فصل الاستفهام المتكرر

من طرف محمد لبويهي

فصل الاستفهام المتكرر

قال ابن بري: (فصْلُ وَالاِسْتِفهَامُ إن تكَرَّرَا **فصَيِّرِ الثانِيَ مِنهُ خَبَرَا)
(وَاعْكِسْهُ في النَّمْلِ وفَوْقَ الرُّومِ ** لِكَتْبِهِ باليَاءِ في المَرْسُومِ )
أشار إلى مذهب الإمام نافع في الاستفهام إن تكرر ، وهو من باب الهمزتين المجتمعتين في كلمة واحدة ، الأولى للاستفهام والثانية همزة قطع م+ورة ، والاستفهام متكرر في نفس السياق ، وقع ذلك في أحد عشر موضعا في تسع سور من القرآن الكريم ، وكلها يجتمع الاستفهامان في آية واحدة سوى في سورتي العنكبوت والنازعات جاء الاستفهامان في آيتين ، والمواضع هي :
1) { وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَا.ذَا كُنَّا تُرَابًا إنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ۗ ... } الرعد/5
2) { وَقَالُوا أَا.ذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا} الاسراء/49
3) { ... وَقَالُوا أَا.ذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا } الاسراء /98
4) { قَالُوا أا.ذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا إنَّا لَمَبْعُوثُونَ } المومنون/82
5) { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَائِنَّا لَمُخْرَجُونَ } النمل/67
6) { وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ
أائِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ ۖ..} العنكبوت/28ـ29
7){ وَقَالُوا أَا.ذَا ضَلَلْنَا فِي الارْضِ َإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ۚ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ
كَافِرُونَ }السجدة/10
{ أا.ذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ } الصافات/16
9) { أا.ذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا َإِنَّا لَمَدِينُونَ } الصافات/53
10) { وَكَانُوا يَقُولُونَ أَائِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا إنَّا لَمَبْعُوثُونَ } الواقعة/47
11) { يَقُولُونَ أا.نَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ * إِذا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً } النازعات / 10ـ 11
اختلف القراء في هذه المواضع الإحدى عشر بين القراءة بالاستفهام أو بالخبر ، فمنهم من قرأ بالاستفهام أول الكلام وآخره ، ومنهم من قرأ بالخبر في الأول والاستفهام في الثاني ومنهم من قرأ بالاستفهام في الأول والإخبار في الثاني ، ومنهم من له استثناءات في بعض المواضع .
و مذهب إمامنا نافع في الاستفهام إن تكرر ، هو ما أشار إليه ابن بري بقوله : (فصيِّرِ الثانيَ منه خَبَرا )
أي أنه يقرأ بهمزتين على الاستفهام في الأول ( أَ.ذَا كُنَّا ) وبهمزة واحدة على الخبر في الثاني ( إنَّا لَفِي ).
ثم قال : ( واع+ه في النمل وفوق الروم ) أي أنه استثنى من ذلك موضعين ، فع+ قاعدته ، في موضع سورة النمل وفي موضع سورة العنكبوت ، وهي السورة التي قبل سورة الروم وهو معنى قوله : ( وفوق الروم ) فقرأ في الأول بهمزة على الخبر( إِذَا كُنَّا )( إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ )، وبهمزتين على الاستفهام في الثاني في الموضعين أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ )، ( أئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ) .
وهو على أصله بتحقيق الهمزة الأولى وتسهيل الثانية ،أي الإمام نافع ، وأدخل قالون بينهما ألفا على أصله، أي بين الهمزة المحققة والمسهلة : ( أا.ذَا ) . وأما ورش فلا يدخل بين الهمزتين ألفا، فيقرأ بهمزة محققة بعدها همزة مسهلة (أ.ذَا).
ثم قال : ( لكَتْبِه بالياء في المرسوم ) أي سبب استثناء موضعي الروم والعنكبوت وع+ِِ القاعدة بعد ثبوت الرواية ، هو رسم هذين الموضعين بالياء في المصاحف العثمانية ،أي توجد صورة الهمزة :{ أئنا } { أئِنَّكُمْ } بع+ المواضع الأخرى فلا توجد صورة للهمز : { إذا } { إنا }، وذلك لتحتمل القراءتين أي القراءة بالاستفهام والقراءة بالخبر .
والله تعالى أعلم
الرباط : رمضان / 1431 ــــــ غشت / 2010
الدكتورة : نعيمة غنام
شرح أرجوزة : ( الدرر اللوامع في أصل مقرإ الإمام نافع )

مشكور اخي