molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: جهاد المقاطعة - عبد الله بن علي الهزاني / الرياض الإثنين 30 يوليو - 5:33:45 | |
|
جهاد المقاطعة
عبد الله بن علي الهزاني / الرياض
الخطبة الأولى أما بعد: فيا أيها العبد المسلم ما أجملك حين تكونُ من أهل التقوى، وما أحسنك حينما تلبس لباس التقوى ظاهراً وباطناً، ألا فاتقوا الله عباد الله، وتمسكوا بدينكم حق الاستمساك. أيها المسلمون، يقول ربنا تبارك وتعالى: قَـٰتِلُوهُمْ يُعَذّبْهُمُ ٱللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ [التوبة:14]، وقال تعالى: وَجَـٰهِدُواْ بِأَمْوٰلِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [التوبة:41]. أيها المسلمون، والجهاد هو محاربة الكفار والمبالغة في ذلك، واستفراغ ما في الوسع والطاقة من قول وعمل، والجهاد ثابت بالكتاب والسنة، وهو واجب متحتم، وفريضة مقدسة ماضية إلى يوم القيامة على أهل الاستطاعة والقدرة من أفراد الأمة، قال القسطلاني: "هو قتال الكفار لنصرة الإسلام وإعلاء كلمة الله" وقال الكاساني: "هو بذل الوسع والطاقة بالقتل في سبيل الله عز وجل بالنفس والمال واللسان، أو غير ذلك والمبالغةُ فيه". والجهاد له أهداف وغايات سامية منها: إعلاء كلمةِ الله، ونشر دين الله، وتعبيد الناس لله دون إكراههم على ذلك، ورد اعتداء المعتدين على حمى الإسلام، وحماية الدولة الإسلامية من شر الكفار، وإظهار هيبة الإسلام في نفوس الأعداء. وأما ترك الجهاد والتكاسل عنه، مع القدرة عليه حين وجوبه، كبيرة من كبائر الذنوب، وتركه سبب للهلاك في الدنيا والآخرة، وسبب للذل والهوان والبلاء، قال رسول الله : ((إذا ضن الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة، واتبعوا أذناب البقر، وتركوا الجهاد في سبيل الله، أَنزل بهم بلاءً فلم يرفعه عنهم حتى يُراجعوا دينهم)) أحمد وإسناده حسن. أيها المسلمون، وبما أننا لم نصل بعد إلى مرحلة الجهاد بالسلاح، فإننا في الوقت نفسه مطالبون اليوم، وقبل أي وقت مضى، بأن نحقق نوعاً آخر من أنواع الجهاد والتي لا تنحصر في القتال فقط، ألا وهو الجهاد، بالمال وباللسان، فهذا النوع من الجهاد قد مدح الله أهله وأثنى عليهم، لما له من أثر ودور فاعل في تربية الأمة على التعاضد ومجاهدة الأعداء، وكذلك على تقبّل الأوامر لإلهيه والعمل بها، وكذلك تربية أفراد الأمة على التفاعل مع قضاياهم المصيرية، ونبذ الفردية والأنانية المقيتة، قال تعالى: إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ وَجَـٰهَدُواْ بِأَمْوٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ[الحجرات:15]. أيها المسلمون، لربما يسأل أحدكم فيقول: ها نحن نتبرع بأموالنا ونجاهد بها، نُصرة لدين الله، وعوناً لإخواننا عند كل مطلب لذلك، يقال لك: أيها المبارك، حسناً فعلت, وأجراً إن شاء الله غنمت، ولكنني هنا أود أن أقرر نوعاً آخر من أنواع الجهاد، وهذا النوع فيه إضرار بالأعداء، وإضعاف لهم، وإرباك لاقتصادهم، وجعلهم يفكرون ملياً في تلك السياسة البربرية الهمجية التي يتعاملون بها مع المسلمين، وهو لون من ألوان المقاومة المشروعة، التي تنقل الأمة َ بأفرادها من السلبية المذمومة، إلى الإيجابية الممدوحة، بل وفيه تربية إيمانية لأفراد أمة الإسلام، وتحررها من العبودية والتبعية لأعدائها، وهو تعبير صادق عن وحدة الأمة، وتحقيق أخوة الإسلام، وهو رسالة غاضبة إلى الأعداء على اختلاف مشاربهم، بأن المسلمين قادرون على تغيير موازين القوى، وأنهم أمة حية، لا تزيدها الن+ات والمصائب إلا صلابة وتمسكاً بدينها. أيها المسلمون، إن اقتصاد الأعداء على اختلاف دولهم وتعدد مشاربهم هو سر قوتهم، فلماذا لا نؤذيهم فيه، ونقتلهم به، ولو طال الأمد؟! نعم ـ أيها الإخوة ـ إن بأيدينا سلاحاً لم نحسن استخدامه، وربما ظن بعضنا أنه سلاح متواضع، قد لا يجدي نفعاً مع قوة العدو، ولكن التاريخ والواقع يشهدان بقوة تأثير هذا السلاح، إذا قُرن بالإخلاص لله تعالى، وحسن الظن، ودوام الثقة به، واستشعرنا مسؤوليتنا تجاه ديننا وأمتنا، وأردنا حقاً أن نؤدي عملاً يكون عزاً لأمتنا وبراءة لذمتنا أمام الله تعالى، ثم إنه من أنواع نُصرة الدين، قال تعالى: إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7]. فعلينا أن نقدم فعل الشرط لنستحق جواب الشرط في الآية. وأما شهادة التاريخ لهذا، فإن رسول الله حاصر يهود بني النضير لّمّا نقضوا العهد معه، وحاصر أهل الطائف بعد فتح مكة، وقصة المقاطعة الاقتصادية التي نفذها الصحابي ثُمامةُ بن أُثال الحنفي.. مع مشركي مكة عندما دخل في الإسلام، والقصة مبسوطة في كتب السير والمغازي، وأما شهادة الواقع فإن كثيراً من الشعوب الواعية المتفاعلة مع قضاياها، وعلى كفرها قد جربت ذلك السلاح، بوعي مع دول معادية لها فنجحت نجاحً كبيراً. إن ذلكم الجهاد المطلوب منا القيامَ به، دون توانٍ أو تخاذل أو +ل أو تردد، هو جهاد المقاطعة للمنتجات والسلع التي تُصدر إلينا من مصانع ذاتِ رؤوس أموال يهودية، ومن دول كافرةٍ تُظهر عداءها للإسلام وتُظاهر عليه، وإن كانت سياسياً صديقة، فهي شرعاً من أكبر أعداء الإسلام والمسلمين، فيجب على المسلمين وجوباً القيام بهذا النوع من الجهاد، كما قرر ذلك جم غفير من علماء المسلمين. أيها المسلمون، وإذا كنا أمةً مستهلِكة مستهلَكة, فإن هذا سر من أسرار ضعفنا يضاف إلى الأسرار الأخرى، فإن أضعف الإيمان أن نقاطع من يحاربوننا بأموالنا، ويقتلوننا بدراهمنا، ويُذلوننا بسبب ضعفنا وسلبيتنا، هذا وإن في المقاطعة فوائدَ عظيمة، تُجنى ثمارها للبلاد والعباد والاقتصاد، منها: 1) التخلص من العبودية والتبعية والهيمنة للأعداء على نمط وسلوك حياتنا. 2) ترشيد عادة الاستهلاك المفرط لدى الشعوب المسلمة. 3) حماية الصحة العامة للمجتمع المسلم، من أضرار تلك السلع المصنعة من مواد مشبوهة. 4) تحقيق الاكتفاء الذاتي. 5) توظيف أموالنا في أسوقنا خدمة لشعوبنا وقضايانا. أيها المسلمون، هذا وإن للمقاطعة أشكالاً وأنواعاً كثيرة منها على سبيل المثال: مقاطعة السفر إلى تلك البلدان التي تعادي وتحارب الإسلام وأهله، ويكفي موعظةً لذوي الحجا ما فعلوه بإخواننا الدارسين في بلادهم. أيها المسلمون، إن التجار وأصحاب الشركات، الذين يستوردون من تلك الدول الكافرة والمعادية، عليهم إعادة النظر في تعاملاتهم مع أولئك، كما أن عليهم مسؤولية عظيمة تجاه دينهم وأمتهم، فلا يكن همهم الدينار والدرهم، وأما قضايا الأمة فلا وزن لها عندهم، فعلى الجميع أن يتقوا الله تعالى، ((فإن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه)). أيها الأخ المبارك، أرجو أن تسمح لي بأن أهمس في أذنك همسة رقيقة، وهي أن أمتك تعوّل عليك أمراً عظيماً، فكن على مستوى المسؤولية والأمانة، وفكر ملياً بأنك أنت بعينك لك دور كبير تستطيع أن تفعله، فلا تقلل من حجمك ودورك ((ولا تحقِرنّ من المعروف شيئاً)) كما ورد عن النبي . كما وإنني أنبه إلى قضية أخرى لا بد منها، وهي في غاية الأهمية، ألا وهي قبل أن نقاطع السلع والبضائع من أولئك الذين يستخِفّون بنا لأننا مسلمون، وينظرون إلينا على أننا شعوب همجية، لا بد من مقاطعة الذنوب والمعاصي على اختلاف تنوعها وأشكالها، والرجوع إلى الله بالتوبة النصوح، والاعتصام به سبحانه، ليحقق لنا عز وجل ما نصبوا إليه من عزة وسؤدد يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلأرْضِ أَرَضِيتُم بِٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا مِنَ ٱلآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا فِى ٱلآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدِيرٌ [التوبة:38، 39]. بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم...
الخطبة الثانية الحمد لله العزيز الوهاب، الذي أنزل على عبده الكتاب، ليبين للناس ما نُزل إليهم وخص منهم أولي الألباب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خضعت له الرقاب، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله والأصحاب، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الحساب. أما بعد: فاتقوا الله أيها المسلمون، واعلموا أنكم لم تخلقوا عبثاً، ولن تتركوا هملاً، فقدموا لأنفسكم عملاً صالحاً. عباد الله، إن موضوع اليوم، لهو من الأمور التي ينبغي على المسلمين أن يُعيدوا النظر فيها بجد، وأن يتعاملوا معه على أنه من القضايا المصيرية للأمة، ثم إنه قد يظن البعض منكم أن الأمر صعب أو مستحيل، ولئلا أرتكب خطأ أو أُهون من هذا الأمرِ وأقول: إنه ليس صعباً في مبدئه، فأكون بذلك مجانباً لصواب، ولكني محق إن شاء الله حينما أقول: إنه ليس مستحيلاً على الرجال ذوي العزائم الصادقة، التي يدفعها الإيمان بالله والرضى بما عنده، ثم التأسي بالرعيل الأول من أخيار هذه الأمة المباركة، صحابة رسول الله ، الذين ضحوا بأرواحهم وأموالهم، وترك أوطانهم وأهليهم، دفاعاً عن دين الله، وجهاداً في سبيل الله، فمدحهم الله وأثنى عليهم، ورفع قدرهم، وحقق لهم ما وعدهم من النصر والتمكين في الأرض، وما وعدهم به في الأخرة من الجنة والرضوان، قال تعالى: إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوٰلَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلّجَنَّةَ يُقَـٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقّا فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنجِيلِ وَٱلْقُرْءانِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ ٱللَّهِ فَٱسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِى بَايَعْتُمْ بِهِ وَذٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ [التوبة:111]. أيها المسلمون، كل ذلك يدفعنا إلى أن نحقق نصراً لأمتنا، ولو ببذل اليسير ما دمنا نستطيع ذلك، فهل تنطلق عزائم الرجال من أرض الجزيرة، كما انطلقت جحافل الصحابة فاتحين ناصرين دين الله، وهل يتغلب الإيمان على الشهوة والرغبة والهوى، ولنعلم جميعاً أن للأب دور في أسرته، وللأم كذلك، وللمعلم دور في مدرسته، وللطالب كذلك، وللشباب دور كبير ومسؤولية عظمى في أمر المقاطعة، فعليهم أن لا تغريهم الدعايات، التي تروج هنا وهناك لكثير من البضائع والمطاعم المشبوهة في تصنيع مكوناتها، وذلك كل بحسب قدرته واستطاعته، وفق الله الجميع لكل خير وفلاح، وسدد الجهود للنجاح، وأعننا وإياكم على كل ما فيه عز الإسلام والمسلمين.
| |
|