molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: من حقوق النبي صلى الله عليه وسلم تجريد المتابعة له - عبد العزيز بن عبد الفتاح قاري /المدينة المنورة الثلاثاء 20 ديسمبر - 4:30:58 | |
|
من حقوق النبي صلى الله عليه وسلم تجريد المتابعة له
عبد العزيز بن عبد الفتاح قاري /المدينة المنورة
الخطبة الأولى أما بعد: فإن من أعظم حقوق النبي المصطفي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تجريد المتابعة له ومعني ذلك أن تتبعه فتطيعه صلى الله عليه وسلم هو وحده متبوعك المطاع وهذا هو مضمون الركن الثاني من كلمة التوحيد وشعار الإسلام أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله , فأنت يا مسلم بإقرارك وإيمانك بالرسالة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تعطي عهدا على نفسك بأن تتبع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وتطيعه وحده فيكون هو سيدك المطاع بلا نزاع تقدم أمره على أمر غيره وطاعته على طاعة غيره , هذا هو معنى الركن الثاني من ركني كلمة التوحيد وشعار الإسلام ولقد أمر الله تبارك وتعالى بطاعة رسوله ومصطفاه في أكثر من أربعين آية من القرآن مما يدل على عظم أهمية هذا الأمر وأنه أصل عظيم من أصول الإيمان بل يكفي أنه كما قررنا أحد ركني الدين الذين هما , الركن الأول توحيد الله تبارك وتعالى في العبادة والذي تلتزم به في قولك أشهد أن لا إله إلا الله والركن الثاني تجريد المتابعة لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي تلتزم به بقولك وأشهد أن محمد رسول الله , فتجريد المتابعة معناه أن طاعتك واتباعك هو لرسول الله صلى الله عليه وسلم وحده من دون الناس فأي أحد من الناس كائناً من كان أو عالما أو أميرا أو رئيسا أو غير هؤلاء إنما تكون طاعتهم إذا كانت ضمن طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما يصح اتباعهم إذا كان ذلك ضمن اتباع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إن كان في طاعتهم وفي اتباعهم مخالفة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يحل لك ذلك شرعا, فإن أطعتهم واتبعتهم بالرغم مما في ذلك من مخالفة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنك تكون حينئذ قد أخللت بالركن الثاني من ركني كلمة الإخلاص والتوحيد وهو أشهد أن محمدا رسول الله, قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم [النساء:59]. فدلت هذه الآية على أن طاعة أولي الأمر وأولو الأمر هم الأمراء والعلماء مقيدة بطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.
أما لو أمر الأمراء أو قال العلماء بشيء يخالف أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم فإن المؤمن لا يقدم على أمر الله وعلى أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أي شيء بل يضرب بأمر من خالفهما عرض الحائط , هذا هو منهج سلف هذه الأمة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين هم أعمق هذه الأمة إيمانا وأغزرهم علما وأقلهم تكلفا كانوا إذا سمعوا كلام الله وسمعوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعدلون بهما أي شيء ولا يعارضون أمر الله وأمر رسوله بأمر أي أحد من الناس كائن من كان , كان أصحاب رسول الله وقافين عند أمر رسول الله وعند أمر رسوله صلى الله عليه وسلم لا يتجاوزونهما أبدا والأمثلة علي ذلك كثيرة اسمعوا بعضا منها:-
المثال الأول: عندما توفي سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم اضطرب الأمر على أصحابه من بعده من هول الصدمة وقوة الفاجعة ومرارة الفراق وكادوا يتنازعون في أمر الخلافة والإمارة وهم مجتمعون في السقيفة فقال الأنصار للمهاجرين: نحن أهل الديار آويناكم ونصرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاهدنا بين يديه بأسيافنا فنحن أحق بالإمارة منكم.
ثم تنازلوا خطوة فقالوا رضي الله عنهم وأرضاهم منا أمير ومنكم أمير. حتى إذا سمع الجميع مهاجرين وأنصار الصديق أبا بكر يذكر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله: ((الأئمة من قريش))[1], مما يدل على أن أحق أصحاب رسول الله في ذاك الوقت بالخلافة هو أبو بكر الصديق رضى الله عنه أذعنوا جميعا وانتهى النزاع وانقادت الأنصار لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا واحدا منهم لما تلكأ كادت الأنصار أن تطأه بأقدامها وهي تتسابق وتبادر إلى الصديق أبي بكر تبايعه امتثالا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم, فببركة حسن متابعتهم لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم استقامت أحوالهم وبورك لهم في أمورهم ووقاهم الله شر الفتنة وسلموا من عواقب النزاع فإن أمر الخلافة وأمر الإمارة من أشد مسائل الناس خطورة وأعظمها فتنة.
المثال الثاني: خليفة رسول الله أبو بكر الصديق أرجح هذه الأمة إيمانا بعد النبي صلى الله عليه وسلم وهو في أول أمره بالخلافة وقد اضطربت الأمور, انتقضت العرب وخرجت عن الطاعة وارتدت عن الإسلام وانفلت حبل الأمن في مثل هذه الأحوال العصيبة لم يفكر في مقاتلة الروم أقوى دولة في ذاك الوقت ومع ذلك فقد صمم أبو بكر الصديق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم علي أن ينفذ بعث أسامة بن زيد رضى الله عنه وكان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قبيل وفاته قد جهز جيشا بقيادة أسامة لغزو الروم ثم توفي قبل أن يمضى ذاك الجيش إلى وجهته, فأصر أبو بكر علي أن يرسل هذا الجيش فلما نوقش في ذلك وأشار عليه بعض الصحابة بأن لا يفعل ويستعين بالجيش على مقاتلة المرتدين وإعادة الأمن إلي نصابه أبى الصديق وقال: ما كنت لأرد بعثا أنفذه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمضى ذلك الجيش وذهب الجيش لغزو الروم وجعل الله عز وجل الصلاح في هذه الخطوة الصديقية فإنه كان لها أثر نفسي عظيم ورادع في نفوس العرب الذين انتقضوا في ذلك الوقت حتى قال قائلهم: لو لم تكن لديه قوة كافية ما أرسل أبو بكر جيشا لغزو الروم, هذا كله ببركة حسن المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم والتجريد والتوحيد في المتابعة لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم.
[1] أحمد (3/183).
الخطبة الثانية الحمد لله رب العلمين والعاقبة للمتقين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الفاروق رضى الله عنه وقافا عند كتاب الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم إذا سمع أمر الله أو سمع أمر رسوله صلى الله عليه وسلم ما كان يتجاوز هذا أبدا مهما كانت الأحوال, في الصحيح عن أبي وائل جلست إلى شيبة في المسجد فقال جلس عمر بن الخطاب إلي في مجلسك هذا وقال: لقد هممت ألا أدع فيها بيضاء ولا صفراء إلا قسمتها بين المسلمين أي هممت أن أقسم الأموال بين المسلمين لا أترك منها شيئاً في بيت المال. قال فقلت له: ما أنت بفاعل قال: ولم؟ قال: لأن صاحبيك لم يفعلا ذلك، فطأطأ الفاروق رأسه وقال: هما المرءان بهما أهتدي.
أي صرف الفاروق نظره عن تلك الفكرة التي هم بأن يفعلها وينفذها لما ذكره هذا الناصح الأمين بأن هذه الفكرة ليست موافقة لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لما كان عليه صاحبه أبو بكر الصديق , لم يتجاوز ذلك بمجرد أن سمعه.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما في حديث عيينة بن حصن الفزاري أنه لما استؤذن له على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فدخل على عمر وقال له: يا ابن الخطاب إنك والله ما تعطي الجزل ولا تحكم بيننا بالعدل فغضب الفاروق غضبا شديدا وهم بأن يقع فيه أي هم بأن يعاقبه فقال له الحر بن قيس كان من جلساء الفاروق ومستشاريه: يا أمير المؤمنين لقد قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين [الأعراف:199]. فما زاد عليها عمر لما تلا عليه الآية أي سكن إليها وخضع وكف عما هم به بمعاقبة عيينة بن حصن الفزاري لما جابهه تلك المجابهة العنيفة.
هكذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فما أحوج ولاة الأمر إلى التأسي بعمر الفاروق في مثل هذه المواقف وما أحوجهم إلى جلساء وإلى مستشارين كالحر بن قيس رضي الله عنه يذكرونهم بأمر الله تعالى وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم وينصحونهم ويصدقون معهم, بل ما أحوجنا جميعا إلى ذلك فقد ضعفت متابعتنا لسيدنا وإمامنا وحبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قدمنا على أمره مورثات الآباء والأجداد, بعضنا إذا قال له ناصح: إن ما تفعله مخالف لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما نفعل ما وجدنا عليه آبائنا وأجدادنا , ضعفت متابعتنا للنبي المصطفي صلى الله عليه وسلم وقدمنا على أوامره أوامر الرؤساء والأمراء والكبراء وكلام العلماء والمشايخ مشايخ العلم أو مشايخ القبيلة أو مشايخ الطريقة أو غير ذلك إذا أمروا بأمر فيه مخالفة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فعليك أيها المؤمن أن تضرب بأوامرهم عرض الحائط فإنهم حتى ولو حرصوا على الخير قد يضلون وقد يجتهدون ويخطئون لأنهم غير معصومين والدين كل الدين في اتباع المعصوم وهو سيدنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فمن عارض أمره بآراء الرجال خسر الدين.
أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هديه صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
وعليكم أيها المسلمون بالجماعة فإن يد الله علي الجماعة ومن شذ شذ في النار واعلموا أن الجماعة هي التمسك بالكتاب والسنة وبمنهج الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين.
يا ابن آدم أحبب ما شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك ملاقيه وكن كما شئت فكما تدين تدان ثم صلوا على خاتم النبيين وإمام المرسلين فقد أمركم الله بذلك في كتابه المبين فقال عز من قائل: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما [الأحزاب:56]. وقال صلى الله عليه وسلم: ((من صلى علي واحدة صلى الله بها عليه عشرا))[1]، اللهم صل وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبى بكر الصديق وعمر الفاروق وذي النورين عثمان وأبي السبطين علي وعن آل بيت نبيك الطيبين الطاهرين وعن أزواجه أمهات المؤمنين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك وعفوك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
[1] صحيح مسلم (408).
| |
|