molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: توحيد الله أولاً - أحمد بن عبد الكريم نجيب الثلاثاء 18 أكتوبر - 10:24:34 | |
|
توحيد الله أولاً
أحمد بن عبد الكريم نجيب
الخطبة الأولى
أمّا بعد: فيا أمّة الإسلام، فإنّ الله تعالى لم يخلق الخلق عبثًا ولم يتركهم هَملاً، بل خلقهم ليوحّدوه، وأرشدهم ليَعبُدوه، وجعل التوحيد لما سواه أصلاً، فمن وحَّدَه بما أخبر وعبده كما أمر كان لنيل رضاه والفوز والنجاة في أخراه أهلاً.
وقد توافقت فِطَر البشر على أنّ صلاح الفرع من صلاح الأصل وفسادَه من فساده؛ فإذا استقامَ الأصل واستوى على سوقه تشعَّبت فروعه طريّةً ندِيّة صالحةً متينةً قويّة؛ ولذلك قدّم الله تعالى أصول الدين على فروعه بالذكر والأمر، كما في قوله عزّ وجلّ: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ [ محمد:19].
والدعوة إلى توحيد ربّ العبيد دعوة رسل الله قاطبةً من لدن أبيهم آدم عليه السلام وحتى خاتمهم محمّد ، قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِى إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱعْبُدُونِ [الأنبياء:25].
فإذا أردنا سعادة الدارين وخيرَ الخَيرَين فلنحقّق التوحيد أوّلاً؛ لأنّه أصل الأصول وغاية المأمول.
ما لم يكُ التوحيد أصلاً راسخًا للعابدين فكلّ فرعٍ فاسدُ
أرأيت بنيـانًا تطـاول أهله في رفعه والأسُّ هارٍ هامِدُ
ولأهميّة التوحيد علّق الله عليه مغفرة الذنوب وتكفير السيّئات، علاوة على رفع الدرجات في غرف الجنّات، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيدًا [النساء:116]، وقال جل وعلا: وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [المائدة:72]، وفي صحيح مسلم وسنن الترمذي والدارمي ومسند أحمد أن النبي قال: ((قال الله جل وعلا: عبدي، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ـ يعني: بملء الأرض خطايا ـ ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا أتيتك بقرابها مغفرة)).
عباد الله، لقد حاوَل أهل العلم تقريب مسائل التوحيد في التعليم والتدريس، فقسّمه بعضهم إلى قسمين، وبعضهم إلى أكثر من ذلك، وأوسط التقسيمات وأبلغها في الدلالة على المطلوب هو تقسيم شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله التوحيدَ إلى: توحيد المعرفة والإثبات، وتعريف القصد والطَلَب. وتحت القسم الأوّل تندرج معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله، في ضوء ما أخبر به عن نفسه وأخبر عنه نبيّه المصطفى ، إيمانًا وتصديقًا وتسليمًا. أما القسم الثاني الذي يشمل القصد والطلب فتندرج تحته عبوديّة العبد لربّه وتأليهه إياه بفعل ما أمر واجتناب ما نهى عنه وزَجَر، مع توحيده في ذلك كلّه بالإخلاص له وعدم إشراك أحدٍ في عبادته. فلا يكمل إيمان أحدٍ ولا يخلُص توحيده لربّه حتى لا يشرك في عبادته أحدًا، ولا يصرف شيئًا منها لغيره، ويقيم فيصلاً بين حقوق الخالق وحقوق المخلوقين.
ومن حقوق الله تعالى على عباده أن لا يُشركوا في حكمه أحدًا؛ إذ إنّ لله الخلقَ والأمر، وليس ذلك لأحدٍ غيرِه، ولذلك خصّ بعض أهل العلم في القديم إفراد الله بالحكم ـ وفي اصطلاح بعض المعاصرين بالحاكميّة ـ من بين مسائل التوحيد بالذِكرَ؛ لخطورة ما يترتّب على تحكيم غير شرع الله على عقائد العباد، وما يُفضي إليه من خروج من الملّة. قال ابن أبي العزّ الحنفي في شرح الطحاويّة (ص200) في معرِض ذِكرِ ما يجب على الأمّة تجاه نبيّها : "فنوحّده بالتحكيم والتسليم والانقياد والإذعان، كما نوحّد المرسِلَ بالعبادة والخضوع والذلّ والإنابة والتوكّل، فهما توحيدان لا نجاةَ للعبد من عذاب الله إلا بهما؛ توحيد المرسِل، وتوحيد متابعة الرسول، فلا نحاكم إلى غيره، ولا نرضى بحُكم غيره".
عباد الله، لا يتحقق توحيد العبد بمجرّد قول: "لا إله إلا الله" ما لم يأت بشروطها ويحذَر نواقِضَها وموانِع تحقيقها، فمن جاء بها بشروطها استحقّ البشارة بدخول الجنّة. وشروطها سبعةٌ جمعها الشيخ حافظ حكمي رحمه الله في قوله:
العلـم واليقـين والقبـول والانقياد فادرِ ما أقولُ
والصدق والإخلاص والمَحبّة وفّقَك الله لمـا أحَبَّـه
فأوّل شروط الكلمة الطيّبة "لا إله إلا الله" هو العلم بمعناها وما فيه من النفي؛ نفي الألوهيّة عن غير الله، وما فيها من الإثبات؛ إثبات الألوهيّة لله تعالى وحده؛ لأن المراد هو الاعتقاد ولا اعتقاد بدون علم، قال الله عز و جل: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ [محمد:19]، وفي صحيح مسلم وغيره عن عثمان بن عفان قال: قال رسول الله : ((من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة)).
ثانيًا: اليقين الجازم بكلمة التوحيد معناها ومقتضاها، واليقين هو أعلى درَجات العلم، بل هو العلم الجازم الذي لا شكّ فيه ولا ارتياب، فلا تجزئ معرفة معنى هذه الكلمة الطيبة ما لم يرافق العلم بها اعتقادٌ صادق راسخ، قال الله عز وجل: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ [الحجرات:15]، وقال رسول الله لأبي هريرة كما في صحيح مسلم: ((من لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنًا بها قلبه فبشّرة بالجنة))، وفي صحيح مسلم أيضًا عن أبي هريرة أن رسول الله قال: ((أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، لا يلقى الله عبدٌ بهما غير شاكٍ فيهما إلا حرمه الله على النار)).
ثالثًا: الرضا بالتوحيد وقبول ما يَلزَمُ العبدَ من تكاليف جرّاء ذلك، يقول تعالى: أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ [الزخرف:21-25]، بل لا بدّ من الخضوع والانقياد قلبًا وقالَبًا.
رابعًا: الصدق في الإيمان والإخلاص في التوحيد، وهو نقيض النفاق والزندقة، ولولا هذا الشرط لاستوى الموحّد والمنافق في استحقاق البشارة بالجنّة، ولا يكاد يظهر صدق الصادق وخداع المخادع إلا في مواطن التمحيص والامتحان، قال تعالى: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ [العنكبوت:2، 3]. وفي صحيح البخاري من حديث عِتْبَان بن مالك عن النبي أنه قال: ((إن الله حرم على النار من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله صدقًا من قلبه))، وفي رواية: ((إن الله حرّم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله)).
خامسًا: الإخلاص لله تعالى، وهو تجريد التوحيد لله العزيز الحميد، حيث إنّ الله تعالى لا يقبل من العمَل إلا ما كان خالصًا، ومن تقرّبَ إليه بعمل أشرك فيه معه غيره تركه وشِركَه، قال الله عز وجل: أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ [الزمر:3]، وقال سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة:5]. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله : ((أسعد الناس بشفاعتي من قال: لا إله إلا الله خالصًا من قلبه)).
سادسًا: الانقياد لله ولرسوله، إذ إنّ الإيمان ليس قولاً أجوَف مجرّدًا من العمل، بل هو قولٌ وعملٌ بالقلب واللسان والجوارح، والإسلام هو الاستسلام لله والانقياد له بالطاعة، وهل الطاعة إلا بلزوم الأمر والنهي؟! قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا [الأحزاب:36]، وقال سبحانه: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [النور:51].
سابعًا: محبة الله ورسوله، ومحبّة التوحيد وأهله، ومحبّة ما دلت عليه كلمته الطيّبة "لا إله إلا الله"، ومحبة أهلها العاملين بها. ولا يكون الحبّ صادقًا ما لم تبدُ أماراته، فعلامة محبته الله تعالى التزام شريعته ونصرة أوليائه ومجاهدة أعدائه، وعلامة حبّ نبيّه أن يكون هوى محبّه تبعًا لما جاء به المحبوب ، روى الشيخان وغيرهما عن أنس بن مالك أن رسول الله قال: ((ثلاث من كنّ فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه ممّا سواهما، وأن يحبَّ المرء لا يحبّه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار))، وثبت أيضًا أنّ رسول الله قال: ((لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به)).
تعصي الإله وأنت تزعم حبَّه هذا لعمري في القياس بديعُ
لو كان حبُّك صادقًا لأطعته إنّ الْمحبَّ لمن يُحبُّ مطيعُ
ونقيض المحبّة ـ يا عباد الله ـ هو البغض والكره، فمن كرِهَ شيئًا ممّا أوجبت "لا إله إلا الله" حُبَّه فقد كفر، وعلى من أراد السلامة أن يلزم الحَذَر. اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحبّ عملٍ يقرّبنا إلى حبّك.
عباد الله، هذه شروط لا إله إلا الله، فلا يفوتنكم تحصيلها، والله اللهَ في تحقيق التوحيد في نفوسكم وتطهير جنانكم وأعمالكم مما يضادّه أو يناقضه. وفّقني الله وإيّاكم لخيرَيْ القول والعمَل، وعصمنا من الضلالة والزلل.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله الجليل العظيم لي ولكم من كلّ ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
أمّةَ الإسلام، أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وعليكم بالجماعة، فإن يد الله على الجماعة، ومن شذ شذ في النار.
واعلَموا ـ رحمني الله وإيّاكم ـ أنّ الإخلال بالتوحيد سببٌ للتنكّب عن صراط العزيز الحميد، مع ما يترتّب عليه من فساد الدنيا وفوات الآخرة، ألا ترون إلى من أخلّ بالتوحيد في باب الإيمان بالأسماء والصفات كيف بات مجسّمًا يعبُد صنمًا أو جاحدًا يعبد عَدَمًا؟! ألا ترون إلى من أخلّ بالتوحيد في باب القصد والطلب، فطاف بالقبور أو تعلّق بالمقبور، كيف هان على الله أمره، فأفنى عمره بالتذلل إلى عباد مثله؟! قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [الأعراف:194]. ألا ترون إلى من أخلّ بالتوحيد في باب الولاء والبراء، وظاهر الأعداء الكفرة على الأولياء المجاهدين البررة، كيف تسلّط عليه من تولاهم وظاهرهم فزادوه رهَقًا، واتخذوه تبعًا مسلوب الإرادة والكرامة؟! فسُحقًا سُحقًا. وهكذا دواليك، ما أخلّت البشريّة بتوحيد ربّ البريّة في جانب إلا تنكّبت عن الطريق السويّة وتخبّطت في دهاليز الضلالة الرزيّة.
ولا يفوتني ـ والحديث عن التوحيد ـ أن أشير إلى حاجة المسلمين المنهجيّة إلى توحيد الرؤى والجهود في أُطُر العمل الإسلامي المعاصر، إذ إن يد الله على الجماعة.
إنّ أولى الورى بتوحيد شملٍ أمّةٌ كان دينها التوحيدا
وإن لم يكن إلى التوحّد سبيل متاحة فلا أقل من الاهتمام بشؤون المسلمين والالتفات إلى أحوالهم والسعي على تحسينها بقدر الطاقة والسعة، وذلك من صُلب ديننا، وإنْ قال من قال: "دعوا السياسة وانصرفوا إلى العلم والعمل". إن العلم بالسياسة الشرعيّة والتبصر في أمور المسلمين وما يحاك لهم أو يراد بهم من صُلب ديننا الذي ارتضاه الله لنا شِرعةً ومِنهاجًا، بل ديننا عقيدة وعبادة وسياسة، وبين ذلك كلّه علاقة تكامليّة أرشد إليها من أنار الله بصيرته من أبناء هذه الأمّة، وصرَف عنها من صرَفَه لحكمةٍ أرادَها.
قال ابن أبي العزّ في شرح الطحاويّة (ص74): "و إنّما وقع التقصير من كثير من المنتسبين إليه ـ أي: إلى النبيّ ـ في كثير من الأمور الكلاميّة الاعتقاديّة، ولا في كثير من الأحوال العباديّة، ولا في كثير من الإمارة السياسيّة، أو نسبوا إلى شريعة الرسول بظنّهم وتقليدهم ما ليس منها، وأخرجوا عنها كثيرًا ممّا هو منها".
وانطلاقًا من اهتمامنا بأمور المسلمين نشير هنا إلى درسٍ مستفاد من التجربة السودانيّة في التقارب أو المصالحة أو حتى الحوار مع الصليبيين والوثنيين في الجنوب، فنقول لمن التبست عليهم الأمور: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [البقرة:120]. فادّكروا يا أولي الألباب، وانظروا كيف يُطعن المسلمون في الظهر بسهام من جنحوا إلى مسالمتهم قبل أيّام قلائل. ألا فهل يتّعظ من يرددون عباراتٍ من قبيل: إخواننا النصارى وأصدقاؤنا وحلفاؤنا الغربيّون؟!
ألا وصلّوا وسلّّموا على نبيكم الأمين، فقد أُمرتم بذلك في الذكر الحكيم، فقال ربّ العالمين: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].
| |
|