المدير العام المديرالعام
الجنس : عدد المساهمات : 12412 تاريخ التسجيل : 25/06/2009 الموقع : https://starmust2.ahlamontada.com
بطاقة الشخصية الدرجة: (4620/4620)
| موضوع: الجمعة صلاة الكسوف جماعة حديث رقم 933 الأحد 8 أغسطس - 11:27:32 | |
| حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس قال انخسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام قياما طويلا نحوا من قراءة سورة البقرة ثم ركع ركوعا طويلا ثم رفع فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ثم سجد ثم قام قياما طويلا وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ثم رفع فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ثم سجد ثم انصرف وقد تجلت الشمس فقال صلى الله عليه وسلم إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله قالوا يا رسول الله رأيناك تناولت شيئا في مقامك ثم رأيناك كعكعت قال صلى الله عليه وسلم إني رأيت الجنة فتناولت عنقودا ولو أصبته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا وأريت النار فلم أر منظرا كاليوم قط أفظع ورأيت أكثر أهلها النساء قالوا بم يا رسول الله قال بكفرهن قيل يكفرن بالله قال يكفرن العشير ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيرا قط | | | | فتح الباري بشرح صحيح البخاري قَوْله : ( عَنْ عَطَاء بْن يَسَار عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس ) كَذَا فِي الْمُوَطَّأ وَفِي جَمِيع مَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيق مَالِك , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة اللُّؤْلُؤِيّ فِي سُنَن أَبِي دَاوُدَ " عَنْ أَبِي هُرَيْرَة " بَدَل اِبْن عَبَّاس وَهُوَ غَلَط قَوْله : ( ثُمَّ سَجَدَ ) أَيْ سَجْدَتَيْنِ . قَوْله : ( ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُون الْقِيَام الْأَوَّل ) فِيهِ أَنَّ الرَّكْعَة الثَّانِيَة أَقْصَر مِنْ الْأُولَى , وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي بَاب مُفْرَد . قَوْله : ( قَالُوا يَا رَسُول اللَّه ) فِي حَدِيث جَابِر عِنْد أَحْمَد بِإِسْنَادٍ حَسَن " فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاة قَالَ لَهُ أُبَيُّ بْن كَعْب شَيْئًا صَنَعْته فِي الصَّلَاة لَمْ تَكُنْ تَصْنَعهُ " فَذَكَرَ نَحْو حَدِيث اِبْن عَبَّاس , إِلَّا أَنَّ فِي حَدِيث جَابِر أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الظُّهْر أَوْ الْعَصْر , فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَهِيَ قِصَّة أُخْرَى , وَلَعَلَّهَا الْقِصَّة الَّتِي حَكَاهَا أَنَس وَذَكَرَ أَنَّهَا وَقَعَتْ فِي صَلَاة الظُّهْر , وَقَدْ تَقَدَّمَ سِيَاقه فِي " بَاب وَقْت الظُّهْر إِذَا زَالَتْ الشَّمْس " مِنْ كِتَاب الْمَوَاقِيت , لَكِنْ فِيهِ " عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّة وَالنَّار فِي عُرْض هَذَا الْحَائِط حَسْب " وَأَمَّا حَدِيث جَابِر فَهُوَ شَبِيه بِسِيَاقِ اِبْن عَبَّاس فِي ذِكْر الْعُنْقُود وَذِكْر النِّسَاء , وَاَللَّه أَعْلَم . قَوْله : ( رَأَيْنَاك تَنَاوَلْت ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِصِيغَةِ الْمَاضِي , وَفِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ " تَنَاوَلُ " بِصِيغَةِ الْمُضَارِع بِضَمِّ اللَّام وَبِحَذْفِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ وَأَصْله تَتَنَاوَل . قَوْله : ( ثُمَّ رَأَيْنَاك كَعْكَعْت ) فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ تَكَعْكَعْت بِزِيَادَةِ تَاء فِي أَوَّله وَمَعْنَاهُ تَأَخَّرْت , يُقَال كَعَّ الرَّجُل إِذَا نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ , قَالَ الْخَطَّابِيُّ : أَصْله تَكَعَّعْت فَاسْتَثْقَلُوا اِجْتِمَاع ثَلَاث عَيْنَات فَأَبْدَلُوا مِنْ إِحْدَاهَا حَرْفًا مُكَرَّرًا . وَوَقَعَ فِي رِوَايَة مُسْلِم " ثُمَّ رَأَيْنَاك كَفَفْت " بِفَاءَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ .
قَوْله : ( إِنِّي رَأَيْت الْجَنَّة فَتَنَاوَلْت مِنْهَا عُنْقُودًا ) ظَاهِره أَنَّهَا رُؤْيَة عَيْن فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّ الْحُجُب كُشِفَتْ لَهُ دُونهَا فَرَآهَا عَلَى حَقِيقَتهَا وَطُوِيَتْ الْمَسَافَة بَيْنهمَا حَتَّى أَمْكَنَهُ أَنْ يَتَنَاوَل مِنْهَا , وَهَذَا أَشْبَهَ بِظَاهِرِ هَذَا الْخَبَر , وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث أَسْمَاء الْمَاضِي فِي أَوَائِل صِفَة الصَّلَاة بِلَفْظِ " دَنَتْ مِنِّي الْجَنَّة حَتَّى لَوْ اِجْتَرَأْت عَلَيْهَا لَجِئْتُكُمْ بِقِطَافٍ مِنْ قِطَافهَا " وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّهَا مُثِّلَتْ لَهُ فِي الْحَائِط كَمَا تَنْطَبِع الصُّورَة فِي الْمِرْآة فَرَأَى جَمِيع مَا فِيهَا , وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث أَنَس الْآتِي فِي التَّوْحِيد " لَقَدْ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّة وَالنَّار آنِفًا فِي عُرْض هَذَا الْحَائِط وَأَنَا أُصَلِّي " وَفِي رِوَايَة " لَقَدْ مُثِّلَتْ " وَلِمُسْلِمٍ " لَقَدْ صُوِّرَتْ " وَلَا يَرِد عَلَى هَذَا أَنَّ الِانْطِبَاع إِنَّمَا هُوَ فِي الْأَجْسَام الثَّقِيلَة لِأَنَّا نَقُول هُوَ شَرْط عَادِيّ فَيَجُوز أَنْ تَنْخَرِق الْعَادَة خُصُوصًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لَكِنْ هَذِهِ قِصَّة أُخْرَى وَقَعَتْ فِي صَلَاة الظُّهْر وَلَا مَانِع أَنْ يَرَى الْجَنَّة وَالنَّار مَرَّتَيْنِ بَلْ مِرَارًا عَلَى صُوَر مُخْتَلِفَة . وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ : إِنَّ الْمُرَاد بِالرُّؤْيَةِ رُؤْيَة الْعِلْم . قَالَ الْقُرْطُبِيّ : لَا إِحَالَة فِي إِبْقَاء هَذِهِ الْأُمُور عَلَى ظَوَاهِرهَا لَا سِيَّمَا عَلَى مَذْهَب أَهْل السُّنَّة فِي أَنَّ الْجَنَّة وَالنَّار قَدْ خُلِقَتَا وَوُجِدَتَا , فَيَرْجِع إِلَى أَنَّ اللَّه تَعَالَى خَلَقَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِدْرَاكًا خَاصًّا بِهِ أَدْرَكَ بِهِ الْجَنَّة وَالنَّار عَلَى حَقِيقَتهمَا . قَوْله : ( وَلَوْ أَصَبْته ) فِي رِوَايَة مُسْلِم وَلَوْ أَخَذْته , وَاسْتُشْكِلَ مَعَ قَوْله " تَنَاوَلْت " وَأُجِيبَ بِحَمْلِ التَّنَاوُل عَلَى تَكَلُّف الْأَخْذ لَا حَقِيقَة الْأَخْذ , وَقِيلَ الْمُرَاد تَنَاوَلْت لِنَفْسِي وَلَوْ أَخَذْته لَكُمْ حَكَاهُ الْكَرْمَانِيُّ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ وَقِيلَ : الْمُرَاد بِقَوْلِهِ تَنَاوَلْت أَيْ وَضَعْت يَدِي عَلَيْهِ بِحَيْثُ كُنْت قَادِرًا عَلَى تَحْوِيله لَكِنْ لَمْ يُقَدَّر لِي قَطْفه , وَلَوْ أَصَبْته أَيْ لَوْ تَمَكَّنْت مِنْ قَطْفه . وَيَدُلّ عَلَيْهِ قَوْله فِي حَدِيث عُقْبَة بْن عَامِر عِنْد اِبْن خُزَيْمَةَ " أَهْوَى بِيَدِهِ لِيَتَنَاوَل شَيْئًا " وَلِلْمُصَنِّفِ فِي حَدِيث أَسْمَاء فِي أَوَائِل الصَّلَاة " حَتَّى لَوْ اِجْتَرَأْت عَلَيْهَا " وَكَأَنَّهُ لَمْ يُؤْذَن لَهُ فِي ذَلِكَ فَلَمْ يَجْتَرِئ عَلَيْهِ , وَقِيلَ الْإِرَادَة مُقَدَّرَة , أَيْ أَرَدْت أَنْ أَتَنَاوَل ثُمَّ لَمْ أَفْعَل وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث جَابِر عِنْد مُسْلِم " وَلَقَدْ مَدَدْت يَدِي وَأَنَا أُرِيد أَنْ أَتَنَاوَل مِنْ ثَمَرهَا لِتَنْظُرُوا إِلَيْهِ , ثُمَّ بَدَا لِي أَنْ آخُذ لَا أَفْعَل " وَمِثْله لِلْمُصَنِّفِ مِنْ حَدِيث عَائِشَة كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِر الصَّلَاة بِلَفْظِ " حَتَّى لَقَدْ رَأَيْتنِي أُرِيد أَنْ آخُذ قِطْفًا مِنْ الْجَنَّة حِين رَأَيْتُمُونِي جَعَلْت أَتَقَدَّم " وَلِعَبْدِ الرَّزَّاق مِنْ طَرِيق مُرْسَلَة " أَرَدْت أَنْ آخُذ مِنْهَا قِطْفًا لِأُرِيَكُمُوهُ فَلَمْ يُقَدَّر " وَلِأَحْمَد مِنْ حَدِيث جَابِر " فَحِيلَ بَيْنِي وَبَيْنه " قَالَ اِبْن بَطَّال : لَمْ يَأْخُذ الْعُنْقُود لِأَنَّهُ مِنْ طَعَام الْجَنَّة وَهُوَ لَا يَفْنَى , وَالدُّنْيَا فَانِيَة لَا يَجُوز أَنْ يُؤْكَل فِيهَا مَا لَا يَفْنَى . وَقِيلَ لِأَنَّهُ لَوْ رَآهُ النَّاس لَكَانَ مِنْ إِيمَانهمْ بِالشَّهَادَةِ لَا بِالْغَيْبِ فَيُخْشَى أَنْ يَقَع رَفْع التَّوْبَة فَلَا يَنْفَع نَفْسًا إِيمَانهَا . وَقِيلَ : لِأَنَّ الْجَنَّة جَزَاء الْأَعْمَال , وَالْجَزَاء بِهَا لَا يَقَع إِلَّا فِي الْآخِرَة . وَحَكَى اِبْن الْعَرَبِيّ فِي " قَانُون التَّأْوِيل " عَنْ بَعْض شُيُوخه أَنَّهُ قَالَ : مَعْنَى قَوْله " لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ إِلَخْ " أَنْ يَخْلُق فِي نَفْس الْآكِل مِثْل الَّذِي أَكَلَ دَائِمًا بِحَيْثُ لَا يَغِيب عَنْ ذَوْقه . وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ رَأْي فَلْسَفِيّ مَبْنِيّ عَلَى أَنَّ دَارَ الْآخِرَة لَا حَقَائِق لَهَا وَإِنَّمَا هِيَ أَمْثَال , وَالْحَقّ أَنَّ ثِمَار الْجَنَّة لَا مَقْطُوعَة وَلَا مَمْنُوعَة , وَإِذَا قُطِعَتْ خُلِقَتْ فِي الْحَال , فَلَا مَانِع أَنْ يَخْلُق اللَّه مِثْل ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا إِذَا شَاءَ , وَالْفَرْق بَيْن الدَّارَيْنِ فِي وُجُوب الدَّوَام وَجَوَازه . ( فَائِدَة ) : بَيَّنَ سَعِيد بْن مَنْصُور فِي رِوَايَته مِنْ وَجْه آخَر عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ أَنَّ التَّنَاوُل الْمَذْكُور كَانَ حِين قِيَامه الثَّانِي مِنْ الرَّكْعَة الثَّانِيَة . قَوْله : ( وَأُرِيت النَّار ) فِي رِوَايَة غَيْر أَبِي ذَرّ " وَرَأَيْت " وَوَقَعَ فِي رِوَايَة عَبْد الرَّزَّاق الْمَذْكُورَة أَنَّ رُؤْيَته النَّار كَانَتْ قَبْل رُؤْيَته الْجَنَّة وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ فِيهِ " عُرِضَتْ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّار فَتَأَخَّرَ عَنْ مُصَلَّاهُ حَتَّى أَنَّ النَّاس لَيَرْكَب بَعْضهمْ بَعْضًا , وَإِذَا رَجَعَ عُرِضَتْ عَلَيْهِ الْجَنَّة فَذَهَبَ يَمْشِي حَتَّى وَقَفَ فِي مُصَلَّاهُ " وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيث جَابِر " لَقَدْ جِيءَ بِالنَّارِ حِين رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرْت مَخَافَة أَنْ يُصِيبنِي مِنْ لَفْحهَا " وَفِيهِ " ثُمَّ جِيءَ بِالْجَنَّةِ وَذَلِكَ حِين رَأَيْتُمُونِي تَقَدَّمْت حَتَّى قُمْت فِي مَقَامِي " وَزَادَ فِيهِ " مَا مِنْ شَيْء تُوعَدُونَهُ إِلَّا قَدْ رَأَيْته فِي صَلَاتِي هَذِهِ " , وَفِي حَدِيث سَمُرَة عِنْد اِبْن خُزَيْمَةَ " لَقَدْ رَأَيْت مُنْذُ قُمْت أُصَلِّي مَا أَنْتُمْ لَاقُونَ فِي دُنْيَاكُمْ وَآخِرَتكُمْ " . قَوْله : ( فَلَمْ أَرَ مَنْظَرًا كَالْيَوْمِ قَطُّ أَفْظَع ) الْمُرَاد بِالْيَوْمِ الْوَقْت الَّذِي هُوَ فِيهِ , أَيْ لَمْ أَرَ مَنْظَرًا مِثْل مَنْظَر رَأَيْته الْيَوْم , فَحَذَفَ الْمَرْئِيّ وَأَدْخَلَ التَّشْبِيه عَلَى الْيَوْم لِبَشَاعَةِ مَا رَأَى فِيهِ وَبُعْده عَنْ الْمَنْظَر الْمَأْلُوف , وَقِيلَ : الْكَاف اِسْم وَالتَّقْدِير مَا رَأَيْت مِثْل مَنْظَر هَذَا الْيَوْم مَنْظَرًا . وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِيّ وَالْحَمَوِيِّ " فَلَمْ أَنْظُر كَالْيَوْمِ قَطُّ أَفْظَع " . قَوْله : ( وَرَأَيْت أَكْثَر أَهْلهَا النِّسَاء ) هَذَا يُفَسِّر وَقْت الرُّؤْيَة فِي قَوْله لَهُنَّ فِي خُطْبَة الْعِيد " تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَر أَهْل النَّار " وَقَدْ مَضَى ذَلِكَ فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد فِي كِتَاب الْحَيْض , وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْعِيد الْإِلْمَام بِتَسْمِيَةِ الْقَائِل " أَيَكْفُرْنَ " . قَوْله : ( يَكْفُرْنَ بِاَللَّهِ ؟ قَالَ يَكْفُرْنَ الْعَشِير ) كَذَا لِلْجُمْهُورِ عَنْ مَالِك , وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ رِوَايَة حَفْص بْن مَيْسَرَة عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ , وَوَقَعَ فِي مُوَطَّأ يَحْيَى بْن يَحْيَى الْأَنْدَلُسِيّ قَالَ " وَيَكْفُرْنَ الْعَشِير " بِزِيَادَةِ وَاو , وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ زِيَادَة الْوَاو غَلَط مِنْهُ , فَإِنْ كَانَ الْمُرَاد مِنْ تَغْلِيطه كَوْنه خَالَفَ غَيْره مِنْ الرُّوَاة فَهُوَ كَذَلِكَ , وَأَطَاقَ عَلَى الشُّذُوذ غَلَطًا , وَإِنْ كَانَ الْمُرَاد مِنْ تَغْلِيطه فَسَاد الْمَعْنَى فَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْجَوَاب طَابَقَ السُّؤَال وَزَادَ , وَذَلِكَ أَنَّهُ أَطْلَقَ لَفْظ النِّسَاء فَعَمَّ الْمُؤْمِنَة مِنْهُنَّ وَالْكَافِرَة , فَلَمَّا قِيلَ " يَكْفُرْنَ بِاَللَّهِ " فَأَجَابَ " وَيَكْفُرْنَ الْعَشِير إِلَخْ " وَكَأَنَّهُ قَالَ : نَعَمْ يَقَع مِنْهُنَّ الْكُفْر بِاَللَّهِ وَغَيْره , لِأَنَّ مِنْهُنَّ مَنْ يَكْفُر بِاَللَّهِ وَمِنْهُنَّ مَنْ يَكْفُر الْإِحْسَان . وَقَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ وَجْه رِوَايَة يَحْيَى أَنْ يَكُون الْجَوَاب لَمْ يَقَع عَلَى وَفْق سُؤَال السَّائِل , لِإِحَاطَةِ الْعِلْم بِأَنَّ مِنْ النِّسَاء مَنْ يَكْفُر بِاَللَّهِ فَلَمْ يُحْتَجْ إِلَى جَوَابه لِأَنَّ الْمَقْصُود فِي الْحَدِيث خِلَافه . قَوْله : ( يَكْفُرْنَ الْعَشِير ) قَالَ الْكَرْمَانِيُّ : لَمْ يُعَدّ كُفْر الْعَشِير بِالْبَاءِ كَمَا عُدِّيَ الْكُفْر بِاَللَّهِ لِأَنَّ كُفْر الْعَشِير لَا يَتَضَمَّن مَعْنَى الِاعْتِرَاف . قَوْله : ( وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَان ) كَأَنَّهُ بَيَان لِقَوْلِهِ " يَكْفُرْنَ الْعَشِير " لِأَنَّ الْمَقْصُود كُفْر إِحْسَان الْعَشِير لَا كُفْر ذَاته , وَتَقَدَّمَ تَفْسِير الْعَشِير فِي كِتَاب الْإِيمَان , وَالْمُرَاد بِكُفْرِ الْإِحْسَان تَغْطِيَته أَوْ جَحْده , وَيَدُلّ عَلَيْهِ آخِر الْحَدِيث . قَوْله : ( لَوْ أَحْسَنْت إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْر كُلّه ) بَيَان لِلتَّغْطِيَةِ الْمَذْكُورَة , و " لَوْ " هُنَا شَرْطِيَّة لَا امْتِنَاعِيَّة , قَالَ الْكَرْمَانِيُّ : وَيُحْتَمَل أَنْ تَكُون امْتِنَاعِيَّة بِأَنْ يَكُون الْحُكْم ثَابِتًا عَلَى النَّقِيضَيْنِ وَالطَّرَف الْمَسْكُوت عَنْهُ أَوْلَى مِنْ الْمَذْكُور , وَالدَّهْر مَنْصُوب عَلَى الظَّرْفِيَّة , وَالْمُرَاد مِنْهُ مُدَّة عُمْر الرَّجُل أَوْ الزَّمَان كُلّه مُبَالَغَة فِي كُفْرَانهنَّ , وَلَيْسَ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ " أَحْسَنْت " مُخَاطَبَة رَجُل بِعَيْنِهِ , بَلْ كُلّ مَنْ يَتَأَتَّى مِنْهُ أَنْ يَكُون مُخَاطَبًا , فَهُوَ خَاصّ لَفْظًا عَامّ مَعْنًى . قَوْله : ( شَيْئًا ) التَّنْوِين فِيهِ لِلتَّقْلِيلِ أَيْ شَيْئًا قَلِيلًا لَا يُوَافِق غَرَضهَا مِنْ أَيّ نَوْع كَانَ , وَوَقَعَ فِي حَدِيث جَابِر مَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْمَرْئِيّ فِي النَّار مِنْ النِّسَاء مَنْ اِتَّصَفَ بِصِفَاتٍ ذَمِيمَة ذُكِرَتْ وَلَفْظه " وَأَكْثَر مَنْ رَأَيْت فِيهَا مِنْ النِّسَاء اللَّاتِي إِنْ اِؤْتَمِنَّ أَفْشَيْنَ , وَإِنْ سُئِلْنَ بَخِلْنَ , وَإِنْ سَأَلْنَ أَلْحَفْنَ , وَإِنْ أُعْطِينَ لَمْ يَشْكُرْنَ " الْحَدِيث وَفِي حَدِيث الْبَاب مِنْ الْفَوَائِد غَيْر مَا تَقَدَّمَ الْمُبَادَرَة إِلَى الطَّاعَة عِنْد رُؤْيَة مَا يُحْذَر مِنْهُ وَاسْتِدْفَاع الْبَلَاء بِذِكْرِ اللَّه وَأَنْوَاع طَاعَته , وَمُعْجِزَة ظَاهِرَة لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ نُصْح أُمَّته , وَتَعْلِيمهمْ مَا يَنْفَعهُمْ وَتَحْذِيرهمْ مِمَّا يَضُرّهُمْ , وَمُرَاجَعَة الْمُتَعَلِّم لِلْعَالِمِ فِيمَا لَا يُدْرِكهُ فَهْمه , وَجَوَاز الِاسْتِفْهَام عَنْ عِلَّة الْحُكْم , وَبَيَان الْعَالِم مَا يَحْتَاج إِلَيْهِ تِلْمِيذه , وَتَحْرِيم كُفْرَان الْحُقُوق . وَوُجُوب شُكْر الْمُنْعِم . وَفِيهِ أَنَّ الْجَنَّة وَالنَّار مَخْلُوقَتَانِ مَوْجُودَتَانِ الْيَوْم , وَجَوَاز إِطْلَاق الْكُفْر عَلَى مَا لَا يُخْرِج مِنْ الْمِلَّة . وَتَعْذِيب أَهْل التَّوْحِيد عَلَى الْمَعَاصِي , وَجَوَاز الْعَمَل فِي الصَّلَاة إِذَا لَمْ يَكْثُر . |
| |
|