molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: خطبة عيد الفطر: الإحسان بعد رمضان - عبد الحميد بن جعفر داغستاني الإثنين 28 نوفمبر - 4:39:42 | |
|
خطبة عيد الفطر: الإحسان بعد رمضان
عبد الحميد بن جعفر داغستاني
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي هدانا للإسلام وما كنا لهنتدي لولا أن هـدانـا الله، والحمد لله الـذي فضـل شهر رمضان المبارك على سائر الشهور وجعله موسما عظيما من مواسم الخيرات، فيه يتنافس المؤمنون على الطاعات والبذل والمعروف والحسنات، تضاعف فيه الأعمال الصالحات، وتقال فيه العثرات، وترفع فيه الدرجات، وتجاب الدعوات، وهو شهر الخيرات والبركات، وشهر المواساة، يزاد فيه رزق المؤمن، ويزداد المؤمنون إيمانا إلى إيمانهم، فيتنافسون فيه على التراويح وقيام الليل وتـلاوة القـرآن العظيم وبذل الصدقات والإحسان إلى ذوي الحاجات من الأقارب والجيران والمعوزين عملا بقوله تعالى: وَسَارِعُواْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مّن رَّبّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَـٰوٰتُ وَٱلاْرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِى السَّرَّاء وَٱلضَّرَّاء وَٱلْكَـٰظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَـٰفِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ [آل عمران:133، 134]. وقوله تعالى: وَأَحْسِنُواْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ [البقرة:195].
والآيات التي تدعو إلى الإحسان كثيرة كثيرة، ألا فلنواصل الإحسان في رمضان بالإحسان في شوال وبقية الشهور، فرب الزمانين واحد، واعلموا رحمكم الله أن علامة قبول الحسنة عمل الحسنة بعدها، ومن علامة ردها عمل السيئة بعدها، إن هذا مما ينبغي أن يعلمه العبد الذي يفرح برحيل رمضان ثم يبادر إلى مبارزة ربه بالتمرد والعصيان.
الله أكبر كلما صام صائم وأفطر، وكلما أورق الشجر وأثمر، وكلما هلل هلال وأقمر، وكلما هطل المطر وانهمر، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
عباد الله، أنيبوا إلى الله وادعوه مخلصين له الدين، أخلصوا العبادة، وأخلصوا الدعاء، وأخلصوا الخوف والرجاء، وتوكلوا في كل أموركم عليه، واستعينوا به فهو المعين وهو نعم الوكيل، وهو المغيـث وهـو القريب المجيـب لمن دعاه بصدق وإخلاص قال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة:186]، فلنستجب لله ولنؤمن برسوله ولنتذكر باجتماعنا هذا اجتماع الأمم بين يدي الله يوم القيامة في ساحة المحشر وهم حفاة عراة، كما بدأهم الله يعودون ويحشرون في صعيد واحد، يسمعهم الداعي وينفذهم البصر، فالمؤمنون تتلقاهم الملائكة بالبشارات والتهاني بالأمان من العذاب، يقول الملائكة للناجين يوم القيامة: أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ [فصلت:30]. ويصف الله المؤمنين في ذلك اليوم فيقول: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ ضَـٰحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ [عبس:38، 39].
أما الكفار فيصفهم بقوله: وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْكَفَرَةُ ٱلْفَجَرَةُ [عبس:40-42].
الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر عدد ذنوبنا حتى تغفر.
سبحان من تعطف بالعز وتكرم به، سبحان من لا ينبغي التسبيح إلا له: فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ ٱلْحَمْدُ فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ [الروم:17، 18]. اللهم كما بعثت فينا نبيك محمدا فاعمر لنا منازلنا ولا تؤاخذنا بسوء أفعالنا وارحمنا يا أرحم الراحمين، اللهم كما لطفت بعظمتكم فوق اللطفاء، وعلوت بعزتك على العظماء، اجعل لنا من كل هم وغم أصبحنا فيه فرجا ومخرجا، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد بن عبد الله نبي الرحمة ورسول الهدى عدد من صلى عليه منذ بعثته إلى يوم القيامة، اللهم صل وسلم عليه عدد من يصلي عليه من يومنا هذا إلى يوم القيامة، اللهم شفعه فينا واحشرنا تحت زمرته وتحت لوائه واسقنا من حوضه شربة هنيئة مريئة لا نظمأ بعدها أبدا، اللهم ارزقنا عيشا قارا ورزقا دارا وعملا بارا، الله اجعل اجتماعنا هذا مرحوما وتفرقنا بعده معصوما.
عباد الله، جملوا عيدكم بالطاعات وبمواصلة فعل الخيرات، وبر الوالدين وصلة الأرحام، والعطف على الأقارب والفقراء والأيتام، وسارعوا إلى إصلاح ذات البين، فهذا العيد أعظم مناسبة لذلك، وأوفوا الكيـل والميزان، وقدموا حكم الله على هوى النفس فلا يؤمن أحدنا حتى يكون هـواه تبعا لما جاء به الرسول واعلموا أن: ((الظلم ظلمات يوم القيامة)) [حديث متفق عليه] [1]، وقال رسول الله : ((من ضار ضار الله به، ومن شاق شق الله عليه)) [رواه الترمذي] [2].
ألا فلنربِّ أولادنا على الإسلام، ولنعلمهم الاقتصاد في الإنفاق وحسن التدبير، وصرف الأموال في مواضعها في العيد، ولنحصن البالغين بالزواج عملا بقوله : ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج))[3]، فيا أيها الشباب المستطيع للزواج هلا بادرت إلى ذلك؟؟.
ويا أيها الولي الذي ائتمنك الله على البنات هلا سارعت إلى تزويجهن وتيسيـر مهورهن؟ لا يأتي العيد المقبل إلا وقد زوجتهن بالأكفاء الذين يحافظون عليهن.
الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين.
[1] أخرجه البخاري في المظالم والغصب، باب: الظلم ظلمات يوم القيامة (2447)، ومسلم في: البر والصلة، باب: تحريم الظلم (2579) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
[2] أخرجه الترمذي في البر والصلة، باب: ما جاء في الخيانة والغش (1940)، وأبو داود في: الأقضية، باب: من القضاء (3635)، وابن ماجه في: الأحكام، باب: من بنى في حقه ما يضر بجاره (2242)، من طريق لؤلؤة عن أبي حرمة، وقال الترمذي: "حديث حسن غريب". وفيه لؤلؤة مقبولة كما في التقريب (8775) ولم يرو عنها سوى محمد بن يحيى، لكن له شاهد من حديث أبي سعيد الخدري أخرجه الحاكم (2/57-58) والبيهقي (6/69)، ولذا حسنه الألباني في صحيح الترمذي (1584).
[3] أخرجه البخاري في: النكاح، باب: من لم يستطع الباءة فليصم (5066)، ومسلم في: النكاح، باب: استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه (1400) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
الخطبة الثانية
الحمد لله معيد الجمع والأعياد، وجامع الناس ليوم لا ريب فيه، إن الله لا يخلف الميعاد، أحمده سبحانه على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إليه المرجع والمآب وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً إمام الأتقياء وسيد الأولياء، فصلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين.
الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا.
اعلموا عباد الله أن الصدقة تمحو الخطيئة وتطفئ غضب الرب وتقي مصارع السوء، فلا ينبغي للمؤمن أن ينسى من حرم من إخوانه المسلمين من فرحة العيد بمجاعة أهلكت أو حرب دمرت، واعلموا أن من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، فلنتذكر الفقراء والمحتاجين ولا سيما إخواننا المتضررين بالجفاف في أفريقيا، ولنتذكر المجاهدين في سبيل الله في كل مكان ولا سيما في بلاد الأفغان، اللهم أيدهم بنصرك وأعزهم بقدرتك، اللهم سدد سهامهم، وزلزل الأرض تحت أقدام أعدائهم، وألف ذات بينهم يا سميع الدعاء.
ألا فليحذر المسلمون من التكبر ومظاهره، فإن المتكبرين يحشرون يوم القيامة كأمثال الذر يدوسهم الناس بأقدامهم، ولتحافظ الحرة المسلمة على زينتها فلا تتبرج ولا تتعطر ولا تظهر زينتها لغير المحارم فالله يقول: وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ ٱلأولَىٰ [الأحزاب:33].
فلنفرح بدون بطر، ولنتنزه دون تكشف واختلاط، ولنكبر الله فإن التكبير شعار المسلمين في أعيادهم.
الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
ولا ننسى صيام ستة أيام من شوال فالرسول يقول: ((من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال فكأنما صام الدهر كله)) [رواه مسلم] [1].
[1] أخرجه مسلم في: الصيام، باب: استحباب صوم ستة من شوال إتباعاً لرمضان (1164) من حديث أبي أيوب رضي الله عنه.
| |
|