molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: من حقوق الجار (تهنئته بالخير الذي أصابه) - عبد الله الشرقاوي / الدار البيضاء الأحد 22 يوليو - 8:04:26 | |
|
من حقوق الجار (تهنئته بالخير الذي أصابه)
عبد الله الشرقاوي / الدار البيضاء
الخطبة الأولى أما بعد:
عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، لأن التقوى خير معين بعد الله عز وجل على حل مشاكل الدنيا والآخرة قال تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره.
أيها الأخوة والأخوات في الإسلام: مازلنا مع حقوق الجار في الإٍسلام، وصلنا إلى الحق الخامس. وهو قوله في الأثر المروي عنه: ((وإذا أصابه خير هنأته)). إن إدخال السرور على قلب المسلم يعد عملاً من الأعمال الصالحة، ذلك أن المسلم يحرص كل الحرص على أن ينشر المسرة في الأماكن التي يحل بها، ويساهم في إشاعة الأنس والمودة والغبطة بين أهلها، فإدخال السرور على القلوب في إطار ما أحل الله مطلب إسلامي ندب إليه الشرع الحنيف ورغب في فعله لتكون ديار المسلمين مملوءة بالود، ندية بأنسام المسرة، عامرة بالبشر والتفاؤل، ومن أجل ذلك جعل الإسلام جزاء من يدخل السرور على قلوب المسلمين ومنهم الجيران أن يظفر بسرور أكبر وبفرح أعظم يدخله الله سبحانه على قلبه يوم القيامة. روى الطبراني في المعجم الصغير وإسناده حسن أنه قال: ((من لقي أخاه المسلم بما يحب الله ليسره بذلك سره الله عز وجل يوم القيامة)).
لكن هنا سؤال أيها المؤمنون يحتاج إلى جواب وهو بم يكون إدخال السرور على قلب المسلم الجار أو القريب أو غير ذلك؟ لو نظرنا إلى الحديث السابق وتمعنا فيه لوجدنا الجواب صريحاً واضحاً وإن كان عاماً وهو قوله : ((من لقي أخاه المسلم بما يحب الله ليسره بذلك سرَّه الله عز وجل يوم القيامة)). إنه سرور ولكن بما يحب الله وكم من المسرات الحلال يستطيع المسلم أن يحملها لإخوانه وجيرانه وأهله وأقربائه كالكلمة الطيبة والبسمة الودود، والبشرى المفرحة والمواساة المسلية والزيارة الخالصة، والإحسان الصادق وغير ذلك مما يفتح القلوب على المحبة ويحجبها عن الغل والحقد والكراهية، وإذا كان المسلم بطبيعة تربيته وتكوينه يدور في إطار من الأعمال الصالحة التي تقربه من الله زلفى وتحببه إلى قلوب الناس وكثير من الناس اليوم فهموا إدخال السرور على القلوب فهماً خاطئاً بل مخالفاً لشريعة الإسلام قد يفضي بهم إلى لعنة الله وغضبه، ويشاهد ذلك في الأفراح والولائم والأعراس، فهناك الخمر الممقوت والاختلاط المشين، والغناء الفاحش وكثرة الكلام واللغط في غير ذكر الله عز وجل، أهكذا يكون إدخال السرور على القلوب، إنه فرح ولكنه ليس في محبة الله وليست فيه محبة الله، إنه فرح سيعقبه حزن طويل إذا لم يتب أهله إلى الله تعالى.
أيها الناس: إن الإسلام يوجب على الجار المسلم نحو جاره أن يهنئه إذا أصابه خير، أي يقول له: هنيئاً لك بما أعطاك الله، ولابد أن يظهر له الفرح بهذا الخبر الذي أصابه حتى يشعر بحبك له وسعادتك بما هو فيه من سعادة، وهذا أمر طبيعي بالنسبة لكل جار مؤمن مصداقاً للحديث الصحيح: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه)).
وأفتح صفحة من صفحات الحديث الشريف الذي علمنا فيه رسول الله كيف نهنئ بعضنا بعضاً، فالإسلام لم يتركنا لتهنئة اليهود والنصارى ولا لغيرهم كما أصبح حال كثيرين اليوم، فعلى رأس كل سنة ميلادية تجد الناس يشترون الصور التي ربما عليها إشارات مسيحية مثل بابا نوبل، ويبعثون بها إلى أقاربهم وجيرانهم كأنهم ليسوا مسلمين، ولا بهذا الدين مؤمنين.
وهنا لابد من أمر هام أنبه عليه أخوتي وأخواتي المؤمنين، التهنئة في الإسلام تجدها دائماً مقرونة بدعاء وحمد حتى يكون المسلم والمسلمة دائماً متجهاً إلى الله تعالى، حتى في فرحه وسروره حامداً لربه شاكراً لأنعمه معترفاً بفضله عليه. وذلك في تعزيته وحزنه.
وإليكم معشر المؤمنين والمؤمنات أمثلة من الأدعية الواردة في باب التهنئة. فإذا رأيت جارك أو أخاك قد لبس ثوباً جديداً فهنئه بالتهنئة الواردة في صحيح الإمام البخاري وقل له: ((ألبس جديداً، وعش حميداً، ومت شهيداً سعيداً)) يا ما أجملها من تهنئة.
إذا قدم جارك من سفر سالماً فقل له: ((الحمد لله الذي سلمك، والحمد لله الذي جمع الشمل بك)) وإذا قدم من غزوة جهاد فقل له: ((الحمد لله الذي نصرك وأع+ وأكرمك))، وإذا أراد أن يسافر إلى الحج أو العمرة فقل له مودعاً: ((زودك الله التقوى ووجهك في الخير وكفاك الخصم)) وإذا رجع فقل له: ((قبل الله حجك وغفر ذنبك وأخلف نفقتك)). وإذا أراد الزواج فقل له: ((بارك الله عليك وجمع بينكما في خير)) ويقال لكل من الزوجين: ((بارك الله لكل واحد منكما في صاحبه وجمع بينكما في خير))، وليست كتهنئة الجاهلية بالرفاء والبنين. وإذا رزق بعد ذلك بمولود فهنئه بالتهنئة التي علمنا إياها رسول الله : ((بارك الله لك في الموهوب وشكرت الواهب وبلغ أشده ورزقت بره)).
فبمثل هذه التهاني الواردة في الأحاديث بالإضافة إلى المشاركة الروحية والأخوية والمالية يشعر الجار ويتأكد له إخلاصك له، ومشاركتك له في فرحته. مصداقاً لقوله تعالى: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض.
نفعني الله وإياكم. .
الخطبة الثانية أما بعد:
هذا في حالة السراء والفرح، فأما في حالة الضراء والشر فمن الواجب على الجار أن يواسي جاره وأن يحاول تخفيف آلامه وأحزانه وذلك بالآيات الكريمة والأحاديث النبوية الصحيحة والتي إن استمع إليها الجار بقلبه ربما تكن سبباً في تجمله بالصبر، بالإضافة إلى المواساة بالمال الذي قد يكون في محنته هذه في أشد الحاجة إليه. وأحب هنا أن أذكر بعض الأدعية الواردة والتي يجب على الجار أن يذكر بها جاره وأخاه إن أصابه مكروه.
وإذا خاف جارك قوماً فذكره بما روى بالإسناد الصحيح في سنن أبي داود والنسائي عن أبي موسى الأشعري أن النبي كان إذا خاف قوماً قال: ((اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم)). وبالحديث الآخر إذا خاف سلطاناً أو غيره وهو مروي عند ابن السني عن ابن عمر عن النبي : ((إذا خفت سلطاناً أو غيره فقل: لا إله إلا الله الحليم الحكيم، سبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم، لا إله إلا أنت عز جارك وجل ثناؤك))، وإذا تعثرت عليه معيشته فذكره بما رواه ابن السني عن ابن عمر عن النبي قال: ((ما يمنع أحدكم إذا عسر عليه أمر معيشة أن يقول إذا خرج من بيته: بسم الله على نفسي ومالي وديني اللهم رضني بقضائك، وبارك فيما قدر لي في حتى لا أحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت)) وإذا كان عليه دين عجز عنه فذكره بما رواه الترمذي عن علي إن مكاتباً جاء إليه فقال إني عجزت عن كتابتي فأعني قال: ((ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله لو كان عليك مثل جبل أحد ديناً أداه الله عنك قل: اللهم اكفني بحلالك عن حرامك وأعني بفضلك عمن سواك)).
هذه أيها الأخوة المؤمنون: بعض الأمثلة في التهنئة بالخير والمواساة بالشر للجار المسلم، فاتقوا الله تعالى وأشيعوها بينكم واحفظوها واذكروها بصدق وإخلاص فإنها كلام من لا ينطق عن الهوى اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك وبطاعتك عن معصيتك وبفضلك عمن سواك.
عباد الله: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا وسلموا تسليماً اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد. .
| |
|