molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: هوان الدنيا على الله - عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس الجمعة 2 ديسمبر - 5:38:24 | |
|
هوان الدنيا على الله
عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس
الخطبة الأولى
عباد الله: يقول الله جل وعلا: إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملئ الأرض ذهبا ولو افتدى به .
إن هذه الآية يا عباد الله: تصور لنا هوان الدنيا وزخرفها على الله وعظيم شأن الإيمان في ميزان الله إن فاقد الإيمان لا يقبل منه فداء ملئ الأرض ذهبا ومن الذي يملك هذا حتى يفتدي به الأرض بمساحتها الواسعة وأبعادها الشاسعة بمائها ويابسها مملوءة ذهبا ثم تقدم فداء لكافر من النار فإنها لا تفكه إنما يفكه الإيمان ولكنه لم يؤمن فما هم بخارجين من النار إن أحدا من أهل الدنيا لو ملك ملئ الأرض خشباً لا ذهبا لعددناه فينا أعظم الأثرياء فكيف بمالك ملئها ذهبا إن كلام الله يجل عن الخلق بل هو حق كما قال الله لن يقبل من أحدهم ملئ الأرض ذهبا أي ملئها ذهبا ولو افتدى به وما ذاك إلا لكونه كافرا مات على الكفر فليعي هذا جيدا من يهونون من شأن الإيمان والله سبحانه يقول في محكم ما أنزل: أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون . ويقول سبحانه: أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار ويقول جل وعلا: لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون . أما أصحاب النار فهم الخاسرون: ألا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين . فالفوز حقا هو النجاة من النار فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ومثقال ذرة من إيمان خير من ملئ الأرض ذهبا لأنه ينجي صاحبه من النار وأدنى أهل الجنة منزلا رجل له مثل ملك الدنيا عشر مرات صح بذلك الخبر عن الصادق المصدوق[1] الذي لا يخرج من فمه إلا الحق وقال فيه ربه: وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى وموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها[2] ولنصيف إحداهن خير من الدنيا وما فيها يعني نساء الجنة[3] ولو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء[4] ولكننا نراهم يشربون ويأكلون: والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم فدل ذلك أن الدنيا لا تزن عنده جل وعلا ولا جناح بعوضة والعمل الصالح الذي يؤدي إلى الفوز في الآخرة خير من كل متاع الدنيا: قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ، نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعض سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون أي والله فضل الله ورحمته خير مما يجمعون مهما بلغ جمعهم ألم تر أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه قال: ((ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها))[5]. وهما من النوافل والفرض أحب إلى الله منهما كما قال سبحانه في الحديث القدسي: ((وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه))[6] ومع ذلك فهذا شأن ركعتي الفجر خير من الدنيا وما فيها فيا أهل العقول الراجحة كيف نسوي بين المصلين وغيرهم أم كيف نسوي بين المؤمنين وغيرهم يا من هان شأن الإيمان في قلوبهم من كثرة مخالطتهم للكفار وغشيانهم أماكنهم وبلدانهم انتبهوا إلى هذه المعاني وتدبروها وأسلموا لها ولا تنكروها واعملوا لها أعمالا فذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون نفعني الله وإياكم بهدي كتابه أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
[1] صحيح البخاري (6571)، صحيح مسلم (186).
[2] صحيح البخاري (2892).
[3] صحيح البخاري (2796).
[4] سنن الترمذي (2320).
[5] صحيح مسلم (725).
[6] صحيح البخاري (6502).
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى غفرانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه أما بعد فيا عباد الله يقول الله جل وعلا: إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون ويقول الله سبحانه: إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدراً المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير أملاً . ويقول جل شأنه: اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ويقول جل وعلا: ولكن أكثر الناس لا يعلمون يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون . فالبدار البدار يا عباد الله للعمل للآخرة والاستعداد ليوم اللقاء ((من فاتته صلاة العصر فقد حبط عمله))[1]، ((من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله))[2] فيا من اشتغل بالمال والأهل والولد اشتغل بذلك عن الاستعداد ليوم الرحيل أدرك نفسك فالموت حق ولا يدري أحدنا متى يبلغ أجله.
[1] سنن ابن ماجة (694).
[2] صحيح البخاري (3602)، صحيح مسلم (626).
| |
|