molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: الاستئجار- عبد الحميد بن جعفر داغستاني الإثنين 28 نوفمبر - 4:31:50 | |
|
الاستئجار
عبد الحميد بن جعفر داغستاني
الخطبة الأولى
أما بعد :
يا عباد الله: اتقوا الله ربكم وتوبوا إليه وتعلموا أمور معاملاتكم كما تتعلمون أمور عباداتكم سواء بسواء، واعلموا أن للإجارة شروطاً منها: معرفة المنفعة المعقود عليها، مثل الإجارة على بناء حائط يجب أن يذكر طوله وعرضه ومكانه، ومثل إجارة الدار تعرف صفتها وموقعها ومدة استئجارها، ومثل استئجار آدمي لخدمة سنة أو سنتين أو يوم أو أيام .
والشرط الثاني : أن يكون النفع المعقود عليه مباحاً فلا تجوز المنافع المحرمة كاستئجار الرجل أو المرأة للغناء المحرم وللزمر والطرب والنياحة، ولا يجوز إجارة دار أو دكان ليباع فيه محرم كالخمر والدخان وكأشرطة الفيديو الخليعة التي تفسد أخلاق وعقائد الناس .
ولا يجوز بل يحرم تأجير مبنى أو دار معارض ودكاكين لفرد أو مؤسسة أو شركة ربوية تأخذ أموال الناس بالباطل وتودعها لديها لترابي بها باسم العمولة والفائدة تلبيساً على الناس وحرباً لله وللرسول: يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تَظلمون ولا تُظلمون [البقرة:278-279].
والشرط الثالث من شروط الإجارة: معرفة الأجرة فعن أبي سعيد الخدري مرفوعاً إلى النبي أنه: (( نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره )) ( رواه أحمد )(2).
وتصح يا عباد الله إجارة كل ما أمكن الانتفاع به مع بقاء عينه كالدور والدكاكين والدواب، والسيارات والآدميين للقيام بعمل ما وفق الشروط السابقة.
أما ما تذهب وتفنى عينه بالاستعمال كالطعام والشراب فلا تجوز إجارته بل يجوز بيعه .
ويشترط معشر المؤمنين كذلك أن يملك المؤجر النفع المتعاقد عليه ،فلا يجوز أن يؤجر ما لا يملكه وما ليس عنده كبيت جاره أو دكان صديقه أو عامل أو بناء غيره .
ويشترط في عقد الإجارة أن يكون النفع مقدوراً على تسليمه، فلا يؤجر عبده الشارد ولا يؤجر ما غصب منه وهو لا يستطيع رده من غاصبه كمن يريد أن يؤجر بيتاً له قد غصبه منه وأخذه على وجه القوة والقهر رجل ذو سطوه أو سلطان أو نفوذ ، فلا يجوز تأجير ذلك البيت المغصوب إلا لمن يقدر على إرجاعه، وبعد بيان أنه مغصوب منه . وإذا استـوفى المستأجر العمل فليعط الأجر فقد قال النبي : (( أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه ))(3)رواه ابن ماجة .
ومن الناس من يتساهل في هذا فيؤخر أجور عماله ومستخدميه عمداً، وقد لا يستطيعون مقاضاته أو شكايته لعدم وجود ما يثبت أجورهم وحقوقهم، أو لخوفهم من كفيلهم، أو لسطوة وسلطان رب العمل، أو رغبة في البقاء في هذا البلد الطيب.
وبعض الناس يؤخر أجور عماله ليودعها في المؤسسات الربوية ليأخذ على تلك الأموال الفائدة والربا الحرام ، وهذا إفراز طبيعي للربا، فإنه ما قام في مجتمع إلا دمره ، ولا في أمة إلا أهلكها ، فتتولد منه المصائب والمشاكل وكذلك كل أمر خبيث، فإن عاقبة السيئة السيئة بعدها، وعاقبة الحسنة الحسنة بعدها.
وبعض أرباب الأعمال يؤخر أجور عماله حتى إذا ما ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وتكاثرت عليهم الديون وصاح أولادهم وأهليهم من الحاجة والفاقة يرضون أن يتنازلوا بعد مساومة مع رب العمل عن جزء من حقوقهم مقابل أن يحصلوا على الجزء الباقي .
ومن ظلم الأجير يا عباد الله أن يعطي رب العمل الأجر مجزءاً ومقطعاً مع إمكانية تسليمه كاملاً بحجة إمساك العامل لديه ، ومن ظلم الأجير كذلك أن يتعاقد معه في بلاده ويعرض عليه الأجر، وهذا العامل المسكين عندما يصل من بلاده ويفاجأ بأن أجره ذلك لا يكفي حتى لطعامه أو لشرابه .
ألا فلنتق الله في أجرائنا ولنعطهم أجورهم ولا نأكل منها شيئاً، يقول : (( ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة: رجل أعطي بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يوفه أجره ))(1).
(2) في المسند 3/59 .
(3) سنن ابن ماجه : كتاب الرهون ، باب أجر الأجراء 2/817 .
(1) أخرجه البخاري في صحيحه : كتاب البيوع باب إثم من باع حرا 3/41 ، سنن ابن ماجه 2/816 ، رقم الحديث 2442 .
الخطبة الثانية
لم ترد.
| |
|