حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ جَمِيلِ بْنِ طَرِيفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيُّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُا
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرُ الرَّأْسِ نَسْمَعُ دَوِيَّ صَوْتِهِ وَلَا نَفْقَهُ مَا يَقُولُ حَتَّى دَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنْ الْإِسْلَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فَقَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ قَالَ لَا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ وَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَقَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ فَقَالَ لَا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّكَاةَ فَقَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا قَالَ لَا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ قَالَ فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ جَمِيعًا عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ نَحْوَ حَدِيثِ مَالِكٍ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ أَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ
صحيح مسلم بشرح النووي
قَوْله : ( قُتَيْبَة بْن سَعِيد الثَّقَفِيّ )
اُخْتُلِفَ فِيهِ , فَقِيلَ . قُتَيْبَة اِسْمه , وَقِيلَ : بَلْ هُوَ لَقَب وَاسْمه عَلِيٌّ , قَالَهُ أَبُو عَبْد اللَّه بْن مَنْدَهْ . وَقِيلَ : اِسْمه يَحْيَى . قَالَ اِبْن عَدِيّ . وَأَمَّا قَوْله ( الثَّقَفِيّ ) فَهُوَ مَوْلَاهُمْ قِيلَ : إِنَّ جَدَّهُ جَمِيلًا كَانَ مَوْلًى لِلْحَجَّاجِ بْن يُوسُف الثَّقَفِيّ .
وَفِيهِ ( أَبُو سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ )
اِسْم أَبِي سُهَيْلٍ نَافِعُ بْن مَالِكِ بْن أَبِي عَامِرٍ الْأَصْبَحِيّ , وَنَافِع عَمّ مَالِك بْن أَنَس الْإِمَام , وَهُوَ تَابِعِيّ سَمِعَ أَنَس بْن مَالِك .
قَوْله : ( رَجُل مِنْ أَهْل نَجْد ثَائِر الرَّأْس )
هُوَ بِرَفْعِ ثَائِر صِفَة لِرَجُلٍ وَقِيلَ يَجُوز نَصْبُهُ عَلَى الْحَال . وَمَعْنَى ثَائِر الرَّأْس قَائِمُ شَعْرِهِ مُنْتَفِشُهُ .
وَقَوْله : ( نَسْمَع دَوِيّ صَوْته وَلَا نَفْقَه مَا يَقُول )
رُوِيَ نَسْمَع وَنَفْقَه بِالنُّونِ الْمَفْتُوحَة فِيهِمَا , وَرُوِيَ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاة مِنْ تَحْت الْمَضْمُومَة فِيهِمَا . وَالْأَوَّل هُوَ الْأَشْهَرُ الْأَكْثَرُ الْأَعْرَفُ .
وَأَمَّا ( دَوِيّ صَوْته ) فَهُوَ بُعْدُهُ فِي الْهَوَاء وَمَعْنَاهُ شِدَّةُ صَوْتٍ لَا يُفْهِمُ , وَهُوَ بِفَتْحِ الدَّالِ وَكَسْرِ الْوَاوِ وَتَشْدِيد الْيَاء هَذَا هُوَ الْمَشْهُور . وَحَكَى صَاحِب ( الْمَطَالِع ) فِيهِ ضَمَّ الدَّالِ أَيْضًا .
قَوْله : ( هَلْ عَلَيَّ غَيْرهَا قَالَ : لَا . . . إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ )
الْمَشْهُور فِيهِ ( تَطَّوَّع ) بِتَشْدِيدِ الطَّاء عَلَى إِدْغَام إِحْدَى التَّاءَيْنِ فِي الطَّاء وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو عَمْرو بْن الصَّلَاح رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى هُوَ مُحْتَمِل لِلتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف عَلَى الْحَذْف . قَالَ أَصْحَابنَا وَغَيْرهمْ مِنْ الْعُلَمَاء : قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِلَّا أَنْ تَطَّوَّع " اِسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ , وَمَعْنَاهُ : لَكِنْ يُسْتَحَبّ لَك أَنْ تَطَّوَّع . وَجَعَلَهُ بَعْض الْعُلَمَاء اِسْتِثْنَاءً مُتَّصِلًا وَاسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى مَنْ شَرَعَ فِي صَلَاةِ نَفْلٍ أَوْ صَوْمِ نَفْلٍ وَجَبَ عَلَيْهِ إِتْمَامُهُ , وَمَذْهَبنَا أَنَّهُ يُسْتَحَبّ الْإِتْمَام وَلَا يَجِب . وَاَللَّه أَعْلَمُ .
قَوْله : ( فَأَدْبَرَ الرَّجُل وَهُوَ يَقُول : وَاَللَّهِ لَا أَزِيد عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ )
قِيلَ : هَذَا الْفَلَاح رَاجِع إِلَى قَوْله لَا أَنْقُصُ خَاصَّة . وَالْأَظْهَر أَنَّهُ عَائِد إِلَى الْمَجْمُوع بِمَعْنَى أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَزِدْ وَلَمْ يَنْقُصْ كَانَ مُفْلِحًا لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ , وَمَنْ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ فَهُوَ مُفْلِحٌ , وَلَيْسَ فِي هَذَا أَنَّهُ إِذَا أَتَى بِزَائِدٍ لَا يَكُون مُفْلِحًا لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُعْرَفُ بِالضَّرُورَةِ فَإِنَّهُ إِذَا أَفْلَحَ بِالْوَاجِبِ فَلَأَنْ يُفْلِحَ بِالْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ أَوْلَى . فَإِنْ قِيلَ : كَيْفَ قَالَ : لَا أَزِيد عَلَى هَذَا , وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيث جَمِيعُ الْوَاجِبَاتِ وَلَا الْمَنْهِيَّات الشَّرْعِيَّة وَلَا السُّنَن الْمَنْدُوبَات ؟ فَالْجَوَاب أَنَّهُ جَاءَ فِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ فِي آخِر هَذَا الْحَدِيث زِيَادَةٌ تُوَضِّحُ الْمَقْصُود قَالَ : فَأَخْبَرَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَرَائِعِ الْإِسْلَامِ , فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُول : وَاَللَّه لَا أَزِيد وَلَا أَنْقُص مِمَّا فَرَضَ اللَّه - تَعَالَى - عَلَيَّ شَيْئًا . فَعَلَى عُمُوم قَوْله بِشَرَائِع الْإِسْلَام , وَقَوْله : مِمَّا فَرَضَ اللَّه عَلَيَّ يَزُول الْإِشْكَال فِي الْفَرَائِض .
وَأَمَّا النَّوَافِل , فَقِيلَ : يُحْتَمَل أَنَّ هَذَا كَانَ قَبْل شَرْعِهَا , وَقِيلَ يُحْتَمَل أَنَّهُ أَرَادَ لَا أَزِيد فِي الْفَرْض بِتَغْيِيرِ صِفَته كَأَنَّهُ يَقُول لَا أُصَلِّي الظُّهْر خَمْسًا وَهَذَا تَأْوِيلٌ ضَعِيفٌ . وَيُحْتَمَل أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي النَّافِلَة مَعَ أَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِشَيْءٍ مِنْ الْفَرَائِض وَهَذَا مُفْلِحٌ بِلَا شَكٍّ وَإِنْ كَانَتْ مُوَاظَبَتُهُ عَلَى تَرْكِ السُّنَن مَذْمُومَة وَتُرَدّ بِهَا الشَّهَادَةُ إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِعَاصٍ بَلْ هُوَ مُفْلِحٌ نَاجٍ . وَاَللَّه أَعْلَمُ .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ فِي هَذَا الْحَدِيث ذِكْرُ الْحَجّ , وَلَا جَاءَ ذِكْرُهُ فِي حَدِيث جِبْرِيل مِنْ رِوَايَة أَبِي هُرَيْرَة , وَكَذَا غَيْر هَذَا مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيث لَمْ يُذْكَرْ فِي بَعْضهَا الصَّوْمُ , وَلَمْ يُذْكَر فِي بَعْضهَا الزَّكَاةُ , وَذُكِرَ فِي بَعْضهَا صِلَةُ الرَّحِمِ , وَفِي بَعْضهَا أَدَاءُ الْخُمُسِ , وَلَمْ يَقَع فِي بَعْضهَا ذِكْر الْإِيمَان , فَتَفَاوَتَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيث فِي عَدَد خِصَال الْإِيمَان زِيَادَةً وَنَقْصًا وَإِثْبَاتًا وَحَذْفًا . وَقَدْ أَجَابَ الْقَاضِي عِيَاض وَغَيْره رَحِمَهُمْ اللَّه عَنْهَا بِجَوَابٍ لَخَّصَهُ الشَّيْخ أَبُو عَمْرو بْن الصَّلَاح رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى وَهَذَّبَهُ فَقَالَ : لَيْسَ هَذَا بِاخْتِلَافٍ صَادِرٍ مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ هُوَ مِنْ تَفَاوُتِ الرُّوَاةِ فِي الْحِفْظِ وَالضَّبْطِ ; فَمِنْهُمْ مَنْ قَصَّرَ فَاقْتَصَرَ عَلَى مَا حَفِظَهُ فَأَدَّاهُ وَلَمْ يَتَعَرَّض لِمَا زَادَهُ غَيْره بِنَفْيٍ وَلَا إِثْبَاتٍ إِنْ كَانَ اِقْتِصَاره عَلَى ذَلِكَ يُشْعِر بِأَنَّهُ الْكُلُّ فَقَدْ بَانَ بِمَا أَتَى بِهِ غَيْرُهُ مِنْ الثِّقَات أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِالْكُلِّ , وَأَنَّ اِقْتِصَاره عَلَيْهِ كَانَ لِقُصُورِ حِفْظِهِ عَنْ تَمَامِهِ . أَلَا تَرَى حَدِيث النُّعْمَان بْن قَوْقَل الْآتِي قَرِيبًا اِخْتَلَفَتْ الرِّوَايَات فِي خِصَاله بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَان مَعَ أَنَّ رَاوِي الْجَمِيع رَاوٍ وَاحِد وَهُوَ جَابِر بْن عَبْد اللَّه رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا فِي قَضِيَّة وَاحِدَة . ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَع مِنْ إِيرَاد الْجَمِيع فِي الصَّحِيح لِمَا عُرِفَ فِي مَسْأَلَة زِيَادَة الثِّقَة مِنْ أَنَّا نَقْبَلُهَا هَذَا آخِر كَلَام الشَّيْخ وَهُوَ تَقْرِير حَسَن وَاَللَّه أَعْلَمُ .
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ )
هَذَا مِمَّا جَرَتْ عَادَتُهُمْ أَنْ يَسْأَلُوا عَنْ الْجَوَاب عَنْهُ مَعَ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ " وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ " وَجَوَابه أَنَّ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَفْلَحَ وَأَبِيهِ " لَيْسَ هُوَ حَلِفًا إِنَّمَا هُوَ كَلِمَة جَرَتْ عَادَة الْعَرَب أَنْ تُدْخِلَهَا فِي كَلَامهَا غَيْرَ قَاصِدَةٍ بِهَا حَقِيقَةَ الْحَلِفِ . وَالنَّهْي إِنَّمَا وَرَدَ فِيمَنْ قَصَدَ حَقِيقَة الْحَلِف لِمَا فِيهِ مِنْ إِعْظَام الْمَحْلُوفِ بِهِ وَمُضَاهَاتِهِ بِهِ اللَّهَ سُبْحَانه وَتَعَالَى . فَهَذَا هُوَ الْجَوَاب الْمَرْضِيُّ . وَقِيلَ : يُحْتَمَل أَنْ يَكُون هَذَا قَبْل النَّهْي عَنْ الْحَلِف بِغَيْرِ اللَّه - تَعَالَى - وَاَللَّه أَعْلَمُ . وَفِي هَذَا الْحَدِيث أَنَّ الصَّلَاة الَّتِي هِيَ رُكْن مِنْ أَرْكَان الْإِسْلَام الَّتِي أُطْلِقَتْ فِي بَاقِي الْأَحَادِيث هِيَ الصَّلَوَات الْخَمْس وَأَنَّهَا فِي كُلّ يَوْم وَلَيْلَةٍ عَلَى كُلّ مُكَلَّفٍ بِهَا , وَقَوْلُنَا بِهَا اِحْتِرَازٌ مِنْ الْحَائِض وَالنُّفَسَاء فَإِنَّهَا مُكَلَّفَة بِأَحْكَامِ الشَّرْع إِلَّا الصَّلَاة وَمَا أُلْحِقَ بِهَا مِمَّا هُوَ مُقَرَّر فِي كُتُب الْفِقْه . وَفِيهِ أَنَّ وُجُوب صَلَاة اللَّيْل مَنْسُوخ فِي حَقِّ الْأُمَّة وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ , وَاخْتَلَفَ قَوْل الشَّافِعِيّ رَحِمَهُ اللَّه فِي نَسْخِهِ فِي حَقِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَصَحُّ نَسْخُهُ . وَفِيهِ أَنَّ صَلَاة الْوِتْر لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ , وَأَنَّ صَلَاة الْعِيد أَيْضًا لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وَهَذَا مَذْهَب الْجَمَاهِير , وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّه وَطَائِفَة إِلَى وُجُوب الْوِتْر , وَذَهَبَ أَبُو سَعِيد الْإِصْطَخْرِيُّ مِنْ أَصْحَاب الشَّافِعِيّ إِلَى أَنَّ صَلَاة الْعِيد فَرْضُ كِفَايَةٍ . وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَجِب صَوْم عَاشُورَاء وَلَا غَيْره سِوَى رَمَضَان . وَهَذَا مُجْمَع عَلَيْهِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء هَلْ كَانَ صَوْم عَاشُورَاء وَاجِبًا قَبْلَ إِيجَابِ رَمَضَان أَمْ كَانَ الْأَمْر بِهِ نَدْبًا ؟ وَهُمَا وَجْهَانِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيّ أَظْهَرُهُمَا : لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا . وَالثَّانِي كَانَ وَاجِبًا , وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَة رَحِمَهُ اللَّه . وَفِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَال حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ عَلَى مَنْ مَلَكَ نِصَابًا وَفِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ . وَاَللَّه أَعْلَمُ .