molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: الهجرة - عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس الجمعة 2 ديسمبر - 5:56:51 | |
|
الهجرة
عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس
الخطبة الأولى
عباد الله: ونحن نستهل اليوم عاماً هجرياً جديداً يحسن بنا أن نستلهم من حديث هجرته صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعض الدروس والعبر نستنير بها في حياتنا, وإن لنا يا عباد الله في سياق قصة الهجرة في كتاب الله لدروس وعبر:
أولها: أن الله جل وعلا بين في كتابه أن الناس حزبان وهما قوم استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله وقال عنهم أولئك حزب الشيطان ثم بين مآل أمرهم وعاقبة مكرهم بقوله ألا إن ح+ الشيطان هم الخاسرون إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين .
وثانيهما ذكره جل وعلا وذكر عاقبة أمرهم في قوله: كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز ثم ذكر شيئاً من صفات أتباع الرسل الذين هم حزبه جل شأنه بقوله لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن ح+ الله هم المفلحون .
فأولئك حزب الشيطان وهؤلاء ح+ الله, أولئك خاسرون وهؤلاء مفلحون, أولئك استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله, وهؤلاء تجردوا من جميع حدود النفس لربهم جل شأنه فلم يقدموا على مرضاته شيئاً من محبوباتهم ومألوفاتهم.
الثانية: أن الصراع بين الحزبين ما يزال دائراً منذ أخرج الله عز وجل إبليس من الجنة وأهبط منها آدم عليه الصلاة والسلام بعضكم لبعض عدو , فإبليس وجنده حزب وأدم ومن تبعه ح+ ألم أعهد إليكم يا بني أدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ولقد أضل منكم جبلاً كثيراً أ فلم تكونوا تعقلون .
الثالثة: أن الحق قد يعتريه أحياناً مراحل وأوقات يضعف فيها أنصاره , ويقل فيها أتباعه ويشردوا ويطردوا قد نعلم أنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون فهذه سنة الله في الصراع بين الحق والباطل يبتلي أولياءه بأعدائه ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعاً فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون.
الرابعة: أن أولياء الشيطان وحزبه قد يشتدون في خصومتهم لح+ الله وأوليائه لدرجة تخرجهم حتى عما يقتضيه العقل السليم مما يصور تخبط الشيطان بهم وتلاعبه بعقولهم وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو آتنا بعذاب أليم وكان مقتضى العقل السليم أن يقولوا اللهم إن كان هذا الحق من عندك فاهدنا إليه .
الخامسة: إن حزب الشيطان حين تعييهم الحيلة في طمس نور الله الذي يحمله أولياء الله وح+ه يلجؤن إلى أساليب التشويش على أولياء الله والحيلولة دون أن يصل صوتهم إلى عامة الناس وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية والمكاء التصفير والتصدية التصفيق.
السادسة: أن ح+ الشيطان ينفقون الأموال الطائلة للصد عن سبيل الله ولكنها في النهاية تكون حسرة وندامة عليهم وسبباً في هزيمتهم إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعاً فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون .
السابعة: أن حزب الشيطان لا يتورعون عن أي وسيلة للقضاء على أولياء الله وح+ه سواء كانت هي السجن أو القتل أو إخراج من البلاد وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أي ليسجنوك ويوثقوك أو يقتلوك أو يخرجوك وقد تدارسوا هذه الأساليب الثلاثة أيها أنفع لهم في القضاء على النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته ليلة الهجرة فاستقر رأيهم على قتله صلى الله عليه وسلم كما هو معلوم في أحاديث الهجرة ولكن الله عصمه منهم وأنجاه وأتم نوره ولو كره الكافرون.
الثامنة: أن ح+ الشيطان يمكرون والله جل وعلا يمكر لأوليائه والعاقبة للمتقين والنصر للمؤمنين ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوى عزيز إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار .
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله معز من أطاعه ووالاه ومذل من خالف أمره وعصاه. أحمده سبحانه وأشكره وأثني عليه الخير كله وأستغفره.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله اللهم صلي وسلم عليه وعلى آله أجمعين.
أما بعد فيا عباد الله:
التاسعة: من الفوائد والدروس والعبر من سياق الهجرة في كتاب الله جل وعلا, أن ذلك النصر والتمكين الذي كتبه الله لأوليائه ووعدهم به له شروط لابد من توفرها منها الصبر والتقوى واليقين فلابد أن يتحلى أولياء الله وح+ه بالصبر وأن يتحلوا بالتقوى واليقين وقد اجتمعت هذه كلها على أكمل الوجوه في النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فنصره على أعداء الله وأولياء الشيطان قال جل وعلا في سورة آل عمران: وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً وقال قبلها في سورة البقرة: ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا وشيئاً نكرة في سياق النفي فتعم أي تعم كل نوع من أنواع الضرر, وقال سبحانه: وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون فلما تحلوا بالصبر واليقين نالوا الإمامة في الدين, كما سئل سفيان بن عيينة رضي الله عنه: بما تنال الإمامة في الدين؟ فقال بالصبر واليقين. وقال جل شأنه: واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين . ومنها إخلاص العبادة لله جل شأنه وحده وعدم إرادة غيره بشيء منها , قال جل شأنه وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي أرتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً ثم ذكر الشرط بقوله يعبدونني لا يشركون بي شيئاً فمن كفر بعد ذلك فأولئك هم الكافرون .
| |
|