الباطن
"وأنت الباطن فليس دونك شيء"
هو الباطن في حقيقة ذاته، فلا تصل إليها العقول، وهو من احتجب عن إدراك الحواس مع شدة ظهوره، وكمال نوره، وهو من ليس له شبيه ولا ضد. وهو الباطن على كل شيء رحمة وعلماً، وهو الذي أسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة، وما لنا من دون الله من ولي ولا نصير.
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الدعاء:
"اللهم رب السماوات، ورب الأرض، ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، منزل التوراة والإنجيل والقرآن، أعوذ بك من شر كل دابة، أنت آخذ بناصيتها. اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين، وأغننا من الفقر"
وقد ذكر "الأول والآخر والظاهر والباطن" سبحانه وتعالى مرة واحدة في القرآن العظيم في الآية الثالثة من سورة الحديد:
{هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ"3"} (سورة الحديد)
وكتب الفخر الرازي: سمعت والدي رحمه الله يقول: إنه كان يروي أنه لما نزلت الآية:
{هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ"3"} (سورة الحديد)
أقبل المشركون نحو البيت وسجدوا. والباطن يدل على إطلاعه على السرائر والضمائر، والخبايا والخفايا، ودقائق الأشياء، كما يدل على كمال قربه ودنوه، ولا يتنافى الظاهر والباطن، لأن الله ليس كمثله شيء في كل النعوت.