المدير العام المديرالعام
الجنس : عدد المساهمات : 12412 تاريخ التسجيل : 25/06/2009 الموقع : https://starmust2.ahlamontada.com
بطاقة الشخصية الدرجة: (4620/4620)
| موضوع: الآذان وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها في الحضر حديث رقم 713 الإثنين 7 ديسمبر - 4:03:20 | |
| حدثنا موسى قال حدثنا أبو عوانة قال حدثنا عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال
شكا أهل الكوفة سعدا إلى عمر رضي الله عنه فعزله واستعمل عليهم عمارا فشكوا حتى ذكروا أنه لا يحسن يصلي فأرسل إليه فقال يا أبا إسحاق إن هؤلاء يزعمون أنك لا تحسن تصلي قال أبو إسحاق أما أنا والله فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخرم عنها أصلي صلاة العشاء فأركد في الأوليين وأخف في الأخريين قال ذاك الظن بك يا أبا إسحاق فأرسل معه رجلا أو رجالا إلى الكوفة فسأل عنه أهل الكوفة ولم يدع مسجدا إلا سأل عنه ويثنون معروفا حتى دخل مسجدا لبني عبس فقام رجل منهم يقال له أسامة بن قتادة يكنى أبا سعدة قال أما إذ نشدتنا فإن سعدا كان لا يسير بالسرية ولا يقسم بالسوية ولا يعدل في القضية قال سعد أما والله لأدعون بثلاث اللهم إن كان عبدك هذا كاذبا قام رياء وسمعة فأطل عمره وأطل فقره وعرضه بالفتن وكان بعد إذا سئل يقول شيخ كبير مفتون أصابتني دعوة سعد قال عبد الملك فأنا رأيته بعد قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر وإنه ليتعرض للجواري في الطرق يغمزهن |
| | | فتح الباري بشرح صحيح البخاري قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا مُوسَى ) هُوَ اِبْن إِسْمَاعِيل . قَوْلُهُ : ( عَنْ جَابِر بْن سَمُرَة ) هُوَ الصَّحَابِيُّ , وَلِأَبِيهِ سَمُرَة بْن جُنَادَةَ صُحْبَة أَيْضًا . وَقَدْ صَرَّحَ اِبْن عُيَيْنَة بِسَمَاعِ عَبْد الْمَلِك لَهُ مِنْ جَابِر أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَغَيْرُهُ . قَوْلُهُ : ( شَكَا أَهْل الْكُوفَةِ سَعْدًا ) هُوَ اِبْن أَبِي وَقَّاص , وَهُوَ خَالُ اِبْن سَمُرَة الرَّاوِي عَنْهُ , وَفِي رِوَايَةِ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَبْد الْمَلِك عَنْ جَابِر بْن سَمُرَة قَالَ " كُنْت جَالِسًا عِنْدَ عُمَر إِذْ جَاءَ أَهْل الْكُوفَةِ يَشْكُونَ إِلَيْهِ سَعْدَ بْن أَبِي وَقَّاص حَتَّى قَالُوا إِنَّهُ لَا يُحْسِنُ الصَّلَاةَ " اِنْتَهَى . وَفِي قَوْلِهِ " أَهْل الْكُوفَةِ " مَجَازٌ , وَهُوَ مِنْ إِطْلَاقِ الْكُلِّ عَلَى الْبَعْضِ ; لِأَنَّ الَّذِينَ شَكَوْهُ بَعْضُ أَهْلِ الْكُوفَةِ لَا كُلُّهُمْ , فَفِي رِوَايَةِ زَائِدَةَ عَنْ عَبْد الْمَلِك فِي صَحِيحِ أَبِي عَوَانَة " جَعَلَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ " , وَنَحْوه لِإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ عَنْ جَرِير عَنْ عَبْد الْمَلِك وَسُمِّيَ مِنْهُمْ عِنْدَ سَيْفٍ والطَّبَرَانِيِّ الْجَرَّاحُ بْن سِنَان وَقَبِيصَة وَأَرْبَد الْأَسَدِيُّونَ , وَذَكَرَ الْعَسْكَرِيُّ فِي الْأَوَائِل أَنَّ مِنْهُمْ الْأَشْعَثَ بْن قَيْس . قَوْلُهُ : ( فَعَزَلَهُ ) كَانَ عُمَر بْن الْخَطَّاب أَمَّرَ سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص عَلَى قِتَالِ الْفُرْسِ فِي سَنَة أَرْبَعَ عَشْرَةَ فَفَتَحَ اللَّهُ الْعِرَاقَ عَلَى يَدَيْهِ , ثُمَّ اِخْتَطَّ الْكُوفَة سَنَة سَبْعَ عَشْرَةَ وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهَا أَمِيرًا إِلَى سَنَة إِحْدَى وَعِشْرِينَ فِي قَوْلِ خَلِيفَة بْن خَيَّاط , وَعِنْدَ الطَّبَرِيّ سَنَة عِشْرِينَ , فَوَقَعَ لَهُ مَعَ أَهْلِ الْكُوفَةِ مَا ذُكِرَ . قَوْلُهُ : ( وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَمَّارًا ) هُوَ اِبْن يَاسِر , قَالَ خَلِيفَة : اِسْتَعْمَلَ عَمَّارًا عَلَى الصَّلَاةِ وَابْن مَسْعُود عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَعُثْمَان بْن حُنَيْف عَلَى مِسَاحَةِ الْأَرْضِ . اِنْتَهَى . وَكَأَنَّ تَخْصِيصَ عَمَّار بِالذِّكْرِ لِوُقُوعِ اَلتَّصْرِيحِ بِالصَّلَاةِ دُونَ غَيْرِهَا مِمَّا وَقَعَتْ فِيهِ الشَّكْوَى . قَوْلُهُ : ( فَشَكَوْا ) لَيْسَتْ هَذِهِ الْفَاءُ عَاطِفَةً عَلَى قَوْلِهِ " فَعَزَلَهُ " بَلْ هِيَ تَفْسِيرِيَّة عَاطِفَةٌ عَلَى قَوْلِهِ " شَكَا " عَطْف تَفْسِير , وَقَوْلُهُ " فَعَزَلَهُ وَاسْتَعْمَلَ " اِعْتِرَاض إِذْ الشَّكْوَى كَانَتْ سَابِقَةً عَلَى الْعَزْلِ , وَبَيَّنَتْهُ رِوَايَةُ مَعْمَر الْمَاضِيَة . قَوْلُهُ : ( حَتَّى ذَكَرُوا أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ يُصَلِّي ) ظَاهِره أَنَّ جِهَات الشَّكْوَى كَانَتْ مُتَعَدِّدَة , وَمِنْهَا قِصَّة الصَّلَاة . وَصُرِّحَ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَوْن الْآتِيَة قَرِيبًا , فَقَالَ عُمَر : لَقَدْ شَكَوْك فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي الصَّلَاةِ . وَذَكَرَ اِبْن سَعْد وَسَيْف أَنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّهُ حَابَى فِي بَيْعِ خُمُسٍ بَاعَهُ . وَأَنَّهُ صَنَعَ عَلَى دَارِهِ بَابًا مُبَوَّبًا مِنْ خَشَبٍ , وَكَانَ السُّوق مُجَاوِرًا لَهُ فَكَانَ يَتَأَذَّى بِأَصْوَاتِهِمْ , فَزَعَمُوا أَنَّهُ قَالَ : اِنْقَطَعَ التَّصْوِيت . وَذَكَرَ سَيْف أَنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّهُ كَانَ يُلْهِيه الصَّيْدُ عَنْ الْخُرُوجِ فِي السَّرَايَا . وَقَالَ الزُّبَيْر بْن بَكَّارٍ فِي " كِتَاب النَّسَب " : رَفَعَ أَهْل الْكُوفَةِ عَلَيْهِ أَشْيَاء كَشَفَهَا عُمَر فَوَجَدَهَا بَاطِلَةً . ا ه . . وَيُقَوِّيهِ قَوْلُ عُمَرَ فِي وَصِيَّتِهِ " فَإِنِّي لَمْ أَعْزِلْهُ مِنْ عَجْز وَلَا خِيَانَة " وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي مَنَاقِبِ عُثْمَان . قَوْلُهُ : ( فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ ) فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ فَوَصَلَ إِلَيْهِ الرَّسُولُ فَجَاءَ إِلَى عُمَر , وَسَيَأْتِي تَسْمِيَة الرَّسُولِ . قَوْلُهُ : ( يَا أَبَا إِسْحَاق ) هِيَ كُنْيَةُ سَعْدٍ , كُنِّيَ بِذَلِكَ بِأَكْبَرِ أَوْلَادِهِ , وَهَذَا تَعْظِيم مِنْ عُمَر لَهُ , وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ تَقْدَحْ فِيهِ الشَّكْوَى عِنْدَهُ . قَوْلُهُ : ( أَمَّا أَنَا وَاَللَّه ) أَمَّا بِالتَّشْدِيدِ وَهِيَ لِلتَّقْسِيمِ , وَالْقَسِيمُ هُنَا مَحْذُوف تَقْدِيرُهُ : وَأَمَّا هُمْ فَقَالُوا مَا قَالُوا . وَفِيهِ الْقَسَمُ فِي الْخَبَرِ لِتَأْكِيدِهِ فِي نَفْسِ السَّامِعِ , وَجَوَاب الْقَسَم يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ " فَإِنِّي كُنْت أُصَلِّي بِهِمْ " . قَوْلُهُ : ( صَلَاةَ رَسُولِ اَللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ) بِالنَّصْبِ أَيْ : مِثْلَ صَلَاة . قَوْلُهُ : ( مَا أَخْرِمُ ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ اَلرَّاءِ أَيْ : لَا أُنْقِصُ , وَحَكَى اِبْن التِّينِ عَنْ بَعْضِ الرُّوَاهُ أَنَّهُ بِضَمّ أَوَّله فَفِعْلُهُ مِنْ الرُّبَاعِيِّ وَاسْتَضْعَفَهُ . قَوْلُهُ : ( أُصَلِّي صَلَاة الْعِشَاءِ ) كَذَا هُنَا بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ لِلْجَمِيعِ , غَيْر الْجُرْجَانِيّ فَقَالَ " الْعَشِيِّ " , وَفِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ " صَلَاتَيْ الْعِشِيِّ " بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ لَهُمْ إِلَّا الْكُشْمِيهَنِيّ , وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ بِلَفْظ " صَلَاتَيْ الْعَشِيِّ " وَكَذَا فِي رِوَايَةِ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر وَكَذَا لِزَائِدَةَ فِي صَحِيحِ أَبِي عَوَانَةَ وَهُوَ الْأَرْجَحُ , وَيَدُلُّ عَلَيْهِ التَّثْنِيَة , وَالْمُرَاد بِهِمَا الظُّهْر وَالْعَصْر وَلَا يَبْعُدُ أَنْ تَقَعَ التَّثْنِيَة فِي الْمَمْدُودِ وَيُرَادُ بِهِمَا الْمَغْرِب وَالْعِشَاء , لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْأُخْرَيَيْنِ ; لِأَنَّ الْمَغْرِبَ إِنَّمَا لَهَا أُخْرَى وَاحِدَة - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - . وَأَبْدَى الْكَرْمَانِيّ لِتَخْصِيصِ الْعِشَاءِ بِالذِّكْرِ حِكْمَةً , وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا أَتْقَنَ فِعْلَ هَذِهِ اَلصَّلَاةِ الَّتِي وَقْتُهَا وَقْتُ الِاسْتِرَاحَة كَانَ ذَلِكَ فِي غَيْرِهَا بِطَرِيق الْأَوْلَى وَهُوَ حَسَنٌ , وَيُقَالُ مِثَلُهُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ ; لِأَنَّهُمَا وَقْتُ الِاشْتِغَالِ بِالْقَائِلَةِ وَالْمَعَاشِ . وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ : لَعَلَّ شَكْوَاهُمْ كَانَتْ فِي هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ خَاصَّةً فَلِذَلِكَ خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ . قَوْلُهُ : ( فَأَرْكُدُ فِي الْأُولَيَيْنِ ) قَالَ الْقَزَّازُ : أَرْكُدُ أَيْ : أُقِيمُ طَوِيلًا , أَيْ : أُطَوِّلُ فِيهِمَا الْقِرَاءَة . قُلْتُ : وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التَّطْوِيل بِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْقِرَاءَةِ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ; لَكِنَّ الْمَعْهُودَ فِي اَلتَّفْرِقَةِ بَيْنَ الرَّكَعَاتِ إِنَّمَا هُوَ فِي الْقِرَاءَةِ , وَسَيَأْتِي قَرِيبًا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عَوْنٍ عَنْ جَابِر بْن سَمُرَة " أَمُدُّ فِي الْأُولَيَيْنِ " وَالْأُولَيَيْنِ بِتَحْتَانِيَّتَيْنِ تَثْنِيَة الْأُولَى وَكَذَا الْأُخْرَيَيْنِ . قَوْلُهُ : ( وَأُخِفُّ ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْر الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ , وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيّ " وَأَحْذِفُ " بِفَتْحِ أَوَّله وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ , وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَةِ عُثْمَان بْن سَعِيد الدَّارِمِيّ عَنْ مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل شَيْخ الْبُخَارِيّ فِيهِ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيّ , وَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ الَّتِي وَقَفْت عَلَيْهَا , إِلَّا أَنَّ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّد بْن كَثِير عَنْ شُعْبَة عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بِالْمِيم بَدَلَ الْفَاء , وَالْمُرَاد بِالْحَذْفِ حَذْف التَّطْوِيل لَا حَذْفُ أَصْلِ الْقِرَاءَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَحْذِفُ الرُّكُود . قَوْلُهُ : ( ذَلِكَ الظَّنّ بِك ) أَيْ : هَذَا اَلَّذِي تَقُولُ هُوَ الَّذِي كُنَّا نَظُنُّهُ , زَادَ مِسْعَرٌ عَنْ عَبْد الْمَلِك وَابْنِ عَوْنٍ مَعًا " فَقَالَ سَعْد أَتُعَلِّمُنِي الْأَعْرَابُ اَلصَّلَاةَ " أَخْرَجَهُ مُسْلِم , وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الَّذِينَ شَكَوْهُ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ , وَكَأَنَّهُمْ ظَنُّوا مَشْرُوعِيَّةَ التَّسْوِيَة بَيْنَ اَلرَّكَعَاتِ فَأَنْكَرُوا عَلَى سَعْد اَلتَّفْرِقَةَ , فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ ذَمُّ الْقَوْل بِالرَّأْي الَّذِي لَا يَسْتَنِدُ إِلَى أَصْل , وَفِيهِ أَنَّ الْقِيَاسَ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ فَاسِدُ الِاعْتِبَار , قَالَ اِبْن بَطَّال : وَجْه دُخُول حَدِيث سَعْد فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ " أَرْكُدُ وَأُخِفُّ " عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَتْرُكُ الْقِرَاءَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ , وَقَدْ قَالَ : إِنَّهَا مِثْلُ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , وَاخْتَصَرَهُ الْكَرْمَانِيّ فَقَالَ : رُكُود الْإِمَام يَدُلُّ عَلَى قِرَاءَتِهِ عَادَة . قَالَ اِبْن رَشِيد : وَلِهَذَا أَتْبَعَ الْبُخَارِيُّ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ حَدِيثَ سَعْدٍ بِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَة كَالْمُفَسِّرِ لَهُ . قُلْتُ : وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَة هُنَا ذِكْر الْقِرَاءَةِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ . نَعَمْ هُوَ مَذْكُور مِنْ حَدِيثِهِ بَعْدَ عَشَرَةِ أَبْوَاب , وَإِنَّمَا تَتِمُّ الدَّلَالَةُ عَلَى الْوُجُوبِ إِذَا ضَمَّ إِلَى مَا ذَكَرَ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي " فَيَحْصُلُ التَّطَابُقُ بِهَذَا لِقَوْلِهِ " الْقِرَاءَة لِلْإِمَامِ " وَمَا ذَكَرَ مِنْ الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ , وَأَمَّا الْحَضَرُ وَالسَّفَرُ وَقِرَاءَة الْمَأْمُومِ فَمِنْ غَيْرِ حَدِيثِ سَعْدٍ مِمَّا ذُكِرَ فِي الْبَابِ , وَقَدْ يُؤْخَذُ السَّفَرُ وَالْحَضَرُ مِنْ إِطْلَاقِ قَوْلِهِ - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ , وَأَمَّا وُجُوبُ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْإِمَامِ فَمِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ فِي الْبَابِ , وَلَعَلَّ الْبُخَارِيَّ اِكْتَفَى بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُسِيءِ صَلَاته وَهُوَ ثَالِثُ أَحَادِيثِ الْبَاب " وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِك كُلّهَا " , وَبِهَذَا اَلتَّقْرِيرِ يَنْدَفِعُ اِعْتِرَاض الْإِسْمَاعِيلِيّ وَغَيْره حَيْثُ قَالَ : لَا دَلَالَةَ فِي حَدِيثِ سَعْدٍ عَلَى وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ , وَإِنَّمَا فِيهِ تَخْفِيفهَا فِي الْأُخْرَيَيْنِ عَنْ الْأُولَيَيْنِ . قَوْلُهُ : ( فَأَرْسَلَ مَعَهُ رَجُلًا أَوْ رِجَالًا ) كَذَا لَهُمْ بِالشَّكِّ , وَفِي رِوَايَةِ اِبْن عُيَيْنَة " فَبَعَثَ عُمَر رَجُلَيْنِ " وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَعَادَهُ إِلَى الْكُوفَةِ لِيَحْصُل لَهُ الْكَشْفُ عَنْهُ بِحَضْرَتِهِ لِيَكُونَ أَبْعَد مِنْ التُّهْمَةِ , لَكِنَّ كَلَام سَيْف يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عُمَرَ إِنَّمَا سَأَلَهُ عَنْ مَسْأَلَةِ الصَّلَاةِ بَعْدَمَا عَادَ بِهِ مُحَمَّد بْن مَسْلَمَة مِنْ الْكُوفَةِ . وَذَكَرَ سَيْف وَالطَّبَرِيّ أَنَّ رَسُولَ عُمَرَ بِذَلِكَ مُحَمَّد بْن مَسْلَمَة قَالَ : وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَقْتَصُّ آثَار مَنْ شُكِيَ مِنْ الْعُمَّالِ فِي زَمَنِ عُمَر . وَحَكَى اِبْنُ التِّينِ أَنَّ عُمَرَ أَرْسَلَ فِي ذَلِكَ عَبْدَ اللَّه بْن أَرْقَم , فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَقَدْ عُرِفَ الرَّجُلَانِ . وَرَوَى اِبْن سَعْد مِنْ طَرِيقِ مَلِيح بْن عَوْف السُّلَمِيّ قَالَ : بَعَثَ عُمَرُ مُحَمَّدَ بْن مَسْلَمَة وَأَمَرَنِي بِالْمَسِيرِ مَعَهُ وَكُنْت دَلِيلًا بِالْبِلَادِ , فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَفِيهَا " وَأَقَامَ سَعْدًا فِي مَسَاجِدِ الْكُوفَةِ يَسْأَلُهُمْ عَنْهُ " وَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاق عَنْ جَرِير " فَطِيفَ بِهِ فِي مَسَاجِدِ الْكُوفَةِ " . قَوْلُهُ : ( وَيُثْنُونَ عَلَيْهِ مَعْرُوفًا ) فِي رِوَايَةِ اِبْن عُيَيْنَة " فَكُلّهمْ يُثْنِي عَلَيْهِ خَيْرًا " . قَوْلُهُ : ( لِبَنِي عَبْس ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا مُهْمَلَة قَبِيلَة كَبِيرَة مِنْ قَيْس . قَوْلُهُ : ( أَبَا سَعْدَة ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُهْمَلَة سَاكِنَة , زَادَ سَيْف فِي رِوَايَتِهِ " فَقَالَ مُحَمَّد بْن مَسْلَمَة : أُنْشِدُ اَللَّهَ رَجُلًا يَعْلَمُ حَقًّا إِلَّا قَالَ " . قَوْلُهُ : ( أَمَّا ) بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ , وَقَسِيمُهَا مَحْذُوف أَيْضًا , قَوْلُهُ " نَشَدْتَنَا " أَيْ : طَلَبْت مِنَّا الْقَوْلَ . قَوْلُهُ : ( لَا يَسِيرُ بِالسَّرِيَّةِ ) الْبَاء لِلْمُصَاحَبَةِ وَالسَّرِيَّةُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُخَفَّفَة قِطْعَة مِنْ الْجَيْشِ , وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِمَحْذُوفٍ أَيْ : لَا يَسِيرُ بِالطَّرِيقَةِ السَّرِيَّةِ أَيْ : الْعَادِلَةِ , وَالْأَوَّل أَوْلَى لِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ " وَلَا يَعْدِلُ " . وَالْأَصْلُ عَدَمُ اَلتَّكْرَارِ , وَالتَّأْسِيسُ أَوْلَى مِنْ اَلتَّأْكِيدِ . وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَة جَرِير وَسُفْيَان بِلَفْظ " وَلَا يَنْفِرُ فِي اَلسَّرِيَّةِ " . قَوْلُهُ : ( فِي الْقَضِيَّةِ ) أَيْ : الْحُكُومَةِ , وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَان وَسَيْف " فِي الرَّعِيَّةِ " . قَوْلُهُ : ( قَالَ سَعْد ) فِي رِوَايَة جَرِير " فَغَضِبَ سَعْدٌ " . وَحَكَى اِبْنُ التِّينِ أَنَّهُ قَالَ " أَعَلَيَّ تَسْجَعُ " . قَوْلُهُ : ( أَمَا وَاَللَّهِ ) بِتَخْفِيف الْمِيم حَرْف اِسْتِفْتَاح . قَوْلُهُ : ( لَأَدْعُوَنَّ بِثَلَاثٍ ) أَيْ : عَلَيْك , وَالْحِكْمَة فِي ذَلِكَ أَنَّهُ نَفَى عَنْهُ الْفَضَائِلَ الثَّلَاثَ وَهِيَ الشَّجَاعَةُ حَيْثُ قَالَ " لَا يَنْفِرُ " وَالْعِفَّة حَيْثُ قَالَ " لَا يَقْسِمُ " وَالْحِكْمَة حَيْثُ قَالَ " لَا يَعْدِلُ " فَهَذِهِ الثَّلَاثَة تَتَعَلَّقُ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ وَالدِّينِ , فَقَابَلَهَا بِمِثْلِهَا : فَطُولُ الْعُمْرِ يَتَعَلَّقُ بِالنَّفْسِ , وَطُولُ الْفَقْرِ يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ , وَالْوُقُوعُ فِي الْفِتَنِ يَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ , وَلَمَّا كَانَ فِي الثِّنْتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مَا يُمْكِنُ الِاعْتِذَارُ عَنْهُ دُونَ اَلثَّالِثَةِ قَابَلَهُمَا بِأَمْرَيْنِ دُنْيَوِيَّيْنِ وَالثَّالِثَة بِأَمْر دِينِيٍّ , وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ " لَا يَنْفِرُ بِالسَّرِيَّةِ " يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ حَقًّا لَكِنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي إِقَامَتِهِ لِيُرَتِّبَ مَصَالِحَ مَنْ يَغْزُو وَمَنْ يُقِيمُ , أَوْ كَانَ لَهُ عُذْر كَمَا وَقَعَ وَهُوَ فِي الْقَادِسِيَّةِ وَقَوْلُهُ " لَا يَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ " يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ حَقًّا فَإِنَّ لِلْإِمَامِ تَفْضِيلَ أَهْلِ الْغَنَاءِ فِي الْحَرْبِ وَالْقِيَامِ بِالْمَصَالِحِ , وَقَوْلُهُ " لَا يَعْدِلُ فِي الْقَضِيَّةِ " هُوَ أَشَدُّهَا ; لِأَنَّهُ سَلَبَ عَنْهُ الْعَدْلَ مُطْلَقًا وَذَلِكَ قَدْح فِي الدِّينِ , وَمِنْ أَعْجَبِ الْعَجَبِ أَنَّ سَعْدًا مَعَ كَوْنِ هَذَا الرَّجُل وَاجَهَهُ بِهَذَا وَأَغْضَبَهُ حَتَّى دَعَا عَلَيْهِ فِي حَال غَضَبِهِ رَاعَى الْعَدْل وَالْإِنْصَاف فِي الدُّعَاءِ عَلَيْهِ , إِذْ عَلَّقَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ كَاذِبًا وَأَنْ يَكُونَ الْحَامِل لَهُ عَلَى ذَلِكَ الْغَرَض الدُّنْيَوِيّ . قَوْلُهُ : ( رِيَاء وَسُمْعَة ) أَيْ : لِيَرَاهُ النَّاسُ وَيَسْمَعُوهُ فَيُشْهِرُوا ذَلِكَ عَنْهُ فَيَكُونَ لَهُ بِذَلِكَ ذِكْر , وَسَيَأْتِي مَزِيد فِي ذَلِكَ فِي كِتَاب الرِّقَاق إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . قَوْلُهُ : ( وَأَطِلْ فَقْرَهُ ) فِي رِوَايَة جَرِير " وَشَدِّدْ فَقْره " وَفِي رِوَايَة سَيْف " وَأَكْثِرْ عِيَاله " قَالَ الزَّيْنُ بْن الْمُنِير : فِي الدَّعَوَاتِ الثَّلَاثِ مُنَاسَبَة لِلْحَالِ , أَمَّا طُولُ عُمْرِهِ فَلِيَرَاهُ مَنْ سَمِعَ بِأَمْرِهِ فَيَعْلَمَ كَرَامَة سَعْد , وَأَمَّا طُولُ فَقْرِهِ فَلِنَقِيض مَطْلُوبِهِ ; لِأَنَّ حَالَهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ طَلَبَ أَمْرًا دُنْيَوِيًّا , وَأَمَّا تَعَرُّضُهُ لِلْفِتَنِ فَلِكَوْنِهِ قَامَ فِيهَا وَرَضِيَهَا دُونَ أَهْلِ بَلَدِهِ " . قَوْلُهُ : ( فَكَانَ بَعْدُ ) أَيْ : أَبُو سَعْدَة , وَقَائِل ذَلِكَ عَبْد الْمَلِك بْن عُمَيْر بَيَّنَهُ جَرِير فِي رِوَايَتِهِ . قَوْلُهُ : ( إِذَا سُئِلَ ) فِي رِوَايَةِ اِبْن عُيَيْنَة " إِذْ قِيلَ لَهُ كَيْفَ أَنْتَ " . قَوْلُهُ : ( شَيْخ كَبِير مَفْتُون ) قِيلَ : لَمْ يَذْكُرْ الدَّعْوَةَ الْأُخْرَى وَهِيَ الْفَقْرُ لَكِنَّ عُمُومَ قَوْلِهِ " أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعْد " يَدُلُّ عَلَيْهِ . قُلْتُ : قَدْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيّ مِنْ طَرِيقِ أَسَد بْن مُوسَى , وَفِي رِوَايَةِ أَبِي يَعْلَى عَنْ إِبْرَاهِيم بْن الْحَجَّاج كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي عَوَانَة وَلَفْظُهُ " قَالَ عَبْد الْمَلِك : فَأَنَا رَأَيْته يَتَعَرَّضُ لِلْإِمَاءِ فِي السِّكَكِ , فَإِذَا سَأَلُوهُ قَالَ : كَبِيرٌ فَقِيرٌ مَفْتُونٌ " وَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاق عَنْ جَرِير " فَافْتَقَرَ وَافْتُتِنَ " وَفِي رِوَايَة سَيْف " فَعَمِيَ وَاجْتَمَعَ عِنْدَهُ عَشْر بَنَات , وَكَانَ إِذَا سَمِعَ بِحِسِّ الْمَرْأَةِ تَشَبَّثَ بِهَا , فَإِذَا أُنْكِرَ عَلَيْهِ قَالَ : دَعْوَة الْمُبَارَك سَعْد " وَفِي رِوَايَةِ اِبْن عُيَيْنَة " وَلَا تَكُونُ فِتْنَة إِلَّا وَهُوَ فِيهَا " وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّد بْن جُحَادَةَ عَنْ مُصْعَب بْن سَعْد نَحْوُ هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ " وَأَدْرَكَ فِتْنَة الْمُخْتَار فَقُتِلَ فِيهَا " رَوَاهُ الْمُخَلِّصُ فِي فَوَائِدِهِ . وَمِنْ طَرِيقِهِ اِبْن عَسَاكِرَ , وَفِي رِوَايَة سَيْف أَنَّهُ عَاشَ إِلَى فِتْنَة الْجَمَاجِم وَكَانَتْ سَنَة ثَلَاث وَثَمَانِينَ , وَكَانَتْ فِتْنَة الْمُخْتَار حِينَ غَلَبَ عَلَى الْكُوفَةِ مِنْ سَنَة خَمْس وَسِتِّينَ إِلَى أَنْ قُتِلَ سَنَة سَبْع وَسِتِّينَ . قَوْلُهُ : ( دَعْوَة سَعْدٍ ) أَفْرَدَهَا لِإِرَادَةِ الْجِنْسِ وَإِنْ كَانَتْ ثَلَاث دَعَوَات , وَكَانَ سَعْد مَعْرُوفًا بِإِجَابَةِ اَلدَّعْوَةِ , رَوَى الطَّبَرَانِيّ مِنْ طَرِيق اَلشَّعْبِيّ قَالَ " قِيلَ لِسَعْد مَتَى أَصَبْت اَلدَّعْوَةَ ؟ قَالَ : يَوْمَ بَدْر , قَالَ اَلنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اَللَّهُمَّ اِسْتَجِبْ لِسَعْد " وَرَوَى اَلتِّرْمِذِيّ وَابْن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ قَيْس بْن أَبِي حَازِم عَنْ سَعْدٍ أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ " اللَّهُمَّ اِسْتَجِبْ لِسَعْدٍ إِذَا دَعَاك " . وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ الْفَوَائِدِ سِوَى مَا تَقَدَّمَ جَوَازُ عَزْلِ الْإِمَامِ بَعْضَ عُمَّالِهِ إِذَا شُكِيَ إِلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ شَيْءٌ إِذَا اِقْتَضَتْ ذَلِكَ الْمَصْلَحَة , قَالَ مَالِك : قَدْ عَزَلَ عُمَر سَعْدًا وَهُوَ أَعْدَلُ مَنْ يَأْتِي بَعْدَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ عُمَرَ عَزَلَهُ حَسْمًا لِمَادَّة الْفِتْنَة , فَفِي رِوَايَة سَيْف " قَالَ عُمَر : لَوْلَا الِاحْتِيَاطُ وَأَنْ لَا يُتَّقَى مِنْ أَمِيرٍ مِثْلِ سَعْدٍ لَمَا عَزَلْتُهُ " . وَقِيلَ عَزَلَهُ إِيثَارًا لِقُرْبِهِ مِنْهُ لِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الشُّورَى , وَقِيلَ : لِأَنَّ مَذْهَبَ عُمَرَ أَنَّهُ لَا يَسْتَمِرُّ بِالْعَامِلِ أَكْثَر مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ , وَقَالَ الْمَازِرِيّ : اِخْتَلَفُوا هَلْ يُعْزَلُ الْقَاضِي بِشَكْوَى الْوَاحِدِ أَوْ الِاثْنَيْنِ أَوْ لَا يُعْزَلُ حَتَّى يَجْتَمِعَ الْأَكْثَر عَلَى الشَّكْوَى مِنْهُ ؟ وَفِيهِ اِسْتِفْسَارُ الْعَامِلِ عَمَّا قِيلَ فِيهِ , وَالسُّؤَالُ عَمَّنْ شُكِيَ فِي مَوْضِعِ عَمَلِهِ , وَالِاقْتِصَار فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَنْ يُظَنُّ بِهِ الْفَضْلُ . وَفِيهِ أَنَّ السُّؤَالَ عَنْ عَدَالَة الشَّاهِدِ وَنَحْوِهِ يَكُونُ مِمَّنْ يُجَاوِرُهُ , وَأَنَّ تَعْرِيضَ الْعَدْلِ لِلْكَشْفِ عَنْ حَالِهِ لَا يُنَافِي قَبُول شَهَادَتِهِ فِي الْحَالِ . وَفِيهِ خِطَابُ الرَّجُلِ الْجَلِيلِ بِكُنْيَتِهِ , وَالِاعْتِذَار لِمَنْ سُمِعَ فِي حَقِّهِ كَلَام يَسُوءُهُ . وَفِيهِ الْفَرْقُ بَيْنَ اَلِافْتِرَاءِ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ السَّبّ , وَالِافْتِرَاء الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ دَفْعُ اَلضَّرَر , فَيُعَزَّرُ قَائِل الْأَوَّل دُونَ اَلثَّانِي . وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَعْد لَمْ يَطْلُبْ حَقَّهُ مِنْهُمْ أَوْ عَفَا عَنْهُمْ وَاكْتَفَى بِالدُّعَاءِ عَلَى الَّذِي كَشَفَ قِنَاعه فِي الِافْتِرَاءِ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ صَارَ كَالْمُنْفَرِدِ بِأَذِيَّتِهِ . وَقَدْ جَاءَ فِي الْخَبَرِ " مَنْ دَعَا عَلَى ظَالِمِهِ فَقَدْ اِنْتَصَرَ " فَلَعَلَّهُ أَرَادَ الشَّفَقَةَ عَلَيْهِ بِأَنْ عَجَّلَ لَهُ الْعُقُوبَة فِي الدُّنْيَا , فَانْتَصَرَ لِنَفْسِهِ وَرَاعَى حَال مَنْ ظَلَمَهُ لِمَا كَانَ فِيهِ مِنْ وُفُورِ اَلدِّيَانَة . وَيُقَالُ إِنَّهُ إِنَّمَا دَعَا عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ اِنْتَهَكَ حُرْمَةَ مَنْ صَحِبَ صَاحِبَ الشَّرِيعَةِ , وَكَأَنَّهُ قَدْ اِنْتَصَرَ لِصَاحِبِ الشَّرِيعَةِ . وَفِيهِ جَوَازُ الدُّعَاءِ عَلَى الظَّالِمِ الْمُعَيَّنِ بِمَا يَسْتَلْزِمُ النَّقْص فِي دِينِهِ , وَلَيْسَ هُوَ مِنْ طَلَبِ وُقُوع الْمَعْصِيَةِ , وَلَكِنْ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى نِكَايَةِ الظَّالِمِ وَعُقُوبَتِهِ . وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَشْرُوعِيَّة طَلَبِ الشَّهَادَةِ وَإِنْ كَانَتْ تَسْتَلْزِمُ ظُهُور الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ , وَمِنْ الْأَوَّلِ قَوْل مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : ( رَبَّنَا اِطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ الْآيَة . وَفِيهِ سُلُوكُ الْوَرَعِ فِي اَلدُّعَاءِ , وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْأُولَيَيْنِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ مُتَسَاوِيَتَانِ فِي الطُّولِ , وَسَيَأْتِي الْبَحْث فِي ذَلِكَ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ . قَوْلُهُ : ( عَنْ مَحْمُود بْن اَلرَّبِيع , فِي رِوَايَة الْحُمَيْدِيّ عَنْ سُفْيَان " حَدَّثَنَا الزُّهْرِيّ سَمِعْت مَحْمُود بْن الرَّبِيع " وَلِابْن أَبِي عُمَر عَنْ سُفْيَان بِالْإِسْنَادِ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ " سَمِعْت عُبَادَة بْن اَلصَّامِت " وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ صَالِح بْن كَيْسَانَ " عَنْ اِبْنِ شِهَاب أَنَّ مَحْمُود بْن الرَّبِيع أَخْبَرَهُ أَنَّ عُبَادَة بْن اَلصَّامِت أَخْبَرَهُ " , وَبِهَذَا التَّصْرِيحِ بِالْإِخْبَارِ يَنْدَفِعُ تَعْلِيل مَنْ أَعَلَّهُ بِالِانْقِطَاعِ لِكَوْن بَعْض الرُّوَاةِ أَدْخَلَ بَيْنَ مَحْمُود وَعُبَادَة رَجُلًا وَهِيَ رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ . |
| |
|