STARMUST2

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة : يرجي التكرم بالدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي

STARMUST2

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة : يرجي التكرم بالدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي

STARMUST2
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

STARMUST2

Choose your language=choisir ta langue= अपनी भाषा चुनें=pilih bahasa= Elija su idioma= Выберите язык
 
الرئيسيةأحدث الصوردخولالتسجيلثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Ouuou10ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Uououo10ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Uooous10ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Ooouus10ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Ooouo_10ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Ouooo11ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Ooouo_11ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Uoou_u10ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Uoo_ou10ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Arkan_10الطـهـارةثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Ouooou11محاضرات وكتب مختلفةثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Uuooo_10ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Ouuuuo10ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Oouusu10ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Plagen10ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Uuouou10ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Oouo10
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
مواقيت الصلاة بتالمست
الدول الزائرة للموقع
Free counters!
أفضل 10 فاتحي مواضيع
المدير العام
ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Vote_rcapثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Voting_barثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Vote_lcap 
molay
ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Vote_rcapثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Voting_barثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Vote_lcap 
must58
ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Vote_rcapثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Voting_barثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Vote_lcap 
bent starmust2
ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Vote_rcapثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Voting_barثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Vote_lcap 
sanae
ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Vote_rcapثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Voting_barثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Vote_lcap 
حليمة
ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Vote_rcapثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Voting_barثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Vote_lcap 
mam
ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Vote_rcapثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Voting_barثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Vote_lcap 
zineb
ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Vote_rcapثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Voting_barثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Vote_lcap 
aziz50
ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Vote_rcapثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Voting_barثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Vote_lcap 
mm
ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Vote_rcapثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Voting_barثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Vote_lcap 
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم
هل انت نحيف ام بدين ؟حساب كتلة الجسم
الطول (بالبوصات او السنتميترات):
الوزن (بالارطال او الكيلو جرام):
استخدم النظام المتري ? :
Your BMI is

 

 ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
molay
مدير مراقب
مدير مراقب
molay


ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Male_m12
البلد : المغرب
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 11945
تاريخ التسجيل : 17/12/2009
الموقع : STARMUST2

بطاقة الشخصية
الدرجة:
ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر 51365/1365ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر نعم  (1365/1365)

ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Empty
مُساهمةموضوع: ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر   ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Emptyالسبت 3 ديسمبر - 4:58:01



ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن

ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر Basmallah

عبد الرحمن بن علي العسكر

الخطبة الأولى

أمَّا بَعدُ: فَقَدْ أوصَاكُمُ الله تَعَالَى بِتَقْواهُ إنْ كُنتُم تُرِيدُونَ الفَوْزَ بِجَنَّتِهِ، فاتَّقُوا الله جَميعًا ـ أيُّها النَّاسُ ـ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.

عباد الله، إنَّ مِنْ جَوَامِعِ الكَلِمِ الَّتي أُوتيهَا نَبيُّنَا مُحمدٌ والَّتي جَاءَتْ بألْفَاظٍ قَليلَةٍ غَيرَ أنَّهَا تَحملُ مَعَاني كَبيرَة مَا رَوَاهُ الإمَامُ أحمدُ فِي مِسْنَدِه بِسَنَدٍ صَحيحٍ عَنْ جُبَيرِ بنِ مُطْعِمٍ قَالَ: قامَ فِينَا رَسُولُ الله بالخَيفِ مِنْ مِنَى فَقَال: ((نَضَّر الله امْرءًا سَمِعَ مَقَالَتي، فَوَعَاهَا ثُمَّ أدَّاها إلى مَنْ لم يَسْمِعْهَا، فُرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لا فِقْهَ لَهُ، ورُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إلَى مَنْ هُوَ أفْقَهُ مِنهُ، ثَلاثٌ لا يُغَلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ المُؤمِنِ: إخْلاصُ العَمَلِ لله، والنَّصِيحَةُ لِوَليِّ الأمْرِ ـ وفِي رِوَايةٍ: طَاعَةُ ولِيِّ الأمْر ـ ولُزُومُ الجَماعَةِ، فَإنَّ دَعْوَتَهُمْ تَكُونُ مِنْ وَرَاءِهِ))، وفِي لَفْظٍ: ((فإنْ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ بهِمْ مِنْ وَرائِهِم)).

يَقُولُ شَيخُ الإسْلامِ ابنُ تَيْمِيَّة رَحِمَهُ الله: "وهَذِهِ الثَّلاثُ المَذْكُورَةُ فِي الحَدِيثِ تَجمَعُ أُصُولَ الدِّينِ وقَوَاعدَهُ، وتَجمَعُ الحُقُوقَ الَّتي لله والتِي لِعِبَادِه، وتَنْتَظِمُ مَصَالِح الدُّنْيَا والآخِرَةِ".

وابْتَدَأ الشَّيْخُ مُحمدُ بنُ عَبدِالوَهَّاب رَحِمهُ الله كِتَابَهُ الذِي جَمَعهُ فِي المَسَائِلِ الَّتي خَالَفَ فِيهَا رَسُولُ الله أهلَ الجَاهِلِيَّةِ، ابْتَدَأهُ بِهَذِه الثَّلاثَةِ الأمُورِ المَذْكُورَةِ في الحَدِيثِ، ثُمَّ قَالَ: "ولَمْ يَقَعْ خَلَلٌ فِي دينِ النَّاسِ ودُنْياهُمْ إلاَّ مِنَ الإخْلالِ بِهذِهِ الوَصِيَّةِ".

وقَدْ جَمَعَ هَذَا الحَدِيثَ مَرَاتِبَ الِفقْهِ والعِلْمِ مَعَ مَرَاتِبِ الدِّينِ، وقَدْ أوضَحَهَا ابنُ القَيِّم، يَقُولُ رَحِمَهُ الله: "وَلَو لَمْ يَكُنْ فِي فَضْلِ العِلْمِ إلاَّ هَذَا الحَديث وَحْدَهُ لَكَفَى بهِ شَرَفًَا، فإنَّ النَّبيَّ دَعَا لِمَنْ سَمِعَ كَلاَمَهُ ووَعَاهُ وحَفِظَهُ وبَلَّغَهُ، وهَذِهِ هِيَ مَرَاتِبِ العِلْمِ".

فأبْلَغ شَيءٍ فِي هَذَا الحَدِيثِ أنَّ النَّبيَّ دَعَا لِمَنْ سَمِعَ هَذِهِ النَّصَائِحَ الثَّلاث وفَهِمَهَا ثُمَّ أدَّاهَا إلى غَيرِهِ بأنْ يَجعَلَهُ الله نَضِرًا، فَمَراتِبُ العِلمِ هِيَ سَمَاعُهُ وعَقْلُهُ، فإنَّهُ إذَا سَمِعَهُ عَقَلَهُ قَلبُهُ واسْتَقَرَّ فيهِ كمَا يَسْتَقِرُّ الشيءُ فِي الوِعَاءِ، ثُمَّ تَعَاهَدَهُ بَعدَ ذَلِكَ حَتَّى لا يَنْسَاهُ فَيَذْهَبَ، ثُمَّ بَعدَ ذَلِكَ يُبَلِّغُهُ ويَبُثُّهُ في الأمَّةِ لتَحْصُلَ الثَّمَرةُ المقْصُودَةُ، فَمَنْ قَامَ بِهَذِهِ المَرَاتِبِ الأرْبَع دَخَلَ تَحْتَ هَذِهِ الدَّعْوَةِ النَّبَوِيَّةِ المُتَضَمِّنَةِ جَمَالَ الظَّاهِرِ والبَاطِنِ، فَإنَّ النَّضْرَةَ هِيَ البَهْجَةُ والحُسْنُ الذي يُكْسَاهُ الوَجْهُ مِنْ آثَارِ الإيمَانِ، وابْتِهَاجُ البَاطِنِ بهِ وفَرَح القَلْبِ وسُرُورهِ والْتِذَاذهِ بهِ، كَمَا جمَعَ الله بَينَ النّضْرَةَ والسُّرُورِ في قولِهِ سُبْحَانَهُ: فَوَقَاهُمْ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا [الإنسان: 11]. ولِذَلِكَ تَجِدُونَ أكثَرَ النَّاسِ انْشِراحًا وتَلَذُّذًا بالحَيَاةِ هُمْ أكثرُ النَّاسِ تَمَسُّكًا بِهَدْيِ النَّبيِّ .

ثُمَّ إنَّ هَذَا الحَدِيثَ ـ عِبادَ الله ـ قَدْ جَمَعَ أُصُول الدِّينِ الذِي بِهِ تَسْتَقِيمُ حَيَاةُ النَّاسِ فِي جَميعِ أُمُورِهِمْ، ولِذَلِكَ فَإنَّ مَنْ جَمَعَ هَذِهَ الأمُورَ خَلا قَلْبهُ عَنِ الغِلِّ فَلَمْ يَحمِلْهُ، فَإنَّهَا تَنْفِي الغِلَّ والغِشَّ وفَسَادَ القَلْبِ وسَخَائِمَهُ، يَقُولُ ابنُ عَبدِ البَرِّ شَارِحًا قَولَهُ : ((ثَلاَثٌ لا يُغَلُّ عَلَيهِنَّ)): "مَعْنَاهُ: لا يَكُونُ القَلْبُ عَلَيهِنَّ ومَعَهُنَّ غَليلاً أبَدًا، فَلا يَقْوَى فِيهِ مَرَضٌ ولا نِفَاقٌ إذَا حَقَّقَ هَذِهِ الثَّلاثَةَ"، وقَالَ ابنُ الأثِيرِ: "والمَعْنَى أنَّ هَذِهِ الخِلالَ الثَّلاثَ تُسْتَصْلَحُ بِهَا القُلُوبُ، فَمَنْ تَمَسَّكَ بِهَا طَهَّر قَلْبَهُ مِنَ الخِيَانَةِ والدَّغَلِ والشَّرِّ".

ثُمَّ فِي قَولِهِ : ((فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إلَى مَنْ هُوَ أفْقَهُ مِنْهُ)) تَنْبيهٌ دَقِيقٌ لِكُلِّ دَاعٍ إلى الخَيرِ ومُبَلِّغٍ لَهُ قَدْ يَنْقُلُ كَلامًا يَفْهَمُهُ المُبَلِّغُ أكْثرَ مِنْ فَهْمِ النَّاقِلِ، فيَحْصُلُ لَهُ بِسَبَبِ تِلكَ الدَّعْوَةِ الخيرُ الكَثِيرُ، فَلا عَلَيهِ بعدَ ذَلِكَ تَكْرَارَ الدَّعْوَةِ للنَّاسِ، ولا يَلْتَفِتُ إلَى المَوَانِعِ والصَّوَادِّ.

عِبادَ الله، الإخْلاصُ لله تَعَالَى فِي جَميعِ العِبَادَةِ هُوَ سَبِيلُ الخَلاَصِ، والإسْلامُ مَركَبُ السَّلامَةِ، والإيمَانُ خَاتَمُ الأمَانِ، فَمَنْ أخْلَصَ لله فِي عِبَادَتِهِ فَإنَّ إخْلاصَهُ يَمْنَعُ غِلَّ قَلْبِهِ ويخْرِجُهُ ويُزِيلُهُ جُمْلَةً؛ لأنَّ القَلْبَ مُنْشَغِلٌ بالله سُبْحَانَهُ، فَلَمْ يَبْقَ فِيهِ لأحَدٍ غَيرِه شَيئًا، يَقُولُ الله عَنْ يُوسُفَ: كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ [يوسف: 24]. فَلمَّا أخْلَصَ لِرَبِّهِ صَرَفَ عَنْهُ دَوَاعِي السُّوءِ والفَحْشَاءِ، ولمَّا عَلِمَ إبْليسُ أنَّهُ لا طَرِيقَ لَهُ عَلَى المُخْلِصينَ لله فِي عِبَادَاتِهمْ قَالَ: فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ [الحجر:39، 40]، ويَقولُ اللهُ سُبْحَانَهُ: إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْغَاوِينَ [الحجر: 42].

فمَنْ دَخَلَ فِي صَلاةٍ مَثلاً وجَعَلَ قَصْدَهُ الله سُبْحَانَهُ وانْشَغَلَ بِصَلاتِهِ فلا يَسْتَطِيعُ الشَّيْطانُ أنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ، واسْتَمْتَعَ المُصَلِّي بِهذِهِ الصَّلاَةِ سَاجِدًا ورَاكِعًا، كَيْفَ إذَا كَانَتْ هَذِهِ الصَّلاةُ رَابِطَةً بَيْنَ العَبدِ وبَينَ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ؟! لِذَلِكَ قَالَ لبِلالٍ: ((أَرِحْنَا بالصَّلاةِ يا بِلالُ)). فالمُؤْمِنُ يَجِدُ في الصَّلاةِ لَذَّةً تُكْسِبُهُ بَعدَ ذَلِكَ نَضْرَةً وجَمَالاً، وقَدْ أوضَحَ ذَلِكَ قَولُ النَّبيِّ فِي الحديثِ الآخَرِ: ((يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأسِ أحَدِكُمْ إذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ، عَلَى كُلِّ عُقْدَةٍ: عَلَيْكَ لَيلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإذَا قَامَ فَذَكَرَ الله انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، وإذَا تَوضَّأ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإذَا قَامَ فَصَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ الثَّلاثُ، وأصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وإلاَّ أصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلانَ)) رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

فَهَذِهِ ثَمَرَة العِبَادَةِ الخَالِصَةِ لله سُبْحَانَهُ وتَعَالَى، تُورِثُ نَشَاطًا في الدُّنْيَا وفَلاحًا في الآخِرَةِ.

أمَّا الثَّانِيَةُ الَّتِي إذَا فَعَلَهَا المُؤمِنُ زَالَ غِلّ قَلْبِهِ وَغِشُّهُ فَهِيَ النَّصِيحَةُ، النَّصِيحَةُ لا تُجَامِعُ الغِلّ أَبدًا، هِيَ ضِدُّهُ، فَمَنْ نَصَحَ الأمَّةَ والأئِمَّةَ فَقَدْ بَرِئ مِنْ الغِلِّ، وتَزْدَادُ أهميةُ النَّصِيحَةِ بأهميَّةِ المُنْتَفِعِ مِنْهَا، ولِذَا نَصَّ في بَعْضِ رِوَاياتِ الحَديثِ عَلَى إمَامِ المُسْلِمينَ؛ لأنَّ صَلاحَهُ صَلاحٌ لِكُلِّ مَنْ تحتَ يَدِهِ.

كَثيرٌ مِنَ النَّاسِ إذَا سَمِعَ مِثلَ هَذِهِ الأحَاديثِ وهِيَ النُّصْحُ لِوَليِّ الأمْرِ انْطَلَقَ فَهْمُهُ إلَى الإمَامِ الأعْظَمِ أو خَلِيفةِ المسلِمينَ، ثُمَّ قَعَسَتْ نَفْسُهُ عَنِ النَّصِيحَةِ؛ بأنَّهُ لا يَسْتَطِيعُ الوُصُولَ إليهِ، ثُمَّ إنَّهُ يَخْشَى بَطْشَ الحَاكِمِ وأذِيَّتَهُ إذَا مَا قِيلَ لَهُ: إنَّك عَلَى خَطأ، وهَذَا فَهمٌ غيرُ صَحِيحٍ، فإنَّ النَّبيّ لمَّا سُئِلَ عَنِ النَّصِيحَةِ: لِمَنْ تَكُونُ؟ قَالَ: ((للهِ ولِكِتَابهِ ولِرَسُولِهِ ولأئِمَّةِ المُسلِمينَ وعَامَّتِهِمْ))، وقَالَ أيْضًا: ((كُلُّكُمْ رَاعٍ ومَسؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ))، وقَالَ: ((مَنْ اسْتُرعِيَ رَعِيَّةً فَلَمْ يَحُطْهمْ بِنَصِيحَةٍ لم يَجِدْ رِيحَ الجَنَّةِ، ورِيحُهَا يُوجَدُ مِنْ مَسيرَةِ خَمسِمائَةِ عَامٍ)). فَكلّ مَنْ تَولَّى أمرًا مِنْ أمورِ المُسْلِمينَ حَتَّى وإنْ كَانَ صَغِيرًا فَيَجِبُ عَلَى مَنْ دُونَهُ مُنَاصَحَتُهُ والأخْذُ عَلَى يَدَيهِ؛ بِعَدَمِ السُّكُوتِ عَلَى خَطَئهِ، فالمُدِيرُ فِي عَمَلٍ مَا يَجِبُ عَلَى مَنْ دُونَهُ مِنْ مَوظَّفِيهِ مُنَاصَحَتُهُ والأخْذُ عَلَى يَدَيهِ، وإلاَّ أثِمُوا بِتَقْصيرهِم؛ لأنَّهُمْ لم يُؤَدُّوا مَا أمَرَهُمُ الله بِهِ، ثُمَّ تَجِدُ مِصْدَاقَ قَولِ النَّبيِّ ، فَتَجِدُ فِي قُلُوبِهِمْ عَلَى ذَلِكَ المَسؤُولِ عَنْهُمْ مِنَ الغِلِّ والحِقْدِ شَيئًا كَبيرًا، يَزُولُ عَنْهُمْ ويَذْهَبُ لَو أنَّهُمْ أبْدَوا إليْهِ نُصْحًا وأرْشَدُوهُ.

يَقُولُ أنَسَ بنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنْهُ: كَانَ الأكَابِرُ مِنْ أصْحَابِ رَسُولِ الله يَنْهَونَنَا عَنْ سَبِّ الأمَرَاءِ. وقَالَ أبُو الدَّرْدَاءُ رَضِيَ الله عَنْهُ: (إنَّ أوَّلَ نِفَاقِ المَرْءِ طَعْنُهُ عَلَى إمَامِهِ). وقَالَ أبُو إسْحَاقُ: "مَا سَبَّ قَوْمٌ أميرَهُمْ إلاَّ حُرِمُوا خَيرَهُ". وقَالَ حُذَيْفَةُ رَضِيَ الله عَنْهُ: (إذَا كَانَ وَالِي القَومِ خَيْرًا مِنْهُمْ لَم يَزَالُوا فِي عَلْيَاءَ، وإذَا كَانَ وَاليهِمْ شَرًّا مِنْهُمْ ـ أو قَالَ: شَرّهُمْ ـ لَم يَزْدَادُوا إلاَّ سَفَالاً).

وَثَمَّةَ أمْرَانِ ـ أيُّهَا الإخْوَةُ ـ لاَ بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِمَا فِي هَذَا البَابِ:

أمَّا أوَّلُهُمَا: فَهُوَ أنَّ الحَاكِمَ والملِكَ إنَّمَا بُويعَ اسْتِجَابَةً لأمرِ الله تَعَالى بالبَيْعَةِ، ثُمَّ لِتَسْتَقِيمَ أمُورُ النَّاسِ بذَلِكَ، فَتَسْتَقِيم عِبَادَاتُهُمْ، لم نُبَايعِ المَلِكَ لِيُعْطِينَا المَالَ، فإنْ كَانَ أحَدٌ قَصَدَ إلى ذَلِكَ فَقَدْ جَرَّ عَلَى نَفْسِهِ خَطَرًا كَبيرًا، فَقَدْ أخْرَجَ عَبدُ الرَّزَّاقِ وأحْمَدُ ومُسْلِم وغَيْرهُم عَنْ أبِي هُرَيرَةَ قَالَ: قالَ رَسُولُ الله : ((ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمْ الله يَومَ القِيَامَةِ ولا يَنْظُرُ إليْهِمْ ولا يُزَكِّيهِمْ ولَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ: رَجُلٌ مَنَعَ ابنَ السَّبِيلِ فَضْلَ مَاءٍ عِنْدَهُ، ورَجُلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ بَعْدَ العَصْرِ كَاذِبًا فَصَدَّقَهُ فاشْتَرَاهَا بِقَوْلِهِ، ورَجُلٌ بَايعَ إمَامًا فَإنْ أعْطَاهُ وَفَّى لَهُ وإنْ لَم يُعْطِهِ لَمْ يَفِ لَهُ)).

فاتَّقِ الله يَا عبدَ اللهِ، ولا يَكُنْ شُغْلُكَ الشَّاغِلَ لَكَ أكلَ فُلانٌ مِنْ أمْوَالِ الدَّولَةِ كَذَا وأكلَ فُلانٌ كَذَا، سَألَ رَجُلٌ عُمَر بنَ الخَطَّابِ رَضِي الله عَنْهُ: أن لا أخَافَ في الله لَومَةَ لائِمٍ خَيرٌ لِي أمْ أقبِلُ عَلَى أمْرِي؟ فَقَالَ: أمَّا مَنْ وَلِي مِنْ أمرِ المُسْلِمينَ شَيئًا فَلا يَخَفْ في الله لَومَةَ لائِمٍ، ومَنْ كَانَ خِلْوًا فَلْيُقْبِلْ عَلَى نَفْسِهِ وليَنْصَحْ لأميرهِ.

أمَّا الثَّاني: فَهُوَ أنَّ ذِمَّة الإنْسَانِ تَبرأ بإنْكَارِ المُنْكَرِ والخَطأ، فَإنْ كَانَ يَسْتَطِيعُ النُّصْحَ كَأنْ يَكُونَ أكِيلَهُمْ وشَرِيبَهُمْ أو ذَا كَلِمَةٍ مَسْمُوعةٍ نَصَح وبَرَأتْ ذِمَّتُهُ، وإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ الأمْرِ شَيءٌ فَيُنْكِرُ بِقَلبِهِ ويَدْعُو لَهُ بالصَّلاحِ، فَهَذَا مِنَ النَّصِيحَةِ، سُئِلَ مَالكُ بنُ أنسٍ: أيَأتِي الرَّجُلُ إلَى السُّلْطانِ فَيَعِظُهُ ويَنْصَحُ لَهُ ويَنْدُبُهُ إلى الخَيرِ؟ فَقالَ: إذَا رَجَا أنْ يَسْمَعَ مِنْهُ، وإلاَّ فَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ.

أقُولُ هَذَا القَولَ، وأسْتَغْفر الله لِي ولكم فاسْتَغْفِرُوهُ.



الخطبة الثانية

الحمدُ لله عَلَى إحْسَانِهِ، والشُّكْرُ لَهُ عَلى تَوْفِيقهِ وامْتِنَانِهِ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وحْدهُ لا شريكَ لهُ، وأشْهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولهُ، صَلَّى الله عليهِ وعَلَى آلهِ وأصْحَابِه ومَنْ سَارَ عَلى نَهْجِهِ إلى يومِ الدِّينِ.

أمَّا بعدُ: فإنَّ الثَّالِثَ ممَّا يَجْلِبُ لِنَفْسِ المؤمِنِ النَّضْرَة والبَهْجَةَ ويُزيلُ عَنهُ الغِلَّ والغِشَّ فهُوَ مَا وَرَدَ فِي قَولهِ : ((ولُزُومُ الجَمَاعَةِ؛ فإنَّ دَعْوَتَهُمْ تَكُونُ مِنْ وَرَائِهِ)).

قَالَ ابنُ القَيِّمِ: "فإنَّ المُلازِمَ لِجَمَاعَةِ المُسْلِمينَ يُحِبُّ لَهمْ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ، ويَكْرَهُ لهُمْ مَا يَكْرَهُ لَهَا، ويَسُوؤهُ مَا يَسُوؤهُمْ، ويَسُرُّهُ ما يَسُرُّهُمْ، وهَذَا بِخِلافِ مَنِ انْحَازَ عَنْهُمْ واشْتَغَلَ بالطَّعْنِ عَلَيهِمْ والعَيبِ والذَّمِّ"، وقال: "فَهؤلاءِ أشَدُّ النَّاسِ غِلاً وغِشًّا بِشَهَادَةِ الرَّسُول والأمَّةِ عَلَيْهِمْ وشَهَادَتِهِمْ عَلى أنْفُسِهِمْ بِذَلِكَ، فإنَّهُمْ لا يَكُونُونَ قَطُّ إلاَّ أعْوانًا وظَهْرًا عَلَى أهْلِ الإسْلامِ، فَأيُّ عَدُوٍّ قَامَ للمُسْلِمينَ كَانُوا أعْوَانَ ذَلِكَ العَدُوِّ وبِطَانَتَهُ، وهَذَا أمْرٌ قَدْ شَاهَدَتْهُ الأمَّةُ مِنْهُمْ، ومَنْ لمْ يُشَاهِدهُ فَقَدْ سَمِعَ مِنهُ ما يُصِمُّ الآذَانَ ويشْجِي القُلُوبَ".

مَنْ نَظَرَ ـ أيُّهَا الإخْوَةُ ـ إلى تَعَاليمِ الدِّينِ وَجَدَ أنَّهُ جَاءَ في جَميعِ شَعَائِرِهِ بالأمْرِ بالجَمَاعَةِ والنَّهْي عَنِ الاخْتِلافِ، فَهَذِهِ الصَّلاةُ مَثلاً أُمِرَ النَّاسُ أنْ يُصَلُّوا خَلْفَ إمَامٍ وَاحِدٍ، فَتَصَوَّرُوا لَوْ أنَّ في المَسْجِدِ الوَاحِدِ إمَامَينِ، كُلُّ إمَامٍ لَهُ طَريقَةٌ، أيُّ خِلافٍ ونِزَاعٍ سَيحْصُلُ؟! ونَصَّ أهلُ العِلْمَ عَلَى أنَّ صَلاة الجُمُعَةِ لا تَجُوزُ إقَامَتُهَا في البَلَدِ الوَاحِدِ الصَّغيرِ إلاَّ في مَكَانٍ واحِدٍ إلاَّ بإذْنِ الإمَامِ الأعْظَمِ. والمرْأةُ لا بُدَّ لَهَا مِنْ وَلِيٍّ يَقُومُ بِأُمُورِهَا، فمَا الحالُ لَوْ كانَتْ وِلايَةُ المرْأةِ أو اليَتيمِ أوِ السَّفِيهِ القَاصِرِ إلى شَخْصَينِ أوْ ثَلاثَةٍ؟! أيُّ خِلافٍ ونِزَاعٍ سَيَحْصُلُ بِسَبَبِ ذَلِكَ؟! لِذَلِكَ كَانَ أهلُ العِلْمِ أشَدّ النَّاسِ حِرْصًا عَلَى لُزُومِ الجَمَاعَةِ وعَدَمِ الاخْتِلافِ عَنْ جَمَاعَةِ المُسْلِمينَ، سُئلَ أحمَدُ: أتُصَلِّي خَلْفَ مَنْ لا يَتَوَضَّأ مِنْ لَحمِ الجَزُورِ؟ فَقَالَ: ألاَ أُصَلِّي خَلْفَ الشَّافِعيِّ، ولِذَلِكَ جَاءَ حَديثٌ عَنِ النَّبيِّ عِندَ التِّرمِذِيِّ: ((صَلُّوا خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وفَاجِرٍ))؛ وذَلِكَ لِتَسْتَقِيمَ صَلاةُ النَّاسِ.

لأجْلِ ذَا جَاءَتِ الأدِلَّةُ المُحَذِرَةُ مِنَ الخُرُوجِ عَنْ جَمَاعَةِ المُسْلِمينَ وَاضِحَةً وجَلِيَّةً، رَوَى مُسلِمٌ وأحمدُ والنَّسَائيُّ مِنْ حَديثِ أبي ذَرٍّ وأبي هُرَيرَةَ وابنِ عَبَّاسٍ ـ كُلُّهُمْ بِمَعْنَى واحِدٍ ـ أنَّ النَّبيَّ قَالَ: ((مَنْ خَرَج مِنَ الطَّاعَةِ وفَارَقَ الجَمَاعَةَ فَماتَ فَمِيتَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ))، وقَالَ : ((وأنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ أمَرَني الله بِهنَّ: الجَمَاعَةُ والسَّمْعُ والطَّاعَةُ والهِجْرَةُ والجِهَادُ فِي سَبيلِ الله، فَمَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ قيْدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الإسْلامِ مِنْ رَأسِهِ، إلاَّ أنْ يَرْجِعَ، ومَنْ دَعَا بِدَعْوَى الجَاهِليَّةِ فإنَّهُ مِنْ حُثَاءِ جَهَنَّمَ))، قَالَ رَجُلٌ: وإنْ صَامَ وصَلَّى؟ قالَ: ((وإنْ صَامَ وصَلَّى)) رَوَاهُ أحمدُ والنَّسَائيُّ والتِّرمِذِيُّ وابنُ مَاجَهْ والحَاكِمُ.

بَلْ أعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ أنَّ النَّبيُّ أمَرَ بِقَتْلِ مَنْ أرَادَ تَفْريقَ جَمَاعَةِ المُسْلِمينَ، فَعَنْ عَرْفَجَةَ بنِ شُرَيحٍ الأشْجَعيِّ قَالَ: رَأيْتُ النَّبيَّ عَلَى المِنْبَرِ يَخْطُبُ النَّاسَ فقَالَ: ((إنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي هَنَّاتٌ وهَنَّاتٌ، فَمَنْ رَأيتُمُوه فَارَقَ الجَماعَةَ أو يُريدُ يُفَرِّقُ أمْرَ أُمَّةِ مُحمَّدٍ كَائِنًا مَنْ كَانَ فَاقْتُلوهُ، فإنَّ يَدَ اللهِ عَلَى الجَمَاعَةِ، وإنَّ الشَّيْطانَ مَعَ مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ يَرْكُضُ)) رَواهُ البَيْهقيُّ وغَيرُه.

يَقُولُ ابنُ عبدِالبَرِّ: "الآثَارُ المرْفُوعَةُ في هَذَا البَابِ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أنَّ مُفَارَقَةَ الجَمَاعَةِ وشَقَّ عَصَا المُسْلمينَ والخِلافَ عَلَى السُّلْطَانِ المجْتَمَعَ عَليْهِ يُريقُ الدَّمَ ويُبِيحُهُ، ويُوجِبُ قِتَالَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ". ثُمَّ تَكَلَّمَ عَلَى شُبْهَةٍ يُرَدِّدُهَا كَثيرٌ مِنَ النَّاسِ؛ وهُوَ أنَّ مَنْ خَرَج عَلَى الجَمَاعَةِ فَلا يَزَالُ مُسْلِمًا والرَّسُول قالَ: ((أُمِرْتُ أنْ أقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لا إلهَ إلاَّ الله، فَإذَا قَالُوها فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وأمْوَالَهُم إلاَّ بِحَقِّها، وحِسَابُهُمْ عَلَى الله))، قالوا: فَلا يَجُوزُ لَنَا قِتَالُ هَؤلاءِ الذِينَ خَرَجُوا عَلَينا الآنَ لأنَّهُمْ مُسْلِمُونَ، يَقُولُ ابنُ عَبدِ البَرِّ رَدًّا عَلَى هَذَا القَولِ: "أجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَى قِتَالِ مَانِعي الزَّكَاةِ، ومَعْلُومٌ مَشْهُورٌ عَنْ مَانِعِي الزَّكَاةِ أنَّهُمْ يَقُولُونَ: مَا خَرَجْنَا عَنْ دِينَنا وإنَّمَا شَحَحْنَا عَلَى أمْوَالِنَا، فَكَمَا جَازَ قِتَالُ مَانِعِي الزَّكَاةِ فَكَذَلِكَ مَنْ شَقَّ عَصَا المُسْلِمينَ وخَالَفَ إمَامَ جَمَاعَتِهِمْ وفَرَّقَ كَلِمَتَهُمْ؛ لأنَّ الفَرْضَ الوَاجِبَ اجْتِمَاعُ كَلِمَةِ أهلِ دِينِ الله المُسْلِمينَ عَلَى مَنْ خَالَفَ دِينَهُمْ مِنَ الكَافِرينَ، حَتَّى تَكُونَ كَلِمَتُهُمْ وَاحِدَةً وجَمَاعَتُهُمْ غَير مُتَفَرِّقَةٍ"، ثُمَّ قَالَ رَحِمَهُ الله: "ومِنَ الحُقُوقُ المُرِيقَةِ للدِّمَاءِ المُبِيحَةٍ للقِتَالِ الفَسَادُ في الأرْضِ وقَتْلُ النَّفْسِ وانْتِهَابُ الأهْلِ والمَالِ والبَغْيِ علَى السُّلْطانِ والامْتِنَاعِ مِنْ حُكْمِهِ".

عِبادَ الله، لَكُمْ أنْ تَتَصَوَّرُوا حَجْمَ الفَسَادِ الذِي وَقَعَ بِسَبَبِ مَا أوْقَعَتْهُ هَذِه الفِئَةِ مِنْ إفْسَادٍ فِي هَذِه البلادِ وسَفْكٍ للدِّمَاءِ، ألَيْسَ مِنْ فَسَادِهِمْ أنَّهُمْ فَتَحُوا المَجَالَ أمَامَ كُلِّ مَنْ يُريدُ إفْسَادَ هَذَا الدِّينِ؟! ألَيْسَ مِنْ إفْسَادِهِم أنَّهُمْ فَرَّقُوا كَلِمَةَ المُجْتَمَعِ الوَاحِدِ، بَلْ أحْيَانًا حَتَّى البيتَ الوَاحِدَ؟! ألَيْسَ مِنْ إفْسَادِهِمْ أنَّهُمْ جَعَلُوا النَّاسَ يَتَكَلَّمُ بَعضُهمْ فِي بَعْضٍ، فانْتَشَرَ الغِلّ والتَّحاقُد بَينَ فِئاتٍ مِنَ المُجْتَمَعِ؟! بَلْ حَتَّى في أمُورِكُمُ العَامَّة تَغَيَّرَتْ كَثيرٌ مِنْها إلى صُورَةٍ أسْوَأَ مِمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ، بِسَبَبِ مَا أوجَدَهُ فِعْلُ هَذِهِ الفِئةِ مِنْ تَفْرِيقٍ وتَشْتِيتٍ.

كُلُّ ذَلِكَ كَي تَعْلَمُوا ـ عِبادَ الله ـ أهَمِيَّةَ لُزُومِ جَمَاعَةِ المُسْلِمينَ وضَرَر الخُرُوجِ عَلَيْهَا وتَفْرِيقِهَا أو نَشْرِ الفِتْنَةِ فِيهَا، سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ [فصلت: 53].

ثُمَّ خَتَمَ النَّبيُّ هَذَه الوَصِيَّةَ الجَامِعَةَ بِعِبَارَةٍ بَدِيعَةٍ نَافِعَةٍ، يَقُولُ ابنُ القَيِّمِ: "قَولُهُ : ((فإنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ))، هَذَا مِنْ أحْسَنِ الكَلامِ وأوْجَزِهِ وأفْخَمِهِ مَعنى، شَبَّه دَعْوَةَ المُسْلِمينَ بالسُّورِ والسِّياجِ المُحيطِ بِهِمْ المَانِعِ مِنْ دُخُولِ عَدُوِّهِمْ عَلَيْهِمْ، فَتِلْكَ الدَّعْوَةُ الَّتي هِيَ دَعْوَةُ الإسْلامِ لمَّا كَانَتْ سُورًا وسِيَاجًا عَلَيْهِمْ أخْبَرَ أنَّ مَنْ لَزِمَ جَماعَةَ المُسلمينَ أحَاطَتْ بهِ تِلكَ الدَّعْوَةُ كَمَا أحَاطَتْ بهِمْ، فالدَّعْوَةُ تَلُمُّ شَمْلَ المُسْلِمينَ وتَلُمُّ شَعَثَهَا وتُحيطُ بِهَا، فَمَنْ دَخَلَ فِي جَمَاعَتِهَا أحَاطَتْ بهِ وشَمِلَتْهُ".

فاتَّقُوا الله عِبادَ الله، وعَلَيْكُمْ بالجَمَاعَةِ، فَإنَّ يَدَ الله مَعَ الجَمَاعَةِ، ومَنْ شَذَّ شَذَّ في النَّارِ.

وَصَلُّوا وسَلِّمُوا عَلى نَبيِّ الهُدَى والرَّحْمَةِ...


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن - عبد الرحمن بن علي العسكر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الوضوء - عبد الرحمن بن علي العسكر
» الرشوة - عبد الرحمن بن علي العسكر
» العجلة أم الندامات - عبد الرحمن بن علي العسكر
» العمل باليد - عبد الرحمن بن علي العسكر
» من حسن إسلام المرء - عبد الرحمن بن علي العسكر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
STARMUST2 :: خـطـب ومحاضرات KHOTAB - MOHADARATTE :: خطب و محاضرات مكتوبةKHOTAB MAKTOUBA-
انتقل الى: