molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: الإيمان بالملائكة - عبد الباري بن عوض الثبيتي الخميس 24 نوفمبر - 5:58:41 | |
|
الإيمان بالملائكة
عبد الباري بن عوض الثبيتي
الخطبة الأولى
أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]، وقال الله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [فاطر:1]. هذه الآية تبيّن مظاهر قدرة الله تعالى، وآثار قوته المشهودة في خلق السموات والأرض، وفي خلق الملائكة العظام، الذين خلقهم من نور، وجعلهم رسلاً في تنفيذ أوامره، وتبليغ وحيه وأحكامه، اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ [الحج:75]، وزاد في خلقهم جمالاً وقوة أنْ جعلهم أصحاب أجنحة مثنى وثلاث ورباع، يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. ودقة المصنوع تدل على عظمة الصانع.
الملائكة آية من آيات الله، قال : ((أُذِن لي أن أحدّث عن مَلَكٍ من ملائكة الله من حملة العرش، إن ما بين شَحْمَةِ أُذُنِهِ إلى عَاتِقِهِ مسيرة سبعمائة عام)) رواه أبو داود[1]. كل حركة في السموات والأرض من حركات الأفلاك والنجوم والشمس والقمر والسحاب والنبات والحيوان فهي ناشئة عن الملائكة الموكّلين بالسموات والأرض، قال تعالى: فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا [النازعات:5]. لهم مقامات مختلفة: وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ [الصافات:164].
أثر الإيمان بالملائكة كأثر الإيمان جملة، له آثار عقدية وسلوكية تقرّب العبد من ربه، وتشعره بحلاوة الإيمان، ولهذا كان الإيمان بالملائكة من البرِّ ودليل التقوى، قال تعالى: وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ [البقرة:177]. نطق الحديث الشريف بمشهد عادل من مشاهد عبادتهم، تُبْرِزُ جلالة عملهم وشموخ طاعتهم، قال : ((إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أَطَّتِ السَّمَاءُ وحُقَّ لها أن تَئِطَّ، ما فيها موضع أربع أصابعَ إلا وفيها ملك واضع جَبْهَتَهُ ساجدًا لله)) رواه الترمذي وأحمد[2]. سعادة أبدية واستقامة لا غَبَشَ فيها، لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6]، يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ [الأنبياء:20].
إن هذه النصوص تدفع أولي الألباب إلى الاتصاف بصفة الملائكة، بالتسبيح والحمد والثناء، قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم، لاسيما والقلب البشري سريع التقلّب، سريع النسيان، يشرق ويفيض بالنور، فإذا طال عليه الأَمَدُ بلا تذكير ولا ذكرٍ تبلّد وقسا وأظلم وأَعْتَم. إن النفس التي بين جوانحنا تفتقر إلى خلوة بعض الوقت في الذكر، وانقطاع عن شواغل الأرض وضجّة الحياة في عبادة للرب وترتيل للقرآن.
سلك الملائكة موكب الثناء والحمد، وحياتهم كلها عبادة وتسبيح، فإذا كان يوم القيامة قالت الملائكة جميعًا: ((سبحانك ما عبدناك حق عبادتك، إلا أنا لا نشرك بك شيئًا)) رواه الطبراني[3].
والمسلم مهما بلغ في العبادة، وبذل في الدعوة، وأنفق من مال فلن يبلغ مقدار عبادة الملائكة، فهو أولى بنَبْذِ الكِبْر في الطاعة، والاغترار بالعمل، والعُجْب المُحْبِط.
أقسم سبحانه بطوائف منهم: وَالصَّافَّاتِ صَفًّا [الصافات:1]، وفيهم يقول الرسول : ((ألا تَصُفُّونَ كما تَصُفُّ الملائكة عند ربها))، فقلنا: يا رسول الله، كيف تَصُفُّ الملائكة عند ربها؟ قال: ((يُتِمُّون الصُّفُوفَ الأُوَلَ، وَيَتَرَاصُّون في الصَّفِّ))[4]. وهذه دعوة إلى حسن النظام وإتقان العمل؛ استجابة للشارع واقتداءً بالملائكة الكرام، فتصطف الخلائق على نسق واحد في الأرض والسماء. ألا ما أروعها من صورة، وأعظمه من دين!
عددهم لا يُحصَى، فقد أجاب جبريل النبي لما سأله عن البيت المعمور الذي في السماء السابعة، فقال: ((هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملكٍ، إذا خرجوا لم يعودوا إليه آخر ما عليهم)) رواه البخاري ومسلم[5]. هذه عظمة المخلوق فكيف بالخالق!
تصلي الملائكة على من يحضر وينتظر صلاة الجماعة: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه[6]، وعلى الصف الأول[7]، وعلى معلّم الناس الخير[8]، ومن صلّى على النبي صلت عليه الملائكة[9]، وصلاة الملائكة لها تأثير في هدايتنا وإخراجنا من ظلمات المعاصي والذنوب إلى النور، قال تعالى: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [الأحزاب:43]. والصلاة من الملائكة للمؤمنين الاستغفار والدعاء لهم، تشفع الملائكة في المذنبين، ومن دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك الموكّل به: آمين، ولك بمثل[10].
تنزل الملائكة بالسكينة لقراءة القرآن، قال لأُسَيد بن حُضَير : ((تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو قرأت ـ أي: بقيت ـ تقرأ لأصبحت ينظر الناس إليها لا تَتَوارَى منهم)) رواه البخاري[11].
ومن أعمالهم تسجيل أعمال البشر وحفظها: إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:17، 18]، والإنسان بمحضر الكرام من الناس يحتشم في سلوكه، ويستحي أن يُسِفّ في قول أو يَتَبَذّل في حركة، فكيف به في حَضْرة حَفَظَة من الملائكة الكرام؟!
إن هذه الآيات تَسْتَجِيشُ القلب، وتُحرّك المشاعر؛ كي لا يصدر من المسلم إلا كريم الخصال وسَامِق الصفات، لا فرق بين خلوته وجَلْوته، هذا يُنمّي الشعور بالمسؤولية ودوام المراقبة لله، فهو في قرارة نفسه يعلم أن هناك ملائكة ترافقه، تحصي عليه كل لحظة من لحظات حياته، وكل حركة من حركاته، وهذا يبين أهمية الأدب مع الملائكة، والخجل من اقتراف المعصية، فيكون إيمانه بالملائكة حافزًا لعمل الخير وترك الشر، وحصنًا من الوقوع في المنكر، قال تعالى: أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ [الزخرف:80]، قال تعالى: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ [الرعد:11].
وَكَلَّ سبحانه بابن آدم ملائكة يتعاقبون بالليل والنهار، يحفظونه من المضار، يُحَصِّنُونه من المهلكات، لا يفارقونه، بل يرافقونه من بين يديه ومن خلفه، وفي صحيحي البخاري ومسلم: ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار))[12]. قال مجاهد: "ما من عبدٍ إلا له مَلَكٌ موكّل يحفظه في نومه ويقظته، من الجن والإنس والهوام، فما منها شيء يأتيه يريده إلا قال له الملك: وراءك، إلا شيء أذن الله فيه فيصيبه"[13]. فلك الحمد ـ يا ربنا ـ على كريم فضلك، وجزيل عطائك.
الملائكة ـ إخوة الإسلام ـ لا تدخل بيتًا فيه تمثال أو صورة أو كلب، قال النبي : ((لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة)) رواه البخاري ومسلم[14]. فهل يفرّط العاقل في حفظ الملائكة من أجل كلب أو صورة.
من عِظَمِ خلق الله وجلال إبداعه أنّ الملائكة تتمثّل حسب المناسبة، فقد جاء جبريلُ عليه السلام بصورة بشرٍ سوي الخِلقة مريمَ عليها السلام، يبشّرها بغلامٍ +يٍّ هو المسيح عيسى ابن مريم، وجاء إلى إبراهيم عليه السلام ملائكةٌ في صورة شباب حِسَان ضيوف، وبشّروه بغلام: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنكَرُونَ [الذاريات:24، 25]. وكان جبريل يأتي النبي بصورة رجل أعرابي، كما في يوم بني قريظة، فلما رجع رسول الله من الخندق وضع السلاح واغتسل، فأتاه جبريل عليه السلام وهو ينفض رأسه من الغبار، فقال: ((قد وضعتَ السلاح! والله ما وضعتُه، أخرج إليهم)). قال النبي : ((فأين؟)) فأشار إلى بني قريظة، فخرج النبي ، رواه البخاري ومسلم[15]. قال أنس : (كأني أنظر إلى الغبار ساطعًا في زُقَاقِ بَنِي غَنْم مَوْكِبَ جبريل صلوات الله عليه، حين سار رسول الله إلى بني قريظة) رواه البخاري[16].
تنزل الملائكة على المؤمنين بالتأييد والنصرة: إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا [الأنفال:12]، وهذا يورث العزّة في نفوس الصادقين، بتحقّق مَدَد وأنصار لمن نصر الدين. ثبت أن النبي قال لحسان: ((اهْجُهُمْ ـ أي المشركين ـ أو هَاجِهِمْ وجبريلُ معك))[17]، وقال: ((إن رُوحَ الْقُدُسِ مع حَسَّانَ مَا نَافَحَ عن رسول الله ))[18].
وإذا أحبّ الله عبدًا نادى جبريل: إن الله يحب فلانًا فأحبه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القَبول في الأرض[19]. وهذه ثمرة الطاعة ونور العبادة، حُبٌّ في الملأ الأعلى يفيض على الأرض قبولاً، ومن أهلها حُبًّا، ومن شؤم المعصية غَضَبٌ في الملأ الأعلى، وبغضٌ في الأرض وصدود من الخلق.
ولله ملائكة سيّاحون في الأرض يبلّغون رسول الله سلام أمته وصلاتهم عليه. ومن الملائكة من وُكلَ بنفخ الأرواح في الأجِنَّةِ وكتابة الآجال والأعمال والأرزاق. وإسرافيل صاحب الصور ينفخ فيه بأمر الله النفخة الأولى، فيهلك من في السموات إلا من شاء الله، ثم ينفخ فيه النفخة الثانية للبعث للحياة بعد الموت.
خَزَنة النار ملائكة أقوياء أشدّاء، لا يُقاوَمُون ولا يُغَالَبُون، وعلى جهنم تسعة عشر من الملائكة، عن ابن مسعود قال: قال رسول الله : ((يؤتَى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زِمَام، مع كل زِمَام سبعون ألف ملك يجرّونها))[20]، وفي حديث الإسراء واجتماعه بالأنبياء عليهم السلام، حانت الصلاة كما قال : ((فَأَمَمْتُهُم فلما فرغت من الصلاة، قال قائل: يا محمد، هذا مالكٌ صاحب النار، فَسَلِّمْ عليه، فَالْتَفَتُّ إليه فَبَدَأَني بالسَّلاَمَ)) رواه مسلم[21].
تقبض الملائكة الأرواح حين ينقضي أجلها: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ [السجدة:11]، وهذا دليل على أن الحياة الدنيا فانية لا تدوم، ويكفيك منها متاع طيّب وحلال بَيّن لتفوز بالآخرة الباقية. تَنَزَّل الملائكة ساعة الموت لأهل الاستقامة بالبشرى والإيناس، إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [فصلت:30]، وفي القبر مُنْكَر ونَكِير، وسؤال وموقف عسير، لا ينجو منه إلا صادق الإيمان، تُرَحّبُ الملائكةُ بالمؤمنين الذين فازوا برضوان الله في مقام عالٍ رفيع، وفي جو راضٍ وديع، جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد:23، 24].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
[1] سنن أبي داود كتاب السنة، باب في الجهمية (4727)، وكذا الطبراني في الأوسط (2/199) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. قال ابن كثير في تفسيره (4/415): "وهذا إسناد جيد، رجاله كلهم ثقات". وقال الهيثمي في المجمع (1/80): "رجاله رجال الصحيح". وقال ابن حجر في الفتح (8/665): "وإسناده على شرط الصحيح".
[2] سنن الترمذي كتاب الزهد (2312)، ومسند الإمام أحمد (5/173)، وأخرجه أيضا ابن ماجه في الزهد، باب: الحزن والبكاء (4190). من حديث أبي ذر رضي الله عنه.
قال الترمذي: "وفي الباب عن أبي هريرة وعائشة وابن عباس وأنس"، وقال: "هذا حديث حسن غريب". وصححه الحاكم (2/510)، وذكره الألباني في الصحيحة (1722).
[3] الطبراني في الكبير (2/184)، وفي الأوسط (4/44)، من حديث عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم الجزري، عن عطاء عن جابر.
وقال: "لم يرو هذا الحديث عن عطاء إلا عبد الكريم، ولا عن عبد الكريم إلا عبيد الله بن عمرو".
قال الهيثمي في المجمع (10/649): " رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عروة بن مروان قال الدارقطني : ليس بقوي في الحديث. وبقية رجاله رجال الصحيح".
[4] أخرجه مسلم في الصلاة (430)، من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه.
[5] صحيح البخاري كتاب بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة (3207)، وصحيح مسلم كتاب الإيمان (164)، من حديث مالك بن صعصعة رضي الله عنه.
[6] عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يحدث فيه، تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه)). أخرجه البخاري في الصلاة (445) واللفظ له، ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة (649).
[7] عن البراء بن عا+ رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله وملائكته يصلون على الصَّفِّ اْلأَوَّلِ)).
أخرجه أحمد (4/294)، وأبو داود في الصلاة، باب: تسوية الصفوف (664)، والنسائي في الإمامة، باب: كيف يقوم الإمام الصفوف (811)، وابن ماجه في إقامة الصلاة والسنة فيها، باب: فضل الصف المتقدم (997) واللفظ له.
وصححه ابن خزيمة (3/26)، والألباني في صحيح الترغيب (513).
[8] عن أبي أمامة الباهلي، قال: ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان أحدهما عابد والآخر عالم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم))، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين حتى النملة في حجرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير)).
أخرجه الترمذي في العلم، باب: ما جاء في فضل الفقه على العبادة (2685) واللفظ له، والطبراني في الكبير (8/234).
قال الترمذي: "حديث غريب". وصححه الألباني في صحيح الترمذي (2161).
[9] عن عامر بن ربيعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من مسلم يصلي علي إلا صلت عليه الملائكة ما صَلَّى عَلَيَّ، فَلْيُقِلَ العبد من ذلك أو ليكثر)).
أخرجه ابن ماجه في إقامة الصلاة والسنة فيها، باب: الصلاة على النبي (907)، وأبو داود الطيالسي في مسنده (1/156)، والطبراني في الأوسط (2/182)، وأبو يعلى في مسنده (13/121). وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه.
[10] عن أم الدرداء قالت: حدثني سيدي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك الموكل به: آمين، ولك بمثله)).
أخرجه مسلم في الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2732).
[11] علقهُ البخاري في كتاب فضائل القرآن، باب: نزول السكينة والملائكة عند قراءة القرآن، قال: قال الليث: حدثني يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أسيد بن الحضير. وأخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين (796) بنحوه.
[12] صحيح البخاري كتاب مواقيت الصلاة، باب: فضل صلاة العصر (555)، وصحيح مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة (632)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[13] أخرجه ابن جرير في تفسيره (7/350).
[14] صحيح البخاري في كتاب بدء الخلق (3322)، وصحيح مسلم في كتاب اللباس (2106). من حديث أبي طلحة رضي الله عنه.
[15] صحيح البخاري كتاب الجهاد والسير، باب: الغسل بعد الحرب والجهاد (2813)، وصحيح مسلم كتاب الجهاد والسير (1769). من حديث عائشة رضي الله عنها.
[16] صحيح البخاري كتاب المغازي، باب: مرجع النبي من الأحزاب (4118).
[17] أخرجه البخاري في بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة (3213)، ومسلم في فضائل الصحابة (2486)، من حديث البراء رضي الله عنه.
[18] أخرجه أبو داود في الأدب، باب: ما جاء في الشعر (5015)، وأصله في مسلم كتاب فضائل الصحابة (2490)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
[19] أخرجه البخاري في بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة (3209) واللفظ له، ومسلم في البر والصلة والآداب (2637)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[20] أخرجه مسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها (2842).
[21] صحيح مسلم كتاب الإيمان (172)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
الخطبة الثانية
الحمد لله على توفيقه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه.
أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله.
تحضر الملائكة الحفظة عند صلاتي الفجر والعصر، قال رسول الله : ((تجتمع ملائكة الليل والنهار في صلاة الفجر وصلاة العصر))، قال: ((فيجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر))، قال: ((فيجتمعون في صلاة الفجر))، قال: ((فتصعد ملائكة الليل، وتثبت ملائكة النهار))، قال: ((ويجتمعون في صلاة العصر))، قال: ((فيصعد ملائكة النهار وتثبت ملائكة الليل))، قال: ((فيسألهم ربهم، كيف تركتم عبادي؟)) قال: ((فيقولون: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون))، قال سليمان: ولا أعلمه إلا قد قال فيه: ((فاغفر لهم يوم الدين)) رواه الشيخان[1].
وهذه ـ عباد الله ـ مزيّة كبرى، وفضل عظيم للمواظبين على صلاة الجماعة، خاصة في صلاتي الفجر وصلاة العصر، أما الذين يرفضون الخير، ويحرمون أنفسهم الفضل، ويفرّطون في صلاتي الفجر والعصر جماعة، فصفقتهم خاسرة، وفعلتهم بائرة؛ لأنهم لا يعرفون صلاة العصر إلا إذا غدت بين قرني شيطان، ولا يؤدون صلاة الفجر إلا إذا طلعت الشمس، ماذا ستقول عنهم الملائكة، وبماذا يجيبون ربهم وهذا ديدنهم وحالهم؟! يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ [الانفطار:6، 7]، ما غرّك بربك الذي خلقك في أحسن صورة، وجَمّلك بأبهى خلقة، وأغدق عليك نِعَمًا لا تعدّ ولا تحصى؟! ما غرّك حين يناديك ربك فتقف أمامه مقصّرًا مذنبًا مفرّطًا، حين ترى المساجد في صلاة الجمعة لا تكفي المصلين، وتمتلئ بهم الطرقات، إذا هي تشتكي هجر المسلمين لها في صلاتي الفجر والعصر؟! وحينما تكتظ مدرجات الملاعب بآلاف الشباب، أين هؤلاء عن صلاة الفجر في بيوت الله؟! مشاهد محزنة تدل على عبودية الهوى، وتفريطٍ مَقِيت بأعظم ركن من أركان الصلاة، حتى صار كالعُرْف العام. نسأل الله السلامة والعافية.
عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله : ((إن لله ملائكة يطوفون في الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أهل الذكر، فإذا وجدوا أقوامًا يذكرون الله تنادوا: هَلُمُّوا إلى حَاجَتِكُمْ، قال: فَيَحُفُّونَهُمْ بَأجْنِحَتِهِم إلى السماء الدنيا))[2]، وفي رواية مسلم: ((حتى يملؤوا بينهم وبين السماء الدنيا))[3].
ألا وصلوا ـ عباد الله ـ على رسول الهدى، فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]. اللهم صلّ وسلّم على عبدك ورسولك محمد...
[1] أخرجه بهذا اللفظ أحمد (2/396). وأصله في صحيح البخاري كتاب مواقيت الصلاة، باب: فضل صلاة العصر (555)، وصحيح مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة (632)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[2] أخرجه البخاري في الدعوات، باب: فضل ذكر الله تعالى (6408) واللفظ له، ومسلم في الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2689).
[3] صحيح مسلم كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2689).
| |
|