محمد لبويهي
عضو جديد
الجنس : 
عدد المساهمات : 17
تاريخ التسجيل : 08/01/2010
بطاقة الشخصية
الدرجة:
   (5/5)
 | موضوع: صلاة الجمعة فضائلها وادابها - محمد لبويهي/ أقرمود  الإثنين 5 مارس - 4:34:05 | |
|
صلاة الجمعة فضائلها وادابها
محمد لبويهي/ أقرمود
الخطبة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
لليهود يوم السبت وللنصارى يوم الأحد ولنا يوم
الجمعة، هدانا الله له وأضل عنه الناس،هذه منة من الله سبحانه وتعالى لنا، يوم الجمعة سيد أيام الأسبوع اختاره الله عز وجل لنا لكي نقف فيه بين يدي الله سبحانه وتعالى.
من فضائل هذا اليوم أنه خير يوم طلعت عليه الشمس، ومن فضائله كذلك أنه اليوم الذي خلق الله عز وجل فيه آدم وفيه أدخله جنته، وفيه أخرجه منها، وفيه تقوم الساعةفي هذا اليوم تقوم الساعة، وفي هذا اليوم ساعة لايوافقها عبد مسلم يسأل الله شيئا إلا أعطاه مسألته، هذا خير كثير جدا، ساعة في هذا اليوم المبارك، في يوم الجمعة يكفر الله عز وجل به للعبد خطاياه، ويستجيب للعبد في مسائله وحاجاته، ساعة، ولكن أين هذه الساعة؟ هذه الساعة أخفيت كما يقول العلماء: أخفيت ساعة الجمعة كما أخفيت ليلة القدر، كما أخفي اسم الله الأعظم، كما أخفيت الصلاة الوسطى من أجل أن يجد العبد ويكد، من أجل أن يحرص العبد على البحث عن ساعة الجمعة، ويبحث عن ليلة القدر بإحياء العشر الأواخر والاعتكاف فيها، من أجل أن يدعو الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، من أجل أن يصيب اسم الله الأعظم، من أجل أن يحافظ على الصلوات الخمس كلها حتى يصيب الصلاة الوسطى، وهكذا ساعة الجمعة، حتى يكون يوم الجمعة بالنسبة للعبد غنيمة يبحث في طياتها عن ساعة الإجابة إذا سأل الله سبحانه وتعالى شيئا أعطاه مسألته .
ومن فضائل الجمعة كذلك أنها تكفر ما بينها وبين الجمعة الأخرى، إذا صلى العبد صلاة الجمعة فإنها تكفر له مابينه وبين الجمعة التي تليها. إذن، إذا كان هذا اليوم له هذه الآداب وله هذه القيمة وله هذا الفضل عند الله سبحانه وتعالى، وله هذه الصلاة المخصوصة صلاة الجمعة، صلاة خاصة، تخالف لصلوات في ذلك الوقت بالذات في الأيام الأخرى، تخالف الظهر في السبت والأحد والإثنين مثلا، فإذا كان ذلك فما هي الآداب التي ينبغي أن يكون عليها العبد وهو مقبل على صلاة الجمعة؟
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من غسل يوم الجمعة واغتسل، وبكر وابتكر، ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ، ومن راح في الساعة الثانية فكانما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة وطووا صحفهم وجلسوا يستمعون الذكر) عدة نصوص تدل على هذه المعاني.
إذن، من آداب هذا اليوم الاغتسال: أن يغتسل العبد غسل الجمعة كغسل الجنابة، وهذا الغسل غسل تعبدي ندب إليه الشرع، ندب إليه الرسول صلى الله عليه وسلم، ورغب فيه حتى كان في مستوى الغسل المؤكد، يعني حتى كان في مستوى السنة المؤكدة، بمعنى لايفرط فيه الإنسان ماستطاع إليه سبيلا، طبعا ليس واجبا، فإذا توضأ الإنسان وزاحمته أشغاله أو زاحمه عمله فاكتفى بالوضوء فجمعته صحيحة وصلاته صحيحة إن شاء الله سبحانه وتعالى، ولكن إن استطاع أن يغتسل ويروح ، غسلا متصلا بالرواح، ويروح إلى الجمعة فهذا أفضل لأن غسل الجمعة واجب على كل محتلم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، يعني واجب وجوب السنن، هذه هي السنة الأولى.
السنة الثانية أن يلبس أحسن ما يجد، أن يلبس ثيابه والأفضل أن تكون بيضا، الأفضل في يوم الجمعة البياض وإن كان قديما، والأفضل في العيد الجديد وإن كان غير بياض، لأن الله سبحانه وتعالى لايكلف نفسا إلا وسعها، فالإنسان لايملك أن يشتري لكل جمعة ثيابا جديدة وبالتالي يكتفي بالبياض وإن كان قديما ولكن بشرط أن يكون نظيفا ونقيا، إذن بعد الاغتسال تأتي سنة اللباس حيث يلبس أحسن ما يجد لأنه سيأتي إلى تجمع كبير من تجمعات المسلمين سيحضر في مجمع عظيم مهيب يجلس فيه الناس بين يدي الله سبحانه وتعالى فلابد أن يبعد عن نفسه الروائح الكريهة، لابد أن يبعد عن نفسه العرق الذي تنتج عنه الروائح الكريهة، لابد أن يتعاهد خصال الفطرة من أجل أن تنبع منه الروائح الطيبة.
سنة أخرى أنه يمس من طيبه إن كان له طيب ، فهذه الآداب كلها يفعلها الإنسان قبل أن يأتي إلى المسجد ، فإذا جاء إلى المسجد فإنه لايخطو خطوة إلا ويرفعه بها الله درجة ويمحو عنه بها خطيئة، يعني أن خطواتك إلى المسجد عبادة، خطواتك إلى المسجد درجات وبركات وحسنات وكفارة لخطاياك، إذن، ها هو جاء إلى المسجد ودخل، بعد الدخول إلى المسجد يجلس حيث انتهى به المجلس، فلا يجوز تخطي الرقاب، من غريب ما نراه ونشاهده في المساجد أن صاحب البيضة يتخطى صاحب البدنة، يعني المتأخر الذي كان له من الأجر مقدار التصدق بالبيضة يزاحم ويتخطى رقاب الذين جاءوا مبكرين، أي جاؤوا قبل الصلاة بساعة وساعتين وثلاث ساعات فيتخطاهم من أجل أن يجلس أمام المحراب يجلس، أن يجلس في الصف الأول، من أراد الصف الأول فليأتي في الوقت الأول، ;من جاء في آخر الوقت فليجلس حيث انتهى به المجلس.
خطأ آخر يترتب عن هذا، يكون آخر من يدخل ويريد أن يكون أول من يخرج، يتخطى الرقاب لما دخل، ويتخطى الرقاب لما أراد أن يخرج وهذا خطأ ينبغي الابتعاد عنه وينبغي أن نلين لإخواننا وأن لا نؤذيهم في رحاب الله، في ضيافة الرحمن وفي بيت من بيوت الله سبحانه وتعالى، إذن يدخل العبد ويصلي ما شاء الله، يصلي تحية المسجد ركعتين، أو يصلي ركعتين تحية المسجد ويصلي ما شاء الله من النافلة، فإذا قرأ القرآن يستمع إليه ويستفيد من قراءة القرآن الكريم، إلا أنه إذا دخل وقد خرج الإمام فلا يصلي تحية المسجد وإنما يجلس ليستمع للخطبة كما روى الإمام مالك رحمة الله تعالى عليه عن الإمام ابن شهاب الزهري يصف بذلك عمل أهل المدينة ويصف بذلك ماترك عليه الرسول صلى الله عليه وسلم أمته فيقول : (خروج الإمام يقطع الصلاة، وكلامه يقطع الكلام)، يعني: خروج الإمام من مقصورته إلى داخل المسجد وإلى المنبر يقطع الصلاة فلا صلاة بعد خروج الإمام، (وكلامه يقطع الكلام) يعني: كلام الإمام وهو الخطبة فإنه يقطع الكلام فلا يحق لأحد أن يتكلم لقوله صلى الله عليه وسلم: (ومن لغى فلا جمعة له) إذا لغا الإنسان، هذا التنصيت الذي يكرره دائما المسؤولون عن المسجد في كل جمعة،ربما بعض الناس لايفهمون المراد من هذا التنصيت ومن هذا الاستنصات الذي له أصل في الشرع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال: (استنصت الناس) بمعنى أن بلالا يقول للناس : أنصتوا رحمكم الله كي تسمعوا الرسول صلى الله عليه وسلم يلقي عليكم خطبته، قالها النبي صلى الله عليه وسلم لبلال في خطبة عرفات، واستمد منها العلماء هذه السنة الحميدة، السنة الحسنة، من أجل أن يستفيد الناس من الخطبة ومن أجل أن ينصتوا، فكانوا يقولون لهم: "أنصتوا رحمكم الله، أنصتوا رحمكم الله" لأن الإنصات من شروط صحة الجمعة، ومن لغا فلا جمعة له ... بعض الناس يقولون: لابد من تحية المسجد، وتحية المسجد والإمام يخطب سنة. نعم ورد فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لصاحبي جليل دخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، وهوسليك بن سلكة الغطفاني رضي الله تعالى عنه، قال له النبي صلى الله عليه وسلم : (صل ركعتين وتجاوز فيهما) العلماء اعتبروا هذا الحديث قضية عين، يعني أنها تخص هذا لرجل لعلة ما من العلل التي تذكر في كتب الحديث، أما الحديث الآخر الذي يقول (لابد من الجلوس إذا خرج الإمام) فهو حديث رواه الإمام أحمد في مسنده، ويقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن المسلم إذا اغتسل..) ـ تعمدت أن أنقل هذا الحديث لأنه حجة في الباب ولكي يعرف الناس أن المسألة لها نص صريح من النبي صلى الله عليه وسلم من حديث صحيح ـ يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إن المسلم إذا اغتسل يوم الجمعة ثم أقبل إلى المسجد لايؤذي أحدا ـ كما ذكرنا، يعني لايتخطى الرقاب ـ فإن لم يجد الإمام خرج صلى ما بدا له، وإن وجد الإمام قد خرج جلس فاستمع، يعني جلس ولم يقل: يصلي ركعتين ويتجاوز فيهما، وإنما قال: جلس فاستمع وأنصت حتى يقضي الإمام جمعته وكلامه. إن لم يغفر له في جمعته تلك ذنوبه كلها أن تكون كفارة للجمعة التي قبلها) الحديث رواه الإمام أحمد، وقال شعيب الأرنؤوط صحيح لغيره، يعني أن حديث الجلوس والإمام يخطب صحيح وتحية المسجد نصليها في الأوقات الأخرى التي لايكون الإمام منشغلا فيها بالفرض كما رأينا.
إذن، هذه بعض آداب صلاة الجمعة وخطبة الجمعة، فالمقصود أن يحضر الإنسان كما قال الله عز وجل لذكر الله وأن يستمع إلى الامر والنهي الذي يلقيه الخطيب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذا المنبر الذي يكون فيه الخطيب نائبا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونائبا عن أمير المؤمنين الذي هو ظل الله عز وجل في الأرض، لاينبغي أن يكون إلا لأمر الله عز وجل وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، واجتناب نهي الله ونهي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولذلك لايحق لأحد أن يرد على الخطيب لأن الخطيب يتكلم باسم الله عز وجل، بإذن من الله، بأمر من الله، ونيابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أمير المؤمنين الذي ولاه الله عز وجل أمر أمة الإسلام، إذن لاينبغي أن يكون هذا المنبر منبرا لغير ما يصلح هذه الأمة في دينها ودنياها، لابد أن يكون هذا المنبر لجمع كلمة الأمة، لجمع صف الأمة، للم شعث الأمة، لبيان فقه الأمة في دينها ودنياها ومعاملاتها، فمما نلاحظه في حياة الصحابة رضي الله تعالى عنهم أنهم يعلمون التشهد في الخطبة، يعني أنه يخطب من أجل أن يعلم الناس خطبة الجمعة، أنه يخطب من أجل أن يعلم الناس دعاء القنوت، أنه يخطب من أجل أن يعلم الناس الركوع والسجود، فلماذا غاب هذا السلوك وهذا المنهج عن بعض الخطباء منا، فكانوا يتكلمون في الشرق ويتكلمون في الغرب، ويتكلمون في الذرة ويتكلمون في طبقة الأوزون، ولكنهم لايتكلمون في الحاجا ت اليومية للمسلم التي هي عباداته، التي هي معاملات، التي هي أخلاقه، التي هي الحقوق المترتبة على ذمته لغيره، والحقوق المترتبة على ذمة غيره له، لهذا خطبة الجمعة لو استغلت استغلالا صحيحا وسليما في خطبة هادفة، وفي خطبة سليمة، وفي أدلة صحيحة لكانت كافية في توعية الأمة وتفقيهها والعودة بها إلى كلام الله عز وجل وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وإلى الجادة المستقيمة والطريقة البيضاء التي ليلها كنهارها لايزيغ عنها إلا هالك، نكتفي بهذا القدر فيما يتعلق بآداب الجمعة وفضل الجمعة وكيف ينبغي أن يصلي الإنسان صلاة الجمعة حتى يحوز الفضل الكبير عند الله سبحانه وتعالى نستودعكم الله الذي لاتضبع ودائعه ونسأل الله سبحانه تعالى أن يوفقنا وإياكم لصالح الأعمال وأن يؤدي عنا وعنكم جميع الحقوق ... والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
تفريغ درس للأستاذ الحسن إد سعيد
| |
|
