molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: هم العدو فاحذرهم - عبد الإله بن عوض القحطاني الأربعاء 23 نوفمبر - 6:20:27 | |
|
هم العدو فاحذرهم
عبد الإله بن عوض القحطاني
الخطبة الأولى
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أيها المسلمون، النافقاء موضع يضعه الجربوع من جحره، فإذا أتى من قبل القاصعاء ضرب النافقاء برأسه فانتفق أي: خرج، ومنه اشتقاق النفاق؛ لأن صاحبه يكتم خلاف ما يظهر، فكأن الإيمان يخرج منه، أو يخرج هو من الإيمان في خفاء. قال ابن رجب: "والذي فسَّره به أهل العلم المعتبرون أن النفاق في اللغة هو من جنس الخداع والمكر، وإظهار الخير وإبطان خلافه".
ومن الألفاظ ذات الصلة بالنفاق الزندقة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "لما كثرت الأعاجم في المسلمين تكلموا بلفظ الزنديق، وشاعت في لسان الفقهاء، والمقصود أن الزنديق في عرف هؤلاء الفقهاء هو المنافق الذي كان على عهد رسول الله ، وهو أن يظهر الإسلام ويبطن غيره، سواء أبطن دينًا من الأديان كدين اليهود والنصارى أو غيرهم..." إلخ.
وأما خطر المنافقين فمن ذلك أنهم أرادوا قتل النبي عندما رجع من غزوة تبوك، وقال عمر رضي الله عنه: (ثلاث يهدمن الدين: زلة عالم، والأئمة المضلون، والمنافق يجادل بالقرآن) أخرجه الدارمي.
قال ابن القيم عنهم في مدارج السالكين: "وقد هتك الله سبحانه أستار المنافقين، وكشف أسرارهم في القرآن، وجلّى لعباده أمورهم؛ ليكونوا منها ومن أهلها على حذر، وذكر طوائف العالم الثلاثة في أول سورة البقرة: المؤمنين والكفار والمنافقين، فذكر في المؤمنين أربع آيات، وفي الكفار آيتين، وفي المنافقين ثلاث عشرة آية؛ لكثرتهم وعموم الابتلاء بهم وشدة فتنتهم على الإسلام وأهله، فإن بلية الإسلام بهم شديدة جدًا، لأنهم منسوبون إليه، وإلى نصرته وموالاته، وهم أعداؤه في الحقيقة، يخرجون عداوته في كل قالب يظن الجاهل أنه علم وإصلاح، وهو غاية الجهل والإفساد، فلله كم معقل للإسلام قد هدموه! وكم من حصن له قد قلعوا أساس وخربوه! وكم من علم له قد طمسوه! وكم من لواء له مرفوع قد وضعوه! وكم ضربوا بمعاول الشبه في أصول غراسه ليقلعوها! وكم أعموا عيون موارده بآرائهم ليدفنوها ويقطعوها! فلا يزال الإسلام وأهله منهم في محنة وبلية، ولا يزال يطرقه من شبههم سرية بعد سرية، ويزعمون أنهم بذلك مصلحون، أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ [البقرة: 12]، يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [الصف: 8]. ولأجل ذلك اتخذوا هذا القرآن مهجورًا، درست معالم الإيمان في قلوبهم فليسوا يعرفونها، ودثرث معاهده عندهم فليسوا يعمرونها، وأفلت كواكبه النيرة من قلوبهم فليسوا يحيونها، لم يقبلوا هدي الله الذي أرسل به رسوله ولم يرفعوا به رأسًا، ولم يروا بالإعراض عنه إلى آرائهم وأفكارهم بأسا، خلعوا نصوص الوحي عن سلطنة الحقيقة، وعزلوها عن ولاية اليقين، وشنوا عليها غارات التأويل الباطلة... لبسوا ثياب أهل الإيمان على قلوب أهل الزيغ والخسران والغل والكفران، فالظواهر ظواهر الأنصار، والبواطن قد تحيزت إلى الكفار، فألسنتهم ألسنة المسالمين، وقلوبهم قلوبا المحاربين، وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ [البقرة: 8، 9]. قد نهكت أمراض الشبهات والشهوات قلوبهم فأهلكتها، وغلبت القصود السيئة على إرادتهم ونياتهم فأفسدتها، ففسادهم قد ترامى إلى الهلاك فعجز عنه الأطباء العارفون، فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضًا وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [البقرة: 10]. لكن منهم وجهان ولسانان: أحدهما يقلبه بظاهره المسلمون، والآخر يترجم به عن سره المكنون، وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ [البقرة: 14]. يعجب السامع قول أحدهم لحلاوته ولينه، وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ [البقرة: 204]، وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [المنافقون: 4]. يؤخرون الصلاة عن وقتها الأول، فالصبح عند طلوع الشمس، والعصر عند الغروب، وينقرونها نقر الغراب، إذ هي صلاة الأبدان لا صلاة القلوب، ويلتفتون فيها التفات الثعلب إذ تيقن أنه مطرود مطلوب".
أيها المسلمون، وفي ذم النفاق في الكتاب والسنة قال ابن القيم: "كاد القرآن أن يكون كله في شأنهم، لكثرتهم على ظهر الأرض وفي أجواف القبور".
1- قال الله تعالى: هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [المنافقون: 4]، و(أل) في قوله تعالى: الْعَدُوُّ للتعريف، فحصر العداوة فيهم؛ لأنهم مخادعون، لا على معنى أنه لا عدو لكم سواهم، بل على معنى أنهم أحق بأن يكونوا لكم عدوا من الكفار المجاهرين.
2- وقال تعالى: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ [البقرة: 17]. ولم يقل: (بنارهم) لأن النار فيها الإحراق، وكذلك حال المنافقين ذهب نور إيمانهم بالنفاق، وبقي في قلوبهم مرارة الكفر والشكوك والشبهات، تغلي في قلوبهم، قد صليت بحرها وأذاها وسمومها ووهجها في الدنيا، فأصلاهم الله تعالى إياها يوم القيامة نارًا موقدة تطلع على الأفئدة.
3- قوله تعالى: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ [البقرة: 16]، والمشار إليهم المنافقون؛ وجاءت الإشارة بصيغة البُعد لبُعد منزلة المنافق سفولًا، وللبراءة منهم.
4- وقوله تعالى: مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاء وَلاَ إِلَى هَؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا [النساء: 143]. متحيرون في دينهم، لا يرجعون إلى اعتقاد شيء على صحة، فهم لا مع المؤمنين على بصيرة، ولا مع المشركين على جهالة، ولكنهم حيارى بين ذلك.
5- عن ابن عمر عن النبي قال: ((مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين، تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة)) رواه مسلم.
6- قال تعالى: وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ [التوبة: 68].
7- قال تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا [النساء: 145]. فهم تحت سائر الكفار؛ لأنهم شاركوهم بالكفر بالله ومعاداة رسله، وزادوا عليهم المكر والخديعة والتمكن من كثير من أنواع العداوة للمؤمنين، على وجه لا يشعر به ولا يحس. ورتبوا على ذلك جريان أحكام الإسلام عليهم، واستحقاق ما لا يستحقونه، فبذلك ونحوه استحقوا أشد العذاب، وليس لهم منقذ من عذابه ولا ناصر يدفع عنهم بعض عقابه، وهذا عام لكل منافق إلا مَنْ مَنَّ الله عليهم بالتوبة من السيئات.
8- عن أبي موسى الأشعري عن النبي قال: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر)) متفق عليه.
9- عن عبد الله بن كعب عن أبيه عن النبي : ((مثل المؤمن كالخامة من الزرع، تفيئها الريح مرة وتعدلها مرة، ومثل المنافق كالأرزة لا تزال حتى يكون انجعافها مرة واحدة)) رواه مسلم.
10- عن عمر بن الخطاب أن رسول الله قال: ((إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان)) أخرجه أحمد وهو في السلسلة الصحيحة (1013). أي: كثير علم اللسان، جاهل القلب والعمل، اتخذ العلم حرفة يتأكل بها.
11- عن جندب قال: سمعت رسول الله يقول: ((من سمع سمع الله به، ومن يرائي يرائي الله به)) متفق عليه. أي: أسمع الناس بأعماله، ففضحه الله وشهر به.
وأما صفات المنافقين في الكتاب والسنة فمنها:
1- مرض القلب، قال تعالى: فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضًا وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ لأالبقرة: 10]. وهو الشك في أمر محمد وما جاء به من الإسلام والدين والأخلاق، والتحير فيه، فلا هم موقنون، ولا هم منكرون إنكار إشراك. ولا يزال هذا المسلسل الهدام إلى يومنا هذا من الطعن في الثوابت والشك والتشكيك في الإسلام والطعن فيه حتى وصل الحد إلى الطعن في الشهادتين!
2- الطمع الشهواني، قال تعالى: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [الأحزاب: 32]؛ لضعف إيمانه، فهو يستخف بحدود الله، وإما متهاون بإتيان الفواحش.
3- الزيغ بالشبه، قال تعالى: لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ [الحج: 53].
4- التكبر والاستكبار، قال الله تعالى وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ [المنافقون: 5]. ثم جازاهم الله على ذلك: سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [المنافقون: 6].
5- الكذب والغدر والفجور في المخاصمات والخلف في الوعد، قال تعالى: وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ [المنافقون: 1]، وقال : ((آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان)) متفق عليه، وفي رواية: ((إذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر)).
6- ال+ل في العبادة، قال تعالى: وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلًا [النساء: 142].
7- قلة الذكر، قال تعالى: وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلًا [النساء: 142].
8- الاستخفاء من الناس والمجاهرة بالكفر مع الله، قال تعالى: يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا. هذا إنكار على المنافقين في كونهم يستخفون بقبائحهم من الناس لئلا ينكروا عليهم، ويجاهرون الله بها لأنه مطلع على سرائرهم وعالم بما في ضمائرهم.
9- نقر الصلاة، قال : ((تلك صلاة المنافق؛ يجلس يرقب الشمس، حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا)) رواه مسلم.
10- لمز المطوّعين من المؤمنين والصالحين، فقد سلم منهم اليهود والنصارى ولم يسلم منهم إخوانهم المسلمون.
11- الاستهزاء بالقرآن والسنة والرسول ، وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ [التوبة: 65].
12- الإنفاق كرهًا والتخذيل والإرجاف، الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [التوبة: 67].
13- الوقوع في أعراض الصالحين، أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاء الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا [الأحزاب: 19].
14- التخلف عن صلاة الجماعة، فعن ابن مسعود عن رسول الله قال: ((وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق)) رواه مسلم.
15- الإفساد في الأرض بزعم الإصلاح، وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ [البقرة: 11]، وقال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ [البقرة: 204].
16- الاعتذار كذبًا، قال تعالى: وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ [التوبة: 49].
17- الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف، قال تعالى: الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [التوبة: 67]. يريدون إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا بترك الحجاب الشرعي، فترى بعضهم ينادي ويزعم تحرير المرأة وتقدمها ورقيها بترك الحجاب الشرعي ونزعه، وينادي بانتشار الأغنية والمجلات الخليعة والسينما وقيادة المرأة للسيارة، وهم حقيقة لا يريدون المعروف، بل يريدون أن يقل الخير والعمل والدعوة، ويأمرون بالمنكر من الأغاني والمسلسلات والعزف، ويستدلون برأي لابن حزم، ورأي ابن حزم خاص بالمزمار، وعلى فرض صحة رأي ابن حزم فإنه رأي لا يلتفت له؛ لأنه مخالف للنص الصريح في تحريم الغناء والمعازف، فهؤلاء حقيقة هم أصحاب الشهوات، قال تعالى: وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلًا عَظِيمًا [النساء: 27].
18- الاهتمام بالظاهر وإهمال الباطن، قال تعالى: وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [المنافقون: 4]. قال ابن تيمية: "قوة المنافق في جسمه وضعفه في قلبه، وقوة المؤمن في قلبه وضعفه في جسده". والواجب الاهتمام بالباطن والظاهر معا.
19- عدم الفقه في الدين، قال تعالى: وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ [المنافقون: 7].
20- الفرح بمصيبة المؤمنين والحزن من مسراتهم، قال تعالى: إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَ [التوبة: 50].
الخطبة الثانية
وقد كان السلف الصالح يخافون أشدّ الخوف من النفاق، قال الحسن البصري: "ما أمنه إلا منافق، ولا خافه إلا مؤمن". وسمع حذيفة بن اليمان رجلًا يقول: اللهم أهلك المنافقين، فقال: (يا ابن أخي، لو هلك المنافقون لاستوحشتم في طرقاتكم من قلة السالك).
تالله لقد قطع خوف النفاق قلوب السابقين الأولين، لعلمهم بدقه وجلّه وتفاصيله وجمله، ساءت ظنونهم بنفوسهم حتى خشوا أن يكونوا من جملة المنافقين، قال عمر لحذيفة: نشدتك الله، هل سماني لك رسول الله منهم؟ قال: لا، ولا أ+ي بعدك أحدًا. قال ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب محمد ، كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول: إن إيمانه كإيمان جبريل وميكائيل.
ولقد ذكر عن بعض الصحابة أنه كان يقول في دعائه: اللهم إني أعوذ بك من خشوع النفاق؟ قيل: وما خشوع النفاق؟ قال: أن يرى البدن خاشعًا، والقلب ليس بخاشع.
ما الواجب علينا؟
1- الدعاء بأن يخلّصنا الله من صفات المنافقين.
2- التحلي بصفات أهل الإيمان والبعد عن صفات أهل النفاق.
3- مجاهدة النفس للابتعاد عن هذه الصفات الذميمة.
4- مجاهدة المنافقين بالقرآن الكريم وباللسان والحجة والبيان، قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [التحريم: 9]، وقال تعالى: وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا [الفرقان: 52]. فأمر الله رسوله بجهادهم بالقرآن وبالوسائل المناسبة؛ لأنهم حريصون على لمز العلماء والمصلحين، وإشاعة الفاحشة في المؤمنين.
5- الخوف من النفاق وأهله كخوف الصحابة من النفاق.
6- فضح أسرارهم وكشف أستارهم، فهم والله دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها، وهم سبب للإرهاب والتفجير والتكفير؛ لاعتدائهم على نصوص الكتاب والسنة، واعتدائهم على ثوابت الأمة باسم التقدم والحرية زعموا، لا كثرهم الله وأزال شرهم.
7- الرد عليهم في صحفهم وجرائدهم الداعية لإشاعة الفاحشة في الذين آمنوا باسم الحرية والحضارة والمدنية زعموا، وهم والله أجهل من حمر أهلهم، لمخالفتهم النص الصحيح والعقل الصريح.
8- تربية النشء على محبة أهل التقوى والإيمان، والبعد عن المنافقين فهم أخطر من الكفار الصرحاء.
9- التحلي بالإيمان والإخلاص في الباطن، والاهتمام بسلامة القلب أكثر من الاهتمام بالمظاهر وإذا صلح القلب صلحت الجوارح.
10- عدم فتح المجال لهم والتضييق عليهم، فهم والله الخطر الأكبر على أمتنا وعلى أصولنا وثوابتنا، وهم الذين يتصيدون في الماء العكر.
11- المحافظة على أركان وأصول الدين وفروعه، فهي الملاذ من النفاق والمنافقين بإذن الله تعالى.
هذا ما تيسر إعداده، وأعان الله على جمعه واختياره، وأسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يكفينا شرورهم، اللهم واجعل كيدهم في نحورهم، اللهم واكفنا شر كل منافق ومنافقة، وكل مرجف ومرجفة، وكل مخذل ومخذلة.
اللهم طهر قلوبنا من النفاق وألسنتنا من الكذب.
اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء أو فتنة فاجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميره.
اللهم من كتب في الصحف والجرائد لإخراج المرأة المسلمة من حجابها وعفتها فاهده، وإن لم تهده فأرح البلاد والعباد منه...
| |
|