molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: جهاد واستشهاد - عبد الله بن عبيد الله بن عطاء / المدينة المنورة الإثنين 30 يوليو - 5:19:55 | |
|
جهاد واستشهاد
عبد الله بن عبيد الله بن عطاء / المدينة المنورة
الخطبة الأولى أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، فتقواه دافع للمداومة على خير الأعمال، وصارف عن التسويف والإهمال، وبها يحصل المسلم على خير منال. أيها المسلمون، عظماء الأمة نجومُها الساطعة ومناراتها السامقة، يعرفهم الجميع ولو لم يحصل بينهم لقاء، ويُرهبون بمواقفهم الأعداء، ثابتون على المبدأ. إن كثر مناصروهم زادوا ثباتا، وإن قلّوا دفعهم ذلك للمضي في طريقهم بإصرار، هؤلاء هم مصابيح الدجى، وأهل الرأي السديد والحِجا. وتاريخنا الإسلامي يحفل بكثير من العظماء، فأعظم العظماء الذي تترجم سيرته ثباتا على الحقّ لا يعرف الخور وإباءً وشموخا لا يؤمن بالذلة والمسكنة سيد الشرفاء نبينا محمد . لقد اجتمعت قريش يوما بعمه أبي طالب لتطلب منه كفّ ابن أخيه عن نشر دين الإسلام والتوقف عن النيل من آلهتهم التي يعبدونها من دون الله، فعرض الموضوع على رسول الله قائلا: يا ابن أخي، إنّ قومك قد جاؤوني فقالوا كذا وكذا، فأبق علي وعلى نفسك، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق، فظن رسول الله أن عمه خاذله، وأنه ضعف عن نصرته، فقال: ((يا عم، والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته، حتى يظهره الله أو أهلك دونه)). يقول هذا وليس معه جيش ينصره، ولا قوات تحرسه، لكنها الثقة بالله جل وعلا. ولما قدم المدينة المنورة ووضع اللبنة الأولى لدولة الإسلام جاوره اليهود فيها، وهم سفلة أنذال وسفهاء ضلال، أهل غدر ومكيدة، وأحفاد للقردة والخنازير، يرون في الإسلام غولا مخيفا يرعبهم بزحفه على الأرض، فكادوا لنبينا المؤامرات المتعددة، لكن الله حفظه وحماه، وفضح صنيعهم، وكشف مخططاتهم. فمرة ألجؤوه إلى جدار ليلقوا عليه صخرة كبيرة، لكن الله أخبره بأمرهم، فقام في الوقت المناسب. ومرة أخرى سحره ساحر منهم، لكن الله عافاه وسلمه. وقدمت إحدى نسائهم لحما مسموما لكن اللحم أخبره ـ بقدرة الله ـ أنه مسموم، فلفظه عليه الصلاة والسلام من فمه، لكن أثره بقي في جسده الشريف، حتى عانى منه بأبي هو وأمي سكرات الموت. ومرة واجهوه مباشرة فقالوا: يا محمد، لا يغرنك من قومكَ ما لقيت، فإن قريشا قوم ليسوا بأهل حرب ـ يعنون قريشا في بدر حينما هزمهم النبي ـ، ولو لقيتنا لعلمت أننا نحن الناس. كل هذه المواقف لم تزده عليه الصلاة والسلام إلا ثباتا على الحق، واعتزازا بدين الله، وسعيا لإبلاغه للناس كافة. ومن بعده حرص الصحابة رضوان الله عليهم على التمسك بهديه، وحملوا لواء الرسالة للناس، لا يضرهم من خذلهم، ولا يخيفهم من جمع لهم، فمنهم من لقي وجه ربه راضيا مرضيا، ومنهم من أكرمه الله بفتح مبين ونصر عظيم. وسيبقى قطار العظماء الشرفاء والدعاة النبلاء يعج بهم حتى يرث الله الأرض ومن عليها. إذا مات فينا سيد قام سـيد قؤول لما قال الكرام فعول أحبتي في الله، مع مطلع شهر صفر الحالي لطِمت أمة الإسلام على جبينها لطمة قوية، تضاف لتلك اللطمات المتكررة من أعداء الإسلام، لطمت ـ وما أكثر ما لطمت ـ لكنها بكل أسف لم تع الدرس حتى الآن، وكأنها قد اعتادت على هذه الأمور فأصبحت باردة الدم. خطب جلل، ومأساة مُرّة مرَّ الحنظل، حدثت في أول هذا الشهر، حين قام أبناء القردة والخنازير بشن حملة شرسة ضد رجل مقعد مشلول الأطراف، لا يملك أن يغطي نفسه، ليقتلوه بدم بارد برود الثلج. لقد اغتالوا الشيخ أحمد ياسين رحمه الله، الرجل الذي ولد مهاجرا، وعاش طريدا، ومات شهيدا بإذن الله. شيخ يجلس على كرسي متحرك، لكنه يحرّك الرجال، ويغيض الصهاينة وأعوانهم. قتلوه بعد أن أدى صلاة الفجر في جماعة المسلمين. هؤلاء الأوغاد الذين أساؤوا يوم علموا أن الأمة في سباتها غارقة، وعلى بياناتها الاستنكارية عاكفة، واجهوا شيخا جاوز الستين، على كرسي متحرك، بطائرات الأباتشي، التي يصنعها لهم أصدقاؤهم. وبعد أن تأكد الطيار اللعين ورؤساؤه الخنازير وأنصارهم الوقحين شربوا نخب الفرح والانتصار، ورقصوا على رائحة الدماء ال+ية، وهم يعلمون علم اليقين أن أمة الإسلام مشغولة حتى الثمالة بدعارة ستار وأكاديميات الفسق والعار. ولزيادة النكال بنا وليضحكوا علينا أكثر فقد صرحوا جهارا نهارا أن مسلسل القتل هذا لن ينتهي، وأن كل من يريدون قتله سيقتلوه. أما كبيرهم الذي علمهم السحر فقد أعلن للملأ بكل صفاقة وقلة حياء أن قتل الشيخ ياسين من ضمن الحملة على الإرهاب!! آه ما أحر الألم!! آه ما أقسى القهر!! اللهم نشكو إليك ضعفنا وقلة حيلتنا وهواننا على الناس، إنا لله وإنا إليه راجعون، وحسبنا الله ونعم الوكيل. يـا أحمدُ الياسين إن ودعتنـا فلقد تركت الصدق والإيمانا أنـا إن بكيت فإنما أبكي على مليـارنا لمـا غدوا قطعانـا أبكي على هـذا الشتات لأمتي أبكي الخلاف المـرَّ والأضغانا أبكي ولي أمـلٌ كبيـر أن أرى في أمتي من ي+ـر الأوثانـا كرسيك المتحرك اختصر المـدى وطوى بك الآفاق والأزمانـا علمته معنى الإبـاء فلم يكـن مثل الكراسي الراجفات هوانا معك استلذ الموتَ صار وفـاؤه مثلا وصـار إبـاؤه عنوانـا قتلوا الشيخ، وهم يظنون أن أرحام الأمهات قد عقمت أن تنجب مثله. قتلوه وهم يظنون أن قتله سيقضي على الجهاد في فلسطين. قتلوه وما دروا أن الأمة ستصبح كلها أحمد ياسين. ما علم هؤلاء السفلة من يهود ونصارى أن قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار. رحم الله الشيخ ومن معه، ونسأل الله تعالى أن يرزقه منازل الشهداء، وأن يكرمه بصحبة خير الأنبياء، نبينا محمد في جنات الفردوس. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران:169-171].
الخطبة الثانية الحمد لله على قضائه، والشكر له على نعمائه، وأصلي وأسلم على خير أنبيائه وسيد أوليائه، نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليما كثيرا. أما بعد: فيا عباد الله، فما كان لليهود أن يفعلوا ما فعلوا ـ وهم أهل تاريخ في الغدر والخيانة ـ لو وجدوا الأمة موحّدة أمامهم، ما كان لهم أن يعيثوا في أرض الإسراء والمعراج فسادا لو تمسكت الأمة الإسلامية بدينها. إن كنا نريد النصر ـ عباد الله ـ على الأعداء فلنعد إلى ربنا جل وعلا، ولنكن متبعين لسنة سيدنا وحبيبنا وقدوتنا محمد . إن النصر لا يكون بالكلام، ولا يتحقق بالأحلام، لكنه نصر لله أولا في النفوس، وإيمان بالله في القلوب، فالله غالب على أمره ولو كره الكافرون. إن هذه الشرذمة القذرة ومناصريهم السفلة لن يخرجهم من أولى القبلتين إلا الجهاد في سبيل الله الذي ما تركته أمة إلا ذلت. إن هؤلاء اليهود قد طغوا وبغوا وتجبروا وتكبروا، لكن الله قادر على قطع شرهم، وسوف يؤول أمرهم إلى زوال، وستصير دولتهم للاضمحلال، لكن ذلك لن يتحقق إلا إن غيرنا ما بأنفسنا وعدنا إلى الله عودة صادقة، عندها سيتحقق وعد الله عز وجل. فاتقوا الله عباد الله، وانصروا الله في أنفسكم، وناصروا إخوانكم المسلمين بكل ما تستطيعون، ومن لم يجد شيئا فلا يتأخر عن الدعاء لهم بالنصر والتمكين، فالدعاء سلاح مضاء وسيف بتار. ثم صلوا ـ رحمني الله وإياكم ـ على سيد الشهداء وإمام البشرية جمعاء نبينا محمد ...
| |
|