molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: الخوارج كلاب النار - حمدان بن محمد الحمدان الأربعاء 2 نوفمبر - 8:08:42 | |
|
الخوارج كلاب النار
حمدان بن محمد الحمدان
الخطبة الأولى
روى ابن ماجه (173) عن ابن أبي أوفى قال: قال رسول الله : ((الخوارج كلاب النار)) قال الشيخ الألباني: "صحيح". وروى ابن ماجه أيضا (176) عن أبي غالب عن أبي أمامة يقول: ((شرُّ قتلى قتلوا تحت أديم السماء، وخير قتيلٍ مَن قَتلوا؛ كلاب أهل النار، قد كان هؤلاء مسلمين فصاروا كفارا))، قلت: يا أبا أمامة، هذا شيء تقوله؟ قال: بل سمعته من رسول الله . قال الشيخ الألباني: "حسن".
وروى الإمام أحمد بن حنبل (19434) عن سعيد بن جمهان قال: أتيت عبد الله بن أبي أوفى وهو محجوب البصر، فسلمت عليه قال لي: من أنت؟ فقلت: أنا سعيد بن جمهان، قال: فما فعل والدك؟ قال: قلت: قتلته الأزارقة، قال: لعن الله الأزارقة، لعن الله الأزارقة، حدثنا رسول الله أنهم كلاب النار، قال: قلت: الأزارقة وحدهم أم الخوارج كلها؟ قال: بلى الخوارج كلها، قال: قلت: فإن السلطان يظلم الناس ويفعل بهم، قال: فتناول يدي فغمزها بيده غمزة شديدة ثم قال: ويحك يا ابن جمهان! عليك بالسواد الأعظم، عليك بالسواد الأعظم، إن كان السلطان يسمع منك فائته في بيته فأخبره بما تعلم، فإن قبل منك وإلا فدعه؛ فإنك لست بأعلم منه. قال الشيخ شعيب الأرنؤوط: "رجاله ثقات غير حشرج بن نباتة، فقد وثقه أحمد ويحيى بن معين وأبو داود والعباس بن عبد العظيم العنبري وقال أبو زرعة: لا بأس به مستقيم الحديث".
وروى الحاكم في المستدرك (2654) عن شداد بن عبد الله أبي عمار قال: شهدت أبا أمامة الباهلي رضي الله عنه وهو واقف على رأس الحرورية عند باب دمشق وهو يقول: ((كلاب أهل النار، كلاب أهل النار، كلاب أهل النار)) قالها ثلاثا, خير قتلى من قتلوه، ودمعت عيناه فقال له رجل: يا أبا أمامة، أرأيت قولك: هؤلاء كلاب النار، أشيء سمعته من رسول الله أو من رأيك؟ قال: إني إذا لجريء، لو لم أسمعه من رسول الله إلا مرة أو مرتين أو ثلاثا وعد سبع مرات ما حدثتكموه، قال له رجل: إني رأيتك قد دمعت عيناك! قال: إنهم لما كانوا مؤمنين وكفروا بعد إيمانهم، ثم قرأ: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ الآية [آل عمران: 105] فهي لهم، مرتين. قال الذهبي قي التلخيص: "صحيح على شرط مسلم".
وروى الطبراني في المعجم الكبير (8033) عن أبي غالب قال: لما أتي برؤوس الأزارقة فنصبوا على درج دمشق جاء أبو أمامة، فلما رآهم دمعت عيناه ثم قال: ((كلاب النار، كلاب النار))، هؤلاء شر قتلى تحت أديم السماء، وخير قتلى تحت أديم السماء الذين قتلهم هؤلاء، قلت: فما شأنك دمعت عيناك؟! قال: رحمة لهم، إنهم كانوا من أهل الإسلام، قال: قلت: أبرأيك قلت: كلاب النار أم شيئا سمعته من رسول الله ؟ قال: إني إذا لجريء، بل شيئا سمعته من رسول الله غير مرة، لا ثنتين ولا ثلاثا، فردد مرارا ثم تلا: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ حتى بلغ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [آل عمران: 106، 107]، وتلا: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ حتى بلغ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [آل عمران: 7]، ثم أخذ بيدي فقال: أما إنهم بأرضك كثير، فأعاذك الله منهم.
وروى أيضا في المعجم الكبير (8035) عن أبي غالب قال: كنت بالشام فبعث المهلب سبعين رأسا من الخوارج فنصبوا على باب المسجد، وكنت على ظهر بيت لي فإذا أبو أمامة يريد المسجد، فلما وقف عليهم دمعت عيناه فقال: سبحان الله ما يفعل الشيطان ببني آدم! سبحان الله ما يفعل الشيطان ببني آدم! سبحان الله ما يفعل الشيطان ببني آدم! ثلاثا، قال: ((كلاب جهنم، شر قتلى تحت ظل السماء، كلاب جهنم، شر قتلى تحت ظل السماء، كلاب جهنم، شر قتلى تحت ظل السماء)) ثلاث مرات، ثم قال: ((خير قِتلة تحت ظل السماء من قتلوه، خير قِتْلة تحت ظل السماء من قتلوه، خير قِتْلة تحت ظل السماء من قتلوه)) ثلاثا، ثم التفت إلي فقال: يا أبا غالب، إنك بأرض هؤلاء بها كثير، فأعاذك الله منهم، هل تقرأ السورة التي فيها آل عمران؟ قلت: بلى، إني رأيتك دمعت عيناك؟ قال: بكيت رحمة لهم، كانوا من أهل الإسلام، فتلا: هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ إلى أن بلغ: ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ، وإن هؤلاء كان في قلوبهم زيغ فزيغ بهم، ثم تلا: وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا إلى أن بلغ: أَكَفَرْتُمَ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ، قلت: هؤلاء يا أبا أمامة؟! قال: نعم، قلت: يا أبا أمامة، من قبل رأيك تقول أم شيئا سمعته من رسول الله ؟ قال: إني لجريء، ثلاثا، بل شيء سمعته من رسول الله ، لا مرة ولا مرتين حتى بلغ ستة، ثم قال: إن بني إسرائيل تفرقت إحدى وسبعين فرقة أو قال: اثنتين وسبعين فرقة، وإن هذه الأمة ستزيد عليهم فرقة، كلها في النار إلا السواد الأعظم، قلت: يا أبا أمامة، ألا تراهم ما يعملون؟ قال: عليهم ما حمّلوا وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا.
وروى أيضا في المعجم الكبير (8049) عن أبي غالب قال: خرجت مع أبي أمامة الباهلي إلى مسجد دمشق، فلما كان عند الباب فإذا رؤوس من رؤوس الخوارج، فلما نظر إليها بكى فقال: ماذا صنع الشيطان؟! ثلاثا، ((كلاب النار)) ثلاثا، ثم قال: ((شر قتلى تحت ظل السماء)) ثلاثا، ((من قتلوه كان خير قتيل تحت ظل السماء))، قلت: يا أبا أمامة، أنت تقوله أو شيء سمعته من رسول الله ؟ قال: إني إذا لجريء، هل تقرأ الآيات التي في أول آل عمران: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ، في هؤلاء أنزلت حتى تقرأ الآية في وسط آل عمران: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ، في هؤلاء أنزلت، قلت: ما يبكيك يا أبا أمامة؟! قال: إنهم كانوا مؤمنين أو قال: مسلمين.
وروى أبو يعلى (1163) عن أبي سعيد قال: بعث عليّ إلى رسول الله من اليمن بذهبة في أدم مقروظ ـ أي: جلد مدبوغ ـ لم تحصل، فقسمها بين أربعة نفر: زيد الخيل والأقرع بن حابس وعيينة بن حصن وعلقمة بن علاثة، فقال ناس من المهاجرين والأنصار: نحن كنا أحقّ بهذا، فبلغه ذلك فشقّ عليه فقال: ((لا تأمنوني وأنا أمين من في السماء، يأتيني خبر السماء صباحا ومساء؟!)) فقام إليه ناتئ العينين مشرف الوجنتين ناشز الجبهة كثّ اللحية محلوق الرأس مشمّر الإزار فقال: يا رسول الله، اتّق الله، فقال النبي : ((ويحك، أولستُ أحقّ أهل الأرض بأن أتّقي الله؟!)) ثم أدبر فقام خالد سيف الله فقال: يا رسول الله، ألا أضرب عنقه؟ فقال: ((لا، إنه لعله أن يصلي))، قال: إنه إن يصلي يقول بلسانه ما ليس في قلبه، قال: ((إني لم أومر أن أشقّ عن قلوب الناس، ولا أشق بطونهم))، فنظر إليه النبيّ وهو مقفّ فقال: ((إنه سيخرج من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب الله لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية))، فقال عمارة: فحسبت أنه قال: ((لئن أدركتُهم لأقتلنهم قتل ثمود)) قال حسين سليم أسد: "إسناده صحيح".
وروى البخاري (3415) عن سويد بن غفلة قال: قال علي رضي الله عنه: إذا حدثتكم عن رسول الله فلأن أخرّ من السماء أحبّ إليّ من أكذب عليه، وإذا حدّثتكم فيما بيني وبينكم فإنّ الحرب خدعة، سمعت رسول الله يقول: ((يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرميّة، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة)).
الخطبة الثانية
إخواني الكرام، يقول تبارك وتعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء: 93]. وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا أي: يتعمد قتله من غير مسوّغ شرعي، إنما قتله لحاجه في نفسه، كان قتله له هدفا سواء طعنه أو دهسه، سواء رماه أو فجّره، المهمّ أنه صار سببا في إنهاء حياته، فما هو ـ يا ترى ـ جزاؤه؟! ما هي عقوبته؟! قال تعالى: فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا، جهنم فقط؟ لا، وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا.
فقتل المسلم من غير مسوغ شرعي ذنب عظيم وجرم كبير، لا يحل ولا يجوز أبدا، يقول النبي: ((لا يحلّ دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إلا بإحدى ثلاث: رجل زنى بعد إحصان فإنه يرجم، ورجل خرج محاربا لله ورسوله فإنه يقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض، أو يقتل نفسا فيقتل بها)) رواه أبو داود (4353) وقال الشيخ الألباني: "صحيح". فما هو ـ ترى ـ ذنب رجال أمننا حتى يقتل خمسة منهم في مواجهة واحدة مع أولئك الخوارج؟!
أيها الإخوة المؤمنون، لقد توعّد الله عز وجل من قتل نفسا بغير حقّ بالعقاب العظيم في الدنيا والعذاب الشديد في الآخرة، وليس بعد الشرك ذنب أعظم من قتل النفس المعصومة، يقول تبارك وتعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا [النساء: 29، 30]. قال الطبري: "يعني بقوله جل ثناؤه: وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ولا يقتل بعضكم بعضا وأنتم أهل ملة واحدة ودعوة واحدة ودين واحد".
وقال عز وجل: مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا [المائدة: 32].
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي قال: ((أكبر الكبائر الإشراك بالله وقتل النفس وعقوق الوالدين وقول الزور)) رواه البخاري (6298)، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: ((لن يزال المؤمن في فسحة من دنيه ما لم يصب دما حراما)) قال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2/318): "حسن لغيره".
وعن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي قال: ((يخرج عنق من النار يتكلم يقول: وكِّلت اليوم بثلاثة: بكل جبار عنيد، ومن جعل مع الله إلها آخر، ومن قتل نفسا بغير حق، فينطوي عليهم فيقذفهم في حمراء جهنم)) رواه أحمد (11372) وقال الشيخ الأرنؤوط: "بعضه صحيح لغيره". ورواه البزار ولفظه: ((تخرج عنق من النار تتكلم بلسان طلق ذلق، لها عينان تبصر بهما، ولها لسان تتكلم به، فتقول: إني أمرت بمن جعل مع الله إلها آخر، وبكل جبار عنيد، وبمن قتل نفسا بغير نفس، فتنطلق بهم قبل سائر الناس بخمسمائة عام)) وفي إسناديهما عطية العوفي. ورواه الطبراني بإسنادين رواة أحدهما رواة الصحيح، وقد روي عن أبي سعيد من قوله موقوفا عليه.
أيها الإخوة المؤمنون، إن قتل الأنفس البريئة وسفك الدماء المعصومة عند الله عز وجل لأمر عظيم، ففي الحديث عن البراء بن عا+ رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق)) رواه الترمذي (1395) وقال الشيخ الألباني: "صحيح"، وقال في أكبر اجتماع للناس في عصره: ((ألا إن الله حرم عليكم دماءكم وأموالكم كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، ألا هل بلغت؟)) قالوا: نعم، قال: ((اللهم اشهد ـ ثلاثا ـ، ويلكم انظروا، لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض)) رواه البخاري (1652) ومسلم (1679)، وعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما عن رسول الله قال: ((لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار)) رواه الترمذي (1398)، وعن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ((كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يقتل المؤمن متعمدا أو الرجل يموت كافرا)) رواه أبو داود (4270) وقال الشيخ الألباني: "صحيح".
عباد الله، فهل بعد هذه النصوص متعلّق لأحد؟! هل بعد هذه النصوص مجال لعذر لهؤلاء الجهلة الحقدة الخونة القتلة؟! لا والله، ولكن كما قال تبارك وتعالى: فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج: 46].
| |
|