molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: مسؤولية أمن الأمة - عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ / الرياض الجمعة 23 ديسمبر - 5:27:14 | |
|
مسؤولية أمن الأمة
عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ / الرياض
الخطبة الأولى
فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حقَّ التقوى.
عبادَ الله، في الصحيح عنه قال: ((مَثَل الواقع في حُدود الله والقائم فيها كمثل قوم استهموا سفينةً، فكان بعضهم أسفلَها وبعضهم أعلاها، فكان الذين في أسفلِها إذا استقوا فأتوا إلى مَن فوقهم فقالوا: لو خرقنا في نصيبنا خرقًا نستقي منه الماء ولم نؤذٍ من فوقنا))، قال رسول الله : ((فإن تركوهم وما أرادوا هلَكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجَوا ونجوا جميعًا))[1].
أيها المسلم، إنَّ تدبُّر هذا المثلِ ليعطي المسلمَ تصوّرًا صحيحًا؛ أنّ الواجبَ على الجميع التعاونُ على البر والتقوى، وأن الواجبَ الأخذُ على أيدي السفهاء حتى لا يتمكّنوا من مرادهم، الأخذ على أيديهم وفرض الحق عليهم، فإنّ الأمةَ إذا لم يأخذ عاقلُها على يدي سفيهها وعالمها على يدِ جاهلها فإنّ الفوضى تعمّ الأمة، والنبي قال: ((والذي نفسي بيده، لتأخذنَّ على يد السفيه، ولتأطرنّه على الحق أطرًا، ولتقصرنَّه على الحقّ قصرًا، أو ليوشكنّ الله أن يضربَ قلوب بعضكم ببعض، ثم يلعنكم كما لعنهم))[2].
أيها المسلم، إنّ أمةَ الإسلام أمةُ تعاونٍ على الخير والتقوى، أمّةٌ تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، تأمر بالمعروف وتحثّ عليه، وتنهى عن المنكر وتحذّر منه.
أمةَ الإسلام، إذا لم يؤخَذ على يد الظالم وإذا لم يكن لدى الجميع تعاونٌ على الحقّ وقطع خطِّ الرجعة على كلّ مفسدٍ وآثم، حتى يعلم أنّ الأمةَ في يقظةٍ وانتباه، وأن هذا المجرمَ والظالم لا يروج باطله وظلمُه على المجتمع المسلم.
أيها المسلم، إنّ واجبك أن تكونَ حريصًا على مصلحةِ أمتك حرصًا عظيمًا كما تكون حريصًا على مصلحة نفسك؛ لأنّ حرصك على مصلحة أمّتك يدلّ على وجود الخير والهدى في نفسك.
أيها المسلم، إنّ أهلَ الفساد والإجرام إذا لم يجِدوا لهم أرضيّة في أيّ مكان ووجدوا من المجتمع يقظةً وانتباهًا وأخذًا على يدِ كلّ مفسد وعدم تمكينه من إجرامه وفساده، عند ذلك يعلم أنّ الأمةَ في يقظةٍ فيكفّ شرّه وينتهي المسلمون من ضرره وأذاه.
أيها المسلم، إنّ نبيَّنا يقول: ((انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا))، قالوا: يا رسول الله، ننصره مظلومًا، فكيف ننصره ظالمًا؟! قال: ((تردعه عن الظلم، فذلك نصرك إياه))[3].
أيها المسلم، إنّ أمةَ الإسلام تُصاب أحيانًا من فئاتٍ فسدت ضمائرها، ومن فئاتٍ ضعُف الإيمان في نفوسها، ومن فئات لا تبالي بمصلةِ دينها ودنياها، ومن فئاتٍ تغلغل الشرّ في نفوسِهم، فسَدت ضمائرهم، وقلّ حياؤهم، وانعدم الخير في نفوسهم، فهم لا يبالون بأيّ ضررٍ ألحقوه للأمة؛ لأنهم ـ والعياذ بالله ـ يعيشون مرضى القلوب، لا يهتمون بمصالح الأمة، ولا يقيمون لأمنها ومصلحتها أيَّ أمر.
هذه الفئةُ من الناس غرَّر بهم الأعداء، وخدَعهم الأعداء، وانقادوا للأعداءِ، فصاروا ـ والعياذ بالله ـ خنجرًا مسمومًا في نحور الأمة المسلمة.
هذه الفئةُ المنحرفة لا يمكن أن نتّقي شرَّها إلاَّ بتعاونٍ من الأمّة من أفرادها جميعًا؛ لأنّ الأمةَ تشعر أنّ ما تنعَم به من أمنٍ واستقرار وطمأنينة ورغدِ من العيش، تلك النعمةُ التي مَنَّ الله بها على الأمة، إنّ أولئك الفئة يسعَون في انتزاع كلّ خير من أيدي الأمة، يسعَون في ضرب الأمة بعضها ببعض، يسعَون في نشر الفوضى بين المجتمَع المسلم، والمجتمعُ المسلم يجِب أن يكونَ يقظًا حذِرًا منتبِهًا لكلّ مجرم يريد للأمة شرًّا، أن يأخذَ على يده، ولا يمكِّنه من ظلمه وجَوره، هذه مسؤوليةُ كلّ فرد منا، وإن تفاوتت المسؤولية على قدرِ مسؤولية الإنسان، لكن كلّ مسلم مسؤول عن أمن أمته، مسؤولٌ عن سلامة دينها ودنياها، مسؤول كلَّ المسؤولية؛ لأنّه إذا تقاعس كلّ فرد عن مسؤوليته وجد العدوّ المجرمُ أرضيةً خصبة ليبثّ فيها سمومه وأحقادَه.
فالواجب على الجميع تقوى الله، والتعاونُ على البر والتقوى، وأن لا يعينَ مسلم أحدًا على الإثم والعدوان، وأن يأخذَ على يدِ أيّ ظالم أو مفسدٍ يريد نشر الفساد في الأمة.
أيّها المسلم، إنَّ حرمةَ الدماء عند الله عظيمة، وقتل الأبرياء بلا حقٍّ كبيرة من كبائر الذنوب، ومن يستحلُّ قتلَ الأبرياء ويرَى حِلّ دمائهم فإنّ ذلك يخشى عليه أن يكونَ على غير الإسلام؛ لأن قتلَ المسلم كبيرة من كبائر الذنوب، متوعَّد صاحبها بلعنة الله وغضبه والخلودِ في عذابه، فمَن يستحلّ دمَّ المسلم بغير حقّ ويرى أن دمَ هذا المسلم حلالٌ له سفكُه فإنّ ذلك مصابٌ في دينه والعياذ بالله.
أيّها المسلم، إنَّ مسؤوليةَ أمن الأمة يجب أن يتصوّرها كلّ فرد منَّا، وأن يسعى كلّ فردٍ منا في تحقيقها. المجتمعُ المسلم إنما أوتي من تكاسُل أبنائه وضعفِ المسؤولية، فالواجبُ على الجميع القيامُ بهذا الواجب، كلٌّ على قدره؛ لأنّ أمنَ الأمة أمن يعمّ كلَّ أحد ونعمة يعيش في ظلالها كلّ أحد، فالواجب تقوَى الله في السرّ والعلانية، الواجبُ السعيُ في الخير ودفع الشرّ بكل مستطاع، هذه مسؤوليةُ كلّ فرد منا، من يتهاون في هذا أو يستخفّ بهذا أو لا يَرى هذا واجبًا فذاك لقلّة علمه وسوءِ تصوّره.
أيرضى المسلمُ لهذا الأمن العظيم أن يسعَى مفسدٌ في تكدير هذهِ النّعمة أو السعي على إضعاف شأنها؟! لا يرضى بذلك مسلم يؤمِن بالله واليوم الآخر.
إن هذه الفئاتِ المجرمة وما تقدم عليه من ضرر وبلاء لا شكّ أن هذا دليل على ضعفِ الإيمان في القلوب، إذ لو وجد إيمان صحيح لردَع عن تلك الجرائمِ العظيمة والفضائح الكبيرة.
أيّها المسلم، إنَّ الله جل وعلا يقول: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ [آل عمران:104]، وأيّ منكرٍ أعظم من منكرِ من يسِفك دماءَ الأمة ويسعى في الإفساد، والله جل وعلا لا يحب المفسدين؟! بأيّ وسيلةٍ استحلّوا دماء الأمة؟! بأيّ وسيلة سعوا في الأرض بالفساد؟! إن هذا دليلٌ على فساد إيمانهم، إنّ هذا دليل على أنهم مجرِمون في أنفسِهم، تلك الجريمة التي أدّت إلى سفك دماء الأبرياء وقتلِ الأبرياء والعياذ بالله من حالة السوء.
إنّ الله جل وعلا يقول لنا في كتابه العزيز: وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ [البقرة:204، 205]، يعجبك قولُه وأنّه يدعو إلى خير ويدعو ويدعو، ولكن والعياذ بالله وراءَ تلك الدعوةِ الباطلة أعمالٌ سيّئة تدلّ على فساد هذا القول وكذِب هذا القول وتلك الادّعاءات الباطلة، إذ لو كان على حقّ وهدى لعلم أن احترامَ الدماء أمر مطلوب من المسلم شرعًا، وعلِم أنّ ترويع الآمنين خطرُه عظيم وذنبه كبير، فلا يحلّ لمسلم أن يتهاونَ في هذا الواجب، ولا يحلّ لمسلم أن يتساهَل في هذا الواجب، ولا يحلّ لمسلم أن يتغاضَى عن كلّ مجرم يريد للأمّة البلاءَ والشر.
إنَّ الأمة مسؤولة كلّها عن أمنها وعن طمأنينتها وعن رغَد عيشها، مسؤولةٌ عن حِفظ دينها وأخلاقها، وإنها مسؤوليةُ كلّ فرد منّا على قدره، وإن كان من له الأمرُ عليه واجِب، لكن كلّ فرد عليه أن يشعر بمسؤوليتِه نحو أمنِ أمّته واستقرارها، فهذا رسول الله يمثِّل بهذه السفينةِ، أناس في أعلاها وأناس في أسفلها، مَن بأعلاها عندهم ماء، ومن بالأسفل يصعدون ليأخذوا الماء، أرادوا أن يخرِقوا في السفينة خرقًا لينالوا الماء من قريب، فالنبيّ قال: ((إن هم تركوهم هلَكوا جميعًا))[4]، دخل الماءُ السفينةَ فقلب أوّلها وآخرها، وإن أخذوا على أيديهم ولم يمكّنوهم من مُرادهم فإنّ النجاة للجميع.
وهكذا المسلم إذا رأى من يفسِد في الأرض أو يسعَى في الفساد أو يخطّط لهذه المكائد والضلال، إذا علم به فإنّه يجب أن يكشِف حاله وأن يحولَ بينه وبين مرادِه حتى تأمنَ الأمة جميعًا، يأمنَ هذا وهذا، وإن تغاضى الناس عن المفسدين ولم يبالوا بهم وتستَّروا عليهم وتغاضّى أيّ إنسان عنهم فإنّ ذلك فساد يعمّ الجميع. فالواجب تقوى الله في كلّ الأحوال، الواجب التناصحُ والتعاون وتبصير الجاهلين وتوضيحُ الحقّ لأولئك المنحرفين حتى يعلَموا الخطأ الذي هم واقعون فيه، فيجتنبوا باطلَهم ويعودوا إلى رشدهم وينيبوا إلى ربهم.
أيها المسلم، مصلحةُ الأمة مصلحةٌ عظيمة، يشعر بأهمّيتها من في قلبه إيمانٌ وخوف من الله، من في قلبه إيمانٌ وخوف من الله يشعر بمسؤولية الأمّة وأنّ مسؤوليتَها مسؤولية عظمى، كلّ مسلمٍ يساهم في هذا الواجب ويسعى في الخير جهدَه لكي يحقّق للأمةِ ما تسمو إليه من خلق.
إنّ العالمَ الإسلاميّ وهو يواجه التحدياتِ العظيمة في كلّ أرضٍ من أرضه واجبٌ عليه أن يستيقظَ وينتبه ويحفظَ شبابه ويطهِّر مجتمعاته من دعاةِ الفرقة والضلال. المجتمع المسلمُ يعاني حملاتٍ من أعدائه في كلّ مكان، تسلَّط الأعداءُ على المسلمين، ففي كلّ مكانٍ تسمع قتالاً عظيمًا وقتلاً وسَلبًا ونهبًا والعياذ بالله، تلك الأمة المسلمةُ التي فرَّطت في دينها سلِّطت عليها هذه الفتن والمصائب. فالواجب تقوى الله، والواجب الرجوعُ إلى الله والإنابة إليه والقيام بالواجب والأمر بالمعروف والنهيُ عن المنكَر على ما يحبّ الله ويرضاه، لكي يأمنَ المسلمون ويعيشوا حياةً سعيدة طيبة ويبصِّروا الجاهلَ ويأخذوا على يد السفيه ويدلّوه على الطريق المستقيم؛ لأنّ الأمة لا صلاح لها إلاَّ بذلك؛ بتعاونِ أفرادها مع مسؤوليها، وتعاونِ الجميع على الخير، واليقظةِ والانتباه لكلّ مَن يريد الفسادَ في الأرض أن لا يمكَّن ولا يترَك لكي ينفّذ جريمتَه وظلمه، بل يؤخَذ على أيدي الجميع لكي تعيش الأمة في سعادةٍ وأمن وطمأنينة، ولذا قال الله: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]، وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [المجادلة:9].
إنّ المجتمعَ المسلمَ أفرادُه مسؤولون كلّهم جميعًا مطالبون بالسعي فيما يؤمن للأمة ويصلِحها ويدفع عنها كيد الكائدين. إنّ أعداء الإسلام لا يبالون بما يحصُل في الأمّة المسلمة من فتنٍ وبلاء؛ لأنهم يسخّرون ضعفاء العقول ومن قلّ إيمانهم وفسَدت ضمائرهم وتلوّثوا بكلّ شرّ وبلاء، يسعون في الاستحواذ عليهم وتوجيههم لأغراضهم الدنيئة، فلا بدّ للمسلمين من يقظةٍ وانتباه واستعانة بالله وثقةٍ بالله وتعاون على البر والتقوى وتآمر بالمعروف وتناهٍ عن المنكر، الأب يجب عليه أن يتّقي الله في أبنائه ويحرصَ على توجيههم ويحذَر أن ينزلقوا ويسألهم عمّن يصاحبون ومن يخالطون ومن يسهرون معه، لا بدّ للأمة من هذا حتى يكونَ عندها انتباهٌ واهتمام بالمصالح في الحاضر والمستقبل، وإذا حسُنت النية وصدَقت النية وأخلَص العبد لله أعماله فإنّ الله جل وعلا يوفّقه لكل خير، المهمّ التعاون على البرّ والتقوى، المهمّ أن لا ندعَ للمجرم أن ينفّذ إجرامه، ولا للمفسد أن ينفّذ فسادَه، ولا بدّ أن يكونَ يقظةٌ من الجميع حتى تسلمَ الأمة من خطر أولئك المفسدين.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسدادَ والعون على كل خير، وأن يهديَ ضالَّ المسلمين ويثبّت مطيعهم ويحفظَ نعمته عنَّا من الزوال بفضله وكرمه.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.
[1] أخرجه البخاري في الشركة (2493) عن النعمان بن بشير رضي الله عنه بنحوه.
[2] أخرجه أحمد (1/391)، وأبو داود في الملاحم (4336)، والترمذي في التفسير (3047)، وابن ماجه في الفتن (4006) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب"، وقد اختلف في إرساله ووصله، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (1105).
[3] أخرجه البخاري في الإكراه (6952) عن أنس بن مالك رضي الله عنه بنحوه.
[4] تقدم تخريجه.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركًا فيه كما يحبّ ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أمّا بعد: فيا أيّها الناس، اتّقوا الله تعالى حقَّ التقوى.
أخي المسلم، أنتَ مسؤولٌ عن دينِك، مسؤولٌ عن إسلامِك، الله سيَسألك عمّا ائتمنك عليه، فقد ائتمنك على هذا الدين فهل قمت به خير قيام؟ مسؤول عن أمن أمّتك وسلامتها، عن سلامة هذا المجتمع، أنت مسؤول على قدر مسؤوليتك.
إنَّ أعداءَ الإسلام يحاربون الأمةَ المسلمة بكلّ ما أوتوا مِن قدُرات، فتارةً يحاربونهم بنشرِ المخدّرات وبثِّها في المجتمعات عندما يجِدون من هو ـ والعياذ بالله ـ شقيّ غلب عليه حبّ المادة حتى أدّى ذلك إلى أن يكون سمسارًا يروّج المخدّرات في بلاد الإسلام، ويسعى في بثّها بين المجتمع المسلم، أين الإيمان الذي يردعُك من هذا الشر والفساد؟! أين الإيمان الذي يحول بينك وبين هذِه الجريمة النكراء؟!
يجدون أناسًا يصغون إلى أعداء الإسلام الذين يريدون أن يبثّوا في الأمة الفرقةَ والاختلاف، وأن يكدّروا عليهم أمنهم وطمأنينتَهم، وأن ينشروا الفساد والإجرامَ بين مجتمعاتهم. فلا بدّ للمسلم أن يكونَ يقظًا، وأن يكون حذرًا، من أن يكونَ آلة بيدِ أعدائه، يوجّهونه كيف يريدون، ويسخِّرونه كيف يهوَون. واجبُ المسلم أن يكون له يقظة وانتباهٌ واهتمام بدينه وأمّته، حتى يكون مؤدّيًا للواجب مساهِمًا في صلاح أمّته وحمايتها من كيد المجرمين والضالين، فمن يسعى في فساد الأمّة لا يدري أنّه محارب لله ورسوله، إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [المائدة:33]. الفسادُ عامّ في الأخلاق، وفسادٌ في سفكِ الدماء ونهب الأموال وتدميرِ الممتلكات، الواجبُ أن يكونَ الجميع في يقظةٍ وانتباه وحذرٍ من مكائد الأعداء.
فيا أيها المسلم، اتق الله في نفسك، اتّق الله في دينك، واتّق الله في أمّتك، واحذَر أن تكون عونًا للأعداء على أمتك أمة الإسلام، احذَر أن تكونَ ساعيًا في فسادها أو ساعيًا في إلحاقِ الضرر بها، فذاك ينافي إيمانك الصادق، فصاحب الإيمان الصادِق يحمي هذا المجتمعَ بقدر إمكانيّته، ينصح ويدعو إلى الخير، ويوجّه الأمة للخير، ويسعى في بثّ الخير والتحذير من الشرّ ووسائله. أسأل الله أن يعينَ الجميع على كلّ خير.
واعلموا ـ رحمكم الله ـ أن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهديِ هدي محمّد ، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله على الجماعة ومن شذّ شذّ في النار.
وصلّوا ـ رحمكم الله ـ على محمّد كما أمركم بذلك ربكم، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].
اللهمّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمّد، وارض اللهمّ عن خلفائه الراشدين الأئمة المهديّين...
| |
|