محمد لبويهي عضو جديد
الجنس : عدد المساهمات : 17 تاريخ التسجيل : 08/01/2010
بطاقة الشخصية الدرجة: (5/5)
| موضوع: قيام الليل - محمد لبويهي/ أقرمود الإثنين 5 مارس - 3:42:39 | |
| قيام الليل
محمد لبويهي/ أقرمود
الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونتوكل عليه ، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له ينادي على عباده في رأفة ورحمة ولطف وحنان فيقول جل جلاله: (يابن آدم اطلبني تجدني، فإن وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء). من طلب الله وجده، من وجد الله وجد كل شيء ومن فقد الله فقد كل شيء. من وجد الله وجد كل شيء، مافاته شيء من هذه الدنيا الفانية، ومن فقد الله فقد كل شيء ولو تجمعت الدنيا كلها بين يديه فإن القوب لايملأها ولا يسد فراغها ولا يزيل فقرها إلا الله، عندما يسكن فيها الله تسكن، وعندما تخلو من الله تضطرب وتتعذب وتتألم لأنها ما خلقت إلا من أجل أن تعرف الله. من كل شيء إذا ضيعته عوض وليس من الله إن ضيعته عوض وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك، له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق فبلغ الرسالة وأدى الأمانة وجاهد في الله حق جهاده صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطيبين وصحابته الأبرار الصادقين وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: أيها الإخوة الكرام وياأيتها الأخوات الكريمات، مازلنا مع قيام الليل الذي يحيي به الله القلوب بعد موتها، ويداوي به العقول والأرواح بعد مرضها. في هذه الظروف، وفي هذه الأوضاع، وفي ظل هذه الأحوال التي تعاني أمتنا الإسلامية فيها من أمراض القلوب ومن ضياع العقول، وضياع الدين، وضياع التوحيد، في هذه الأثناء يتقدم كتاب الله إلى العباد بتوجيهات رب العالمين أن يهتموا بهذا القرآن، وأن يخصصوا وقتا ولو قليلا من ليلهم لربهم عز وجل يتعرضون فيه لنفحات الله، يتعرضون فيه لرحمات الله، حيث تتنزل على العباد في ذلك الوقت الذي يلهو من يلهو بلوهه ويشتغل من يشتغل بمعصيته، وتقام الليالي الحمراء التي تصد الناس عن الله ، وتقام مجالس القمار التي تبعد الناس عن ربهم، عن حبيبهم، عن سيدهم وفاطرهم، تحول بينهم وبين طبيبهم، رب العالمين، في هذه الأوضاع، وفي هذه الأحوال ينبغي لأهل الإسلام أن يلتفتوا إلى كتاب ربهم وهو ينادي عليهم بقوله: "أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحظر الآخرة ويرجو رحمة ربه، هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون"، "أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما" إذا جن عليه الليل قنت لله، قام لله، أطال القيام لله، أطال الركوع والسجود لله، تبتل لله "إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيل". "أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة" يحذر الآخرة، يعلم أن له يوما بين يدي الله سيقف فيه يوم يقوم الأشهاد، سيقف فيه بين يدي ربه عز وجل يوم لا ينفع مال ولا بنون، يوم لا تنفع الدنيا كلها لو جاء بها الإنسان ليفتدي بها عند الله من عذابه، يوم لاينفع الأهل والعشيرة " يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تؤويه ومن في الأرض ثم ينجيه كلا إنها لظى نزاعة للشوى تدعو من أدبر وتولى وجمع فأوعى". في هذا اليوم العصيب ينجي الله عز وجل الخائفين منه في الدنيا، الباكين من خشيته هنا في الدنيا، أولئك الذين أطار الخوف نومهم في الليل فقاموا لله ولو ركعتين، قاموا لله ولو صلاة العشاء جماعة و صلاة الصبح جماعة، فهذا أدنى القيام، ومن قام هذا القيام فقد كتب له جزء من ثواب القائمين لله رب العالمين، يقول الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام: (من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله) فكيف بك ياأخي إذا أضفت ولو ركعتين لهذا القيام المفروض تتقرب به إلى مولاك وتنال به درجات القائمين لله يوم القيامة؟، يوم يتنافس الناس على تلك الدرجات العلى، على تلك الدرجات الدائمة الخالدة التي من أدركها يخلد فيها أبد الآبدين، لا يفوتك حظ ولو أن تقوم لربك ركعتين تخلو بالله، تطرح همومك ، تضع كل ما أثقل قلبك من هموم في هذه الدنيا بين يدي الله، تناجيه، تسجد بين يديه، تنيب إليه، تتحبب إليه، تشعر بالدنو منه والقرب منه، تشعر بأنسه سبحانه وتعالى، تشعر ببرد اليقين وحلاوة الإخلاص لأنه ليس هناك معك أحد إلا الله، ليس معك أحد إلا الله، خلوت بربك، حيث الناس قد أووا إلى فرشهم، حيث الناس قد أووا إلى ملذاتهم، إلى أكلهم، إلى شرابهم، إلى عصيانهم، إلى مجالس القمار واللهو، خلوت بربك، تتلذذ بتسبيحه وأنت ساجد "سبحان ربي الأعلى" تتمرغ بين يديه، تسأله حاجاتك، وما أكثر حاجاتك، وما أحوجك إلى ربك أن يقضي حاجاتك، تقف بين يديه تردد آيات كريمات تتأملها، تتدبرها، تزيل بها هموم قلبك، وهموم روحك وفؤادك، تصفو لك لحظات مع الله رب العالمين "أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه، هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون" لا أبدا ! هل يستوي النائمون؟ هل يستوي اللاهون؟ هل يستوي الغافلون؟ هل يستوي الساهرون على الخمر؟ الساهرون على اللهو والمعاصي؟ ويستوي القائمون لربهم؟ لايستويان مثلا! "لايستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة، أصحاب الجنة هم الفائزون" "أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا، لايستوون"، "أفنجعل المسلمين كالمجرمين، مالكم كيف تحكمون" ، كيف تسوون بين الطائع والعاصي؟، بين الخائف من ربه وبين الآمن من عذاب الله هنا؟ كيف تسوون ـ في ميزانكم ـ بين من همته في السماء؟ بين من ملأ قلبه الله وبين من مات قلبه وامتلأ بالشهوات، يقول أحد الحكماء: إذا مالليـــــــل أظـلم كابدوه ويسفر عنهم وهم ركــــــوع أطار الخوف نومهم وهم ركوع وأهل الأمن في الدنيا هجوع أهل الأمن في الدنيا هاجعون، نائمون، بل لاهون، بل عاصون، بل على مجالس القمار يتفرجون، لهم تحت الظلام وهم سجود أنين، منه تنفرج الضلوع "لهم تحت الظلام" تحت الظلام لايراهم أحد إلا الله. " لهم تحت الظلام وهم سجود أنين" أنين من البكاء. "أنين منه تنفرج الضلوع" عندما يتذكرون الجنة وحورها وقصورها ويسمعون نداء الحوراء من داخل الجنة وهي تنادي عليهم قائلة: أتخطب مثلي وعني تنــــــــــــــام ونوم المحب عليه حرام فقم في دُجى الليل وسط الظلام بقلب حزين ودمع سجام فمثلي يُزف إلى عــــــــــــــــــــابد كثير الصيام طويل القيام (أتخطب مثلي وعني تنام) أتخطب حوراء التي لو طلعت إلى الدنيا لغلب نورها نور الشمس، التي لو بسقت في البحار لحولت المياه إلى ماء عذب زلال، الحوراء التي خمارها أفضل من الدنيا وما فيها. أتخطب مثلي وعني تنــــــــــــــام ونوم المحب عليه حرام فقم في دُجى الليل وسط الظلام بقلب حزين ودمع سجام فمثلي يُزف إلى عابد... مثل الحور العين لا يزف إلى البطالين فمثلي يُزف إلى عابد كثير الصيام طويل القيام "وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما، والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما"، "يبيتون لربهم سجدا وقياما" هذه أوصاف المسلمين، وكذلك كان حال المسلمين يوم كان الإسلام مطبقا في هذه الدنيا، لم يكن ينم من المسلمين إلا الغافلون وهم قلة قليلة، أي لا ينامون عن قيام الليل، أما صلاة العشاء والصبح في جماعة فلم يكن يوجد في العصور الأولى رجل يتخلف عن صلاة العشاء والصبح في جماعة المسلمين، بهذا صلحت أمتنا ولن تصلح إلا بهذا كما قال إمام دار الهجرة رحمه الله : (لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح عليه أولها) .. فلن تصلح أمتنا إلا بما صلح عليه أولها، إذن هؤلاء كلهم ضلوا الطريق، الذين يزعمون أنهم يريدون لهذه الأمة الصلاح والإصلاح، لن يكون صلاح ولا إصلاح إلا بهذا، "وإذا قيل لهم لاتفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون" "إن الله لايصلح عمل المفسدين". فيا أيها الإخوة في الله والأخوات في الله خذوا حظكم من هذا الخير فإنما هي أيام قلائل سوف تنتهي، سوف تطوى صحائفها، سوف نرحل من دار الدنيا دار الفناء، فتزودوا فإن خير الزاد التقوى، واتقوا الله وتحببوا إليه بالقيام، واذكروه واسألوه سبحانه وتعالى التوفيق نسأله أن يوفقنا إلى ما فيه رضاه أمين والحمد لله رب العالمين. الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له هو ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله وحبيبه وصفيه من خلقه صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الأخيار الصادقين المخلصين المخلـَصين الذين أحبوا الله تعالى فأحبهم فوفقهم لما فيه رضاه، وهداهم في كل أحوالهم إلى السداد والرشاد، اللهم اجزهم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، واحشرنا في زمرتهم، واجعلنا من محبيهم وأتباعهم والسير على نهجهم يا أكرم مسؤول ويا خير مأمول، أما بعد: فيا أيها الإخوة والأخوات، إن مما ييسر لك أخا الإسلام قيام الليل ولو جزءا قليلا، ولو قدر ما تحلب فيه الشاة، ولو أن تركع لله ركعتين تتلذذ فيهما بالقرب من الله وحبه وأنسه، إن مما ييسر عليك ذلك أن تترك المعاصي بالنهار، فإذا تركت معصية ربك بالنهار وفقك للقيام بين يديه بالليل. شكا أحد الناس إلى الحسن البصري رحمه الله أنه يعد طهوره وينوي قيام الليل ولا يوَفق إلى ذلك، فقال له: يا أخي لاتعصيه بالنهار يقمك بين يديه بالليل. لا تعصيه بالنهارفإن ظللت نهارك كله تسيح في طاعته وفي النظر إلى آياته وملكوته حبب لك القيام بين يديه في الليل، وجذب قلبك إليه وعلقه به تنجذب إليه وتقوم محبا مهرولا إلى ركعيات تتقرب بها إلى مولاك، فاترك المعصية بالنهار تجد حلاوة قيام الليل بالليل. ومما يعينك على ذلك أكل الحلال، فتحرى لقمة الحلال حتى لايقسو قلبك وتتثاقل أعضاؤك عن قيام الليل فإن الأعضاء التي نبتت من حرام لايمكنها أن تتحرك في الليل لتقوم بين يديه لأنها أعضاء نبتت من حرام، وأيما لحم نبت من حرام فالنار أولى به، فتحرى لقمة الحلال فإن أي لقمة من الحلال تكفيك وتقوي عضلاتك وتتقوى بها على عبادة ربك، فإن الأمر ليس بكثرة الطعام وإنما هو بلقمة الحلال، يقويك بها رب العالمين على عبادته وعلى جهاده والدعوة إليه. مما يعينك على ذلك أيضا أن تقتصد بجسمك في أتعاب الدنيا وفي طلبها، اقتصد بجسمك لتترك فيه شيئا من القوة تستعين بها على القيام بين يدي ربك عز وجل حيث يندبك إلى هذا وينادي عليك، ثم استعن على ذلك بالقيلولة، ثم استعن على ذلك يا أخي بطلب الله والتضرع إليه والدعاء، واللجوء إليه والاضطرار فذلك هو الحل، وإن صدقتَ الله صدقك الله، قال الله عز وجل:"يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ، مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللَّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ". وقال تعالى : "فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم " ، فاصدقوا الله يصدقكم وتزودوا لداركم فإننا راحلون إلى الله وفي كل يوم نقطع مسافة إلى ربنا فإياكم أن تقطعوا هذه المسافات بلا زاد ، فخذوا في كل يوم زاد يقربكم إلى الله رب العالمين فإننا لاندري متى سنرحل إلى الله، وأهل قيام الليل هم الذين سينجيهم الله تعالى من الأهوال الكبيرة التي ستحل بالناس في هذه الدنيا يوم تأتي العلامات الكبرى، فقد ورد في الأثر أن أهل قيام الليل عندما يقومون في الليلة التي سيصبح يومها وقد طلعت الشمس من جهة المغرب حيث تظهر العلامة الكبرى من علامات الساعة، المتهجدون يقومون الليل ثم ينامون ثم يقومون ثم ينامون ثم يقومون ثم ينامون لأن تلك الليلة تطول بمقدار ثلاث ليال، ثم تطلع الشمس من جهة المغرب وإذا بالمتهجدين والقائمين لله رب العالمين قد نجوا وأما النائمون والغافلون فيفزعون إلى الإيمان، وذلك حين لاينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو +بت في إيمانها خيرا. فاللهم سلمنا، اللهم سلم ديننا، وسلم لنا عقيدتنا واحفظنا يا ربنا في هذا الدين، واحفظ لنا أعراضنا، واحفظنا في أبنائنا، واحفظنا في دينهم وإسلامهم وعقيدتهم يارب العالمين، اللهم خذ بيدنا وأصلحنا وأصلح على يدنا، ووفقنا لما فيه رضاك، اللهم أصلح لنا ديننا الذي به عصمة أمرنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر. اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا واغفر لوالدينا وآبائنا، وارحمهم كما ربونا صغارا. اللهم انصر دينك وإسلامك وعبادك المؤمنين، اللهم انصر من نصر الدين واخذل من خذل المسلمين، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك، اللهم انصر اخواننا المجاهدين في سبيلك، اللهم انصرهم ياربنا في فلسطين وفي الشيشان، وفي كشمير ،وفي اريتريا، وفي جميع بلاد المسلمين يارب العالمين، اللهم انصرهم وأيدهم ووفقهم وسددهم، اللهم أيدهم بتأييدك، اللهم اجعل جهادهم خالصا لوجهك الكريم، اللهم عليك باليهود وأتباعهم وأنصارهم وأشياعهم، اللهم عليك بهم فإنهم لايعجزون قدرتك، اللهم دمرهم تدميرا، اللهم زلزل الأرض من تحت أقدامهم. تفريغ خطبة للأستاذ عبد الله بلمدني
| |
|