molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: احترام الكبير - عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ / الرياض الجمعة 23 ديسمبر - 5:46:10 | |
|
احترام الكبير
عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ / الرياض
الخطبة الأولى
أمّا بعد: فيا أيّها الناس، اتقوا الله تعالى حقَّ التقوى.
عبادَ الله، في شريعتِنا الحنيفيّة السّمحة أخلاقٌ عالية وأدَبٌ عظيم وفضائلُ عِدّة، لكنّ المصيبةَ غفلةُ كثيرٍ من المسلمين عن هذه الأخلاقِ والِقيَم وتناسيهم لها وعدم عَمَلهم بها، فينشأ النشءُ من غير أن يقيمَ لتلك الأخلاق وزنًا، وكان المطلوبُ منا جميعًا أن نربِّيَ نشأنَا التربيةَ الإسلاميّة الصحيحة على الأخلاقِ الإسلامية والقِيَم الإسلامية التي يسعدُ بها الفَرد في حياته وآخرته.
شريعةُ الإسلام جاءت بما يقوِّي الروابطَ بين أفراد المجتمَعِ صغيرِه وكبيره، غنيِّه وفقيره، عالِمِه وجاهِله. جاءت بما يقوِّي تلك الأواصرَ حتى يكون المجتمع المسلِم مجتمعًا مثاليًّا في فضائلِه وقِيَمه، وفي شريعة الله كلُّ خير وهدًى، يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [يونس:57].
أيّها المسلم، من تِلكُم الآدابِ العظيمة ما جاءت به الشريعةُ مِن حثِّ الصغار على احترامِ الكِبار وأمرِ الصّغار بإجلالِ الكِبارِ وتعظيمِهِم والرِّفقِ بهم وعَدمِ التّطاوُل عليهم أقوالاً وأفعالاً. هذه شريعةُ الإسلام تدعو المسلمَ إلى أن يكرِمَ أخاه المسلمَ الذي تقدَّمَه سِنًّا وسبقه في هذه الحياةِ، تدعوه إلى أن يحترمَه ويكرِمَه ويراعيَ له كِبَرَه وسابِقَتَه في الإسلام، فيجِلّ الكبيرَ ويحترمه، ويعرِف له قدرَه ومكانته، والكبيرُ مأمورٌ برحمةِ الصِّغار والعطفِ عليهم والرِّفق بهم والإحسانِ إليهم. هذه المنافعُ المتبادَلَة بين أفرادِ المجتمَعِ المسلِم تثبِّت أواصِرَ الحبِّ والوئام بين الجماعةِ المسلمة.
أيّها المسلم، إنَّ نبيَّنا محمَّدًا حثَّنا على هذا الخلقِ الكريم ورَغَّبنا فيه، فأوّلاً: يبيِّن لنا نبيُّنا أنَّ مَن أحسن إلى الكبيرِ في الدنيا هيَّأ الله لذلك المحسِنِ عند كِبَر سنِّه ورقَّةِ عَظمه من يجازيه بهذا العمَلِ الصّالح، فيقول : ((مَا مِن مسلمٍ يكرِم ذا الشَّيبةِ إلاَّ قيَّض الله له من يكرِمه في سِنِّه))[1]، فإذا أكرمتَ ذا الكِبَر لسنِّه قيَّض الله لك في حياتِكَ من يجازيك بمثلِ ما عمِلتَ، فيكرمُك ويحسِن إليك.
ونبيُّنا يخبرنا أنّ إكرامَنا لمن هو أقدمُنا سِنًّا أنّ ذلك من تعظيمنا لربِّنا وإجلالنا لربِّنا، يقول : ((إنَّ مِن إجلالِ الله إكرامَ ذي الشَّيبةِ من المسلمين وحامِلِ القرآن غيرِ الغالي فيه والجافي عنه وذي السلطانِ المقسِط))[2]، فمن إجلال الله أن تكرمَ هؤلاء الثلاثة: ذو الشيبةِ من أهل الإسلام، تكرِمه، ترحَم كِبَره، تخاطبه بخطابٍ ليِّن، تقضي حاجتَه، تعينه على نوائِبِ الدنيا، تعرِف له كِبَره وضعفَ قوّته وعجزه عن التصرُّف، فكلُّ هذه الأمور تكون في فِكرِك، فتعامِل ذا الشّيبةِ المعاملةَ الطيّبة التي تنمّ عن رحمةٍ وأدَب حسَن. ثانيًا: من كان حامِلاً لكتابِ الله الحملّ الشرعيَّ، ليس غاليًا فيه، فإنّ الغالي في القرآنِ يخرج به غلوُّه عن المنهَج والطريق السويِّ كما خرج بفرقةِ الخوارج الذين ساءَ فهمُهم للقرآن وقَلَّ وعيُهم وإدراكهم حتى استحلّوا دِماءَ المسلمين، كفَّروهم واستحلّوا دماءَهم وأموالهم، والغالي في القرآن تراه متكبِّرًا على غيره مكفِّرًا لغيره معتقِدًا ضلالَ غيره بلا فِكرٍ ولا رَأي مُصيب، أو الجافي عنه الذي حمَله فعطَّل العملَ به ولم يقم بحقوقِه، عافانا الله وإيّاكم من ذلك. وذو السلطان المقسِط العادِل تكرمه لإمامتِه وقيامِه بشأن رعيَّته.
أيّها الشابّ المسلم، في شبابِك حيويّة وقوّةٌ شبابيّة، ترى نفسَك وأنت ممتَّع بسمعك وبصرِك وسائرِ قوَّتك، يمرُّ بك ذو الشّيبة من المسلمين فما ترعى له حقًّه، لا تسلِّم عليه أحيانًا، ولا تقدِّر له قدرَه، وربما ضايقتَه في الطريق، وربما سخِرتَ منه، وربما استهزأتَ به، وربما عِبتَه، وربما قلتَ وقلت.
أيّها الشابّ المسلم، ولئن كنتَ ممتَّعًا الآن بقوَّتك فتذكَّر بعد سنين وقد ضعُفت تلك القوّة وعُدتَ إلى ضعفِك القديم، اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ [الروم:54]، لئن كان هذا المارُّ بك شيبةً قد أمضى سنينَ عديدة فاعلم أنّك بمضيِّ السنين ستكون حالُك مثلَ حالِه. إذًا فأكرِم ذا الشيبةِ، واعرف له قيمتَه ومكانته، إيّاك أن تستطيلَ عليه بلسانك احتقارًا له وسخريّةً به، إيّاك أن تترفَّع عليه لكونِك ذا علمٍ وفِقه وثقافة فترى ذا الشيبةِ أقلَّ شأنًا من ذلك، بل تزدريه وتحتقِره لعلمك وحيويَّتك ولكِبَره وقد يكون لجهله، إيّاك أن يغُرَّك جاهك أو يخدعَك منصِبك أو يغرّك كثرةُ مالك، فارفق بمن هو أكبرُ منك سنًّا ليدلَّ على الأدبِ الرفيع في نفسك.
الأدبُ إخوتي الشباب، الأدب الإسلاميّ خُلُق يتخلَّق به المسلم، يقودُه لكلِّ فضيلة، وينأى به عن كلِّ رذيلة.
أيّها الشاب المسلم، إنَّ نبيَّنا يروَى عنه أنّه أخبر أنّ إهانةَ الشيخ الكبيرِ والعالِمِ وذِي السلطان أنَّ إهانتَهم وعدَمَ احترامهم دليلٌ على ما في القلبِ من نفاق[3]، فارفق بذي السِّنّ أيّها الشابّ المسلم، وأكرم ذا السّنّ، أكرمه واحترِمه وأعطِه قدرَه، ألا ترى اللهَ جلّ وعلا يرغِّبك في أبويك عند كِبَر سنِّهما فيقول لك: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء:23، 24]؟! كم من شيخٍ كبيرٍ إن تحدَّث في مجلِسٍ نظر إليه الشّباب نظرةَ الازدِراء والاحتقارِ، يرَونَ كلامَه غيرَ صحيح، ويرَونَ رأيَه غيرَ صائب، ويعدّونه عِبئًا وثُقلاً عليهم، وما علِموا أنَّ هذا الذي أمضى عمرًا في طاعةِ الله وفي القيامِ بما أوجب الله أنّه أفضلُ وأعلى منهم منزلةً.
أيّها الشابّ المسلم، نبيّنا يقول لنا: ((ليس منَّا من لم يوقِّر كبيرَنا ويرحَم صغيرَنا))[4]، ونبيّنا إذا تحدّث عنده اثنان في أمرٍ ما يبدَأ بأكبَرهما بالحديث ويقول: ((كبِّر كبِّر))[5]، يبدأ الأكبرُ قبلَ أن يبدأَ الأصغر. هكذا خلُق الإسلام، وهكذا رُبِّي المسلمون على هذه التربيةِ العظيمة، أن يحترِمَ صغارهم كبارَهم، وأن يرحَمَ كبارهم صغارَهم، وأن تتبادلَ المنافع بين الجميع ليكون المجتمع المسلم مجتمعًا مترابِطًا متعاونًا على الخير والتقوى.
أيّها المسلم، لا سيّما رحمك، فالرّحِم لهم حقُّ الصِّلة، فكبارهم يجب أن تحترِمَه لرَحمِه أوّلاً ثم لكِبَر سِنّه ثانيًا، تقدِّره وتقدِّمُه وتربِّي الصغارَ على احترامِ الكبار، لا تدَع الصغيرَ يتخطَّى حدَّه، ولا تدع الصغيرَ يبسط لسانَه بالبذاءةِ أو السخرية، ولا تدع الصغيرَ يتقدَّم على الكبير، بل ألزِمهم الأدبَ الحسَن ليعرفَ بعضهم قدرَ بعض، وهكذا الأبناءُ أيضًا، أبناؤُك تربِّيهم على هذَا، ليكونَ صغيرهُم محترِمًا لكبيرهم، وليكن كبيرهم رفيقًا بصغيرهم، فإذا علِم الأبناء منك أنَّك تقدِّم الأكبرَ فالأكبر وتربّيهم على هذا الخُلُق نشؤوا وقد ألِفوا تلكمُ الأخلاقَ العالية، لكن مصيبتُنا للأسفِ الشّديد أنَّ كثيرًا من مجالِسِنا نرى صِغارًا في صدورِ المجالس وكِبارًا في أقصاها، ونرى شبابًا تستطيلُ ألسنتهم على الكبار، ونرى شبابًا لا يعرِف للكبير أيَّ قدرٍ ولا أيَّ مكانة، لا يرى له قدرًا، قد يلمِزه بجهله، وقد يلزمه بضَعف رأيه، وقد يلمزه بقِلّة علمه، وقد يلمِزه بعدَم نظافةِ ملبَسه، وقد وقد.. كلُّ هذه التّرَّهات لا يجب أن تحمِلك على إهانةِ الكبير، بل قدِّر الكبير وعظِّمه وأظهر لأولادك عندما يزورون معك رحِمًا أنّك تقدِّم الأكبرَ فالأكبر. وكم سلك هذا المسلكَ بعضُ من أريدَ لهم خيرٌ مِن أُسَرٍ كريمة، فلا تكاد تعرِف أعمارهم إلاَّ إذا رأيتَ الكبير متقدِّمًا على من دونه ولو كان الكبير أقلَّ مرتبةً ممن هو دونه، لكن يعرِفون للكِبَر حقَّه، ويجلّون الكبيرَ، ويتربَّى النشءُ على هذه الفضائلِ العظيمة.
فكونوا ـ إخوتي ـ على هذا الأدبِ العظيم، ربُّوا أولادَهم على احترام الكبار، سواء من ذوي الرحم أو من ذي غَيرهم، وعلِّموهم الأدَبَ الحسن والقولَ الطيِّب في التعامل مع الآخرين، فتلك أخلاقُ الإسلام التي إن اعتنينا بها حقًّا نِلنا السعادةَ في الدنيا والآخرة.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب:21].
بارَكَ الله لي ولَكم في القرآنِ العظيم، ونفعني وإيّاكم بما فيهِ منَ الآياتِ والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفِر الله العظيمَ الجليل لي ولَكم ولسائِرِ المسلمينَ من كلّ ذنب، فاستغفروه وتوبُوا إليه، إنّه هو الغفور الرحيم.
[1] رواه الترمذي في البر (2022)، والعقيلي في الضعفاء (4/375)، والطبراني في الأوسط (5903)، وابن عدي في الكامل (3/27، 7/279)، والبيهقي في الشعب (7/461) من حديث أنس رضي الله عنه بمعناه، وقال الترمذي: "هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث هذا الشيخ يزيد بن بيان"، وضعفه أيضا الذهبي في السير (15/31)، وهو في السلسلة الضعيفة (304).
[2] أخرجه أبو داود في الأدب (4843)، ومن طريقه البيهقي في الكبرى (8/163) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وحسنه النووي في رياض الصالحين (173)، وابن حجر في التلخيص الحبير (2/118)، والألباني في صحيح الترغيب (98). وقد أخرجه البخاري في الأدب المفرد (357)، وابن أبي شيبة (6/421) عن أبي موسى موقوفا، قال ابن عبد البر في التمهيد (17/430): "وقد روي مرفوعا من وجوه فيها لين".
[3] رواه الطبراني في الكبير (8/202) عن أبي أمامة بلفظ: ((ثلاثة لا يستخف بحقهم إلا منافق: ذو الشيبة في الإسلام وذو العلم وإمام مقسط))، قال الهيثمي في المجمع (1/127): "رواه الطبراني في الكبير من رواية عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد وكلاهما ضعيف"، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (7/245).
[4] رواه أحمد (1/257)، والترمذي في البر (1921)، وعبد بن حميد (586)، والطبراني في الكبير (11/72، 449)، والقضاعي في مسند الشهاب (1203) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب"، وصححه ابن حبان (458، 464). وفي الباب عن عبد الله بن عمرو وأبي هريرة وأنس بن مالك وأبي أمامة وعبادة بن الصامت جابر وواثلة بن الأسقع رضي الله عنهم.
[5] رواه البخاري في الجزية (3173)، ومسلم في القسامة (1669) من حديث سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه.
الخطبة الثانية
الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مُباركًا فيهِ كَمَا يحِبّ ربّنا ويَرضَى، وأَشهَد أن لاَ إلهَ إلاَّ الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهَد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصَحبه، وسلّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أمّا بعد: فيا أيّها النّاس، اتَّقوا الله تعالى حقَّ التَّقوى.
عباد الله، محمّدٌ سيِّد الأوّلين والآخرين كان في تعامُله مع أهله وغيرِهم على أكمَلِ خُلُقٍ وأعلى أدَب وأشرف معاملة، فصلوات الله وسلامه عليه، وصدق الله: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4].
تذكُر عائشة أمُّ المؤمنين رضي الله عنها شيئًا من هذا فتقول: ما رأيتُ أحدًا أشبَهَ برسول الله سَمتًا ولا هَديًا مِنِ ابنتِه فاطمة رضي الله عنها، قالت: وكانت إذا دَخَلت على النبيِّ قام لها وقبَّلها وأخذ بيدِها وأجلسَها مجلِسَه، وكان إذا دَخَل عليها تقوم لأبيها النبيّ وتقبّله وتُقعِده في مجلسها رضي الله عنها وأرضاها[1].
ونبيُّنا يعلِّمنا أيضًا في أهمِّ شيء وهي الصلاة فيقول: ((ليَلِني منكم أولو الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم))[2]، أي: ليكن من يلِي الإمامَ ذو الأحلام والنهى، ذو العلم والكِبَر في السن.
أحَدُ الصحابة كان يصلِّي، فرأى مع أحدِ الصحابة ابنًا له فأخَّره عن الصفِّ الأول، وكأنّه رأى الأبَ قد تغيَّر، فقال: يا أخي، هذه سنّة محمّد [3].
إنَّ هذا الاحترامَ الصادِر من المسلمين بعضهم لبعض دليلٌ على الخيرِ في نفوسهم ودليلٌ على التربيةِ والتنشئَة الصالحة التي ترَبَّى عليها الأجيال التربيةَ النافعة، وما أحوَجَنا لهذه التربية النافِعَة التي تسود مجالسَنا وأماكنَ تجمُّعاتنا أن يكونَ الصغار يعرفون قدرَ الكبار ويجلّون الكبار، يقدِّمونهم مجلِسًا، ويقدِّمونهم جلوسًا، ويبدَؤون بهم، ويستشيرونهم، ويُصغون إليهم، ويورونهم التقديرَ والإجلال، هكذا أدَبُ الإسلام الرّفيع الذي إن تمسَّكنا به نِلنَا السعادةَ في الدنيا والآخرة.
واعلَموا ـ رحمكم الله ـ أنّ أحسَنَ الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هَدي محمّد ، وشرَّ الأمور محدَثاتها، وكلّ بدعةٍ ضلالة، وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ الله على الجماعةِ، ومن شذَّ شذَّ في النّار.
وصلّوا ـ رحمكم الله ـ على نبيكم محمّد كما أمَرَكم بذلك ربّكم، قال تعالى: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].
اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولِك محمّد، وارضَ اللهمّ عن خلفائه الراشدين...
[1] رواه البخاري في الأدب المفرد (971)، وأبو داود في الأدب (5217)، والترمذي في المناقب (3872)، والنسائي في الكبرى (5/96، 392)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2969)، والبيهقي في الكبرى (7/101)، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه"، وصححه ابن حبان (6953)، والحاكم (4732، 7715)، وهو في صحيح سنن أبي داود (4347).
[2] أخرجه مسلم في الصلاة (432) عن أبي مسعود البدري وعن ابن مسعود رضي الله عنهما، وهما حديثان، وقد عُدّا في طبعة محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله حديثا واحدا.
[3] ينظر من أخرجه.
| |
|