أصول الحوار
سلوك الطرق العلمية
لو افترضنا أن أمامنا متحاورين، فما هي الخطوات التي ينبغي أن يلتزما بها في سبيل أن يتوصلا إلى الحقيقة؟
أولاً: أن تُسلك المسالك العلمية، أي: أن المتحاورين يلتزمان الطرق العلمية.
ما هي الطرق العلمية؟
ليست خطابة، وليست كلمات متشنجة، وليست مجردة دغدغة عواطف، فدغدغة العواطف هذه تنفع للجماهير، ولكن في حوار بيني وبينه، وأحس أنه ندٌ لي وأنا ندٌ له ينبغي أن نلتزم قواعد:
القاعدة الأولى: أن تكون طرق الحوار علمية، ما معنى ذلك؟
فإذا كانت القضية دعوى، فلا بد أن آتي بأدلة، إما أدلة عقلية، أو أدلة نصوص إذا كانت شرعية، فإذا كانت عقلية، تكون مسلمات عقلية ومنطقاً عقلياً معروفاً، وإذا كانت أخباراً فلا بد أن أنقل خبراً صحيحاً، لا أبني حواري على أن أقول: قالوا وقلنا، لا أدخل إلا وأنا متأكد من أدواتي، فأولاً لا بد أن نقدم أدلة صحيحة مثبتة ترجح حقيقتي.
والأمر الثاني: صحة النقل فيما أدعيه، ولهذا علماؤنا -علماء الحديث وغيرهم- يقولون: إن كنت ناقلاً فالصحة، وإن كنت مدعياً فالدليل، فهذا ضروري عندما أدخل في الحوار، فأنا لا أدخل إلا ومعي أدواتي، لا يكفي أن أقول: قالت الصحيفة الفلانية، أو سمعت فلاناً يقول.
ولهذا أكثر أخطائنا تكون من مقالات سمعناها من غير أن نتبين صحتها.
وأحياناً قد تكون المقولات صحيحة، لكن مراد صاحبها مختلف، أو أنها نقلت إلينا جزئية، أو نقلت مبتورة.
مهمٌ جداً أن نسلك المسالك العلمية في طرح الحوارات، فإذا كانت دعوى، فلا بد من أدلة، وإذا كانت نقلاً، فلا بد من التثبت في الصحة، والله عز وجل قد قال للمخالفين: هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [البقرة:111] في أكثر من آية، فقال: فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [آل عمران:93] وقال: قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي [الأنبياء:24].
وقد يكون استيعاب أصول الحوار يحتاج إلى وقت وأنا سوف أذكر أصلين على سبيل العجل؛ لأن استيعابها قد يحتاج إلى وقفات دقيقة، أو علمية بحتة، لكن أشير إليهما على كل حال
السلامة من التناقض
الأصل الثاني: سلامة كلام المناظر ودليله من التناقض، فالمتناقض ساقطٌ بداهةً. بمعنى أنت إذا تكلمت، يجب أن تحرص أن يكون كلامك صحيحاً غير متناقض.
فمثلاً حينما قالت الأقوام المكذبون لرسلهم: سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ.
وفرعون وصف موسى بأنه ساحرٌ أو مجنون، وكذلك أيضاً قوم محمد صلى الله عليه وسلم الكفار قالوا له: ساحر أو مجنون، فهذا وصف متناقض غير مقبول، لماذا؟
لأن السحر والجنون لا يجتمعان، لا يمكن أن يكون الشخص ساحراً ومجنوناً، غالباً السحر يحتاج إلى ذكاء وفهم، لكن الجنون خلل عقل، فكيف تصف هذا بأنه ساحر، أو مجنون، إذاً قضية متناقضة حقيقة، فلما لم يكن عندهم حجة، أتوا بأي أوصاف، وكذلك أيضاً حينما قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم فيما أتى به القرآن: إنه سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ، والسحر لا يكون مستمراً، قال تعالى عنهم: وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ [القمر:2] فهو تناقض، فالسحر لا يكون مستمراً، والمستمر لا يكون سحراً
ألا يكون الدليل هو عين الدعوى
الأصل الثالث: ألا يكون الدليل هو عين الدعوى، وهذه قضية منطقية أصولية قد لا نقف عندها كثيراً، بمعنى أنك إذا طرحت شيئاً، أو تريد أن تأتي بشيء، فلا تأت بعين الدعوى تجعلها دليلاً؛ لأن بعض الناس أحياناً قد يكون عنده من البهرج، وعنده من قوة العبارة يريد كما يقولون: يلفك، فيأتي بعين الدعوى مغلفة، بينما هو الحق أن يأتي بدليل، لا أن يأتي بالدعوى ويجعلها دليلاً؛ لأن هذا غير مقبول.
الاتفاق على منطلقات ثابتة وقضايا مسلمة
الأصل الرابع: (وهذا مهم جداً، وسوف نقف عنده بعض الوقفة) الاتفاق على منطلقات ثابتة وقضايا مسلمة، أي: حينما يتحاور المتحاوران، فلا بد أن يكون هناك مسلمات فهي لا تدخل في النقاش، أو تكون هناك أمور غير مسلمة فلا يجوز أن تدخل في المسلمات، فإذا كنت مثلاً تتحاور مع نصراني، النصراني لا يسلم بالقرآن، ولا يسلم بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم فلا تجعل القرآن من المسلمات في الحوار معه، وإذا كنت تتحاور مع مسلم في قضايا شرعية، أو قضايا أثيرت، فلا يمكن أن تكون المسلمات محل نقاش، لماذا؟
لأننا إذا دخلنا إلى المسلمات، خرجنا إلى شيء آخر، وسوف يتشعب النقاش.
مثلاً: في الإسلام مسلمات، منها ربوبية الله سبحانه وتعالى، واستحقاقه للعبادة سبحانه وتعالى، وكماله في أسمائه وصفاته، وتنزيهه سبحانه وتعالى عما لا يليق به، وكذلك ما يتعلق بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وما يتعلق بالقرآن.
وكذلك قضية الحجاب، حجاب المرأة المسلمة فهو مسلم، ولا يجوز أن يكون محل خلاف، وتعدد الزوجات ليس فيه خلاف، والربا ليس فيه خلاف.
الحجاب قضية مسلمة، لأن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم دلت على الحجاب، وهناك قضايا داخل الحجاب قد تكون محل خلاف، ويمكن أن تكون محل حوار، مثل كشف الوجه، لا شك أن العلماء مختلفون فيها، وإن كنا نرى وجوب تغطية الوجه، لكن هذه القضية مما تقبل الحوار، لكن أصل الحجاب لا يقبل الحوار.
وكثير من الصحافات العربية وبعض الناس الذين هم قليلو الدين، وبعض التوجهات التي قد تكون علمانية تطرح قضية الحجاب وكأنها قضية مختلف فيها.
وقضية الحجاب محسومة في الإسلام، وليست محل نظر، ولا يجوز أن تكون محل نظر بين المسلمين، أما حينما نناقش نصرانياً، أو وثنياً، فيمكن أن نناقشه؛ لأنه غير مسلم بها، لكن بين المسلمين الحجاب مسلَّم به.
وكذلك تعدد الزوجات، فهي قضية مسلم بها، ليست محل نقاش البتة؛ لأن كتاب الله عز وجل حسمها: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً [النساء:3] على معنى أن مشروعية التعدد ليست محل جدال، ولهذا من الخطأ مناقشتها، وأنا أعتبره خطأً لعدم الفهم، لا أتهم من يفعلونه اتهاماً سيئاً، إنما أظنه جهلاً، يأتي الإنسان يطرح في الجريدة أو في الصحيفة أو في التلفزيون أو في وسيلة إعلام، ويقول: ما رأيك في تعدد الزوجات؟ فهذا لا يجوز، وليس محل حوار أبداً البتة؛ لأن التحدث فيه محسوم.
قد نتحاور في مسألة ما هي وسائل العدل بين الزوجات؟ أما هل التعدد جائز أو غير جائز، فلا يجوز أن يكون محل نقاش.
الحكم بما أنزل الله لا نحاور فيه هل التشريع الإسلامي صالح للتطبيق أو غير صالح؟ أو الحدود هل هي صالحة للتطبيق في زماننا أو غير صالحة؟ فهذا ليس محل نقاش، ولا يجوز البتة أبداً، بل يكفر الذي يقول ذلك، لكننا نحسن الظن ببعض قليلي العلم الديني حينما يطرحون هذه القضايا، لأنه مجرد سبق صحفي أو منشور صحفي يريد أن يثير ويروج للصحيفة التي يعمل فيها؛ لأن هذه مسلمات.
مقصودي: أن هناك مسلمات قد تكون عقلية، وهناك مسلمات دينية، فالمسلمات الدينية تكون بين أصحاب الدين، والمسلمات العقلية أيضاً مسلمة بين الناس كلهم؛ مثلاً: حسن الصدق، وكون الصدق حسناً، هذا مسلَّم، لا يوجد أحد يقول: إن الصدق سيئ، وكون الكذب قبيحاً، وشكر المحسن أيضاً؛ فهذه مسلمات ليست محل جدل، وكذلك معاقبة المسيء أيضاً، فهي ليست محل جدل، فهذه من المسلمات المتفق عليها، فمقصودي: أن من أصول الحوار أن تنطلق من مسلمات ثابتة، فلا تجعل المسلمات محل نقاش إلا إذا كانت عندك غير مسلَّمة
التجرد وقصد الحق والبعد عن التعصب
الأصل الخامس: التجرد وقصد الحق والبعد عن التعصب، وهذا الأصل له جانبان: جانب: كونه أصلاً، وجانب كونه خلقاً من أخلاقيات الحوار، فهو باعتبار أصل من الأصول، وباعتبار آخر هو جانب من جوانب أخلاقيات الحوار، فكونه أصلاً يعني: أنه يجب، لماذا قلنا: أخلاقي؟
لأنه قلبي، والشيء القلبي غالباً يرجع إلى وازع الضمير كما يقال، لكنه أصل بمعنى أنه لا يمكن إذا كنت جاداً وصادقاً في أن تصل إلى الحق، لا يمكن إلا أن تطبق هذا الأصل، وهو التجرد وقصد الحق والبعد عن التعصب والالتزام بآداب الحوار، وإذا لم تكن مستقراً، وجاداً وصادقاً، فإنه لا يمكن أبداً أن تصل، وأكثر ما يفشل الحوارات هذا حتى المفاوضات على مستوى الدول، فإن لم يكن هناك صدق وجدية؛ فلا يصلون، ولهذا تطول وتطول إلى ما لا نهاية؛ لأن هناك أهدافاً غير منظورة، ولعل كل طرف يعرف ما عند الآخر.
ولهذا يقول الغزالي أبو حامد : التعاون على طلب الحق من الدين، ولكن له شروط وعلامات، منها: أن يكون في طلب الحق كناشد ضالة لا يفرق بين أن تظهر الضالة على يده أو على يد معاونه، ويرى رفيقه معيناً لا خصماً، ويشكره إذا عرفه الخطأ وأظهره له.
ولهذا يقول الشافعي رحمه الله: ما كلمت أحداً قط إلا أحببت أن يوفق، أو يسدد، أو يعان، وتكون عليه رعاية الله وحفظه، وما ناظرني أحد فباليت أظهرت الحجة على لساني أو لسانه.
والمقصود هو: أن يكون الحوار بريئاً من التعصب خالصاً لطلب الحق خالياً من العنف والانفعال، بعيداً عن المشاحنات الأنانية والمغالطات البيانية مما يفسد القلوب ويهيج النفوس
أهلية المحاور
الأصل السادس: أهلية المحاور، وهذه قضية مهمة جداً؛ بمعنى أن يكون المحاور مؤهلاً، لا جاهلاً ولا غير متخصص، كما أنك ينبغي أن تكون مستعداً. ومع الأسف، فإن ما يحصل في بعض الحوارات أن يكون المناظر عن الجانب الإسلامي غير مؤهل، وقد يكون مستشرقاً كافراً أو مسلماً غير مؤهل، فلا بد في الأصول أن تأتي بإنسان مؤهل.
ولقد ندمت وأسفت أني لم أحضر الندوة التي أقيمت من جملة النشاط الثقافي، وكنت عليها حريصاً، لكن بلغني أنه وقعت أشياء جميلة جداً وحوارات، وبخاصة طروحات من بعض الذين نحبهم كانت على مستوى يثلج الصدر.
فالمهم فعلاً أهلية المحاور، فمن الخطأ أن يتصدى للدفاع عن الحق من هو على الباطل، ومع الأسف، أحياناً في الغرب يقيمون ندوات، ويأتون بمستشرقين يدافعون عنا، ويخرجون بنتائج وتوصيات ومقررات، فمن الخطأ أن يتصدى للدفاع عن الحق من كان على الباطل، ومن الخطأ أن يتصدى للدفاع عن الحق من لا يعرف الحق، ومن الخطأ أن يتصدى للدفاع عن الحق من لا يجيد الدفاع، قد يكون هو على حق وعلى معرفة به؛ لكن لا يجيد الدفاع عنه، ومن الخطأ كذلك أن يتصدى للدفاع عن الحق من لا يدرك مسالك الباطل، وليس كل واحدٍ مؤهلاً للدخول في حوار صحي يجني ثماراً يانعةً ونتائج طيبة، حتى آتي إلى الأخلاقيات
قطعية النتائج ونسبيتها
الأصل السابع: قطعية النتائج ونسبيتها، وهذه قضية دقيقة ومهمة، وخاصةً فيما ذكرنا قبل قليل من أنه قد يكون مقصودك من الحوار ليس الوصول في الوقت الحاضر، إنما تذكر أشياء تمهيدية، فمن المهم جداً، حتى من ناحية نفسية ليصل الحوار إلى مبتغاه ألا يكون هناك تشنج؛ وغالباً الذي يفشل هو المتشنج، وغالباً الذي يفشل هو الذي يرفع صوته، وغالباً الذي يفشل هو الذين ينفعل، بقدر ما تكون مستمسكاً بهدوئك مهما سمعت يكون نجاحك، ولهذا أحياناً قد تسمع أشياء عجيبة، وأشياء تكاد تكون أوضح من الشمس في خطئها، ومع هذا عليك أن تكون هادئاً جداً، لكن ليس هذا هو المقصود، المقصود أن توطن نفسك، أنك قد تكون أنت المخطئ، بمعنى أنك على حق تحتمل الخطأ، وغيرك يحتمل الصواب.
ولهذا نقول: من المهم في هذا إدراك أن الرأي الفكري نسبي الدلالة على الصواب أو الخطأ، والذي لا يجوز عليهم الخطأ هم الأنبياء عليهم السلام، بمعنى حينما يأتي محاورك بأشياء ويطرح طروحات، فلا تتشنج؛ فربما تكون أنت المخطئ، وهذه قضية مهمة، بل أحياناً روح التسليم تجعل صاحبك يسلم أيضاً، أما التشنج فيفشل الحوار، فإذا اعتقدت أنك قد تخطئ، وأنك غير معصوم، وأن ما أتى به صاحبك من وثائق ينبغي أن تسلم، وأن تكون عندك -كما يقال- روح رياضية في هذا الموضوع.
فإن الذين لا يجوز عليهم الخطأ هم الأنبياء عليهم السلام فيما يبلغونه عن ربهم سبحانه وتعالى، وما عدا ذلك، فيندرج تحت المقولة المشهورة: رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي الآخر خطأ يحتمل الصواب.
وبناءً عليه، فليس من شرط الحوار الناجح أن ينتهي إلى قول واحد، فإن تحقق هذا واتفق المتحاوران على رأي واحد، فنعم ذلك ونعم المقصود، وهو منتهى الغاية، وإذا لم يكن، فالحوار ناجحٌ إذا توصل المتحاوران بقناعة إلى قبول كل من منهجيهما، يسوغ لكل واحد منهما التمسك به.
طبعاً ليس الكلام في القضايا الدينية، ولنفترض أننا نتناقش في منهج تربوي، نتناقش في صلاحية هذا الكتاب من عدمه، فلا نريد في نهاية حوارنا أن نقول: أنت التزم به في كذا، وأنا ألتزم به في كذا، وانتهت القضية، أحياناً فعلاً قد لا تحسم القضية، وينبغي أن تعرف ذلك أن القضية قد لا تحسم في بعض الأحيان.
فيكون الحوار ناجحاً إذا توصل المتحاوران بقناعة إلى قبول كل من منهجيهما، ويسوغ لكل واحد منها التمسك به ما دام في دائرة الخلاف السائغ، وما تقدم من حديث عن غايات الحوار يزيد هذا الأصل إيضاحاً كما أسلفت
ولهذا ابن قدامة رحمه الله يقول: وكان بعضهم يعذر كل من خالفه في المسائل الاجتهادية، ولا يكلفه أن يوافقه فهمه.
ولكن الحوار يكون فاشلاً إذا انتهى إلى نزاع وقطيعة وتدابر ومكايدة وتجهيل وتخطية.
الرضا والقبول بالنتائج
الأصل الثامن والأخير في الأصول: الرضا والقبول بالنتائج، ومع الأسف أنه فيما قرأتم وقرأنا وما يطرح في كثير من وسائل الإعلام لا نكاد نرى أحداً سلم للآخر، أو رضي بالنتائج أبداً، ولا شك أن هذا يدل على سوء في التربية في هذا الباب، وكان ينبغي أن نوطن أنفسنا أن نقبل الحق من أي إنسان جاء، وأقبل لنفسي أني قد أكون على خطأ، لكننا مع الأسف نتكلم من ناحية نظرية، أما في الواقع فإلى الآن لم نصل إلى مرحلة أن نربي أنفسنا وأولادنا وأجيالنا على أن تتقبل بالتسليم بالخطأ، مع الأسف أننا لم نصل إلى هذا.
فإذاً من الأصول الرضا والقبول بالنتائج التي يتوصل إليها المتحاوران، والالتزام الجاد بها وما يترتب عليها، وإذا لم يتحقق هذا الأصل، كانت المناظرة ضرباً من العبث الذي يتنزه عنه العقلاء.
ولهذا يقول ابن عقيل : وليقبل كل واحد منهما من صاحبه الحجة، فإنه أنبل لقدره، وأعون على إدراك الحق، وسلوك سبيل الصدق، و الشافعي رضي الله عنه وأرضاه يقول: ما ناظرت أحداً فقبل مني حجة إلا عظم في عيني، ولا ردها إلا سقط من عيني.
هذه إشارات إلى أصول الحوار، طبعاً قد تجدون في بعض المراجع أصولاً غير ما ذكرت لكم، لكن يدخل بعضها في بعض غالباً، وبعضها قد يحتاج إلى مزيد من البسط، وبعضها مضغوط في بعض، فهذا إيجاز لأصول الحوار