حسن الخلق
الشيخ سليمان المدني
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي تنزه عن تشبيهات الجاهلين, فأنكرته قلوب القاصرين, وترفع عن صفات المخلوقين، فتاهت في معرفته عقول الواصفين, وتجلى لعباده الصالحين، فأدركته بصائرهم بنور اليقين, وبرز لخلصائه المتقين, فلم يغب عن ملاحظة خواطرهم في وقتٍ ولا حين, ألبسهم من حلل وصاله ما طاب به منهم النجار, وحصل به لهم الفخار, وأفاض عليهم من شئابيب قربه ما أغناهم به عن النظر إلى الأغيار، كان كنزاً مخفياً فخلق الخلق لمعرفته, وندبهم لسلوك جادة طاعته, وزجرهم عن السير في طريق معصيته, وبعث النبيين مبشرين ومنذرين بين يدي رحمته, ليحيا من حيَّ ببينته, ويهلك من هلك بعد إقامة حجته, ولئلا تكون للناس عليه حجةٌ بعد الرسل.
نحمده سبحانه ونثني عليه بما هو أهله, وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله، ونعلم أن التوفيق لذلك من بعض نعمته, ونشكره تعالى إستجابةً لأمره، واستجلاباً لرحمته, واستسلاماً لعزته, واستتماماً لنعمته, واعتصاماً من معصيته, واستئماناً من نقمته, ونلتمس منه العون على أداء ما أوجب علينا من فروض طاعته, والقيام بما ندب إليه من لزوم عبادته.
ونشهد ألاّ إله إلاّ الله وحده لا شريك له، لا شريك له فيما أبدع من بريته, ولا شبيه له في عظمته وعزته, ولا مثل له في نعوته وصفته, ولا ندَّ له في جبروته وقوته, فهو رب العرش العظيم, وذو السلطان القديم, ليس كمثله شيءٌ وهو السميع البصير.
ونشهد أن محمداً صلى الله عليه وآله عبده ورسوله، علة وجود الممكنات, اختاره حين اختاره نوراً مضيئاً في بطنان العرش قبل خلق الأرض والسماوات, وأسبغ عليه حلل المجد والكمالات, ومن نوره صلى الله عليه وآله خلق سائر الموجودات, فمن يضاهيه شرفاً ورفعةً عند مبدع البريات, ومن يدانيه مقاماً وسؤدداً وهو المخاطب بلولاك لما خلقت الأفلاك.
صلى الله عليه وعلى ابن عمه عليٍ ممدوح السورات, وطويل السجدات, وخواض الغمرات, وعلى الأطائب من ذريتهما الأئمة الهداة, ذوي الفضائل والكرامات, صلاةً تستنفذ ما خلق الله من الأزمنة والآنات, وتستنزل من لدنه الرضا والبركات.
عباد الله أوصيكم ونفسي الجانية قبلكم بتقوى الله سبحانه وخشيته, والصبر على تجرع مرارة طاعته, والتجرد من لذيذ معصيته, والتجنب لشبهات الباطل والدخول في ربقته, حتى تفوزوا بعظيم رحمته, فإنه سبحانه وعد المتقين بقوله: فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ1 فتدخلوا حينئذ الجنة بعفوه ومنته, فراقبوه في كل صغيرةٍ وكبيرة، فما تدرون أيان وقوع سطوته, ولا متى يشملكم بغضبته, ففي وصية أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام لابنه: "يا بني خف الله خوفاً ترى أنك لو أتيته بحسنات أهل الأرض لم يقبلها منك, وارج الله رجاءً ترى أنك لو أتيته بسيئات أهل الأرض غفرها لك"2، فلا تغتروا بحلمه فتتجرؤون على معصيته, واعلموا أن من أفضل ما يتقرب به العبد إلى ربه بعد الإيمان به والتصديق بملائكته وكتبه هو أن يعمل الإنسان على تحسين خلقه, فإن الخلق الحسن هو صفة سيد المرسلين وهل أدل على ذلك من مخاطبة رب العزة له بقوله: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ3؛ بل إن حسن الخلق هو جوهر رسالته, وحقيقة نبوته حيث قال صلى الله عليه وآله: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"4 فالخلق الحسن هو ثمرة مجاهدة المتقين, ونتيجة رياضة المتعبدين, وهو على التحقيق شطر الدين, وقد روي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: أثقل ما يوضع في الميزان تقوى الله والخلق الحسن5, والخلق هو الجِبِّلة الراسخة في النفس التي تصدر عنها أفعال الإنسان بيسرٍ وسهولة, فإن بذل المال مثلاً قد لا يعد كرما بل ربما عد إسرافاً وسفها, ومنعه قد لا يعد بخلا بل ربما عد اقتصاداً وحفظا, وإنما يعد بذل المال كرماً إذا كان من عادته أن يبذل المال ويؤثر به, راضيةً بذلك نفسه, فإن مثل هذا الإنسان يعد كريما, وإن لم يبذل المال في موقفٍ من المواقف لسببٍ من الأسباب, كما لو لم يكن واجداً للمال في ذلك الحين, أو كان يعلم أن طالب المال يريد أن يتقوى به على معصية الله سبحانه وتعالى, أو يتقوى به على ظلم غيره من العباد, فإن رفض إعطائه المال لا يسمى بخلا, وبالمقابل قد يبذل المال بخيلٌ لسبب من الأسباب, كشراء ضمائر الناس وذممهم, أو من أجل بلوغ غايةٍ تعود عليه بالنفع الوفير, أو للرياء والسمعة, فلا يسمى كريماً بمجرد بذل المال, وإنما يكون الكرم خلقاً إذا كان يبذل المال لا لغايةٍ تعود عليه بالنفع العاجل في دنياه, أو لا يرجو من وراء بذله شيئا, ولذلك عد العرب حاتم الطائي كريما لأنه يبذل الطعام لكل وارد, لا يسأله عن إسمه ولا عن عشيرته ولا عن مقصده, فالخلق هو الهيئة أو الملكة أو بتعبير بعض المحدثين: القدرة النفسية الراسخة التي تصدر عنها الأفعال بيسرٍ وعفوية, ومن دون تكلفٍ أو تعَمُّل, وحتى يبلغ الحال بصاحبها أن لا تصدر عنه أفعالٌ مخالفة لها إلا بتقصد, فالخُلق هو الصورة الباطنة للإنسان, والخلق هو الصورة الظاهرة, فإن كانت تصدر عنها الأفعال الحسنة عند أهل العقل, المحمودة في الشرع, سُميت تلك الهيئة بالخلق الحسن, وإن كانت تصدر عنها الأفعال القبيحة عقلاً, المذمومة شرعاً, سميت بالخلق السيء، ولها شروط أربعة الأول أن تصدر عنها الأفعال الحسنة أو القبيحة كما وصفنا باليسر والسهولة, وثانيهما القدرة على الفعل والترك فإن فاقد القدرة لا يسمى ما يأتيه خلقا, وثالثاً العلم بما يصنع من كونه حسناً أو قبيحا, فلو كان ممن لا يميز بين الحسن والقبيح فما يصدر عنه لا يسمى خلقا, ورابعها هي الهيئة النفسانية التي ذكرناها والتي تميل به إلى إحدى الجهتين, وتسهل عليه ارتكاب أحد الأمرين, الحسن أو القبح, فليس الفعل بحد ذاته خلقا وإن تكرر فعله ما لم يصدر عن ملكةٍ راسخة، ولا إشكال أن هذه الملكة كغيرها من الملكات والقدرات لا يولد الإنسان مزوداً بها, وإنما تحصل له من جراء رياضته لنفسه عليها, فالعلم لا يحصل للإنسان إلا بعد طول المجاهدة والمعاودة في الدراسة, والملاحظة والتجربة, وبعد المحاولات الشاقة, وكذلك سائر الملكات, لا تحصل للإنسان إلا بعد طول المِرَان, والصبر في بداية الأمر على ما يلاقيه من الصعوبة في تعويد نفسه على تلك العادة, ثم يأخذ ذلك الأمر عليه بالسهولة, حتى تحصل له الملكة, ولذلك يستحق عليها المدح أو الذم في نظر العقلاء, والثواب أو العقاب عند الله سبحانه وتعالى, ولو كانت أمراً جبرياًّ جِبِلِّياً جُبِل عليه من حين خلقه فإنه لا يستحق عليه ثواباً ولا عقابا, ومن أجل ذلك لا يلام الإنسان ولا يعاقب على تشوه صورته الجسدية ولا يمدح على حسن خلقته, لأنهما خارجان عن فعله وقدرته, نعم لو كان تشوه صورته بسببٍ من قِبله كتعريض نفسه لما يسبب تشوه الخلقة, فإنه يلام على ما فعل بنفسه, ويعاقب على ما ارتكب في حق خلقته، فما نسب إليه صلى الله عليه وآله من القول: أفضل ما وضع في الميزان تقوى الله والخلق الحسن إنما لأن اكتساب الخلق الحسن راجعٌ إلى مجاهدة نفسه ورياضته لشهواته وغرائزه, فمن عود نفسه على الصبر على أذى الناس, هان عليه أمرهم, ولم يُطشه تعديهم, فصفح عمن ظلمه, وكفَّ عَمَّن آذاه فسمي حليما, ومن عَوَّدَ نفسه على الكلام اللين مع الناس, والخطاب الجميل, وراض نفسه على الألفاظ الحسنة, وتجنب الألفاظ السيئة, نشأت عنده ملكةٌ مولِدةٌ للألفاظ المحببة للقلوب الجاذبة للنفوس، ومن عود نفسه على الطيش والغضب والأخذ للنفس بكل صغيرةٍ وكبيرة وعدم التنازل لأحدٍ في شيءٍ من الأشياء نشأت عنه ملكة سيئة لا تصدر عنها إلا الألفاظ الخشنة, والكلمات البذيئة, حتى يصعب عليه مدارات من يرى ضرورة مداراته. فينبغي للمؤمن أن يعود نفسه على خِلالَ الخير, ويسعى لإكتساب ملكات الكمال بقدر إمكانه حتى يفوز بالسعادة الأبدية عند الله سبحانه وتعالى, ففي الحديث المنسوب للرسول الأكرم صلى الله عليه وآله: "من سعادة المرء حسن الخلق"6, وعنه صلى الله عليه وآله: "إن أحبكم إلي وأقربكم مني يوم القيامة مجلسا أحسنكم خلقا"7, ولا إشكال أن الأئمة المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين هم أعظم الناس أخلاقاً وأحسنهم خلالاً فهم أقرب مجلساً منه, وهم أحب خلق الله إليه, ثم يليهم الأمثل فالأمثل في الطاعة, ومن أهم مصاديقها العمل على اكتساب ملكات الفضائل والتخلي عن طباع الرذائل.
جعلنا الله وإياكم ممن جعل القرآن له خلقا, والتقوى له زادا, والإيمان له جنة وعتادا، إنه على كل شيءٍ قدير وبالإجابة جدير.
إن خير نظام وأفضل كلام, كلام الله الملك العلام, أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ & وَطُورِ سِينِينَ & وَهَذَا الْبَلَدِ الأمِينِ & لَقَدْ خَلَقْنَا الأنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ & ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ & إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ & فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ & أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ8.وأستغفر الله لي ولكم إنه غفورٌ رحيمٌ وتوابٌ حليم.
1 الفرقان: من الآية70
2 بحار الأنوار – ج67 – ص394 – العلامة المجلسي
3 سورة القلم: 4
4 تفسير مجمع البيان – ج10 – ص86 – الشيخ الطبرسي
5 قال رسول الله ص: "خاتم زماننا إلى حسن الخلق، والخلق الحسن ألطف شيء في الدين، وأثقل شيء في الميزان، وسوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل، وإن ارتقى في الدرجات فمصيره إلى الهوان" بحار الأنوار – ج68 ص393 – العلامة المجلسي، وعنه ص: "أكثر ما تلج به أمتي الجنة تقوى الله والخلق الحسن" الكافي – ج2 ص100 – الشيخ الصدوق
6 كنز العمال – ج3 ص12 – المتقي الهندي
7 بحار الأنوار – ج68 ص385 – العلامة المجلسي
8 سورة التين
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رفيع الشأن, عظيم السلطان, قديم الإحسان, المستغني عن الأجناد والأعوان, الذي لا يحويه مكان, ولا يحده زمان, برأ الخلق فأتقن ما صنع, وأحسن تصوير ما ابتدع, اخترعهم من دون رويةٍ أجالها, ولا تجربةٍ استفادها, ولا مادةٍ كانت سابقة فكيفها, فأحصى عددهم, ورتب في الوجود تسلسلهم, وقدر أرزاقهم, ووقت أعمارهم, كل ذلك بما اقتضته حكمته, وجرت به مشيئته.
فله الحمد سبحانه على هني نعمه وعطائه, وله الشكر تعالى على سني نواله وآلائه, ونسأله الرضا بما كتب لنا في ما أبرم من قضائه, والصبر على ما قدر في الدنيا من محنه وبلائه, ونستدفعه شر كل حاقدٍ قد أحرقه ضرام عدائه, ونرد به على كل مفترٍ لا يستحي من إشاعة الكذب وإلقائه, ونسأله اللطف في الدنيا والرحمة يوم جزائه.
ونشهد ألاّ إله إلاّ الله وحده لا شريك له, الذي تردى بالعظمة والكبرياء, وجلَّ عن الشريك في الأرض والسماء, الغني عما عداه فلا يحتاج لشيء من الأشياء, العالم بكل شيءٍ جلَّ عن التخصيص والإستثناء.
ونشهد أن محمداً صلِى الله عليه وآله نبي الرحمة، وشفيع الأمة، والهادي من الظلمة، عبده ورسوله الهادم لحصون الملحدين، والماحي لآثار المشركين، والكاشف لزيف المشبهين.
ونصلي عليه وعلى الهداة الميامين من ذويه وعترته، المجاهدين في نشر دعوته، العاملين على إعلاء كلمته، المنجزين لعداته ووصيته، صلاةً تنقذ من رهبة الموت وكربته، وتنجي من ضائقة اللحد وضغطته.
عباد الله أوصيكم ونفسي الجانية قبلكم بتقوى الله سبحانه والعمل بمراضيه, وامتثال زواجره ومجانبة مناهيه, ومراقبته جلَّ شأنه في الورود والصدور, والانصياع لأوامره في جميع الأمور, وقهر النفس الأمارة على الانقياد بزمام طاعته, والقيام بشرائف عبادته, ولا تسوفوا العمل باتباع الأمل, فإن العمر قصير, وحادي المنايا آذن بالرحيل, وليس أمر الحياة والممات متروكٌ في أيديكم, ولا العلم به متوفر لديكم.
فأقلعوا رحمكم الله عن التنافس على هذه البضائع البائرة، والانهماك في عمارة هذه الخربة الداثرة، وجدوا في تحصيل طيب الزاد إلى دار القرار، واستعدوا لبناء القصور في جوار الملك الغفار، ولا تع+وا القضية، ولا تستبدلوا تلك المنازل العلية بهذه الفانية الدنية، ألا ترون أن غناها مشوب بالفتن، وفقرها جالبٌ للحزن، وشبابها يؤول إلى الهرم، ألا تعتبرون بمن اغتر بها ممن سبقكم من الأمم، فكم وثق في صدقها أقوام، ألقت إليهم المقود والزمام، ورفعتهم على سائر الأنام، فاتخذوا الشيطان لهم ملاكا، واتخذهم له أشراكا، فدب ودرج في حجورهم، وباض وفرخ في صدورهم، فأغراهم بالزلل، وزين لهم سوء العمل، ومد لهم حبل الأمل، وألهاهم بترهاته عن العمل حتى وافاهم الأجل، فقد طربوا في لذتهم وسرورهم، واغتروا بأيامهم وشهورهم، ونبذوا الآخرة وراء ظهورهم، فهم في ثياب التيه رافلون، وعلى أرائك الجهالة متكئون، وفي محاق الغي آفلون، يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الأخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ1، ما برحت تلك حالهم حتى نشبت فيهم مخالب الأقدار، وأهانت منهم المقدار، وطوحت منهم الدار، وعظمت منهم الأوزار، فما بالكم تنسجون على ذلك المنوال، وتحتذون بهاتيك الأمثال، فيا أبناء التراب، ويا عمار الخراب، العادون وراء السراب، مالكم يلهيكم الرزق عن الرزاق، ويشغلكم الصفق في الأسواق، عن العمل بطاعة الواحد الخلاق.
ألا وإنكم في يوم عظيم الشان، عند الملك الديان، فيه تستجاب الدعوات، وتقال العثرات، وتنزل البركات، فاستفتحوا في مسائلكم لرب البريات بإكثار الصلوات والتحيات على قادة الهداة محمدٍ وآله السادات.
اللهم صلِّ على من خاطبته بلولاك لما خلقت الأفلاك2 من دون سائر النبيين, وألبسته خلعة الشرف والكرامة وآدم بين الماء والطين, وسخرت له البراق تشريفاً له على العالمين, وأوطأت نعله بساط الربوبية دون بقية المرسلين, وناهيك به من مقام تخر له جباه الملائكة المقربين, وأرسلته بالرحمة إلى كافة العالمين محمد بن عبد الله الصادق الأمين.
اللهم صلِّ على خليفته في أمته, وشريكه فيما عدى النبوة من مهام دعوته, وشاهده الذي أقمته على صدق رسالته, صاحب المطالب العلية والمناقب, وأشرف من بقي بعده في المشارق والمغارب، الإمام بالنص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.
اللهم صلِّ على بضعته, ووديعته في أمته, واسطة عقد النبوة والإمامة, ومركز بيت الفخر والشهامة, الإنسية الحوراء, والسيدة النوراء، أم الحسنين فاطمة الزهراء.
اللهم صلِّ على قرتي عين الرسول, وثمرتي فؤاد البتول، وصنوي الفارس البهلول, السيدين السندين، والكهفين المعتمدين, إمامي الحرمين، ووارثي المشعرين, الإمام بالنص أبي محمدٍ الحسن وأخيه الإمام بالنص أبي عبد الله الحسين.
اللهم صلِّ على مقدام الموحدين، ومصباح المتهجدين، ومنهاج المسترشدين، وسيد الساجدين، الإمام بالنص أبي محمدٍ علي بن الحسين زين العابدين.
اللهم صلِّ على قطب دائرة المفاخر, وعنوان صحيفة الأكابر, الذي ورث المجد كابراً عن كابر, حتى شاع صيت فضله في المحافل والمحاضر, الإمام بالنص أبي جعفرٍ الأول محمد بن عليٍ الباقر.
اللهم صلِّ على الفجر الصادق في ديجور الجهل الغاسق, والوميض البارق في المغارب والمشارق, والغيث الهامر بفنون العلوم والحقائق, الإمام بالنص أبي عبدالله جعفر بن محمدٍ الصادق.
اللهم صلِّ على النور المحتجب بغيوم المظالم, والبدر المستتر بسحاب الجور من كل ظالم, زينة الأكابر والأعاظم, الإمام بالنص أبي إبراهيم موسى بن جعفرٍ الكاظم.
اللهم صلِّ على من سطع سناء فضله وأضاء, وطبق شعاع مجده الأرض والفضاء, الشفيع لمحبيه يوم الفصل والقضاء, الإمام بالنص أبي الحسن الثاني علي بن موسى الرضا.
اللهم صلِّ على بحر الجود والسداد, ومطلع شمس الهداية والرشاد, ملجم أوفاه أهل اللجاجة والعناد, وملجأ الشيعة يوم التناد, الإمام بالنص أبي جعفرٍ الثاني محمد بن عليٍ الجواد.
اللهم صلِّ على السيدين السريين, والكوكبين الدريين, والقمرين العلويين، الإمام بالنص أبي الحسن الثالث علي بن محمدٍ وابنه الإمام بالنص أبي محمدٍ الحسن العسكريين.
اللهم صلِّ على صاحب الدعوة النبوية, والهيبة الحيدرية, والسمات الفاطمية, والصفات الحسنية، والشهامة الحسينية, الزيتونة المضيئة التي ليست بشرقية ولا غربية, شريك القرآن، وباهر البرهان، مولانا الإمام بالنص المهدي بن الحسن صاحب العصر والزمان.
عجل الله تعالى أيام ظهوره, ورفع على رؤوس الناس أعلام بدوره, وكشف به ظلم الجهل وديجوره, وجعلنا ممن يدخل تحت حياطته, ويسعد برؤيته إنه سميعٌ مجيب.
إن أفضل ما سطرته الأقلام, ووعظ به الكرام, كلام من كلامه شفاءٌ للأسقام وجلاءٌ للأفهام, أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
)إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ3.وأستغفر الله لي ولكم وللمؤمنين والمؤمنات إنه هو الكريم الوهاب, والعفو التواب.
1 سورة الروم: 7
2 في الحديث القدسي: "لولاك لما خلقت الأفلاك"شرح أصول الكافي – ج9 ص61 – مولي محمد صالح المازندراني
3 سورة النحل: 90