molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: لك الله يا أرض الكنانة - عبد الله بن محمد العسكر / الخرج الإثنين 6 أغسطس - 11:07:36 | |
|
لك الله يا أرض الكنانة
عبد الله بن محمد العسكر / الخرج
الخطبة الأولى وبعد: ما يجري لأرض مصر الحبيبة في هذه الأيام أمرٌ يندى له الجبين ويعتصر له القلب، شعبٌ يريد حريته، يريد حقه في الحياة، يريد أن يحيا حياةً كريمةً، يحصِّل فيها قوت يومه، ويأمن فيها على عرضه ودينه، وفي مقابل ذلك قيادةٌ تقول له: لا وألف لا! بل ليت الأمر يتوقف عند الرفض لهذه المطالب التي هي من حقِّ كل شعوب الأرض، وإنما رأينا الصَّلف والطغيان يبلغ مداه حين تُواجَه هذه الملايين العزَّل بالقوة والبطش. رأينا كيف قُتل العشرات وأصيب الآلاف، ورأينا كيف تَدهسُ سيارة الأمن الضعفاء والمساكين بكل وقاحة ودناءة، وبأسلوب قذرٍ جبان ينبئ عن نفوس مريضة وقلوب متحجّرة لا تعرف الرحمة ولا تبالي بأرواح الأبرياء! خرجت الملايين لتقول لقائدها الملهم: "ارحل"، لا نريد منك شيئًا سوى الرحيل. ومع هذا يأبى الطغيان والجبروت إلا التشبّث بكرسي الخزي والمهانة حتى ولو كان الشعب يمقت هذا الزعيم ويبغضه! إنه السعار المحموم للتصدّر والعلوِّ في الأرض، وليس ذلك من شأن المؤمنين الذين قال الله فيهم: تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ. إنها رسالة لكل من سابق نحو الإمارة وسارع نحو التصدُّر والعلو في الأرض بأن يتذكّر عواقب المسؤولية وتبعات حمل الأمانة. إن الإمارة كما أخبر الصادق المصدوق : ((خزي وندامة يوم القيامة، إلا من أخذ بحقها وأدى الذي عليه فيها))؛ ولهذا كان الصالحون من أشد الناس فرارًا من تولي هذه المسؤوليات التي تكون تبعتها عظيمة وعواقبها وخيمة. وإن ابتلي أحدهم بها فإنه يسعى ويكدح للقيام بالواجب والإحسان إلى من تحت يده ممن ولاه الله أمره، هذا مع همومٍ لا تبارحُه وخوفٍ من ربه لا يغادرُه، خوفًا أن يكون قد قصَّر في الواجب أو فعل ما يُسخِط عليه مولاه. في ليلةٍ من ليالي الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- قام وحيدًا بعد أن هجع الأنام وادلهمَّ الظلام، وقد وضع يده تحت خدِّه تعلوه الكآبة والحزن مفكرًا متأملًا فيما هو فيه، فما هي إلا لحظات حتى ذرفت عيناه دمعًا سخيًا، ثم زاد بكاؤه حتى صار ينتفض وينتحب حتى فزعت زوجته فاطمة، فقامت مذعورةً من نومها تظن أن مصيبة حلّت بعمر، فجلست عنده تحاول أن تهدئ من روعه، فلما سكتَ وُسرِّي عنه سألته: يا أمير المؤمنين، ما الذي أبكاك؟! فقال رحمه الله: إني تذكرت رعيتي، فتذكرت الأسير المقهور والأرملة الثكلى والفقير المحروم، وخشيت أن لا أكون قد قمت بحقهم، وعلمت أن حجيجي فيهم هو محمد ، فخفت أن لا تثبت لي قدم غدًا بين يدي الله. الله أكبر! إنها الأمانة العظمى والمسؤولية الكبرى بين يدي من تعنو له الوجوه وتخضع لجبروته الرؤوس والرقاب. إن من ولاه الله أمرًا من أمور الرعية فظلم وتجبَّر وغرَّته قوته وسلطانه فليبشر عاجلًا أو آجلًا بنقمة الله وأخذه الأليم الشديد. أيها الشعب المصري الأبيّ، لك الله، وكفى بالله وكيلًا، لئن طُعِنتَ في كرامتك وسُلبتَ حقوقك واعتُدي على مالك ومُنعت من أن تختار حاكمًا عدلًا يخاف الله فيك فاعلم أن الفجر قريب، وأن ظلمة الليل ستنقشع لتشرق عليك بعدها أنوار الحرية والعدل والمجد الأثير. أما أولئك الظلمة المتاجرون بشعارات الزيف والخداع السارقون لقمة العيش من أفواه الضعفاء والمجاويع فترقب سقوطهم وانتظر زوالهم، وإن غدًا لناظره لقريب. فرعــــونُ عقلــــك لم يــــزل مخــــــدوعــــا وزمان حكمك لم يزل مقطوعا مــــا زلــتَ يــــا فـــرعـــــونُ غِـــرًّا تــــابعــــا وتظـــن نفسَـــك قــــائدا متبوعـــا فرعــــون أنتَ الرمـــز فاسمُك لم يـــزل يجـــري بأفئــــدة الطـــغــــاة نقيعــــا خضِّبْ يمينــــك بالدمـــاء وقــــل لنـــا: إنــــي أنـــفــــذ أمــــريَ المشـــروعــا اســرقْ غـــذاء الجــــائعيـــن وقـــل لنـــا: إني أحـــــارب في البلاد الجوعـــا قـــطِّــــعْ رؤوس المصلحــــيـــــن فـــإنهــــم يبغون منـك إلى الإلــــه رجوعـــا واملأ ســـجــــونك ثم قـــل: إني هــنـــــا لأحارب الإرهــــاب والتقطيعـــا مــــــا مـــــصــــرُ يــــا فـــرعــــون إلا حــــرةٌ تـــأبى إلى غيـــر العفـــاف نزوعـــا لـــكنهــــا سُلـــبـــت عـــبــــاءة طـــهــرهــــا وخلعتَ أنتَ حجابها لتضيعــــا وأكلــتَ أصنــاف الطعــام ومصرُ في ضنك شديدٍ لا تنــــال ضريعــــا شــرِّقْ وغــرِّبْ كـيـــف شــئـــت فإنـــنــا لا نجهــــــل التطبيــــل والتلميعـــــا أبشـر فــإن الفجــر سـوف يريــق من كأس الظلام شرابَــــك المنقوعا ولسـوف تفتح مصــرُ صفحةَ عزِّهــا ولسوف يغدو رأسُهـا مرفوعــــا فــرعــونُ لا يخــدعـــك وهـمُــك إننــي أبصرت طفلا في حماك رضيعا
الخطبة الثانية لم ترد.
| |
|