molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: الحث على الاستعداد للجهاد في سبيل الله - عبد الله بن صالح القصير / الرياض السبت 28 يوليو - 9:59:33 | |
|
الحث على الاستعداد للجهاد في سبيل الله
عبد الله بن صالح القصير / الرياض
الخطبة الأولى
أما بعد:
فيا أيها الناس: اتقوا الله فيما تأتون وما تذرون، وراقبوه فإنه بصير بما تعملون، وتوبوا إليه فإنه سبحانه يحب التوابين، وأحسنوا إلى عباده فإنه لا يضيع أجر المحسنين، عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض، فينظر كيف تعملون، ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، إن الله بالغ أمره، قد جعل الله لكل شيء قدرًا.
أيها الناس: إن المسلمين اليوم في هذا الجزء من العالم أمام فتن عمياء وشدائد مظلمة، ليس لها من دون الله دافع أو مجير، فنسأله بعزته وقدرته وجبروته وقهره أن يصرف شررها، وأن يدفع خطرها، وأن يهلك بها من آثارها، فإنه سبحانه على كل شيء قدير، يقول للشيء كن فيكون، وهو سبحانه لطيف بعباده، يرزق من يشاء وهو القوي العزيز.
أيها المسلمون: إن تلك الفتن قد نسجت حلقاتها، وأحكمت خططها من قبل أعداء الله ورسله، أتباع الشيطان في الإفساد، وإشاعة الفساد، والجد وبذل الوسع في إضلال العباد: إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوٰلَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيّبِ وَيَجْعَلَ ٱلْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِى جَهَنَّمَ أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ [الأنفال:36،37]. فهي من مكرهم، مكر الله بهم. فإنه سبحانه توعدهم بقوله: وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَـٰكِرِينَ [الأنفال:30]. وقوله: فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَـٰهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ [النمل:51].
أيها المسلمون: ولقد أشعل نار تلك الفتن وأطار شررها في الآفاق؛ فئة طاغية وشرذمة باغية، اشتهرت بأشنع المآثم، وارتكاب أفظع الجرائم، زين لهم الشيطان ما كانوا يعملون؛ فارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى فسوف يعلمون، حيث اشتروا الضلالة بالهدى فبئس ما يشترون، قد ظلموا أنفسهم ومن تحت أيديهم وجيرانهم، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، رضوا لأنفسهم الهوان، إذ صاروا كلابًا لليهود وجندًا للشيطان: أُوْلَـئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَـٰنِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَـٰنِ هُمُ الخَـٰسِرُونَ [المجادلة:19].
زينت لهم أهواؤهم البغي والفساد، وقرروا أن ينشره بين العباد، فنقضوا العهود، وغدروا بالوعود، وسعوا في الأرض مفسدين، إذ روَّعوا الآمنين، وشرَّدوا المطمئنين، واستباحوا الحرمات، وانتهكوا المحرمات، ونشروا الجاهليات، وبرروا لأنفسهم بالشبهات والحجج الداحضات، وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِى قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِى ٱلأرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْفَسَادَ وَإِذَا قِيلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ أَخَذَتْهُ ٱلْعِزَّةُ بِٱلإثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ[البقرة:205،206].
أيها المسلمون: وإذا كنا في زمن تعاقدت فيه قوى الباطل وتكالبت فيه عناصر الشر، واتفقت على إزهاق الحق، وشن الغارة على أهله بغزو ديار الإسلام، وهدم حصونه الواحد تلو الآخر؛ ليعطلوا عبادة الله، ويصدوا الناس عن سبيل الله، ويقيموا فيها للكفر منارًا، ويرفعوا للباطل فيها شعارًا، لو تم لهم ما يتمنون، فكان من نتائج هذا المكر المبيَّت والكيد المنظم هذا العدوان الغاشم، وما ارتكب فيه من فظيع الجرائم في أناس لنا مجاورين، وإخوان لنا في الدين، كما تبين أننا بعدهم مقصودين مستهدفين.
فواجب علينا الاستعداد للجهاد في سبيل الله لصيانة الإسلام من عبث العابثين، والدفاع عن حرمات المسلمين، وصد كيد أعداء الدين، وقد أذن الله للمظلوم أن ينتصر، وللحق أن يظهر وينتشر ويشتهر، فشرع فريضة الجهاد في سبيله للانتصار من الظالم، ورد عدوان الإثم، وبتر يد المجرم، وحفظ حرمات وحقوق كل مسلم، قال تعالى: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَـٰتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ [الحج:39]، وقال سبحانه: وَقَاتِلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَـٰتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ [التوبة:36].
وقال جل ذكره: وَقَـٰتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدّينُ كُلُّهُ لِلهِ فَإِنِ انْتَهَوْاْ فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ[الأنفال:39]. قال تعالى: نْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَـٰهِدُواْ بِأَمْوٰلِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [التوبة:41].
واستنكر سبحانه على المتثاقلين وتوعدهم بالعقوبة في الدارين كما في قوله المبين: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلأرْضِ أَرَضِيتُم بِٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا مِنَ ٱلآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا فِى ٱلآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ % إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدِيرٌ [التوبة:38،39]. وقال تعالى: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْء وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ % وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ [الأنفال:24،25].
فالجهاد في سبيل الله حياة وعزة وكرامة، وظهور للحق وإزهاق للباطل، وسعة في الرزق، ومجلبة للخير، ومدفعة للشر، ومرضاة للرب، ومكفرة للحوب، وسعادة في الدارين وَلَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ ٱلارْضُ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلْعَـٰلَمِينَ [البقرة:251]، وَلَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدّمَتْ صَوٰمِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوٰتٌ وَمَسَـٰجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا ٱسمُ ٱللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ [الحج:40]. وقال تعالى: قَـٰتِلُوهُمْ يُعَذّبْهُمُ ٱللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَاء وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:14،15].
وكذلك قال : ((جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم)) [1]. وبشر الراغبين في الجهاد والصادقين في طلبه، حتى ولو لم يشتركوا فيه وتتهيأ لهم فرصة، فقال: ((من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه)) [2]. كما توعد المتخاذلين عن الجهاد والمعرضين عنه بقوله: ((من لم يغز ولم يجهز غازيًا أو يخلف غازيًا في أهله بخير أصابه الله بقارعة قبل يوم القيامة)) [3]، وقال : ((من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق)) [4].
والنصوص في الكتاب والسنة بشأن الجهاد وفضل المجاهدين ووعيد المتخلفين في الدنيا والآخرة أكثر من أن تُحصر أو تُسرد من على منبر.
أيها المسلمون: وإذا كنا أمة سياحتها الجهاد في سبيل الله، وهمها الفوز برضوان الله، وأنه لا حياة لنا ولا كرامة إلا بالجهاد في سبيل الله؛ فهو الذي تجتمع به الكلمة، ويتحد به الصف، وتظهر به الهيبة، وتنشر به الفضيلة، وتخفى بسببه الرذيلة، ويفرض به الحق، ويذل به الباطل وأهله.
فالجهاد في سبيل الله مرتبتان: أولهما وأفرضهما الدفاع عن حرز الإسلام وحرمات المسلمين، ورد كيد المجرمين، وعدوان الظالمين الباغين. وأكملهما وأعلاهما قتال الكفار كافة؛ حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله، وهي تلي الأولى في الفرضية، وكلاهما في سبيل الله.
فاتقوا الله عباد الله، وهبّوا للدفاع عن شعائر دين الله وحرمات عباده، وإعلاء كلمته بجهاد البغاة الطاغين، والظلمة المفسدين، وعموم طوائف الكافرين والمشركين، والمغضوب عليهم والضالين، فإن لليوم ما بعده، وإن الموت في ساحة الوغى خير من الموت تحت الذل والاستعباد وامتهان العقيدة والدين، وكما ورد ((إن الجنة تحت ظلال السيوف))[5]، فهذا يعني أنها أيضًا تحت قذف القنابل ويبن قصف المدافع، فحققوا يا عباد الله ما أراده الله منكم من طاعته، والعمل بما يرضيه، يحقق لكم ما وعدكم به من النصر والتأييد، ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ [آل عمران:102،103]. وتوجهوا إلى الله بقلوبكم، واستغيثوا به في كشف الضر عنكم، وصرف كيد أعدائكم، فما خاب عبد لجأ إلى الله، واستغاث بمولاه، ولاذ بحماه.
ألا يا عباد الله إن الأمر جد فخذوا له أهبته، والحياة كلها كبد ونهايتها الموت الذي لا ينجو منه من البشر أحد، وخير الأعمال ما جلب عزًا، وخلد ذكرًا، وكتب أجرًا. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَـٰهَدُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ ٱللَّهِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْفَائِزُونَ يُبَشّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مّنْهُ وَرِضْوٰنٍ وَجَنَّـٰتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ خَـٰلِدِينَ فِيهَا أَبَداً إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ[التوبة:20-22].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا جميعًا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.
[1] صحيح، أخرجه أحمد (3/124، 153، 251)، وأبو داود ح (2504)، والنسائي ح (3096).
[2] أخرجه مسلم ح (1909).
[3] حسن، أخرجه أبو داود (2503)، وابن ماجه ح (2762).
[4] أخرجه مسلم ح (1910).
[5] أخرجه البخاري ح (2819)، ومسلم ح (1742).
الخطبة الثانية لم ترد.
| |
|