تدارك ما بقي من شهر رمضان
الشيخ سليمان المدني
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خلق السماء وبناها, ورفع سمكها وأعلاها, وأغطش ليلها وأبلج ضحاها, وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا & أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا1, وأغاثها بضروع المعصرات فسقاها, وثبَّت مَيْدها بالراسيات فحماها, وجعل فيها الإنسان خليفةً ليعمرها ويرعاها, وأنزل عليه الكتاب آياتٍ بيناتٍ تُميِّز له مناهج الرشد عما سواها, وبعث له النبيين والمرسلين شُرَّاحاً لحقائق الكتاب فبيَّنوا معناها, فيا فوز من تمسك بحبل الله ونهى نفسه عن غيِّها وهواها, ووطَّنها على طاعة سيدها ومولاها, ويا ويل من تركها خائضةً في بحار شهواتها ومناها, فإنه قد حرمها من رشدها ونُهاها, ودفعها لشقوتها وبلاها.
نحمده سبحانه بكل ثناءٍ يليق بعز جلاله, ونثني عليه بكل مدحٍ يناسب علوَّ كماله, ونشكره تعالى على قديم كرمه وعميم نواله, التماساً لزيادة منِّه وإفضاله, وفراراً من أليم أخذه ونكاله, ونعوذ به من وساوس الشيطان وأعماله, ونستعين به جلَّ اسمه على نوائب الدهر وأهواله, ونسأله التوفيق للالتزام والعمل بما بُلِّغناه من وصاياه وأقواله, والنجاة يوم العرض من نسيانه وإهماله.
ونشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له في أزليته وسرمديته, ولا ندَّ له في جبروته وعزته, ولا شبيه له في أحديته وصمديته, فهو الواحد الأحد, الفرد الصمد, الذي لم يلد ولم يولد, ولم يكن له كفؤاً أحد, فله نعبد ونحفد, وله نركع ونسجد.
ونشهد أن محمداً صلى الله عليه وآله مقدام كتائب النبوة وقائدها, وخاتم صحيفة الرسالة ورائدها, ومُوضِّح طرق الهداية ومُعبِّدها, ومفرق زمر الغواية ومُبدِّدها, ونشهد أن ابن عمه علياً هو ولي الأمة من بعده وسيدها, وهو المؤتمن على أسرار الرسالة وشاهدها, وأنه مثله في ما عدى النبوة من المناصب وإنْ استهول ذلك جاحدها.
اللهم صلِّ عليهما صلاةً تبلغ معاقد العز من عرشك, وتدوم بدوام ملكك, وتفتح أبواب رضاك والأنس بقربك, وصلِّ اللهم على الأئمة الهادين من ذريتهما, خلفائه في أمته, الناشرين لدعوته, الراوين لسنته, المبينين أحكامه, الرافعين أعلامه, أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ2.
عباد الله, أوصيكم ونفسي قبلكم بتقوى الله سبحانه وتعالى في ما ظهر وما بطن, ومراقبته في السر والعلن, فينبغي لكلٍ منا أن يحاسب نفسه, قبل أن يُوقَف للحساب وأن يعد جوابه, قبل أن يوجَّه إليه السؤال, فإنه غداً سيكون مرهوباً مما سيرى من الأهوال, على كل إنسانٍ منا أن يستعد ليومٍ لا تنفع فيه قوةٌ ولا مال, ولا يشفع فيه عمٌ ولا خال, هل سيكون بهذه الحال التي هو عليها من الناجين؟ أم أنه سيكون إذا لم يقلع عنها من الهالكين؟ هل سيكون بهذا السلوك الذي يصر عليه من المقربين إلى الملك الجبار؟ أم من المبعدين المطرودين من ديار الأبرار ومجاورة الملك الغفار؟
إننا اليوم قادرين على الأخذ بوسائل النجاة من تلك الأهوال, مستطيعين أن نسلك ما نشاء من مسالك الخير والصلاح, أو الشر والطلاح, مادام باب التوبة مفتوحاً لمن أمَّه, وسفن الأوبة إلى الله سبحانه راسيةً على ميناء الإقلاع من شواطئ الضياع. فلماذا نؤجل الركوب فيها, ونتقاعس عن تجهيز أنفسنا للمغادرة إلى بلاد النور, ومساكن البهجة والحبور؟ لماذا نظل متشبثين بهذه الدار المظلمة, والمدن المتعفنة؟
عباد الله, هذه آخر جمعةٍ في هذا الشهر الفضيل الذي جعله الله معبراً للنجاة من مقاساة العذاب, وبوابةً لمن رغب أن ينضم إلى صفوف المقربين والأحباب, فلماذا تسوّف التوبة؟ لماذا تتشبث بالآمال الكاذبة والأمنيات؟ هل تضمن أن تعود على هذا الشهر في مستقبل الأعوام؟ فإنه من خرج عليه هذا الشهر ولم يغفر له فلن يغفر له في غيره من الشهور إلا أن يوفق للحج والوقوف بعرفات3.
عباد الله, لقد آذنت أيام شهر الله أن تتصرم, وساعاته أن تنتهي, فاستغلوا ما تبقى منه من أيامٍ فاملأوها من العمال الصالحة, والبضائع الرابحة, وسارعوا إلى التوبة فيه من جميع ما عملتم, فإن ربكم غفورٌ رحيم, وتوابٌ كريم, يعفو عن المستقيلين, ويغفر للنادمين, ويصفح عن المعتذرين, فلا تسوِّفوا التوبة مما قصَّرتم في حقه, ولا تتبعوا الأمل, فليس كالأمل مضرٌ بالإنسان, إنه وسيلة إبليس في إهلاك بني آدم, إنه الرسن الذي تنقاد به النفس البشرية بيد عدوها, بالأمل يؤخر الإنسان التوبة والرجوع إلى ربه, وبالأمل يرجئ الإنسان ما يجب عليه فعله وما يلزمه عمله, بالأمل يظل الإنسان مثابراً على المعصية, إنه وسيلة الشيطان في إهلاك الإنسان, فاتقوا التعلق بحبال الآمال, ولا تضيعوا الفرص, ولا تتكاسلوا عن خير العمل.
وعندما أنصحكم ونفسي عن الاغترار بالأمل فليس معنى ذلك أنني أدعو إلى اليأس والقنوط, فإن رحمة الله واسعة, يغفر الذنوب العظام, ويتجاوز عن الخطايا الجسام, ولكن بشرط الإقلاع عنها والندم عليها, والعزم على عدم الرجوع إلى تكرارها. يقول أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وهو يضع منهجاً للنجاة: "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا, واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا"4. فهذا هو الطريق الصحيح للعمل, وهذا هو المنهج المُنجي من الوقوع في حفيرة الأمل, عدم الاستعجال عندما يكون العمل لهذه الدار, خاصةً إذا كان يتعارض مع العمل للدار الآخرة, فلابد من الإسراع في تحقيق متطلبات الحياة الأخروية, لأنك لا تدري متى تنتقل إليها, أقصى ما يكون عندك من أمل أن تبقى حياً إلى غد, إذا كان يتعارض مع العمل للدار الآخرة فلا بد من الإسراع في تحقيق متطلبات الحياة الأخروية, اعمل لها كأنك ستنتقل إليها فورا, كأنك ستموت غداً على أحسن الآمال, بل اليوم فضلاً عن الغد, وأجِّل عمل الدنيا تأجيل من يأمل أن يعيش أبد الدهر, وبالتالي لن يفوته ما يؤمل عمله فيها. هذا هو منهج النجاة من براثن الشيطان, والخلاص من شباك إبليس الرجيم, لأن ما تريده في الدنيا مقدَّرٌ لك, الرزق مقدَّرٌ لك, الحظ مقدَّرٌ لك, العمر مقدَّرٌ لك, عملك, جهدك, لا يزيد لك شيئاً مما قُدِّر لك في الدنيا, وأما ما لك في الآخرة فإنه موكولٌ إلى جهدك, إلى عملك, إلى مثابرتك.
عباد الله, إن شهر رمضان هو أفضل الشهور على الإطلاق, والأعمال فيه أفضل من الأعمال في غيره, وها هو قد أوشك أن يطوي أعلامه من أنديتكم, ويرحل عن دياركم, فودِّعوه بالتوبة من ذنوبكم, وشيِّعوه بالأوبة إلى ربكم, حتى تكونوا من عتقاء الله فيه من النار, ورفقاء الصديقين في ديار الأبرار, واستعدوا للعيد الذي به ختامه, بأن تكونوا ممن فاز في السباق, فاستحق الجائزة من اللطيف الكريم, فإن العيد في حقيقته ليس عيداً إلا لمن غُفر له في هذا الشهر كل خطاياه, وليس صعباً على المؤمن أن تُغفر له في هذا الشهر كل خطاياه, فمما ورد عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "ومن صام شهر رمضان إيماناً واحتساباً غفرت له ذنوبه ما تقدم منها وما تأخر"5، وفي بعض الروايات "خرج من الذنوب كيوم ولدته أمه"6. فلا تسوفوا الأعمال الصالحة بالآمال, فيخرج عنكم الشهر, وأنتم من الحسنات صفر اليدين, وتعودون بخفي حنين.
اللهم اجعلنا ممن أخلص لك فيه, وأطاعك في أيامه ولياليه, اللهم لا تجعله آخر العهد من صيامنا إياه, واجعلنا فيه من المرحومين, لا تجعلنا من المحرومين, فإنك أرحم الراحمين.
إن خير ما تُلي على المنابر, ووُعظ به الأكابر والأصاغر, كلام الله القوي القادر, أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَالْعَصْرِ & إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ & إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ7.وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم والتواب الكريم.
1 سورة النازعات: 30 - 31
2 سورة البقرة: 157
3 "من لم يُغفر له في شهر رمضان, لم يُغفر له إلى قابل, إلاَّ أن يشهد عرفة"الكافي - ج4 - ص66 - الشيخ الكليني.
4 ميزان الحكمة - ج1 - ص35 - محمدي الريشهري
5 بحار الأنوار – ج94 – ص81 – العلامة المجلسي
6 فضائل الأشهر الثلاثة – ص53 – الشيخ الصدوق
7 سورة العصر
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله خالق الأرواح, وفالق الإصباح, ومسخِّر الرياح, بارئ النسم, وسابغ النعم, الذي بعُد عن مرامي العقول والأفكار, وعزَّ عن الإدراك بالإبصار, واحتجب بشعاع نوره عن ملاحظة الأنظار, أوجد بقدرته القاهرة ما أبدع, وأنشأ بإرادته ما صنع, وخلق الإنسان من سلالةٍ من طين, وجعله نطفةً في قرارٍ مكين, ثم صوَّره في أحسن تقويم, فعدَّله وسوَّاه, وعلى اختيار ما يُصلحه مكَّنه وهداه.
نحمده سبحانه حمداً أوجبه على خلقه, وارتضاه لنفسه, حمداً نستمطر به هواطل نعمائه, ونستزيد به من رواشح آلائه, وسوانح عطائه, ونستعين به على الإذعان لقضائه, ونستدفع به نوازل بلائه, ونسأله سبحانه أن يوفقنا لنيل درجات مرضاته, وبلوغ بحبوحة جناته.
ونشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له أحسن الخالقين, وأحكم الحاكمين, وأرحم الراحمين. وضع بحكمته شرائع الدين, وأنزل برحمته الكتاب المبين.
ونشهد أن محمداً صلى الله عليه وآله بوَّاب قدسه ولاهوته، وحاجب عظمته وجبروته, أقرب المقربين إليه في مقام الصدق والوفاء, وأفضل المخصوصين من لدنه بالاجتباء والاصطفاء, عبده ورسوله، وسفيره ودليله.
ونشهد أن علياً عليه الصلاة والسلام أمير المؤمنين والد أسباطه الأحد عشر, خليفته على كافة البشر, والصراط الذي بين الجنة وسقر.
صلى الله عليهما وآلهما السائرين على هدي سنته، الناهضين للدعوة إلى التمسك بعروته, المحذرين من التحاكم إلى غير شرعته, المستودعين علمه بل سره وسريرته, أولئك خيرة الرحمن, وخلفاء الملك الديان، وقادة أهل الفضل والإيمان, صلاةً دائمةً رائحةً غاديةً مدى الدهور والأزمان, مضمَّخةً بالند والعنبر والريحان.
عباد الله, أوصيكم ونفسي الجانية قبلكم بالتدثر بملاحف التقوى, والتمسك بالعروة الوثقى, ومراقبة الله سبحانه وتعالى في كل كبيرٍ من الأمر وصغير, وكل جليلٍ وحقير, وأن لا تفتنكم الدنيا بمفاتنها, وتغريكم على مخالفة الله سبحانه ببريق بهارجها, فإنها غدَّارةٌ فاجرة, لا تستقيم على حال, ولا يستقر لعاشقها قرار, تُعلي أقواماً وتُسقط أقواما, ترفع من كان حقه أن يُوضع, وتضع من كان شأنه أن يُرفع.
ألا ترون ما فعلت بالأنبياء العظام, والأوصياء الكرام, كيف سلطت عليهم الجهلة واللئام, حتى أصبحوا عند الناس هم المبدعون, وأصبح البغاة والمارقون هم أصحاب الحق الذي عنه يدافعون.
انظروا إلى ما عملت بأمير المؤمنين وسيد الوصيين ويعسوب الدين, كيف قدَّمت عليه من لا يساويه علماً ولا يدركه عملا, بل ساوت به الطلقاء وأبناء الطلقاء, فعلي بن أبي طالبٍ عليه السلام أول الناس إسلاما, وأعظمهم جهادا, وأكثرهم علما, في نظر المعظم من المسلمين ليس بأفضل من الطليق ابن الطليق معاوية بن أبي سفيان, بل يضعونه معه في كفة ميزانٍ واحدة, فكلاهما في نظرهم من الصحابة, هذا الذي آمن بالله سبحانه وبرسوله في أول لحظةٍ نزل فيها الوحي على محمدٍ صلى الله عليه وآله, بل عدَّه القرآن شاهداً على رسالة محمدٍ صلى الله عليه وآله فاتبعه اتباع الفصيل أثر أمه, وفداه بنفسه, ودافع عنه في كل المواقف والمشاهد بمهجته وبأهل بيته في نظرهم ليس بأفضل من ذلك الذي حارب الرسول الأعظم وناضله, حتى أظهر الله عليه رسوله, ولم يجد ملجئاً يلتجئ إليه فدخل فاستسلم للمسلمين راغما, وأظهر الإسلام كاظماً, في نظر معظم السلمين اليوم في الفضل سواء, فهل بعد ذلك يأمن عاقلٌ لهذه الدنيا؟ وهل يأسى على ما يفوته منها مؤمن؟
انظروا إلى نتائج ما فعله فينا أولئك الأسلاف الذين دفعوا آل رسول الله صلى الله عليه مما نعيشه اليوم من ضعفٍ وتفككٍ وخورٍ وفرقة, انظروا بلاد الإسلام كيف توطأ بجنود الكفر, وخيراتهم كيف تُغتصب من أيديهم ليحارَبوا بها, انظروا إلى ما أجمع عليه الكفر من تسليط اليهود علينا واغتصاب فلسطين منا ودفعها إليهم, فها هو القدس الشريف يأنُّ من وطأ أقدامهم وتدنيسه بأفعالهم, انظروا كيف يُقتل الفلسطينيون تحت كل حجرٍ ومدر, ويُشرِّدون من ديارهم وأهلهم, من الذي جر على الأمة هذا البلاء غير الذين باعدوا علياً والمعصومين من ذريته عن الخلافة, ومع ذلك لا يزال المسلمون غافلين عما يُراد بهم من إيقاع الفتن بينهم, فيدفعون فريقاً منهم للكلام على أتباع عليٍ حتى ينبري أتباع عليٍ للدفاع عن أنفسهم.
أرى لكم يا شيعة علي, دعوا الكلاب تنبح, دعوا الكلاب تنبح, دعوا الخنازير تنبح, لا تردوا عليهم, لن يصيبكم منهم إلا أذىً نفسياً قليلا, لا تشاركوهم في إيقاع هذه الفتنة, إنهم قومٌ مستأجَرون من الصهيونية, قومٌ مستأجَرون من أمريكا, يريدون أن يوقعوا الفتنة في هذه الأيام العصيبة بين المسلمين, حتى إذا غزوا العراق تقاعس فريقٌ من المسلمين, حتى إذا ضربوا السعودية سكت الشيعة, وإذا ضربوا إيران سكت أهل السنة, هذا ما يريده صاحب محطة المستقلة, وليست هي بمستقلة, إنها مأجورةٌ من أمريكا, مستأجَرةٌ من الصهيونية, وهذا ما يريده العلماء الذين يرضون أن يشاركون فيها. فيا شيعة علي, دعوهم يشتموا علياً, دعوهم يشتمونكم, فلقد شُتم علي طيلة أيام بني أمية, وحوربتم طيلة أيام بني أمية, وطيلة أيام بني العباس, وطيلة أيام العثمانيين, وها أنتم والحمد لله ظاهرين, كلمتكم ظاهرة, أعلامكم مرتفعة, حجتكم باهرة, دعوا الكلاب تنبح, فإن نبح الكلاب لن يستطيع أن يُوقف قافلة أهل الإيمان.
فيا عباد الله لا تفتننكم هذه الدنيا عن دينكم, ولا تنشغلوا في الصراع على وصلها عن آخرتكم, فما هي بدائمةٍ لكم, فتوجهوا إلى إعمار الديار التي إليها سترتحلون, وبناء البيوت التي فيها ستستقرون, ولا تُعللوا أنفسكم بما لا ينفعكم غداً حين تُستجوبون, وأمام بارئكم تُوقَفون, واعملوا على فكاك رقابكم من الأغلال التي فيها ترفلون, وقيود الذنوب التي تحت ثقلها ترزحون.
واعلموا أن من أعظم ما به تُفك الرقاب, ويُضاعف الثواب, وينجى من العقاب, هو إكثار الصلاة والسلام على محمدٍ وآله الأطياب.
اللهم صلِّ على النور المتجسد في الهياكل البشرية, الذي شرف بنعله بساط الربوبية, وأُفيضت عليه الأنوار الإلهية في الحضرة القدسية, النبي العربي المؤيَّد, والحصن الرباني المشيَّد, أبي القاسم المصطفى محمد.
اللهم صلِّ على باب قلعة العلوم الربانية, المشافه بالمعارف الإلهية, أخي النبي المصطفى بل نفسه ال+ية بنص الآية القرآنية, فخر دوحة لوي بن غالب, أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.
اللهم صلِّ على من فطمت محبيها من سقر, وجعلت لها الشفاعة في شيعة بعلها وولدها يوم المحشر, الدرة النوراء, والمعصومة الحوراء, أم الحسنين فاطمة الزهراء.
اللهم صلِّ على السيد السري, والكوكب الدري, شمس سماء الإيمان, وريحانة رسول الرحمن, السبط الممتحن, الإمام بالنص أبي محمدٍ الحسن.
اللهم صلِّ على القمر المنخسف بسيوف بني أمية, والسبط الذي فرطت في حفظه الأمة الشقية, ثمرة فؤاد فاطمة ال+ية, ريحانة الرسول الأمين, الإمام بالنص أبي عبد الله الشهيد الحسين.
اللهم صلِّ على خير العُبَّاد, وأفضل من تكرم وجاد, سيد الساجدين, وثمال اليتامى والمساكين, الإمام بالنص أبي محمدٍ علي بن الحسين زين العابدين.
اللهم صلِّ على مُظهر العلوم الربانية, وناشر المعارف السبحانية, ذي الذكر الطائر بين كل بادٍ وحاضر, والصيت السائر في جميع الحواضر, الإمام بالنص أبي جعفرٍ الأول محمد بن عليٍ الباقر.
اللهم صلِّ على مُمهِّد قواعد الدراية, ومُحرِّر ضوابط الهداية, قناص شوارد الدقائق, ومُفتضِّ أبكار الحقائق, ضياء المغارب والمشارق, الإمام بالنص أبي عبد الله جعفر بن محمدٍ الصادق.
اللهم صلِّ على الشمس المحتجبة بغيوم التقية, وال+ي المبتلى بكل رزية, بدر سماء المكارم, ومقتدى الأماجد الأعاظم, الإمام بالنص أبي إبراهيم موسى بن جعفرٍ الكاظم.
اللهم صلِّ على بضعة النبي المصطفى, وسليل علي المرتضى, المرتجى للشفاعة في يوم الجزاء, الإمام بالنص أبي الحسن الثاني علي بن موسى الرضا.
اللهم صلِّ على خلف الأمجاد, وسليل الأجواد, ومعتمد المؤمنين في الإصدار والإيراد, الأمام بالنص أبي جعفرٍ الثاني محمد بن عليٍ الجواد.
اللهم صلِّ على ضياء النادي, وغياث الصادي, وملجأ المستغيث يوم ينادي المنادي, الإمام بالنص أبي الحسن الثالث علي بن محمدٍ الهادي.
اللهم صلِّ على صاحب الفضل والكمال, المتردي برداء المجد والجلال, السيد السري, والعالم العبقري, الإمام بالنص أبي محمدٍ الحسن بن عليٍ العسكري.
اللهم صلِّ على المرتجى لنصر الملة المحمدية, المؤمَّل لكشف البلية, الآخذبثار العترة النبوية, مقيم البرهان, والحجة على جميع أهل الأديان, شريك القرآن, الإمام بالنص مولانا أبي القاسم المنتظر صاحب العصر والزمان.
عجَّل الله أيام دولته, ومتَّعنا بالنظر إلى طلعته, وكرمنا بنصرته, وشرفنا بخدمته, إنه سميعٌ مجيب.
إن أحسن خطابٍ وأبلغ كلام, كلام الله ذي الجلال والإكرام. أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ1.وأستغفر الله لي ولكم وللمؤمنين والمؤمنات إنه غفورٌ رحيمٌ وتوابٌ حليم.
1 سورة النحل: 90