عليها محافظة المؤمن الموقن بها، المصدق بأنها فريضة من فرائض الإسلام.
ولذا أجمعت أمة الإسلام على أن من جحد وجوبها فذاك مرتد عن الإسلام، بإجماع أمة الإسلام بلا خلاف، وإنما العلماء اختلفوا في إنسان يقر بها، ولم يؤدها، فجمهورهم على أنه يطلق الكفر عليه، وأنه مستحق للكفر، لأن النبي قال: ((بين العبد وبين الكفر أو قال الشرك ترك الصلاة))[8].
ولا يمكن لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يفرط في هذه الصلوات، وأن يضيع تلك الصلوات، تلك خصلة لا تليق بالمؤمن، الذي آمن بالله ربا، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً.
فحافظوا عليها معشر المسلمين، ومروا أبناءكم، وربوهم على إقامتها، ((مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع))[9].
أسأل الله أن يجعلني وإياكم من المقيمين لها، المحافظين عليها، إنه على كل شيء قدير.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.
[1] أخرجه البخاري في كتاب الإيمان [8]، ومسلم في كتاب الإيمان [16]، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما بنحوه.
[2] أخرجه مسلم في كتاب الإيمان [82]، من حديث جابر رضي الله عنهما.
[3] أخرجه أحمد (5/355) والترمذي في الإيمان [2621]، والنسائي في الصلاة [463]، وابن ماجه في إقامة الصلاة [1079]، من حديث بريدة رضي الله عنه وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب"، وصححه ابن حبان [1404]، والحاكم (1/6، 7)، ووافقه الذهبي، وهو في صحيح الجامع [4143].
[4] أخرجه البخاري في المناقب [3602]، ومسلم في كتاب الفتن [2886] من حديث نوفل بن معاوية ولفظه عندهما: ((من الصلاة صلاةٌ من فاتته فكأنما . . ))، وهو عند أحمد (5/429) وابن حبان [1468] بلفظ: ((من فاتته الصلاة فكأنما وتر أهله وماله)).
قال الحافظ في الفتح (2/30): "وهذا ظاهره العموم في الصلوات المكتوبات".
[5] أخرجه مالك في الموطأ (1/39)، ومن طريقه البيهقي في السنن (1/357)، وابن أبي شيبة في المصنف (7/439) والإيمان (ص34)، والطبراني في الأوسط (8/130)، وقال الهيثمي في المجمع (1/295): "رجاله رجال الصحيح". وقال الألباني: "صحيح الإسناد على شرط الشيخين".
[6] أخرجه مسلم في كتاب الطهارة [223] من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه.
[7] أخرجه البخاري في كتاب المناقب [3887]، ومسلم في الإيمان [164] من حديث مالك بن صعصعة رضي الله عنهما.
[8] تقدم تخريجه، انظر قم (2).
[9] أخرجه أحمد (2/187)، وأبو داود في كتاب الصلاة [495]، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وصححه الألباني في الإرواء [247].
الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق التقوى.
أيها المسلم، هذه الصلوات الخمس مطلوب منك أداؤها على الوجه المرضي، بخشوع وتدبر من عقل وخشوع في القلب، ليست هذه الصلوات الخمس المفروضة علينا، ليست مجرد ألفاظ يلوكها لسان، ولا حركات بالجوارح، من غير تدبر من عقل أو خشوع في قلب، ولكنها الصلاة التي يؤديها المسلم متدبراً لقراءتها، وأذكار ركوعها وسجودها، يقبل عليها بقلبه، ويعتني بها، وبذلك تكفر خطاياه وسيئاته، في الحديث: ((الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن، ما اجتنبت الكبائر))[1]، ويقول صلى الله عليه وسلم: ((أرأيتم لو أن بباب أحدكم نهراً جارياً، يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا، قال: فكذلك الصلوات الخمس، يمحو الله بها الخطايا والسيئات))[2].
أخذ النبي غصن شجرة يابس فهزه، حتى تحاتّ ورقه، فقال: ((يا سلمان، ألا تسألني ما فعلت؟ قال: نعم يا رسول الله، قال: إن المسلم إذا صلى الخمس تحاتت خطاياه كما يحتّ هذا الغصن ورقه))[3].
أيها المسلم:
إنها صلاة تصلك بربك وتخفف أوزارك وآثامك، في الأثر: ((ينادي مناد كل يوم: أيها الناس قوموا إلى نيرانكم التي أوقدتموها، فأطفئوها))[4].
وفي حديث ابن مسعود، أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((تحترقون تحترقون، فإذا صليتم الصبح غسلتها، تحترقون تحترقون، فإذا صليتم الظهر غسلتها، تحترقون تحترقون، فإذا صليتم العصر غسلتها، تحترقون تحترقون، فإذا صليتم المغرب غسلتها، تحترقون تحترقون، فإذا صليتم العشاء غسلتها، ثم تنامون، فلا يكتب عليكم حتى تصبحوا))[5].
فيا أخي المسلم هذه الصلوات الخمس، المحافظ عليها دليل على إيمانه، وخوفه من الله، ورجائه لما عنده.
فأسأل الله أن يوفقنا جميعاً للعناية بها والقيام بها، والمحافظة عليها، والاهتمام من شأنها، إنه على كل شيء قدير.
واعلموا رحمكم الله أن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله على الجماعة، ومن شذ شذ في النار.
وصلوا – رحمكم الله – على محمد بن عبد الله، كما أمركم بذلك ربكم قال تعالى: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً [الأحزاب:56].
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد . .
[1] أخرجه مسلم في كتاب الطهارة [233] من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[2] أخرجه البخاري في مواقيت الصلاة [528]، ومسلم في كتاب المساجد [667]، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بنحوه.
[3] أخرجه أحمد (5/437، 438)، والطيالسي (ص90) وابن أبي شيبة (1/16)، والطبري في تفسيره (12/133)، والدارمي [719]، والطبراني في الكبير (6/257) من طريق حماد بن سلمه، عن علي بن زيد، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان، وهذا سند ضعيف علي بن زيد هو ابن جدعان.
وأخرجه البزار (6/476-477)، والطبراني في الصغير (2/272) من طريق بشر بن آدم، عن أشعث بن أشعث، عن عمران القطان، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان بنحوه. قال أبو حاتم في العلل (1/124): "أشعث مجهول لا يعرف"، ورجح وقفه على سلمان. وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب [362]: "حسن صحيح".
[4] أخرجه الطبراني في الأوسط (9/173) والصغير (2/262)، وأبو نعيم في الحلية (3/42-43)، والضياء المقدسي في المختارة (7/161، 162) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب [358]: "حسن لغيره".
[5] أخرجه الطبراني في الصغير (1/91)، والخطيب في تاريخ بغداد (4/305) وحسن إسناده المنذري في الترغيب (527)، وعزاه للطبراني في الكبير موقوفاً على ابن مسعود، وقال: "وهو أشبه". وقال الألباني في صحيح الترغيب [357]: "حسن صحيح".
| |
|