molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: عظمة الإسلام - عبد الرحمن بن الصادق القايدي الخميس 1 ديسمبر - 8:19:01 | |
|
عظمة الإسلام
عبد الرحمن بن الصادق القايدي
الخطبة الأولى
أحبابنا في الله، ديننا الإسلامي هو الدين القويم الذي فيه صلاح العباد والبلاد، وهو أعظم المنن التي من الله بها علينا، يجب أن نعرف هذا ونستشعره. ولقد تكفل المولى لمن سلك طريق الإسلام بسعادة الدنيا والآخرة. إنه الدين الذي ينبغي لنا أن نفتخر به وأن نتشرف بالانتساب إليه، فمن لم يتشرف بهذا الدين ويفخر به فليراجع إسلامه، فإن في قلبه شكا وضعف يقين.
إن الحق تبارك وتعالى يخاطب حبيبه وخليله قائلا: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ أي: شرف لك وشرف لقومك وشرف لأتباعك إلى يوم القيامة.
ومـــمـــــا زادنـــي شــــرفـــا وتيــــهــــا وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك: يا عبادي وأن صيرت أحمد لي نبيــــا
إن الشرف العظيم أن تكون من عباد الله الصالحين، وأن تعمل الصالحات وتجتنب السيئات. إن الشرف أن ندعو لهذا الدين وأن نتبع سنة سيد المرسلين . ولقد أدرك السلف الصالح عظمة هذا الدين، وتفاعلوا معه، وقدموا أنفسهم وأموالهم رخيصة في سبيل هذا الدين العظيم.
أيها المؤمنون، لقد كان الإسلام هو شرفهم الأول وغاية آمالهم، فهذا الصحابي الجليل عبد الله بن أم مكتوم الذي يقول له النبي : ((مرحبا بالذي عاتبني فيه ربي))، يقصد بذلك قوله تعالى: عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى. هذا الصحابي الضرير لما أتى داعي الجهاد في سبيل الله وارتفعت راية الإسلام ونادى النفير للجهاد أراد أن يشارك معهم، فيقول له الصحابة: إنك معذور أنت أعمى، وذلك لقوله تعالى: لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ، فيجيبهم: لا والله، لا عذر لي وربنا يقول: انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً. فلما حضرت المعركة أعطوه الراية وقالوا له: إياك أن نؤتى من قبلك، أي: احذر أن يدخل علينا العدو من جانبك. فاسمعوا ما كان جوابه، قال: بئس حامل القرآن إن أتيتم من قبلي. الله أكبر! أي: ما فائدة القرآن الذي أحفظه وأتفاعل معه إن فررت أو ارتبكت. فوقف في مكانه، وصمد حملا الراية حتى قتل شهيدا.
وهذا فارس آخر من فرسان الإسلام العظام الذين تربوا على يد محمد ، فقدموا للبشرية الشرف العظيم في انتمائهم للإسلام وتشرفهم به، إنه جليبيب ، ذلك الصحابي الذي لم يكن يملك من الدنيا إلا الإيمان الذي ملأ قلبه فأضاء له الدنيا. جاء جليبيب إلى رسول الله فنظر إليه ثم تبسم وقال: ((يا جليبيب، أتريد الزواج؟)) فقال: يا رسول الله، من يزوجني ولا أسرة عندي ولا مال ولا دار ولا شيء من متاع الدنيا، فقال له: ((اذهب إلى ذلك البيت من بيوت الأنصار، فأقرئهم مني السلام وقل لهم: إن رسول الله يأمركم أن تزوجوني))، فذهب وطرق عليهم الباب، فخرج رب الأسرة ورأى جليبيبا، فقال له: ماذا تريد؟ فأخبره الخبر، فعاد إلى زوجته فشاورها ثم قالوا: ليته غير جليبيب؛ لا نسب ولا مال ولا دار، فشاوروا الفتاة فقالت: وهل نرد رسول الله ؟! فتزوجها. وحضر النبي غزوة من الغزوات، فلما كتب الله لهم النصر قال النبي لأصحابه: ((هل تفقدون من أحد؟)) قالوا: نعم، فلانا وفلانا وفلانا، ثم قال : ((لكني أفقد جليبيبا فاطلبوه))، فطُلب في القتلى فوجدوه مقتولا إلى جنب سبعة قد قتلهم، فأتى النبي فوقف عليه فقال: ((قتل سبعة ثم قتلوه، هذا مني وأنا منه، هذا مني وأنا منه)) مرتين أو ثلاثا، ثم وضعه على ساعديه ما له سرير إلا ساعدا رسول الله ، ثم حفر له ووضع في قبره. رواه مسلم وأحمد.
فانظروا -رحمكم الله- إلى هذا الرجل الذي يفتخر به النبي ويضع ساعديه وسادة له حتى يحفر له القبر إكراما له وتمجيدا لصنيعه، حيث إنه كما نقول اليوم: في شهر العسل، ومع ذلك لما سمع النفير ترك الدنيا ومتاعها من أجل نشر وتقوية دين الله، مع أنه فقير، لكنه ممن تشرف بالإسلام وانتسب إليه.
أحبتي في الله، استمعوا إلى قصة من قصص الفاروق عمر بن الخطاب حينما خرج إلى القدس ليتسلم مفاتيح بيت المقدس -أسأل الله أن يعيده لنا قريبا-، يخرج عمر على حاله المعروفة، فيستعرض الجيش الإسلامي العظيم، ويتفحصه، ويقول قولته المشهورة: (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله). نعم، صدقت يا عمر، لن يكون للأمة عزة ولا نصر ولا تمكين إلا بالإسلام. ثم يقترب عمر من أبي عبيدة فيعانقه ويبكي طويلا، فيقول عمر: يا أبا عبيدة، كيف بنا إذا سألنا الله تعالى يوم القيامة: ماذا فعلنا بعد رسول الله؟ فيقول أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين، تعال نتباكى ولا يرانا الناس، فانحرفا خلف شجرة ثم بكيا طويلا والجيش ينظر إليهما رضوان الله عليهم أجمعين، إنهم يبكون لقوة إيمانهم ويقينهم بأن الله يراهم ويعلم ما في قلوبهم، وهم كأنهم يرونه رأي العين، وهذا هو الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
إنها القلوب الحية بالإيمان المليئة باليقين، أما قلوبنا نحن فإنها في غفلة إلا من رحم الله، فحين يقابل شخص صديقه فأول عمل يبادره به: ما آخر نكتة؟ فيتضاحكان ويتمايلان. إنها الغفلة الرهيبة والفراغ الروحي وضعف اليقين، فهل سأل أحد منا نفسه: ماذا فعلنا بعد رسول الله ؟ هل حافظنا على سنته والتزمنا بها؟! هل اتبعنا ملته أم اكتفينا بحضور المولد وحركنا رؤوسنا يمينا وشمالا ومع ذلك لا نرى فينا باكيا ولا حزينا على ما وصل إليه حالنا وحال المسلمين من بعدٍ عن سنته ؟!
اللهم إنا نشكو إليك قسوة قلوبنا وغلظ أكبادنا، فارحمنا اللهم برحمتك، ورقق قلوبنا يا أرحم الراحمين.
نفعني الله وإياكم بالقرآن والسنة...
الخطبة الثانية
وبعد: إخوة الإسلام، لكي يستمر الإسلام غضّا طريا في قلوبنا يجب أن ينشأ أبناؤنا على تعاليم الإسلام وشرائعه، يجب علينا أن نعظم شعائر الله في قلوبهم ونربيهم على تعظيم الله تعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وأن نشعرهم بأن الخير من الله وحده، ولا يدفع الشر إلا الله، وأن أمورنا إنما تكون بأمره تعالى، فهو المتصرف كيف يشاء، وأن نطلب حاجاتنا ورغباتنا منه وحده، نأكل باسم الله، ونخرج متوكلين على الله، ندرس ابتغاء مرضاة الله.
وكذلك يجب أن نعظم في قلوب أبنائنا القرآن الكريم حفظا وتلاوة، ونشعرهم بعظمة هذا القرآن وما فيه من خير وسعادة، لا سيما ونحن نعيش عصر الكمبيوتر والإنترنت وكثرة الملهيات وتنوعها، والتي جعلت أبناءنا وبناتنا دائما ملتصقين بالأجهزة، لا يرغبون أن يفعلوا شيئا إلا كرها، تضجر وتململ ولا حول ولا قوة إلا بالله.
كذلك يجب أن يعظم في نفوسهم وقلوبهم حب رسول الله وذكر سيرته وجهاده ورحمته وشفقته، وأنه الرحمة المهداة، وكثرة الصلاة والسلام عليه، وتقديم حبه على كل شيء بعد حب الله تعالى.
أيها الأحبة، كل ما ذكرناه نماذج رائعة لتكون لنا فيها الأسوة والقدوة في التشرف بالإسلام والاعتزاز به والتوكل والاعتماد على الله.
فاتقوا الله عباد الله، واعرفوا الإسلام حق المعرفة، ولا يجرفنكم التيار الخبيث، فتخسروا الدنيا والآخرة.
ثم صلوا وسلموا على من سماه ربه رؤوفا رحيما...
| |
|