اتباع الهوى
الشيخ سليمان المدني
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي برأ الكائنات إنشاءً واختراعا, وتنزه عن الأنداد والشركاء والأشباه علواً وارتفاعا, واستولى على الملك والملكوت قهراً واصطناعا, وبعد عن مطارح الأفكار والعقول عزةً وامتناعا, وأنار ببراهينه سبيل الموقنين هدايةً وإقناعا, وأيد بحججه دعاة الحق حمايةً ودفاعا, وفضح ببينات آياته شبهات المتسولين على موائد دعاة الطاغوت التقاطاً وابتلاعا, وأر+هم في ما اختاروه من سبل الشيطان وأوليائه خذلاناً وضياعا, ويبرز لهم يوم العرض كتاباً فيقول لهم هاؤم اقرءوا ما كنتم بأيديكم تكتبون, وما بأفواهكم تقولون.
نحمده على أن جعلنا من المسلمين, المؤمنين بصلاحية دين رب العالمين, للتطبيق والعمل في كل زمانٍ وحين, ونشكره على أن نجانا من شبهات الملحدين, والجري وراء أتباع الشياطين, ونسأله أن يجعلنا من الدعاة إلى سبيل المؤمنين, وأن ينصر بنا شريعة سيد المرسلين, ويبعثنا غداً في زمرته مع الصالحين, والشهداء والصديقين.
ونشهد ألاّ إله إلاّ الله وحده لا شريك له, الواحد بالذات, الأحد في النعوت والصفات, الصمد الذي يتوجه إليه في الحاجات, الأول قبل وجود الكائنات, والباقي بعد فناء الموجودات, له الحمد وله الملك وتعالى عما يصفون.
ونشهد أن محمداً صلى الله عليه وآله أول موجودٍ في عالم الإمكان, وآخر رسولٍ بعث لبني الإنسان, بعثه بالنور اللامع, والقول الجامع, وأتم الشرائع, فحلاله حلالٌ إلى يوم القيامة, وحرامه حرامٌ إلى يوم القيامة, وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الأسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الأخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ1.
صلى الله عليه وآله دعائم الدين, وأركان اليقين, وحفظة شريعة سيد المرسلين, وولاة أمر المؤمنين, الأدلاء على رب العالمين، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
عباد الله أوصيكم ونفسي الجانية قبلكم بتقوى الله سبحانه وتتبع مراضيه, والالتزام بأوامره ونواهيه, وأحذركم بادئاً بنفسي الأمارة من التعرض لسخطه, والإقدام على مخالفته, وارتكاب جوالب نقمته, والابتعاد عن وسائل رحمته, واعلم يا أخي أن أضر شيءٍ بالإنسان هو اتباع الهوى, فإن من اتبع هواه أرداه وأهلكه, يقول سبحانه وتعالى في سورة الروم: بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ2، ويقول جلَّ اسمه في سورة محمدٍ صلى الله عليه وآله: أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ3؛ فاتباع الهوى هو أعظم المهلكات للناس, بل هو أشد حبائل الشيطان في إيقاع الإنسان في مخالفة الله سبحانه, لأن الإنسان إذا عظمت في نفسه الرغبة, أو أشرب قلبه بالإيمان بالفكرة, أو الرأي الذي لا يقوم على الحكم الشرعي والبيان الإلهي, زينت له نفسه كل وسيلةٍ تحقق له تلك الرغبة, وصححت عنده كل مقولةٍ تؤيد تلك الفكرة, فهو لا يبالي بارتكاب الموبقات وفعل الكبائر, وعمل كل جور, وقول كل كذب, بل لا يبالي أن يضل الناس عن طريق الهدى ويدعوهم إلى طريق الضلال, ويزين لهم الابتعاد عن دين الله من أجل تحقيق رغبته, أو تأييد فكرته, من دون التفات إلى قبح ما يفعل, وحرمة ما يرتكب, ثم لا يستغفر ربه عن شيءٍ من ذلك ولا يتوب, لأنه يعتقد نفسه محقاً فيما أتاه من القول والفعل ويبقى على ذلك الأمر حتى توافيه المنية, فيموت من دون توبة, ففي الحديث إن إبليس اللعين قال: "أهلكتهم بالذنوب فأهلكوني بالاستغفار, فلما رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء فهم يحسبون أنهم مهتدون فلا يستغفرون"4, بل كيف يمكنه أن يتراجع وأن يتوب وقد أوقع خلق الله في الضلال, وزين إليه الدعوات الكافرة, وأيأسهم من الرجوع إلى شرع الله.
فلا تركن إلى رأيك يا أخي حتى تمحصه, وتعرضه على مقياس العقيدة الإسلامية التي تدعي أنك أحد أبنائها بل دعاتها ومروجيها, اعرض رأيك على العلماء العارفين بحقائق الدين وناقشهم فيه وسلهم عما لم تفهمه من الكلام, ولم تعقله من لحن الخطاب, حتى يتبين لك الحق فتتبعه, فإن الرأي أو الرغبة متى أشربت بالقلب انقلبت إلهاً معبودا, يقول جلَّ جلاله في سورة الفرقان: أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً5, ويقول عز شأنه في سورة الجاثية: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ6.
إن الهوى إذا تمكن من قلب الإنسان وسيطر عليه, وأصبح له إلهاً حجب سمعه عن سماع ما يناقض رأيه, ومنع بصره عن النظر إلى ما في هذا الرأي من أخطاء, وأصبح يكذب كل ما يخالف هواه, فإذا عجز عن تكذيبه أخذ يأوله حتى لا يتعارض مع فكرته, وهذا هو عين العبادة والإيمان فيصبح ذلك الرأي وتلك الفكرة إلهاً معبودا ورباً له, يوجه سلوكه, ويحدد طريقه, فيبغض فيه ويحب فيه, وهذا عين التأليه، ولذلك يقول أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه: "إنك إن أطعت هواك أصمك وأعماك وأفسد منقلبك وأرداك"7, بل ربما يبلغ الأمر بأهل الأهواء أنهم يرفضون سماع شيءٍ يحتمل أن يغير رأيهم عما كانوا عليه, أو يقنعهم بفساد مسلكهم فتراه يقول لمن قال له اذهب لفلان من العلماء مثلاً وحاوره في فكرتك قال لا لن أذهب إليه فإنه قد يقنعني بفساد ما أنا عليه, وصحة ما عنده, ومن أجل ذلك تجد أن بعض المذاهب يوصون أتباعهم بعدم مناقشة الشيعة ومحاورتهم, بحجة أنهم يدرسون سحر الكلام على مردة الفن, وكل أهل بدعة, وكل أهل هوى، تجدهم يوصون أتباعهم بذلك, وما سبب ذلك إلا لأن هذه الفكرة لم تعد في نظره مجرد رأي أو فكرة يقبلها إن صحت ويرفضها إن بطلت, بل تحولت إلى معبودٍ لا يتمكن من تركه وهو يخشى أن تواجهه الحقيقة وتكون على خلاف هواه, إنه تحول من إنسانٍ يطلب الحقيقة إلى إنسانٍ لا يرى أن تكون هناك حقيقة إلا ما يراه هو, ومن أجل هذا أيضاً يعادي من يخالف هواه, وهو مستعدٌ لتصديق أي عيبٍ فيه وترويجه وإن كان لا يعرفه ولا يدري أن ما سمعه حقاً أو باطلا, مادام أن هذا العيب ينسب إلى فلان المخالف لرأيه الذي تبناه فهو صحيحٌ ولا حاجة له في التحقق من ذلك. وأساس الفتن في هذه الدنيا, وأساس الخصومات والحروب في هذه الحياة, ليست إلا الأهواء, يقول أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه: "وإنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع وأحكام تبتدع يخالف فيها كتاب الله ويتولى عليها رجال رجالا على غير دين الله"8. ولا إشكال أنه متى ما اتبعت الأهواء فلا بد من ابتداع الأحكام, لأن الأحكام المودعة في كتاب الله سبحانه وسنة نبيه صلى الله عليه وآله, وأقوال الصادقين من أهل بيت نبيه, وكتب العلماء المتورعين العاملين بكتاب الله وسنة نبيه, لن تؤيد هذه الأهواء, فلا بد من إيجاد أحكامٍ تؤيدها وتدعمها من أي مصدر كان ولو بتحريف الكلم عن مواضعه, وعندئذ يتبع فيها الرجال رجالا, وقد أشار الصادق صلوات الله وسلامه عليه إلى هذا بقوله: "من أصغى إلى ناطق فقد عبده, فإن كان الناطق يؤدي عن الله عز وجل فقد عبد الله, وإن كان الناطق يؤدي عن الشيطان فقد عبد الشيطان"9, وإذا لم يكن الحكم الذي يراد تأييد الفكرة به من كتاب الله وسنة نبيه, وأقوال الهداة من أهل بيته صلوات الله وسلامه عليه وعليهم فلابد أن يكون من الشيطان, وعندئذ يكون الرجال يتبعون فيه رجالا, لا أنهم يتبعون الله جلَّ شأنه فيما أمر ونهى، بل ربما يصل الأمر بأهل الأهواء وعشاق الدنيا أن ينكرون صلاحية الشريعة للتطبيق في مثل هذه الأزمان, وأن الفقهاء المسلمين غير جديرين باستنباط ما ييسر حياة المسلمين ويؤطرها بالدين الحنيف, حتى يكون في نظر أهل العصر من المتنورين, ويرضى عنه كافة المنحرفين.
فاتقوا الله عباد الله وجانبوا الأهواء, وابتعدوا عن فاسد الآراء, ولا تتمسكوا بقولٍ لا تعرفونه في كتاب ربكم، وسنة نبيكم, وأحاديث أئمتكم, بل تأخذونه ممن عرفتموه بالتمسك بهذه الأسباب من علمائكم الصالحين, وفقهائكم المخلصين, يقول جلَّ من قائل في سورة النازعات: وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى & فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى10؛ فإن مخالفة الهوى رأس الدين بل ملاكه كما يقول أمير المؤمنين عليه وأولاده المعصومين صلوات رب العالمين11.
جعلنا الله وإياكم ممن يخالف على هواه, وينصاع لأمر مولاه, وحقق لنا ولكم من الخير في الدنيا والآخرة ما نتمناه, وجمعنا جميعاً في دار كرامته ورضاه, إنه سميعٌ مجيب.
إن خير ما اقتبسه خطيب, وتأمله مفكرٌ أريب, كلام الله الرقيب الحسيب، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْقَارِعَةُ & مَا الْقَارِعَةُ & وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ & يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ & وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ & فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ & فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ & وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ & فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ & وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ & نَارٌ حَامِيَةٌ12.وأستغفر الله لي ولكم إنه غفورٌ رحيم وتوابٌ حليم.
1 سورة آل عمران: 85
2 سورة الروم: من الآية29
3 سورة محمد: 14
4 ميزان الحكمة – ج4 – ص3476 – محمدي الريشهري
5 سورة الفرقان: 43
6 سورة الجاثـية: 23
7 ميزان الحكمة – ج3 – ص1988 – محمدي الريشهري
8 نهج البلاغة - ج1 - ص99
9 الكافي – ج6 – ص434 – الشيخ الكليني
10 سورة النازعات: 40 - 41
11 "رأس الدين مخالفة الهوى"ميزان الحكمة – ج2 – ص945 – محمدي الريشهري
12 سورة القارعة
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله خالق العباد, وساطح الوهاد, ومؤمن البلاد, الهادي إلى الخير والرشاد, الذي ليس لأوليته ابتداء، ولا لآخريته انتهاء, خارجٌ عن الأشياء لا بمزايلة, قريبٌ منها لا بمداخلة, لا تتمثله المدارك والأفكار, ولا تدركه اللواحظ والأبصار, ولا يقاس بمقياس ولا يقدر بمقدار, قدر الأقضية والأقدار, وخلق الشمس والقمر وميز الليل من النهار.
نحمده سبحانه حمداً يؤهلنا لرضوانه, وي+بنا التمتع بنعيم جنانه, ونشكره على جزيل نواله, وسوابغ أفضاله, ونسأله النجاة من حبائل إبليس وأعماله, والعفو عما صدر منا من مخالفةٍ لأوامره وأقواله, ونلتمس منه العون والتسديد للقيام بواجب عبادته وإجلاله.
ونشهد ألاّ إله إلاّ الله وحده لا شريك له في ملكه وملكوته, ولا شبيه له صفاته ونعوته, ولا ندَّ له في قوته وجبروته, فهو رب العرش العظيم, ذو السلطان القديم, لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ1.
وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وآله مجمع الكمالات الإنسية, ومحط الواردات القدسية عبده ورسوله, الداعي إليه بعدما وقب غسق الجهالة, والهادي إليه عندما احتجب وجه الحق بظلم الضلالة, والقائد إلى سبيله بأوضح الدلالة, وأبلغ المقالة.
صلى الله عليه وآله الناسجين على منواله, في أقواله وأفعاله, أئمة الإسلام, وذروة الاحتشام, وسادات الأنام, وشفعاء يوم الخصام، صلاةً دائمةً ناميةً زاكية, طيبةً رائحةً غادية.
أوصيكم عباد الله وأبدأ بنفسي قبلكم بتقوى الله سبحانه, فاتقوه وراقبوه, ولا يغركم +رج هذه الدار فإنه خلوب غدار, واعتبروا بالأمم الماضية, والقرون الخالية, فلقد كانت أعمارهم أطول من أعماركم, وقدرتهم أضعاف اقتداركم, أقبلت عليهم الدنيا بزينتها وزهراتها أي إقبال, ومتعتهم بالفاخر من مباهجها ونضرتها فصاروا فيها على أحسن حال, وأسلست لهم قيادها, وجعلتهم أولادها فناموا على سرر لذاتها فاكهين, واطمئنوا إلى كنفها آمنين, فطغوا في البلاد, وأكثروا الفساد, وأضلوا العباد, ودعوا إلى عبادة الشيطان في كل واد, ثم عادت عليهم فرمتهم بسهام البلايا على حين غفلة, وأبدلتهم من تلك الخيرات بمصائب لا انتظار فيها ولا مهلة, فاسترجعت موهوبها, وهجرت حبيبها, وجعلت كلياتهم أفرادا, وحولت جموعهم آحادا, فأصبحوا تحت الجنادل والثرى, عبرةً للورى, في بيوتٍ موحشة, ولحودٍ دارسة, وأصبحت تلك الوجوه الناعمة مصدراً للقيح والصديد, والأجسام الحسان مرعىً للحشرات والديدان, ولم يبق لهم من هذه الدنيا إلا الذكر غير الحميد, واللعن والتوبيخ والتنديد, فيا سعادة من قدم الدواء لتلك الأدواء المعضلة, ويا بشرى من عمل للنجاة من تلك الأهوال المشكلة.
جعلنا الله وإياكم ممن أخذ التوفيق بيده, فاستعد في يومه لما ينفعه في غده, وحفت السعادة بمقادمه ونواصيه, فعمل على جعل مستقبله خيراً من ماضيه.
ألا وإنكم في يوم شريف لا تماثله الأيام, وموسم حقيق بالإجلال والإعظام, محفوف عند الله بالتكريم والإكبار, والمجد والفخار, ففي الخبر عن السادة الأطهار, عليهم صلوات الملك الغفار: أن يوم الجمعة ما دعا الله فيه أحد من الناس عارفا بحقه وحرمته إلا كان حقا على الله تعالى أن يجعله من عتقائه وطلقائه من النار, وما استخف أحد بحرمته وضيع حقه, إلا كان حقا على الله سبحانه أن يصليه نار جهنم, إلا أن يتوب2, وعنهم عليهم الصلاة والسلام "من توضأ يوم الجمعة فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بين الجمعة إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيام"3.
ألا وإن من أفضل أعماله المشهورة, وأكمل أفعاله المأثورة, هي الصلاة والسلام على أولياء الملك العلام, وشفعاء دار السلام, محمدٍ وآله صفوة الله من الأنام.
اللهم صلِّ على نائب حضرة القدس الإلهية, وحاجب حضيرة الأنس السبحانية, سيد الرسل من دون خلاف, المبعوث لكافة الأجناس والأصناف, النبي الأمي والرسول العربي محمد بن عبد الله المجتبى من آل عبد مناف.
اللهم صلِّ على عيبة علمه وأسراره, وكنز ذخائره وآثاره, صاحب الفضائل والمناقب, والمخصوص من الله بجزيل المواهب, سيد الموحدين الإمام بالنص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.
اللهم صلِّ على بضعة الرسول, وحليلة الأسد الصؤول, ذات الأحزان الطويلة, والمدة القليلة, المعصومة الكبرى, أم الحسنين فاطمة الزهراء.
اللهم صلِّ على سبطي الرحمة, وشفيعي الأمة, وسيدي شباب أهل الجنة, ومن حبهما من النار جنة, ومودتهما فرض على الإنس والجنة, كريمي الجدين, وشريفي الحسبين, الإمام بالنص أبي محمدٍ الحسن وأخيه الإمام بالنص أبي عبد الله الشهيد الحسين.
اللهم صلِّ على سيد الساجدين, ومشكاة المتهجدين, ومصباح محاريب الموحدين, الإمام بالنص أبي محمدٍ علي بن الحسين زين العابدين.
اللهم صلِّ على البحر الزاخر باللؤلؤ الفاخر, والغيث الهامر بنفائس المفاخر, كنز المكارم والمآثر, الإمام بالنص أبي جعفرٍ الأول محمد بن عليٍ الباقر.
اللهم صلِّ على موضح عويصات الدقائق, وكاشف أستار الحقائق على وجهٍ لم يسبق إليه سابق, النور البارق في المغارب والمشارق, الإمام بالنص أبي عبد الله جعفر بن محمدٍ الصادق.
اللهم صلِّ على مشترع قوانين المجد والمكارم, ومشيد سنن الرشد للأكارم, ومعبد طرق الهداية والمراسم, الإمام بالنص أبي إبراهيم موسى بن جعفرٍ الكاظم.
اللهم صلِّ على الرضي المرتضى, العالم بالحكم والقضا, والمشفع يوم الفصل والقضا, الضامن لزواره النجاة من لظى, الإمام بالنص أبي الحسن الثاني علي بن موسى الرضا.
اللهم صلِّ على سالك جدد الجود والسداد, ومقصد الوفاد لكل غاية ومراد, وناشر راية الهدى والرشاد, الإمام بالنص أبي جعفرٍ الثاني محمد بن عليٍ الجواد.
اللهم صلِّ على من سارت أخبار كرمه في الحواضر والبوادي, وأنشدت مدائح مجده في المحافل والنوادي, وتغنى بألحان فضله كل رائحٍ وغادي, الإمام بالنص أبي الحسن الثالث علي بن محمدٍ الهادي.
اللهم صلِّ على السيد السري، والعالم العبقري, الطالع شرفاً على الزهرة والمشتري, الإمام بالنص أبي محمدٍ الحسن بن عليٍ العسكري.
اللهم صلِّ على الزيتونة المباركة التي ليست بشرقيةٍ ولا غربية, صاحب الطلعة الحيدرية, القائم بالدعوة النبوية, شريك القرآن، وباهر البرهان، وإمام الإنس والجان، الإمام بالنص مولانا المهدي بن الحسن صاحب العصر والأوان.
عجل الله له الفرج، وأوسع له المنهج، وجعلنا من أنصاره وشيعته, ولقانا بركة حياطته ودعوته, إنه على ما يشاء قدير.
إن أمتن ما اعتمده الأنام من الكلام, وأحسن ما جرت به الأقلام في كل مقام, كلام الله الملك العلام, أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ4.وأستغفر الله لي ولكم وللمؤمنين والمؤمنات إنه غفورٌ رحيم وتوابٌ كريم.
1 سورة الشورى: من الآية11
2 "إن يوم الجمعة سيد الأيام، يضاعف الله عز وجل فيه الحسنات، ويمحو فيه السيئات، ويرفع فيه الدرجات، ويستجيب فيه الدعوات، ويكشف فيه الكربات، ويقضي فيه الحاجات العظام، وهو يوم المزيد لله فيه عتقاء وطلقاء من النار ما دعا الله فيه أحد من الناس وعرف حقه وحرمته إلا كان حتما على الله أن يجعله من عتقائه وطلقائه من النار وإن مات في يومه أو ليلته مات شهيدا، وبعث آمنا، وما استخف أحد بحرمته وضيع حقه إلا كان حقا على عز وجل أن يصليه نار جهنم إلا أن يتوب"بحار الأنوار – ج86 – ص274 – العلامة المجلسي
3 بحار الأنوار – ج86 – ص212 – العلامة المجلسي
4 سورة النحل: 90