كم رصيدك
الشيخ عاطف شمس
بعد المقدمة
قال النبي فيما يروى عن رب العزة ( كل عمل بن ادم له إلا الصوم فإنه لي وأنا اجزي به - وقال صلى الله عليه وسلم الصوم جنة فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم مرتين والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك يترك طعامه وشرابه من أجلى - للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه
خمس هدايا 1- الصوم لله وحده مع أن الأعمال كلها لله لم؟ لأن الأعمال يدخلها الرياء إلا الصيام فهو العبادة التي لا يدخلها رياء
2- وأنا اجزي به -فالله عز وجل هو الذي يعطى ويجازى وكل إنسان يعطى فهو يعطى على قدره فإذا كان الله هو المعطى فعطاؤه لاحدود له
3- الصوم جنة يعنى وقاية من النار إذا كف نفسه عن الشهوات
4- خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك – فالجزاء من جنس العمل تغيرت رائحة فمه من اجل الله فالله يجازيه برائحة المسك يشتهر بها في الآخرة بين الناس كما أعطى المجاهدين
5- للصائم فرحتان - إذا افطر فرح بفطره ( زوال الجوع والعطش ) ويوم يلقى الله يفرح بطاعته لربه
واليكم الجائزة الكبرى إنها السحب على العتق من النار ستين مرة كل شهر (إن لله عتقاء في كل يوم وليلة )
لقد سألت ربى عز وجل أن يلهمني موضوعا عن رمضان لكن من زاوية لم يتكلم فيها احد ودائما كنت أتمثل قوله تعالى ( امن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ) ويوما وعند مروري بالشارع سمعت شيخا يتحدث ويشرح حديث المفلس وفيه أتدرون من المفلس قالوا من لادرهم له ولامتاع قال المفلس من يأتي يوم القيامة بحسنات و+اة وصيام وحج ويأتي وقد شتم هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه وإلا اخذ من سيئاتهم وطرحت عليه فألقى في النار ) مسلم بعد أن استمعت إلى الحديث صحت ( وجدتها ) كما قال ارخميدس عند اكتشاف قانون الأجسام الطافية ونيوتن عندما سقطت تفاحة على رأسه فاكتشف قانون الجاذبية
الرصيد - هذا هو العنوان الرئيس للخطبة – فرمضان هو اكبر فرصة لعمل رصيد
بعض الناس يعيشون الآن بدون رصيد لو مات الآن فهو مع الخاسرين
وبعض الناس عنده رصيد قليل جدا لدرجة انه لو نظر إلى ما لا يحل له هلك وفقد ما تبقى له من رصيد
وبعض الناس رصيده بالسالب - مصيبة - ليس له في رصيده حسنات بل سيئات
هاهو رمضان جاءك لترفع رصيدك ونحن جميعا نرفع أرصدتنا إلى الملايين من الحسنات فيه نسحب من هذا الرصيد لو غلبنا الشيطان فنظرنا إلى ما لايحل أو استمعنا إلى ما لايحل
إذن الرصيد يرتفع عند قراءة القران
الرصيد يرتفع ساعة الصلاة
الرصيد يرتفع ساعة التسبيح والتهليل والتحميد
والرصيد ينقص ساعة مشاهدة فيلم
الرصيد ينقص ساعة سماع أغنية
الرصيد ينقص ساعة جلوسك مجلس نميمة أو غيبة
وسألت نفسي ما الدليل على ما أقول - فنحن نعلم المقولة (إن استطعت ألا تحك رأسك إلا بأثر فافعل ) فنظرت في سيرة الأنبياء فوجدت ما أقول ينطبق حتى على الأنبياء ( وأيوب إذ نادي ربه أنى مسني الضر وأنت ارحم الراحمين - فاستجبنا له فكشفنا مابه من ضر واتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين ) الأنبياء - أيوب عليه السلام كان له رصيد هو انه كان من العابدين
(وزكريا إذ نادي ربه رب لاتذرنى فردا وأنت خير الوارثين – فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين ) الأنبياء لاحظت أخي في الله أنهم كان لهم رصيد عند الله أولا كان +ريا قد تجاوز المائة وشاب شعره وكانت زوجه عاقرا وتجاوزت التسعين فماذا كان رصيدهم - كانوا يسارعون في الخيرات ويدعون الله خوفا وطمعا وكانوا خاشعين لله عز وجل
نبي آخر هو يونس عليه السلام ( وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادي في الظلمات لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) فنجاه الله لكن أين رصيده - ماذا كان رصيده قال تعالى ( فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون ) الرصيد إذن انه كان من المكثرين من التسبيح وهو تنزيه الله عن كل نقص وعيب
ونجد النبي صلى الله عليه وسلم ينبه إلى هذه المسألة بمثال ضرب فيه مثلا برجل أشعث اغبر يطيل السفر يمد يديه إلى السماء يارب يارب - ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذى بالحرام فأنى يستجاب له
يطيل السفر سبب من أسباب إجابة الدعوة
أشعث اغبر – من أسباب إجابة الدعوة ( ينظر الله إلى عباده يوم عرفة يقول أتوني شعثا غبرا أشهدكم أنى قد غفرت لهم
يمد يديه إلى السماء – من أسباب إجابة الدعوة
يقول يارب يارب - من أسباب إجابة الدعوة
لكن الله عز وجل لم يستجب له لم ؟ ليس له رصيد يقول النبي مطعمه حرام ومشربه حرام وغذى بالحرام فأنى يستجاب له
مثال آخر رائع ضربه النبي فقد كان جالسا يوما مع أصحابه فقال من أصبح منكم اليوم صائما قال أبو بكر أنا
فقال من منكم تبع جنازة اليوم قال أبو بكر أنا
فقال من منكم أطعم اليوم مسكينا قال أبو بكر أنا
فقال من منكم عاد اليوم مريضا قال أبو بكر أنا
فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما اجتمعت في امرئ إلا دخل الجنة
انظر إلى رصيد أبى بكر في يوم واحد
أتينا إلى السؤال المهم اليوم وهو كم ستضع في رصيدك في رمضان وإياك أن تكون ممن يضعون رصيدا ثم يسحبونه فورا مثل الذي يصوم ثم يسلى صيامه بمشاهدة فيلم مثلا
قال النبي ( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع شرابه وطعامه ) البخاري
( ورب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش )
أولا القران الكريم قال البعض أن عدد حروفه 330733 والحرف بعشرة حسنات إذن يمكنك أن تضع ثلاثة مليون وثلاثمائة ألف حسنة في رصيدك كل ختمه تختمها
قال النبي ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه )
وقال النبي ( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه )
وقال النبي من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه )
وكل ما سبق أحاديث متفق عليها
وقد يتساءل احدنا لم قال النبي غفر له - ولم يقل يكفر عنه
الدليل في قوله تعالى (ربنا إننا سمعنا مناديا ينادى للإيمان أن أمنوا بربكم فآمنا - ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ) آل عمران 193
قالوا إن الذنوب هي الكبائر والسيئات هي الصغائر إذا اجتمعت الكلمتان
فالمغفرة إذن للكبائر - إذن مقصود الأحاديث أن الله يغفر الكبائر فإذا صمت وقمت واجتهدت في العشر الأواخر غفر الله لك الكبائر السابقة وخرجت من رمضان بلا ذنوب وبقى رصيدك بدون أن يمس
وخير آخر يقول النبي ( من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجره شيئا )
الخطبة الثانية
تسمع كثيرا أن رمضان أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار - هذا حديث لايصح
كذلك قولهم - النافلة بفريضة والفريضة بسبعين -حديث لا يصح
ومن رحمة الله بأمة محمد صلى الله عليه وسلم - ليلة القدر
ورد في الإسرائيليات أن امرأة جلست تبكى ولدها الذي مات في ريعان شبابه وأن موسى عليه السلام قال لها يا أمة الله اصبري واحتسبي فقالت إليك عنى فلم تصب بمصيبتي - وعلم من القصة أن ولدها الشاب كان عمره مائتين وخمسين سنة - ولما كانت أعمار البشر في تناقص فإن الله أعطانا ليلة لو قام فيها أحدنا ليلها فيكون كمن عبد الله ثلاثة وثمانين سنة وثلث ولو مرت عليه عشرون سنة فيكون قد عبد الله أكثر من ألف وستمائة سنة ويسبق الأمم السابقة
لكن من اجتهد ليلة سبع وعشرين وترك الباقي نقول لو لم تكن ليلة السابع والعشرين فقد أضعت السنة كلها فلم لا تجتهد كل العشر الأواخر
أخيرا هدية قال عنها النبي ( من صلى الصبح في جماعة ثم جلس يذكر الله إلى أن تشرق الشمس ثم صلى ركعتين كتب له حجة وعمرة تامة ) حسن
فاجتهد اخى في الله أن تضع في رصيدك أكبر كم من الحسنات تستطيع واحذر أن تسحب من الرصيد فقد ينفد وتلقى الله عز وجل بلا رصيد من الحسنات