molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: القمار - عبد الله الشرقاوي / الدار البيضاء الأحد 22 يوليو - 7:58:38 | |
|
القمار
عبد الله الشرقاوي / الدار البيضاء
الخطبة الأولى أما بعد:
عباد الله: خير ما أوصيكم به ونفسي تقوى الله عز وجل قال الله عز وجل: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون.
أيها الأخوة والأخوات في الإسلام: يقول الله تعالى في محكم كتابه من سورة النساء: يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيراً.
أيها المسلمون: من الآفات التي أصبح مجتمعنا الإسلامي يشكو منها أكل أموال الناس بالباطل، أي أكل أموال الغير ظلماً وعدوانا كالغصب والخيانة والاحتيال والخداع والغش في المعاملات والقمار. وفي هذه الآيات الكريمة ينهانا ربنا سبحانه عن أكل أموال الناس بالباطل بشتى أنواع الطرق والوسائل.
وقوله تعالى: إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم أي أن تكون تجارة حرة شريفة بعيدة عن المرواغة والغش والخداع، وقد أكدت السنة المطهرة هذا المعنى ففي البخاري عنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((من أخذ من الأرض شيئاً بغير حقه خسف به إلى يوم القيامة إلى سبع أرضين))، ويروى أيضاً عنه عليه الصلاة والسلام قال: ((من أخذ أموال الناس يريد اتلافها أتلفه الله))، ويحذر عليه السلام من أكل الحرام عموماً بقوله: ((كل لحم نبت من حرام من حرام فالنار أولى به)).
عباد الله: لقد حرم الله القمار وسماه ميسراً في قوله عز وجل: يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون.
وسبب تحريمه أنه أكل أموال الناس بالباطل المنهي عنه في الآية السابقة، وأيضاً فإنه داخل في قول النبي : ((إن رجالاً يتخوضون في مال الغير بغير حق فلهم النار يوم القيامة)).
لذلك فالميسر أو القمار هو من أكبر الكبائر، حيث قرنه الله عز وجل بالخمر والأنصاب والأزلام، والغاية من تحريمه أن الله تعالى يريد من المسلم أن ي+ب معيشته بالطرق المشروعة كالبيع والشراء والفلاحة والصناعة وسائر الحرف والمهن.
والقمار يجعل الإنسان يعتمد على الحظ والصدفة والأماني والأحلام الكاذبة، دون الاعتماد على الله عز وجل والتوكل عليه في مباشرة الأعمال الدنيوية المشروعة، هذا ومن جهة أخرى فإن الإسلام يعتبر المال الحلال له حرمة. فلا يجوز أكله بالباطل، والرسول يقول: ((كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه))، إلا عن طريق معاملة شرعية أو عن طيب نفس منه بهبة أو صدقة، أما أخذه منه غصباً عن طريق القمار فهذا هو عين الحرام وأكل المال بالباطل.
وحرم الله القمار أيضاً لأنه يورث العداوة والبغضاء بين الناس، وإن أظهروا بألسنتهم الرضا فإنهم دائماً بين غالب ومغلوب، والمغلوب وإن سكت فإنه يسكت عن حقد وعداوة شديدين.
ويحقد من خاب أمله ويعادي من فشلت صفقته، وخسرت تجارته، والخسارة تدفع الخاسر إلى المعاودة لعله يعوض في المرة القادمة ما خسره في المرة السابقة، وكذلك الغالب تدفعه نشوة الربح إلى التكرار، ويدعوه قليل الربح إلى كثيره، ولا يتركه فيؤدي ذلك إلى الإدمان على هذه الآفة وعدم التوبة منها حرصه أن يقلع ويتوب، وصاحب نادي القمار كالمنشار في كل مرة يأكل من الفريقين، وفي أكثر الأوقات كل مال المتقامرين يتجمع له، وبعد برهة ينتقل الرابح من نشوة النصر إلى غم الإفلاس والخسران، وهكذا دائماً أبداً بشكل يشد كلاً من الرابح والخاسر إلى طاولة اللعب ولا يمكنه من الإفلات عنها.
وهذه أيها المسلمون هي كارثة الميسر على الفرد والمجتمع، زد على ذلك أن المقامر مشغول عن واجبه تجاه ربه وواجبه نحو ذريته وأولاده وبيته، ولا شك أن من دخلت هذه المعاملة المنكرة قلبه فأحبها لا يتورع من أجلها أن يبيع دينه وعرضه ووطنه، فإن علاقته بهذه الكبيرة تغرس في قلبه حب المقامرة بكل شيء وحتى بشرفه وعقيدته وقومه ووطنه في سبيل +ب باطل موهوم.
وصدق الله العظيم حيث يجمع بين الخمر والميسر في آياته وأحكامه فهو سبحانه يعطينا النتيجة المترتبة عن الخمر والميسر ويبين أضرارها على الفرد والمجتمع والأسرة والوطن والأخلاق بقوله تعالى: إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون.
وفي إحدى دول الغرب توجد صخرة على شاطئ البحر تعرف باسم صخرة الانتحار يلعب المقامر على كل شيء يملكه بما فيها، زوجته وسيارته فإذا خسر طاولة اللعب صعد إلى هذه الصخرة .. لينتحر أي يقتل نفسه والعياذ بالله.
ذلك أيها المسلمون أن المقامر عديم الشرف عديم الدين عديم الضمير عديم الأخلاق. لا يتحرج عن تقديم زوجته وبناته ل+ب المال ليلعب به، ويبيع كل شيء تصل إليه يده ليقامر به حتى فراشه الذي ينام عليه، وهذه مسائل مشاهدة رأي العين في المقامرين تجده يقترض في أول الشهر وقد يسرق من طعام أطفاله كل ذلك من أجل القمار.
أخرج الإمام أحمد والطبراني وأبو داود عن النواس بن سمعان قال: قال رسول الله : ((الرجل إذا قال لصاحبه تعالى أقامرك فليتصدق)) فإذا اقتضى مطلق القول طلب الكفارة بالصدقة فما ظنك بالفعل والمباشرة.
نفعني الله وإياكم. .
الخطبة الثانية أما بعد:
عباد الله: لقد اتخذ القمار في البلاد الإسلامية صفات وألواناً متعددة، فهيئت له النوادي، وبنيت له المراكز الخاصة به، وأصبح له رواد من الأغنياء والفقراء، وكل هذا من حملات اليهود والنصارى والشيوعيين على بلاد المسلمين وأطلقوا على القمار أسماء كثيرة فسموها التيرسي. واللوتو واليانصيب، ونشروها بين أبناء المسلمين ليستغلوا بها العقول ويستولوا بها على الضمائر، فدخل القمار البلاد الإسلامية بجميع أنواعه، ولربما هناك بعض أنواع القمار محرمة في بلاد الكفار، لكن في بلاد المسلمين مباحة وأبوابها مفتوحة بكل حرية ومزدحمة بالطماعين المتكاسلين والعاطلين، فاشتغل كثير من الناس بهذه الآفة الخطيرة (القمار) وتعلقت قلوب الرجال والنساء والأطفال بالربح الخيالي الذي ينتظرونه في كل لحظة عن طريق الميسر والقمار، والمستفيد الوحيد من هذا كله هم أعداء الإسلام الذي أنشأوا هذا القمار وأشاعوه بين الناس في ديار المسلمين، والمسؤولية العظمة والعلاج الناجح يبقى وإنما بيد الأمة المسلمة عموماً حكاماً ومحكومين، رؤساء ومرؤوسين، فكم من أولاد في الشوارع من غير تربية ولا تعليم وكان سبب هذا التشريد أبوهم المقامر، وكم من نساء خرجن للبغاء والفساد بسبب القمار، وكم من أرواح أزهقت ونفوس قتلت وخاصة من الشباب الذين هم عمدة الدين والوطن بسبب هذا الداء العضال داء القمار والميسر كما سبق أن ذكرت في الخطبة الأولى صخرة الانتحار الموجودة في دولة من دول الغرب الكافر.
ألا فاتقوا الله عباد الله وأقلعوا عن هذه المعاملة المحرمة، وهذا الفعل الشنيع الذي حرمه ربنا في كتابه ورسولنا في سنته وأجمع المسلمون على تحريمه حيث يؤدي العمل به إلى أكل أموال الناس بالباطل والاعتداء على أموال الناس وغصبها، والواجب على كل مسلم أن يكسب المال من الحلال لي+به من الطرق المشروعة النظيفة الخالية من الشبهة والريبة، فالرسول يقول: ((إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً)). والقرآن خاطب الرسول عليه السلام بقوله: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً إني بما تعملون عليم.
اللهم ارزقنا الحلال وبارك لنا فيه وأبعدنا عن الحرام وأسبابه إنك ولي ذلك والقادر عليه آمين.
| |
|