حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ كَانَ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ
يُرِينَا كَيْفَ كَانَ صَلَاةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَاكَ فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلَاةٍ فَقَامَ فَأَمْكَنَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَمْكَنَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَأَنْصَبَ هُنَيَّةً قَالَ فَصَلَّى بِنَا صَلَاةَ شَيْخِنَا هَذَا أَبِي بُرَيْدٍ وَكَانَ أَبُو بُرَيْدٍ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الْآخِرَةِ اسْتَوَى قَاعِدًا ثُمَّ نَهَضَ
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قَوْلُهُ : ( كَانَ مَالِك بْن الْحُوَيْرِثِ )
فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ " قَامَ " وَالْأَوَّل يُشْعِر بِتَكْرِيرِ ذَلِكَ مِنْهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْض الْكَلَام عَلَيْهِ فِي " بَاب مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ لَا يُرِيد إِلَّا أَنْ يُعَلِّمهُمْ " وَيَأْتِي بَقِيَّة الْكَلَام عَلَيْهِ فِي " بَاب الْمُكْث بَيْن السَّجْدَتَيْنِ " .
قَوْلُهُ : ( فَأَنْصَبَ )
فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ بِهَمْزَةٍ مَقْطُوعَة وَآخِره مُثَنَّاة خَفِيفَة . وَلِلْبَاقِينَ بِأَلِفٍ مَوْصُولَة وَآخِره مُوَحَّدَة مُشَدَّدَة , وَحَكَى اِبْن التِّين أَنَّ بَعْضهمْ ضَبَطَهُ بِالْمُثَنَّاةِ الْمُشَدَّدَة بَدَلَ الْمُوَحَّدَة , وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ أَصْله انْصَوَتَ فَأَبْدَلَ مِنْ الْوَاوِ تَاء ثُمَّ أُدْغِمَتْ إِحْدَى التَّاءَيْنِ فِي الْأُخْرَى , وَقِيَاس إِعْلَاله اِنْصَاتَ تَحَرَّكَتْ الْوَاو وَانْفَتَحَ مَا قَبْلهَا فَانْقَلَبَتْ أَلِفًا , قَالَ : وَمَعْنَى اِنْصَاتَ اِسْتَوَتْ قَامَته بَعْد الِانْحِنَاء كَأَنَّهُ أَقْبَلَ شَبَابه , قَالَ الشَّاعِر : وَعَمْرو بْن دَهْمَان الْهُنَيْدَة عَاشَهَا وَتِسْعِينَ عَامًا ثُمَّ قَوَّمَ فَانْصَاتَا وَعَادَ سَوَاد الرَّأْس بَعْد اِبْيِضَاضه وَعَاوَدَهُ شَرْخ الشَّبَاب الَّذِي فَاتَا ا ه . وَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ مَنْ نَقَلَ عَنْ اِبْنِ التِّين - وَهُوَ السَّفَاقُسِيّ - أَنَّهُ ضَبَطَهُ بِتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَة فَقَدْ صَحَّفَ , وَمَعْنَى رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ أَنْصَتَ أَيْ سَكَتَ فَلَمْ يُكَبِّر لِلْهُوِيِّ فِي الْحَال , قَالَ بَعْضهمْ : وَفِيهِ نَظَر , وَالْأَوْجَه أَنْ يُقَال هُوَ كِنَايَة عَنْ سُكُون أَعْضَائِهِ , عَبَّرَ عَنْ عَدَم حَرَكَتهَا بِالْإِنْصَاتِ وَذَلِكَ دَالّ عَلَى الطُّمَأْنِينَة . وَأَمَّا الرِّوَايَة الْمَشْهُورَة بِالْمُوَحَّدَةِ الْمُشَدَّدَة اِنْفَعَلَ مِنْ الصَّبّ كَأَنَّهُ كَنَّى عَنْ رُجُوع أَعْضَائِهِ عَنْ الِانْحِنَاء إِلَى الْقِيَام بِالِانْصِبَابِ , وَوَقَعَ عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ " فَانْتَصَبَ قَائِمًا " وَهِيَ أَوْضَح مِنْ الْجَمِيع .
قَوْلُهُ : ( هُنَيَّة )
أَيْ قَلِيلًا , وَقَدْ تَقَدَّمَ ضَبْطهَا فِي " بَاب مَا يَقُول بَعْد التَّكْبِير " .
قَوْلُهُ : ( صَلَاة شَيْخنَا هَذَا أَبِي يَزِيد )
هُوَ عَمْرو بْن سَلَمَة الْجَرْمِيُّ , وَاخْتُلِفَ فِي ضَبْط كُنْيَته , وَوَقَعَ هُنَا لِلْأَكْثَرِ بِالتَّحْتَانِيَّةِ وَالزَّاي , وَعِنْد الْحَمَوِيّ وَكَرِيمَة بِالْمُوَحَّدَةِ وَالرَّاء مُصَغَّرًا وَكَذَا ضَبَطَهُ مُسْلِم فِي الْكُنَى , وَقَالَ عَبْد الْغَنِيّ بْن سَعِيد لَمْ أَسْمَعهُ مِنْ أَحَد إِلَّا بِالزَّايِ لَكِنْ مُسْلِم أَعْلَم , وَاللَّهُ أَعْلَمُ .