molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: أسبوع المرور- صالح بن عبد الله الهذلول الثلاثاء 15 نوفمبر - 5:36:50 | |
|
أسبوع المرور
صالح بن عبد الله الهذلول
الخطبة الأولى
أما بعد: أيها المسلمون، لقد عنِيَ الإسلام عناية كبيرة وفائقة بالنفس الإنسانية وكرامتها؛ ولأجل ذلك جاءت التشريعات لحمايتها وعقوبة من يتعدى عليها. وشريعة محمد إنما جاءت لحفظ الضروريات الخمس: الدين والعرض والنفس والعقل والمال.
إلا أن الحوادث المرورية في هذا البلد الأول إسلاميًا هي أيضًا الأعلى نسبةً في العالم أو من أعلاها، فهل التناسب الطرديّ هذا طبيعيٌ ومُقَرّ شرعًا، أم أنه ضدّ الطباع السوية، فضلاً عن أن دين الله تعالى ينهى صراحة عن قتل النفس، بل توعّد بالعقاب الشديد والعذاب الأليم لمن أزهق نفسًا بغير حق حتى لو كانت نفسه؟! قال : ((من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردّى فيها خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تحسّى سمًا فقتل نفسه فسمه في يده يتحسّاه في نار جهنم خالدًا مخلَّدًا فيها أبدًا، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدتُه في يده يجَأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلَّدًا فيها أبدًا)) رواه البخاري. وكثير من الحوادث إنما تأتي نتيجة التهور والبطر والاستهتار وعدم أخذ الحيطة والحذر والتوقي باتِّباع الإرشادات المروريّة والأنظمة المرعيّة في قيادة السيارات.
إنَّ تجاوزَ السرعة النظامية وقطع الإشارات أبلغ الأسباب في وقوع الحوادث، كما أن الاستمرار في قيادة السيارة والسائق مجهد ـ أيًا كان الإجهاد ـ يسهم كثيرًا في ارتفاع نِسبة الحوادث، وقد أثبتت التجارب والدراسات أن ثمة علاقةً بين السرعة وبين قدرة السائق على التصرّف أثناء مفاجآت الطريق، فالمثبت علميًا أنه كلما زادت السرعة تضاءلت القدرة على التحكم بالسيارة.
إن تحقيق السلامة المروريّة مسؤولية مشتَرَكة تتطلّب تضافر الجهود وتعاون الجميع، ليس من الإنصاف ولا من العقل ولا من الحكمة إلقاء اللوم في وقوع الحوادث على طرف دون آخر، والعملية يتحكَّم فيها ثلاث جهات: السيارة والسائق والطريق. والحق الذي يجب أن يقال ويُعلم: إن السيارات في هذا البلد من أفضل السيارات عالميًا من حيث الجملة، وأمّا الطرق فإن المملكة من أوائل بلدان العالم شقًا للطرق وتحديثًا لها وصيانة، وأمرٌ ثالث يُذكر فإنَّ نسبة عالية من السيارات يقودها شباب، والشباب عادة أحرف وأعرف الناس بمهارة القيادة والإبداع فيها، ومع ذلك فإن ضحايا الحوادث يشكّل الشباب فيها نسبة عالية، وما ذاك إلا للأسباب السالف ذكرها من تهور وبطر واستهتار وعدم استشعار للمسؤولية.
إن الأرقام لا تكذب، ومن تلك الأرقام ما يلي:
يقع على طرقات المملكة تسعة ألاف حادث دهس للمشاة سنويًا، نسبة عالية من محصلاتها الوفاة، وما يزيد على مائة وخمسين ألف حادث سنويًا، متوسّط الوفيات فيها يتجاوز الثلاثة آلاف وخمسمائة شخص في السنة، وعدد المصابين ثمان وعشرون ألف وخمسمائة شخص، كثير منها إعاقة دائمة.
وكشفت الإحصائيات أنَّ نسبة الحوادث المرورية في مؤشر مرتفع من عام إلى آخر من حيث الحوادث والمتوفين والإصابات؛ مما يشير إلى عدم تحقيق تقدّم يذكر في كافة ومختلف برامج التوعية والإرشادات التي تُبثّ من حين لآخر، مما يعني ضرورة مراجعتها والبحث عن عوامل وقائيةٍ أخرى، إضافة إلى الإجراءات المعمول بها حاليًا. وفي هذا الصدد يلاحظ مما يلي:
أولاً: أن الإنسان مادة وروح، ونحن مجتمع مسلم لنا قيَمنا، وديننا يتضمّن أعظم شريعة تنظم حياة الناس في جميع الجوانب، فالإجراءات المروريّة الأمنية مطلوبة، ولكن لماذا لا يعطَى الجانب الروحي حقه أيضًا في هذه المسألة، فتعالج المشكلة وينظر إليها على أنها قضية شرعية أيضًا؟! لماذا نستوحِش من طرح الموضوع طرحًا شرعيا ويتكلم فيه أصحاب الشأن وأهل العلم المعنيون بالجوانب الشرعية؟! هل الإسلام يقرّ الاستهتار بحياة الآخرين أو يوافق على ترويع الآمنين؟! ما إثم المتهاون والمتساهل؟ وما عقوبة المستهتر والمتهور؟
ثانيًا: من الآداب الشرعيّة عند ركوب السيارة أن يقرأ المسلم دعاء الركوب، وهذا الدعاء له دلالات منها: 1- البدء والتبرك باسم الله الأعظم، 2- الاعتراف الكامل بأن هذه المركبة نعمة من الله خصك بها وحُرمها كثير آخرون غيرُك، فلا يجوز لك أن تبطر أو تكفر أو تتكبر، 3- تقديس الله جل وعلا: سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ [الزخرف: 13] أي: مطيقين وغالبين، فلولا رحمة ربي وتوفيقه وحفظه ما ركبتُ هذه السيارة، ولما سخر لي الأرض ومهد الطريق، 4- وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ [الزخرف: 14]، اعتراف بالحشر، ومناسبة هذا الاعتراف واستحضاره عند ركوب السيارة أو أي مركب غيرها أن الراكب متعرّض للهلاك بما يُخاف من حادث صدام أو انقلاب أو غرق السفينة أو تحطم الطائرة ونحو ذلك، فأمر المسلم بذكر الحشر، ليكون مستعدًّا للموت الذي قد يعرض له. وكم من شخص خرج من بيته معافى سليمًا، ثم جاء الخبر بوفاته. وفي تذكر الحشر +ر لطبع الغرور والكبر والتعالي.
ثالثًا: من الإجراءات الوقائية التي تَحدُّ وتُخفّف من ارتفاع الحوادث السعي الجاد في تجفيف منابعه. إنّ مظاهر الفسوق والبطر وخاصة ما يقع من الشباب أعقاب المباريات الرياضية أو ما يقع منهم ومن غيرهم في نهاية الاحتفالات التي لا يذكر فيها الله إلا قليلاً، إن هذه نُذر عقوبات، قد لا تقتصر على مرتكبيها، بل تتعدى إلى غيرهم إذا لم تنكر وتغير. نسبة عالية من الحوادث تقع في رمضان، وخاصة نهاية الشهر المبارك، لماذا تنقلب الأوضاع في رمضان، فيصير الليل نهارًا والنهار ليلاً؟! إذا كان المبرر لذلك مقبولا إلى حدٍ ما أيّامَ مجيء رمضان في الصيف وشدّة الحر فإنها مرفوضة كليًا حين يأتي رمضان في الشتاء. إن مصادمة سنن الله تعالى في المعاش والمنام سبب فعّال في نشوء المصائب وارتفاع نسبة الحوادث والمشاكل وحلول النقم والكوارث والفتن.
رابعًا: بدأت تتفشّى في المجتمع وفي وكالات بيع السيارات بيوعٌ فاسدة لا يقرّها الشرع، يلجأ إليها ضعاف النفوس حينما تقلّ المادة في أيديهم ويصرون على امتلاك سيارة، ومعلومٌ حرمة الربا ومحق الله له، وأن صاحبه في حرب مع الله ورسوله، فيا ترى من المهزوم في معركة طرفها الجبار جل جلاله؟!
فاتقوا الله عبادَ الله، واتقوا يومًا ترجَعون فيه إلى الله، واعلموا أن الأمر جدٌ ليس بالهزل.
اللهم آمنا في أوطاننا...
الخطبة الثانية
لم ترد.
| |
|