صيام يوم عاشوراء في محرم
الشيخ فيحان بن سرور الجرمان
لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وجد اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال ما هذا؟ فقالوا هذا يوم نجى الله فيه موسى من الغرق فنحن نصومه وفي رواية فصامه موسى شكرا لله فقال صلى الله عليه وسلم نحن أحق بموسى منكم فصامه... وقع عند بعض الناس ان في الحديث اشكال وذلك ان قدومه في ربيع الاول وصوم يوم عاشوراء في محرم فكيف نوفق بين هذا وهذا؟
قال ابن القيم رحمه الله والجواب على هذا الاشكال انه لما قدم المدينة وجدهم يصومون يوم عاشوراء، فليس فيه ان يوم قدومه وجدهم يصومونه، فإنه انما قدم يوم الاثنين في ربيع الاول الثاني عشر، ولكن اول علمه بذلك بوقوع القصة في العام الثاني الذي كان بعد قدومه المدينة، ولم يكن هو بمكة هذا ان كان حساب اهل الكتاب في صومه بالاشهر الهلالية، وان كان بالشمسية، زال الاشكال بالكلية ويكون اليوم الذي نجى الله فيه موسى هو يوم عاشوراء من اول محرم، فضبطه اهل الكتاب بالشهور الشمسية فوافق ذلك مقدم النبي صلى الله عليه وسلم في ربيع الاول، وصوم اهل الكتاب انما هو بحساب سير الشمس، وصوم المسلمين انما هو بالشهر الهلالي وكذلك حجهم وجميع ما تعتبر له الاشهر من واجب او مستحب.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم «نحن احق بموسى منكم» فظهر حكم هذه الأولوية في تعظيم هذا اليوم وفي تعيينه، وهم أخطأوا تعيينه لدورانه في السنة الشمسية، كما اخطأ النصارى في تعيين صومهم بأن جعلوه في فصل من السنة تختلف فيه الاشهر. ا.هـ.
قال ابن حجر رحمه الله في الفتح: «وإنما قدم المدينة في ربيع الأول» والجواب على ذلك ان المراد ان اول علمه بذلك وسؤاله عنه كان بعد ان قدم المدينة لا انه قبل ان يقدمها علم بذلك، وغايته ان في الكلام حذفا تقديره قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فأقام الى يوم عاشوراء فوجد اليهود فيه صياما، ويحتمل ان يكون اولئك اليهود كانوا يحسبون يوم عاشوراء بحساب السنين الشمسية فصادف يوم عاشوراء بحساب اليوم الذي قدم فيه النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وهذا التأويل مما يترجح به اولوية المسلمين وأحقيتهم بموسى عليه السلام لاضلالهم اليوم المذكور وهداية الله للمسلمين له ولكن سياق الاحاديث تدفع هذا التأويل والاعتماد على التأويل الأول. أ.هـ.
عن الحكم بن الاعرج قال: اتيت ابن عباس وهو متوسد رداءه في المسجد الحرام فسألته عن صوم يوم عاشوراء فقال: اذا رأيت هلال المحرم فاعدد فإذا كان يوم التاسع فأصبح صائما فقلت كذا كان محمد صلى الله عليه وسلم يصوم فقال كذلك كان محمد صلى الله عليه وسلم يصوم، اخرجه ابو داوود والترمذي وصححه الألباني. وكذلك ما اخرجه مسلم في صحيحه عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: افضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم رواه مسلم.