molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: حوادث السيارات - عبد العزيز بن محمد القنام / وادي الدواسر الأحد 12 فبراير - 4:04:12 | |
|
حوادث السيارات
عبد العزيز بن محمد القنام / وادي الدواسر
الخطبة الأولى
أما بعد:
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله رحمكم الله استيقظوا بقوارع العبر، وتفكروا في حوادث الغير، ففي تقلبات الدهر معتبر، وفي طوارق الأيام مزدجر.
وتدبروا مواعظ السنة والكتاب فإنهن صوادق الخبر فتزودوا بزاد التقوى.
أيها المسلمون، إن الحياة السعيدة والعيش الرغيد قوامها ظلال الأمن الوارف بعد الإيمان بالله عز وجل: ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَـٰنَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ ٱلاْمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ [الأنعام:82]، الأمن هو الأساس الذي يقوم عليه استقرار المجتمعات ورخاء الشعوب فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ ٱلَّذِى أَطْعَمَهُم مّن جُوعٍ وَءامَنَهُم مّنْ خوْفٍ [قريش:3، 4].
إن المتأمل يدرك أن الأمة تتعرض في حياتها لمتاعب ومشقات بعضها هين يسير وبعضها ثقيل عسير، ولكن الكيان يتزلزل حين تسترخص الدماء وتزهق الأرواح. فالحفاظ على الأرواح من أغلى المطالب إن لم يكن أغلاها.
والإنسان أكرم المخلوقات على الله، خلقه وكرمه وفضله وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى ءادَمَ وَحَمَلْنَـٰهُمْ فِى ٱلْبَرّ وَٱلْبَحْرِ وَرَزَقْنَـٰهُمْ مّنَ ٱلطَّيّبَـٰتِ وَفَضَّلْنَـٰهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً [الإسراء:70].
والنفس الإنسانية ليست ملكاً لصاحبها، وليست ملكاً لأحد من الناس وإنما هي ملك لله وحده ومن أجل ذلك حرم سبحانه الاعتداء عليها حتى من قبل صاحبها وَأَنفِقُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ [البقرة:195]، وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً [النساء:29].
مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِى إِسْرٰءيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى ٱلأرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَـٰهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً [المائدة:32].
ومع وضوح ذلك وجلائه لكن المؤسف أن من أبناء المسلمين من يمارس أفعالاً تلقي بالنفس إلى التهلكة، ترى أرواحاً تزهق، ونساء تترمل، وأسراُ تفنى، وأطفالاً تيتم، وأمراضاً مزمنة وإعاقات مستديمة، ترى منشآت تهدم، ومنجزات تتلف، وآلاف الملايين من الدراهم تهدر، فواجع تصل إلى حد الهلع، وخسائر تصل إلى حد الإفلاس.
أطفال في مستقبل الحياة وشباب في نضرة العمر، ما حاله وقد فقد عائلته، وما حال المرأة وقد فقدت من يرعاها وأطفالها. وما حال الوالدين وقد زهقت روح شابهما اليافع وحبيبهما الأمل، ما حال الأسرة وقد حل بها معاق، علاجه مكلف، والكد عليه مرهق، أصبح مقعداً عاجزاً عالة على أهله ومجتمعه ودولته، حسرة في القلوب، بسبب ماذا كل هذا؟ بسبب فعل متهور، وتصرف طائش وعمل غير مسؤول.
ماذا يبقى إذا هانت الأرواح واسترخصت الدماء، وإلى أي هاوية هؤلاء ينحدرون، لقد فاضت نفوس +ية ودماء بريئة.
فمتى يهتدي الضالون، ومتى يستفيق الغافلون، كل هذه المصائب، وكل هذه المآسي راجعة إلى الإخلال بحق الطريق والتفريط في آداب المسير والإهمال في قواعد المرور.
فالطريق لم يوضع من أجل أن يتصرف فيه الضالون بسياراتهم كيف يشاؤون، متجاوزين الخلق الحسن.
إن الطريق هي مسالك الناس إلى شؤونهم ومعابرهم، إلى قضاء حوائجهم، وهي دروبهم في تحركاتهم، وتحصيل منافعهم، هي سبيلهم إلى أسواق التجارة و+ب المعاش، وهي منافذهم إلى المعاهد والمدارس ودور العلم والمساجد، وكل أنواع الحركة والتنقلات.
أيها المسلمون، إن رعاية حق الطريق وأداء حقه والالتزام بآدابه من أوضح ما اعتنى به ديننا الحنيف، فأعطوا الطريق حقه راجلاً أو راكباً، فلا بد من الاطمئنان على حسن القيادة، وفقه الأنظمة وإدراك التعليمات، ودقة الالتزام بها وَلاَ تُصَعّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِى ٱلأرْضِ مَرَحاً إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ وَٱقْصِدْ فِى مَشْيِكَ وَٱغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ ٱلاْصْوٰتِ لَصَوْتُ ٱلْحَمِيرِ [لقمان:18، 19].
أيها الإخوة، إن حوادث الطرق حرب مدمرة بمعدات ثقيلة تنزف بها الدماء وتستنزف فيها الثروات، حرب معلنة ليس فيها إلا كاسب واحد، هو الإهمال وضعف التربية ونقص الوعي والتخلي عن المسؤولية.
ولن يكون فيها الانتصار بإذن الله إلا إذا أعلن الجميع حالة النفير، فما تستقبل المستشفيات والمقابر وما تحتضنه ملاجئ الأيتام ودور الرعاية الاجتماعية، كل ذلك أو جله ضحايا التهور وعدم المسؤولية، قطع للأيادي، وبتر للأرجل، و+ر للعظام، موتى ومشلولون ومقعدون في صور مأساوية يصحبها دموع وآهات وتقلبات وأنّات.
مركبات متنوعة، ووسائل نقل متعددة، يُساءُ استخدامها، ويقودها من لا يقدرها حق قدرها فتحصد الأرواح، وتهدم الممتلكات.
نتائجها هلكى ومعاقون وعجزة، يهلكون أنفسهم ويرهقون اقتصادهم، ويبقون عالة على مجتمعهم ودولتهم.
لقد نشرت إحدى الصحف المحلية إحصائية للحوادث المرورية في المملكة منذ عشر سنوات ماضية، عدد القتلى (خمسة وثلاثون ألفاً وسبعون وثلاثون قتيلاً، وعدد المصابين مائتان وأربعة وثمانون ألفاً وثمانمائة وتسعة وستون مصاباً).
هذه الأرقام خلال السنوات العشر الماضية بمعدل قتيل وثمانية مصابين كل ساعتين.
كما ذكرت الجريدة نفسها أن الحوادث المرورية في المملكة تكلف سنوياً أكثر من ثمانية عشر ألف مليون ريال، شملت الخسائر المادية في الممتلكات العامة والخاصة، والناتجة عن الحوادث، وكذلك تكاليف العلاج في المستشفيات، والمدة التي يقضيها المصاب في المستشفى، وكذلك الخسائر الناتجة من التلف في المرافق العامة مثل الطرق والأرصفة والإشارات المرورية والسياجات المعدنية والأشجار وغيرها.
فيا أخي، تفكر في تلك الأرقام وضخامتها، إنها خسارة فادحة على الأمة الإسلامية أن تفقد هذه الأعداد الهائلة من الأنفس، ولا شك أن هذا قضاء الله وقدره، ولا ريب في ذلك.
ولو شئت لأقسمت باراً غير حانث أنه ما من أحد من الحاضرين معنا الآن إلا وله قريب أو حبيب أو صديق أو نسيب أو معرفة قد ذهب ضحية حوادث السيارات إما بموت أو إعاقة أو جراحة أو خسارة في نفسه وماله، فهلا كان ذلك باعثاً على التأمل والاعتبار؟ إلى هذا الحد تساهلنا بأرواحنا في هذا المضمار.
لقد جاد أصحاب محمد بأنفسهم عن طوع واختيار لا عن كره واضطرار، ولكن في غير هذا المضمار، بل في نصرة العزيز الجبار، جاهدوا مع نبي الله عشرة أعوام في أرض المعارك، وقتل منهم في سبيل نشر الدين وإعلاء كلمة الله عدد كبير، لكنهم أقل من حوادث السيارات في أعوام عشرة، في بلد واحد من بلاد المسلمين اليوم.
إن ضحايا غزوة بدر وأحد والخندق وهي من معارك الإسلام الفاصلة، لا يتجاوزون مائة شهيد عامتهم في أحد، وهم سبعون شهيداً.
فبدر يوم الفرقان، يوم التقى الجمعان، وأحد تلك المدرسة الإيمانية والعسكرية والتربوية العظيمة، أنزل الله في شأنها تسعاً وخمسين آية، والخندق التي قال النبي فيها: ((بعدها اليوم نغزوهم ولا يغزونا)).
فما جرؤوا على غزوة بعدها، كل هذه المعارك لا يتجاوز حصيلة شهدائها مائة شهيد، ومثلها فتح مكة، وغيرها كثير.
إن أول درس يجب أن نعيه من هذه الأرقام ونتساءل: لماذا كل هذه الأرقام وكل هذه الضحايا، ومن المتسبب فيها، وهل المتسبب يأثم عند الله إثم قاتل النفس الوارد في قوله تعالى: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً [النساء:93].
وهل من تسبب في قتل نفسه يلحقه الإثم الوارد في قوله : ((من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يُجاء بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً أبداً)).
وهل من قتل في هذه الحوادث مظلوماً بخطأ مروري اقترفه غيره، هل يشمله قوله حين عد الشهداء من أمته وذكر منهم بقوله: ((والهدم شهيد)) ومهما يكن من شيء فإن الذي ينبغي أن نعيه ويعيه كل مسلم عاقل هو مسؤوليته أمام الله عن نفسه التي بين جنبيه.
إن نفسك يا عبد الله أمانة عندك، لا يحل لك إزهاقها، فمن فعل فقد أتى جرماً عظيماً ينال عليه في الآخرة عذاباً أليماً، إلا أن يتوب كما قال : ((إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد)) أي والله لقد بلغت، ولكن أين من يتعظ.
صح عنه : ((لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة)) فتأمل يا عبد الله، كم من الآثام ستجني حين تفرط في أسباب السلامة.
فينتج من تفريطك قتل نفس بغير حق، أو إتلاف للأملاك، أو الأموال الخاصة أو العامة، وكلها مما حرم الله إتلافه بغير حق، وكم من الحسرة ستلاحقك طوال حياتك، إن كان قلبك حي، إن تسببت في قتل نفس.
نعم إن ما قدره الله لا بد أن يكون، ولكن حين يقع القدر وقد عملت الأسباب، يرحمك كل محب ويشفق عليكم كل صديق ويعوضك الله خيراً، فعليك أن تتقي قدر الله بقدر ما تملك وتستطيع، وليس عليك بعد ذلك رد قضاء الله، والأصل في ذلك قول رسول الله : ((اعقلها وتوكل)).
نسأل الله جلا وعلا أن يجعلنا من عباده المؤمنين الذين يمشون على الأرض هوناً.
ألا فاتقوا الله رحمكم الله، والتزموا آداب دينكم، فالسير الآمن مقصد من مقاصد الشريعة، ووصف بارز من صفات عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً.
والرفق يا عباد الله، أدب رفيع من الآداب النبوية التي تحث على الرفق في الأمر كله، قال : ((إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله)) ويقول : ((إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه)) ويقول : ((إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه)) رواه مسلم، ويقول : ((من يُحرم الرفق يحرم الخير كله)) فينبغي لكل مسلم أن يتصف بالرفق والهدوء في أموره عامة وفي قيادته للسيارة خاصة.
فالسرعة لا تحقق لصاحبها شيئاً، فإن كان مقصده من السرعة تدارك أمر يخشى فواته، فلربما يفوت أموراً كثيرة، وليس أمراً واحداً.
رحم الله القائل:
قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل
فاتقوا الله يا عباد الله في أنفسكم وفي أولادكم، والتزموا بحفظ نظام السير وتعاونوا مع كل مسؤول عن مصالح المسلمين، وتعاونوا على البر والتقوى ليحصل بذلك الأمن والسلامة لجميع المسلمين.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي بيده الفضل، من شاء أعطاه، ومن شاء منعه، فلا رافع لمن خفضه، ولا خافض لمن رفعه.
أحمده وأشكره على مزيد نعمه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الذي له العزة والبقاء والعظمة، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الهادي إلى سبيل النجاة والمحذر من طريق الهلاك، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه عدد المتحركات والجامدات من الشجر والحجر والبشر، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فيا عباد الله، إن كثيراً من المسلمين هداهم الله ومنّ عليهم بالهداية والتوفيق يتساهلون في جعل السيارات بأيدي صغار أبنائهم، وكلّوها إلى قوم صغار السن أو صغار العقول، تجده يقود السيارة وهو صغير السن لا يكاد يُرى من نافذتها، وتلك مصيبة، يرتكبها الذي يسمح لهذا الصغير بالقيادة، ومن هو ضحيتها؟ إن ضحيتها المارة في الأسواق، إن ضحيتها الذين يقعون موتى، أو هلكى، أو مصابين من جراء تلك الحوادث، فإن ذلك أمر لا يليق ولا ينبغي بل لا يجوز شرعاً.
ولو تأملنا حقيقة مقاصد الشريعة التي من أهم مقاصدها حفظ الأبدان والأرواح، فإن ذلك مما يهلك الأبدان والأرواح، وإن حبس الصغار عن القيادة وإن منعهم عنها، حتى يصلوا إلى سن قانونية، تسمح لهم بقيادة السيارة، وبعد معرفة أنظمة المرور في البلاد، وبعد معرفة التعامل المتزن الدقيق مع هذه الآلة، وبعد ذلك لا بأس به.
أما أن تيسر السيارة لكل من طلبها صغيراً أو متهوراً أو مجنوناً أو عاملاً لا يجيد القيادة فإن ذلك يفضي إلى هلاك الأنفس، وكم حادث وفاة كان من جراء طفل صغير انطلق بسيارته فدهس بها طفلاً صغيراً في الشارع، أو دهس بها رجلاً عجوزاً في السبيل، وما ذلك إلا تهاون وتفريط، والمسؤولية تقع على من سمح لهذا الولد أو غيره من المتهورين بالقيادة.
فيا عباد الله لا تهلكوا مع الهالكين وعليكم بأسباب السلامة التي هي الرفق والانتباه للطريق واليقظة الدائمة مع الاعتماد على الله، والمحافظة على الأنفس والأموال، والتزام الأدب والطمأنينة واتباع أنظمة المرور، حتى لا تكون أنت المتسبب في إزهاق نفس كانت على الوجود، ثم إذا فقدت بهذه الحوادث لزم من ذلك:
أولاً: إخراج هذا الميت من الدنيا وحرمانه من التزود بالعمل الصالح والاستغفار من العمل السيئ.
ثانياً: فقد أهله وأصحابه بالتمتع معه في الحياة.
ثالثاً: ترمل زوجته وتيتم أولاده إن كان ذا زوجة وعيال.
رابعاً: غرامة ديته تسلم إلى ورثته إلا إذا عفا أهله عنها.
خامساً: وجوب الكفارة حقاً لله تعالى، فكل من قتل نفساً خطأ أو تسبب لذلك أو شارك فيه فعليه الكفارة، فلو اشترك اثنان في حادث وتلف به شخص، فعلى كل واحد منهما كفارة كاملة، والكفارة عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد كما هو الواقع في عصرنا، فصيام شهرين متتابعين، لا يفطر بينهما يوماً واحداً إلا من عذر شرعي، فإن أفطر قبل إتمامهما ولو بيوم واحد من دون عذر وجب عليه أن يبدأ بالصوم من جديد، وهذه الكفارة حق الله تعالى لا تسقط بعفو أهل الميت عن الدية، فأهل الميت إذا عفوا عن الدية إنما يملكون إسقاط الدية إن رأوا في إسقاطها مصلحة.
وأما الكفارة فلا يمكن إسقاطها لأنها حق الله عز وجل، وهذه الكفارة أيضاً تتعدد بتعدد الأموات بسبب الحادث، فإن كان الميت واحداً فشهران، وإن مات اثنان فأربعة أشهر، وإن مات ثلاثة فستة أشهر، وهكذا عن كل نفس يصوم شهرين متتابعين.
فاتقوا الله أيها العباد في أنفسكم وفي إخوانكم وأموالكم، واتقوه بطاعة ولاة أمركم إذا أمروكم بما فيه صلاحكم وسبب سلامتكم.
واعلموا أن مخالفة نظام الدولة ليس مخالفة لبشر فقط، ولكن مخالفة للبشر ولخالق البشر، وأعلم أخي المسلم أن رجل المرور واحد من ولاة الأمور، وولاة الأمور مقرونة طاعتهم بطاعة الله ورسوله، يقول الحق تبارك وتعالى: يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِى ٱلاْمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59]، فرجل المرور أو ضابط المرور من أولي الأمر تجب طاعته فيما يأمر به، وينهى عنه، ما لم يكن ذلك الأمر والنهي في معصية الله ومعصية رسوله .
هذا وصلوا على خير البرية ومعلم البشرية النبي المجتبى والرسول المصطفى، كما أمركم بذلك ربكم جلا وعلا في قوله: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً [الأحزاب:56].
| |
|