molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: من وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم - عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس الجمعة 2 ديسمبر - 5:37:17 | |
|
من وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم
عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس
الخطبة الأولى
أما بعد:
فيا عباد الله صح عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((اتق المحارم تكن أعبد الناس وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس وأحسن إلى جارك تكن مؤمنا وأحب لأخيك ما تحبه لنفسك تكن مسلما ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب))[1]، إنها وصايا ثمينة تجمع خيري الدنيا والآخرة إنها أقصر طريق لأثمن مطلوب وأسمى غاية من فم أفضل رسول الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى صلوات ربي وسلامه عليه فما يخرج من فمه صلى الله عليه وسلم إلا الحق فمن منا لا يرغب أن يكون أعبد الناس وأغنى الناس مؤمناً مسلماً حي القلب إن الرغبة في ذلك حاصلة عند جميعنا ولكن ضعف الهمم يقعد بنا في كثير من الأحيان عن بلوغ القمم وإن نبينا صلى الله عليه وسلم يرسم لنا أقصر طريق للوصول إلى هذه الغايات النبيلة فليس أعبد الناس من أكثر الصلاة والصيام والصدقة وهو في الوقت نفسه والغ فيما حرم الله يأكل الربا والرشا ويفعل ما يشاء من المحرمات بلا رادع ولا وازع يردعه أو يزعه وليس أعبد الناس من يكف عن الربا ويتعامل في المصارف الإسلامية ثم في الوقت نفسه يفتح على المسلمين قنوات تفسد عليهم دينهم وتخرب عليهم ديارهم ويضع لها الدعايات تلو الدعايات في الصحف والمجلات لينبه لها الغافلين ويذكر بها الناسين وليس أعبد الناس من يتصدق بالأموال الطائلة ويبني بها الملاجئ ودور الأيتام والعجزة وهو مقيم على تعامله في تجاراته بالحرام لا يبالي من أين يدخل عليه المال أمن المراقص أم من دور القمار أم من غيرها فحاله كما قيل : أمرضعة الأيتام من +ب فرجها لك الويل لا تزني ولا تتصدقي . نعم إن الحسنات يذهبن السيئات ولكن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ولكن البحث والكلام فيمن هو أعبد الناس إن أعبد هؤلاء جميعاً مسلم يصلي الخمس ويصوم رمضان ويزكي ما عنده من مال وجبت فيه ال+اة ويحج إن كان مستطيعا ثم هو مع ذلك يتقي المحارم فيجعل بينه وبين الحرام سترا من الحلال عاملا بما صح عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم من قوله: ((اجعل بينك وبين الحرام سترا من الحلال من فعل ذلك استبرأ لدينه وعرضه ومن ارتع فيه كان كالمرتع إلى جنب الحمى يوشك أن يقع فيه وإن لكل ملك حمى وإن حمى الله في الأرض محارمه))[2] فمن فعل ذلك فهو أعبد الناس ودينه خير دين كما صح عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (( خير دينكم الورع )) وفي الحديث الآخر: ((كن ورعاً تكن أعبد الناس))[3].
أما الوصية الثانية: ((ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس ))، إنها لكبيرة إلا على الخاشعين إنها لأمر عسير إلا على من يسره الله عليه المريض منا ينظر إلى الصحيح ولا ينظر إلى من هو أشد مرضاً منه والفقير منا ينظر إلى الغني ولا ينظر إلى من هو أشد فقرا منه بل الأغنياء منا ينظر كل منهم إلى من هو أشد غنا منه وسيد الخلق صلى الله عليه وعلى آله وسلم يوصينا جميعا بقوله: ((انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم)) رواه مسلم[4] ولكنها الفتنة بحب المال والولع بجمعه والشغف بعده وتكنيزه كما صح عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لو أعطي ابن آدم واديين من ذهب لتمنى أن يكون لهما ثالثا ولن يملأ فاه إلا التراب ويتوب الله على من تاب))[5] فالقناعة شيء عظيم ومن أوتيها فقد أوتي خيراً كثيراً ومن أوتيها فهو أشكر الناس كما صح عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((كن قانعاً تكن أشكر الناس))[6] وفي هذا الحديث قال: ((ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس)) فليت شعري من منا لا يطمح ولا يرغب أن يكون أغنى الناس وأشكرهم إنها القناعة والرضا بما قسم الله لك يجمع ذلك كله وفي المتفق عليه: ((ليس الغنى من كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس))[7].
أما الوصية الثالثة: ((أحسن إلى جارك تكن مؤمناً)) وقد صح عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم في أحاديث كثيرة الوصية بالجار فمنها قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه))[8] ومنها ما صح عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه))[9] ومنها: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره))[10] فإلى متى القطيعة بين الجيران وإلى متى العداوة بينهم وإلى متى التناكر وعدم التعارف نعم لقد أغنى الله كلاً منا بواسع فضله وكرمه أغنى كلاً منا عن الآخر ولكن أين الإحسان وأين الخلق الحسن وأين حسن التعامل وأين حسن الجوار ربما مرض بعضنا وجاره لا يعلم عنه وربما مات ولا يدري عنه جاره.
اللهم إنا نعوذ بك من الخذلان اللهم أحسن أعمالنا اللهم أحسن أقوالنا اللهم اهدنا وسددنا.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
[1] مسند أحمد (2/310) ، سنن الترمذي (2305).
[2] المعجم الكبير للطبراني عن النعمان بن بشير (لم أجده في المطبوع لأنه ناقص ) أنظر صحيح الجامع الصغير .
[3] سنن ابن ماجه (4217).
[4] صحيح مسلم (2963).
[5] صحيح البخاري (6436)، صحيح مسلم (1048).
[6] سنن ابن ماجة (4217).
[7] صحيح البخاري (6446)، صحيح مسلم (1051).
[8] صحيح البخاري (6016).
[9] صحيح البخاري (6014)، صحيح مسلم (2625).
[10] صحيح البخاري ( 6019)، صحيح مسلم (47).
الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى أحمده سبحانه وأشكره وأثني عليه الخير كله وأستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ما من خير إلا ودلنا عليه وما من شر إلا وحذرنا منه صلوات الله وسلامه عليه أما بعد فيا عباد الله الوصية الخامسة: ((أحب لأخيك ما تحب لنفسك تكن مسلما)) وفي الحديث الآخر عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير))[1] فلا شحناء ولا بغضاء ولا عداوات بين المسلمين إنما هو التسامح وحب الخير للغير أحب له ما تحب لنفسك أما الوصية السادسة: ((ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب)) فأين أهل اللهو وأين أهل العبث الذين يقضون أوقاتهم في الضحك وفي اللعب يقضون أوقاتهم في اللهو والعبث يقضون أوقاتهم في الضحك حتى تموت قلوبهم وتعرض عن الله جل وعلا أما الضحك والتبسم فهو هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما سئلت عنه عائشة رضي الله عنها وأرضاها فقالت: كان بساما[2] صلوات الله وسلامه عليه أي لا تفارق البسمة ثغره صلوات الله وسلامه عليه تلكم هي وصاياه صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا الحديث العظيم ولكن المسدد من تمسك بها وقد رأينا أقواما معرضون عنها ورأينا أقواما متمسكون بها وكل من هذا وهذا موجود في المسلمين اليوم لقد رأينا رجلا شلت أطرافه الأربعة وهو في المستشفى منذ أكثر من عشرين عاما ومع ذلك له همة عالية وله قلب قوي يدعو إلى الله أسلم على يديه بضع عشر رجلاً من النصارى من أطباء وممرضين وغيرهم وإذا جلست معه تحقر نفسك عنده وكأنه سليم معافى نسي أنه ابتلي في أطرافه الأربعة ورأينا جبلات من الناس لم يصبهم من العاهات ولم يصبهم من البلايا عشر معشار ما أصاب هذا ومع ذلك يتسخط من قضاء الله وقدره ويتذمر ولا يرضى بما قسم الله له ورأينا أقواما عندهم من المال ما لو أنفق على بعض الدول الإسلامية لكفاها ومع ذلك سمعنا منهم أقواما يقولون: ما نحن بجنب فلان وما تأتي أموالنا بجنب فلان ويشددون على المقترضين منهم ولا ينفقون بعض +اواتهم ولا يحسنون ولا يبتغون فيما آتاهم الله الدار الآخرة ورأينا أقواما يستدينون من الناس ليفكوا كرب أقوام ويفرجوا على الناس كربهم فلله ما أحسن هؤلاء ولله ما أخسر أولئك.
نسأل الله العلي العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يهدينا لأرشد الأقوال والأفعال لا يهدي لأرشدها إلا هو وأن يصرف عنا سيء الأقوال والأفعال والأهواء والأدواء لا يصرف عنا سيئها إلا هو.
[1] صحيح البخاري (13)، صحيح مسلم (45).
[2] صحيح البخاري (4829)، صحيح مسلم (899) بمعناه.
| |
|