molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: محاولة اغتيال الأمير محمد - عبد اللطيف بن عبد العزيز العجلان / الرياض الأحد 22 يوليو - 4:47:18 | |
|
ف
عبد الكريم بن صنيتان العمري / المدينة المنورة
محاولة اغتيال الأمير محمد
عبد اللطيف بن عبد العزيز العجلان /الرياض
الخطبة الأولى أمّا بعد: فأوصيكم ـ أيّها الناس ـ ونفسي بتقوى الله عزّ وجلّ، فاتقوا الله رحمكم الله، فمن تورّع واتَّقى فقد ارتقَى من مقاعدِ الصّدق أعلى مُرتَقى، وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنْ اتَّقَى، إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى. أيّها المسلمون، هذه البلادُ بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية هي ـ بحمد الله ومنَّته ـ مأرِز الإسلام ومنبَع الدعوة إلى الله وأمانُ الخائفين وعونُ المستضعفين، يدٌ حانية تداوي جراحَ المسلمين، تنطلق منها أعمالُ الإحسان وأنواع البرّ، هي بفضل الله مصدَر الخير بأنواعه. ولمّا تبيّن صحّة تديُّنها وصدقُ فِعالها وثمار أعمالها وقوّة رجالها وصلابةُ مواقف ولاةِ الأمر فيها وجّه إليها الأعداءُ السِّهام، يريدون تقويضَ خيامِها والعبثَ بأمنها ونهبَ خيراتها، فكالوا لها التُّهَم جزافًا، يريدون منها أن تُغيّر أو تبدِّل أو تحيد، وهيهات هيهات. لا يُقال ذلك عاطفةً أو مجاملةً، حاشا وكلاّ، ولكن يقينًا وتحقيقًا ونظرًا في الآثار والسُّنن. إنّ من يصل الرحِمَ ويحمل الكلَّ ويُ+ِب المعدوم ويقري الضيفَ ويعين على نوائبِ الحقّ لا يخزيه الله أبدًا، ومن كثُرت حسناته حسُنَت بإذن الله عاقبتُه وسلَّمه ربُّه في الدنيا والآخرة وحفظه في دينه وأهله، فنحن بإذن الله مطمئنّون بحسن العاقبة، ولن يضرَّ كيدُ الأعداء، وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا. ومن أجلِ هذا فإنّ متغيِّرات العصر ومضلاّت الفتن وتكالبَ الأعداء وتداعيَ الأكلة تدعو المسلم الغيورَ على أمّته الصادقَ في تديُّنه الناصحَ لإخوانه أن يربأ بنفسِه أن يكونَ معولَ هدمٍ في يدِ أعدائه من حيث يدري أو لا يدري، يقع في إخوانه المسلمين، يكفِّر ويبدّع، بل ويتجرّأ فيقتل ويسفِك الدماء, وإن ما حصل ليلة البارحة من استهداف لمساعد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف لاغتياله اعتداءٌ آثِم وفعل طائش وإجرام صارخ يصُبُّ في هذا السلكِ الضالّ. إنه اعتداءٌ وعدوان وإشاعَة للفوضى, ومسلكٌ رخيص فاضح, دافعُه استبطان أفكارٍ مضلِّلة وآراء شاذّة ومبادئ منحرفة، في خطواتٍ تائهة ومفاهيم مغلوطة, ولقد جمع هذا المستهدف بين محاولة قتل لنفس محرّمة وقتل نفسه، وقد قال الله عز وجل في محكم تنزيله: وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا، وقال عزّ شأنه: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا، وفي الحديث الصحيح عنه : ((لا يزال المرءُ في فسحةٍ من دينه ما لم يُصِب دمًا حرامًا))، ويقول عليه الصّلاة والسّلام: ((لزوالُ الدّنيا أهونُ عند الله من قتلِ رجلٍ مسلم)). مفاسدُ عظيمة، وشرور كثيرة، وإفسادٌ في الأرض، وتجاوزٌ على إمام المسلمين، جريمة نكراء، في طيِّها منكرات، أعمالٌ سيّئة شِرّيرة، تثير الفتنَ، وتؤخِّر مسيرةَ الإصلاح، وتخذل الدعوةَ والدعاة، وتفتح أبوابَ الشرّ أمام ألوانٍ من الصّراعات، فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله, وحسبنا الله ونعم الوكيل. إنّ الموقفَ الصّريحَ الذي لا لبسَ فيه ولا يُختَلَف عليه إنكارُ هذا العملِ الشنيع واستنكاره ورفضُه وتجريمه وتحريمه. ولْيحذَر مَن أرادَ الخيرَ لنفسه من عمَى البصيرة وتزيين الشيطان، فيرى الحقَّ باطلاً، والباطل حقًّا عياذًا بالله. أيّها المسلمون، إنّ مِن أعظمِ أسباب انحرافِ مثل هؤلاء الجهلَ والعزلةَ عن المجتمع وعدمَ أخذِ العلم من أهلِه وغفلةَ الأسرة، وإنّ في بعضِهم إعجابًا بالنّفس كبيرًا، وهذه كلُّها من الصوارِف عن الحقّ والفِقهِ وأخذِ العلم من أهله وأبوابه. معاشرَ المسلمين، وثمّةَ سببٌ في الانحرافِ كبير، ذالكم هو الوقوعُ في دائِرة الغلو, فلقد قال عليه الصلاة والسلام: ((إيّاكم والغُلوّ، فإنّما أهلك من كان قبلكم الغلوّ)). الغلوّ مشاقّةٌ حقيقيّة لهديِ الإسلام، وإعراضٌ عن منهجِه في الوسطيّة والاعتدال والرّحمَة واليُسر والرِّفق. الغلوّ ظلمٌ للنّفس وظلمٌ للنّاس، بل هو صدّ عن سبيل الله لِما يورِثه من تشويه وفتنةٍ وتنفير. الغلاةُ يتعَصّبون لجماعتِهم، ويجعلونَها مصدرَ الحقّ، ويغلُون في قادتِهم ورؤسائِهم، ويتبرّؤون مِن مجتمعاتِ المسلمين، ويكفّرون بالمعَاصي، ويكفّرون أهلَ الإسلام وحكّامَ المسلمين، ويقولون بالخروج على أئمّة المسلمين، ويعتزلون مجتمعاتِ المسلمين، ويتبرّؤون منهم، فالغلوّ والإرهاب لن يغيِّر سياسة، ولن ي+بَ تعاطفًا، بل يؤكِّد الطبيعةَ العدوانيّة والروحَ الدمويّة لتوجّهات أصحابه الفكريّة، والمشاعر والعقول كلُّها تلتقي على استنكاره ورفضِه والبراءةِ منه ومن أصحابه، ومن ثَمَّ فإنّه يبقى علامةَ شذوذٍ ودليلَ انفراد وانعزالية, وما حدث ثمرة لشجرة الغلو, وهذه الغدرة كتب الله أن لا تحيق إلا بصاحبها مصداقا لقول الله تعالى: اسْتِكْبَارًا فِي الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلا سُنَّتَ الأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً. فهذه البلاد بقادتها وحكامها لن تهتزَّ ـ بإذن الله ـ من تلك الأحداث التي تحاول النيلَ من ثوابتِها الإسلاميّة وسياستِها وسيادتها، ودولتنا واثقة من خَطوِها ثابتة على نهجِها في شجاعةٍ وصَبرٍ وحِلم وتوازُن وبُعدٍ في النّظر والرّؤية. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ. نفعني الله وإياكم بهدي كتابه، وبسنة نبيه ، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد: أيها المسلمون، اتقوا الله حق التقوى، واعلموا أن أعظم الفتن ما كان في الدين، يرى المرء أمامه سبلاً متشعّبة وفتنًا مترادفة، لا تزلزل وجدان الإنسان فحسب، لكنها تفعل فعلها في جعل حياته تضطرب مهما تحصّن، ويبقى المرء في حيرة من أمره وخشية من عاقبته. هناك من تصيبه حالة من اليأس القاتل، وآخرون يحسون أنفسهم على هامش الحياة، وصنف يلعب الشيطان برأسه، ويجلب على نفسه الوبال، نتيجة فهم قاصر، أو نقل كاذب، أو غرض فاسد، أو هوى متّبع، أو عمى في البصيرة وفساد في الإرادة. الفتن تنساق لمن لا يتوقاها انسياب السيل إلى منحدره، يقول عليه الصلاة والسلام: ((ستكون فتن، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، ومن يشرف لها تستشرفه)) أي: من تطلع إليها وتعرض لها وأتته وقع فيها. والحديث عن الفتن حديث ذو شعب لا تنقضي طرقها, الخاتمة لذلك كله هي: الوصية المبذولة لي ولكم العاصمة بإذن الله منها: اتباع الهدى وتحكيم الشرع واللجوء إلى الله بالدعاء مصداقًا لقوله عليه الصلاة والسلام: ((تعوذوا بالله من الفتن، ما ظهر منها وما بطن)). أيها الموحدون، إن المتأمل في حادثة محاولة اغتيال مساعد وزير الداخلية ـ حفظه الله ـ يجد أنها جاءت بعد الإعلان عن القبض عن خلية تعد العدة لهجمات وتفجيرات, وهذا كله ينقلنا إلى القناعة بالعمل الجاد الذي يحاصر الأفكار ومبادئها، ويحصن الأجيال من نزعات الغلو والتطرف, وتكاتف جميع مؤسسات المجتمع الإعلامية والتربوية والفكرية والأمنية للنظر في الأمر برؤية متزنة ومتعمقة، تضع النقاط على الحروف، وتكشف الأيدي العابثة داخليا وخارجيا التي تقف وراء مثل هذه الأفكار التي تضحي بالغالي والنفيس في سبل الشيطان وح+ه وأعوانه. إننا نعيش في زمن له ظروفه الخاصة ، فمطامع الغرب، وتحفز الشرق، وتصدير الفرس لثورتهم، وتوتر العلاقات العربية، تجعلنا ندرك أن استقرار وسلامة هذا البلد هي قضيتنا الأساسية التي تهون دونها كل القضايا, ولن تستقيم هذه القضية إلا بالولاء لهذا الوطن، حتى نشعر أن مستقبله هو مستقبلنا، وأن كل ضرر عليه هو ضرر علينا، فإن الحمد لله أولاً وأخرًا على سلامة أميرنا بعد أن نجاه ربنا من أيدي الغدر والخيانة, ونسأل الله جلت قدرته أن يعافي الأمير محمد ويوفقه لما يحب ويرضى، وأن يجعله من عباده المصلحين, كما نسأله أن يدحر كل من أراد سوءًا ببلادنا وأمننا، وأن يجعل تدبيره تدميرًا عليه إنه سميع قريب. فالحمد لله أولاً وآخرًا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
| |
|